قال رحمه اللّه: فإن اشترى في آخر السنة شيئاً للتجارة وعنده قبله من السلع ما تجب في مثله الزكاة، ضم ما اشتراه ثانياً إلى الأول بحوله، وزكاهما ولو لم يبق من الحول إلا ساعة واحدة. قال: وكذلك كل فائدة من ذهب أو فضة ونتائج وسوائم أو غيرها.
قال: فإن كان عنده من مال التجارة ما تنقص قيمته عن النصاب، ومن العين ما ينقص عنه ضمها إليه، ولم يضم المواشي.
قال رحمه اللّه: وتُقَوَّم السلع بما يكون أنفع للمساكين من الدراهم والدنانير، فإن تساويا قُومت بأي النوعين شاء.
قال القاسم عليه السلام: لا يزكي المُضَارِبُ مال المضاربة إلا بأمر صاحب المال، فإن أخرجها بغير أمره كان ضامناً لها.
قال: وعلى المضارب زكاة الربح الذي يخصه إذا بلغ النصاب.(1/182)


باب ما يؤخذ من أهل الذمة
أهل الذمة مختلفون فمنهم: نصارى بني تغلب، ومنهم سائر الأصناف الذين عُوْهِدُوا على أخذ الجزية منهم، وجعلت لهم الذمة بذلك، وما يؤخذ من هؤلاء الذين هم سوى بني تغلب ينقسم، فمنه ما يؤخذ من رؤوسهم، ومنه ما يؤخذ من أموالهم، فأما ما يؤخذ من رؤوسهم فهي الجزية، وهي تؤخذ على الطبقات من المياسير والأوساط والفقراء، فيؤخذ من دهَاقينهم وأغنيائهم على كل رأس ثمانية وأربعون درهماً، وممن دونهم في اليسار أربعة وعشرون درهماً، ومن فقرائهم اثنا عشر درهماً، ويؤخذ ذلك ممن يقاتل منهم ويقتل إذا لم يقبل الجزية دون غيره من النساء والصبيان والمماليك.
قال أبو العباس رحمه اللّه: الشيخ الهِمّ والزَّمِناللذان لايستطيعان القتال، حكمهما حكم النساء والصبيان في سقوط الجزية عنهما، على اعتلال يحيى عليه السلام، وحُكِيَ ذلك عن محمد بن عبد الله، وكذلك المُقْعَد. وأما ما يؤخذ من أموالهم فهو نصف عشر ما يأتي به تجارهم من بلد إلى بلد.
قال أبو العباس: ما ذكره عليه السلاممن أن ذلك يؤخذ ممن أتى/81/ من بلد شاسع، ليس المراد به أنَّه شرط فيما يؤخذ منهم، وإنما الاعتبار بأن يحملوا تجارتهم من بلد إلى بلد، وقد بين ذلك في آخر كلامه بقوله: وإن خرجوا إلى غيره أخذ منهم.
قال محمد بن عبد الله في (سيرته) : يؤخذ من الحَرْبِيّ المستأمن، العشر.
قال أبو العباس: وما يؤخذ منه ذلك يجب أن تكون قيمته قد بلغت النصاب.
قال رحمه اللّه: وما يمر بهالذمي والحربي من خمر أو ميتة أو خنزير لم يؤخذ منه شيء.(1/183)


قال القاسم عليه السلام - فيما حكاه عنه علي بن العباس -: لا يؤخذ منهم نصف العشر في السَّنَة إلا مرة واحدة، وإن مروا بمالهم مراراً، وأما نصارى بني تغلب فإنهم قد أُعفوا من الجزية وصُولحوا على أن يؤخذ من أموالهم ضعف الزكاة المأخوذة من أموال المسلمين، فيؤخذ منهم من الذهب والفضة إذا بلغ النصاب نصف العشر، ومن الإبل إذا بلغت خمساً شاتان، ومن البقر إذا بلغت ثلاثين تبيعان، ومن الغنم إذا بلغت أربعين شاتان، ومما تخرجه الأرض إذا بلغت خمسة أوسق عُشْران أو عشر واحد بحسب السقي، ويؤخذ ذلك من صبيانهم ونسائهم.
قال أبو العباس: كلام يحيى يقتضي أن الذمي إذا أسلم في أول السنة أو في آخرها سقطت الجزية عنه تلك السنة، وأن الذمي إذا مات سقطت الجزية التي كانت واجبة عليه ولا يطالب بها ورثته، وإنها إذا تأخر استئداؤها منه لغيبة أو لغير ذلك لم يُطالب بما مضى وإنما يُطالب بخراج سَنَتِه.(1/184)


باب تقديم الزكاة
قال القاسم عليه السلام في مسائل علي بن العباس: لا بأس بتعجيل الزكاة للسنة والسنتين. قال أبو العباس: تجويزه عليه السلام تقديهما قبل الحول إيجاباً منه إياها موسعاً.
قال القاسم عليه السلام - فيما حكاه عنه أبو العباس -: وإن أخرج من مائتي درهم خمسة دراهم، ثم حال الحول وليس عنده غير باقيها؛ لم يكن ما أخرجه من الفرض؛ لأن الحول حال وليس عنده مائتي درهم. قال رحمه اللّه: وكذلك إن أخرج من مائتي درهم خمسة دراهم. قال رحمه اللّه: وهذه الخمسة إن كانت باقية بعينها في يد المصدق فقد تم النصاب بعد الحول، فيجعلها من فرضه، وإن تلفت فهي دين/82/ على المصدق، والدين لا يمنع الزكاة، فيحتسب بها من زكاته، وإن كان أخرجها إلى المساكين وقد تطوع بها عليهم فلا يرجع فيها، وليس حكمهم حكم المصدق؛ لأنَّه وكيل في قبضها.
قال رحمه اللّه: وعلى هذا إن عَجَّل من ثلاثين بقرة تبيعاً إلى المصدق، وكان قائماً بعينه بعد الحول؛ فهو من زكاته، وإن استهلك كان مضموناً على المصدق، أو في بيت المال إن كان دفعه إلى الإمام؛ لأنَّه قد تحول قيمته فلا يضاف إلى البقر وهي من غير جنسه كالدين يضاف إلى جنسه، وإن دفعها إلى المساكين كان متطوعاً.
قال رحمه اللّه: وإن نتجت التبيعة عجلاً وكانا قائمين بعد الحول فهما زكاة، وإن نقص من البقر واحد قبل الحول أخذ العجل حتى تتم ثلاثون بعد الحول، فإن استهلكها المصدق ضمنها.
قال رحمه اللّه: وسواء النقد والمواشي في تقديم زكاتهما.(1/185)


قال: وإن عجل زكاة ما يملكه وما لا يملكه من المال معاً لم تجز عن واحد منهما، فإن عجل عشر ما يخرج من الأرض قبل خروجه لم يجزه، كما إذا أخرج زكاة مالم يملكه من المال، وكذلك إن أخرج زكاة الماشية وما في بطنها.
قال رحمه اللّه: وإن قدم الزكاة بغير نية الفرض، أو نية التطوع لم تجزه.(1/186)

37 / 168
ع
En
A+
A-