ويُضَمُّ الذهب والفضة أحدهما إلى الآخر في تكميل النصاب وإخراج الزكاة، والضم بالقيمة دون الأجزاء، ويراعى في تقويم أحدهما بالآخر ما يكون أجدى للمساكين ويحصل به وجوب الزكاة، نحو أن يكون عنده ستة دنانير قيمة كل دينار عشرون درهما، ومائة درهم، فتضم الدنانير إلى الدراهم ويقومها بها، فيحصل ما يفي مائتين وعشرين درهماً لتخرج زكاتها، ولو ضم الدراهم إلى الدنانير لكانت تفي بأحد عشر ديناراً، فتسقط الزكاة. ولو كانت عنده مائة درهم وعشرة دنانير قيمة كل دينار ثمانية دراهم ضم الدراهم إلى الدنانير، فيحصل على التقويم ما يفي باثنين وعشرين ديناراً ونصف دينار، فيخرج زكاتها، ولو ضم الدنانير إلى الدراهم لحصل ما يفي بمائتي درهم وثمانين درهماً، فتسقط الزكاة. وإن كانت الدراهم صرفها عشرة بدينار ضم أيهما شاء إلى الأخر.
وإخراج الذهب عن الفضة والفضة عن الذهب جائز.
قال أبو العباس: ومن كانت عنده فلوس لا للتجارة، كانت كالرصاص والنحاس والسُّتُّوق في سقوط الزكاة عنها.
ولا فضل في وجوب الزكاة في الذهب والفضة بين المضروب وغير المضروب، نحو حلي المرأة أو السيف أو المِنْطَقة أو غير ذلك.
وحكى على بن العباس عن القاسم عليه السلام: أن الخاتم يعد فيما تُخرج زكاته. قال أبو العباس: فإن كان مُمَوَّها أو مخلوطاً/69/ وكان مما يخلص وجب أن يُزكى، وإن كان لا يخلص فلا زكاة فيه.
قال أبو العباس: وإن كان عنده إناء من مائتي درهم وقيمته أكثر، فإما أن يشرك المساكين في ربع عشره، وإلا أخرج قيمة ربع عشر الإناء.(1/162)
ومن كان عنده نصاب من ذهب، فصرفه في فضة أو نصاب من فضة فصرفه في ذهب، أو بدَّل فضة بفضة أو ذهباً بذهب في وسط الحول، وجب إخراج زكاة ذلك عند تمام الحول، على قياس قول يحيى عليه السلام، وكذلك إن صرف الذهب أو الفضة في عروض التجارة، فإن صرف ذلك فيما لا يتجر فيه لم تجب الزكاة، ولا يجوز أن يفعل ذلك توصلاً إلى إبطال الزكاة، فإن كانت الدراهم بعضها جيداً وبعضها رديئاً كانت الزكاة مُقَسَّطة عليها، هكذا ذكر أبو العباس.
والمثقال المعتبر به في نصاب الذهب فهو الذي كان معروفاً عند العرب، وهو عشرون قيراطاً بالقيراط العراقي، وأربعة وعشرين قيراطا بالقيراط الحجازي والبصري.
والدراهم المعتبرة في نصاب الفضة وهي مائتا درهم هي الدراهم التي تسمى: وزن سبعة، فيكون كل درهم منها سبعة أعشار المثقال، وعشره منها سبعة مثاقيل، ولذلك سميت هذا الدراهم وزن سبعة.(1/163)
باب زكاة المواشي
المواشي التي تجب في أعيانها الزكاة هي: الإبل، والبقر، والغنم. وشرط وجوبها فيها: أن تكون سائمة مرعية، فأما العوامل من البقر والإبل والمعلوفة من الغنم فلا زكاة في أعيانها، وإن كانت ربما تجب في قيمتها على ما نبينه في موضعه، فإذا كانت ترعى في بعض السنة وتعمل في بعضها وجب أن يُعتبر الأغلب من حالها، فإن كان الرعي هو الأغلب وجبت الزكاة، وإن كان الأغلب العمل لم تجب، وإن استوى الرعي والعمل لم تجب أيضا، على قياس المذهب.
ويَعُدُّ المصدق جميع ما يسرح إلى المرتع وتَقَرَّم من صغار المواشي وكبارها إبلها وغنمها وبقرها، وهو المروي عن القاسم عليه السلام فيما حكاه أبو العباس.(1/164)
باب زكاة الإبل
إذا كانت الإبل سائمة مرعية ولم تكن عوامل، فإذا بلغت: خمساً ففيها شاة/70/، ولا شيء فيما دون ذلك ولا في الزيادة حتى تبلغ عشراً، وفي العشر شاتان، وكذلك في خمس عشرة ثلاث شياة، وفي عشرين أربع شياة، وفي خمس وعشرين ابنة مخاض، إلى خمس وثلاثين، فإذا بلغت ستاً وثلاثين ففيها ابنة لبون، إلى خمس وأربعين، فإذا بلغت ستاً وأربعين ففيها حِقَّة، إلى ستين، فإذا بلغت إحدى وستين ففيها جَذَعَة، إلى خمس وسبعين، فإذا بلغت ستاً وسبعين، ففيها ابنتا لبون، إلى تسعين، فإذا بلغت إحدى وتسعين ففيها حقتان، إلى عشرين ومائة، فإذا زادت استؤنفت الفريضة. ولا شيء في الزائد على مائة وعشرين حتى تبلغ خمساً، ثم يكون فيها حقتان وشاة على حساب الفريضة التي قبل المائة والعشرين، هذه رواية (المنتخب) . وقال في (الأحكام) : فإذا كثرت الإبل ففي كل خمسين: حقة، وفي كل أربعين إبنة لبون. وكان أبو العباس يحمل هذا على موافقة رواية (المنتخب) ، ويقول: يجب أن يكون المراد به أنها إذا زادت على المائة والعشرين واستؤنفت الفريضة وجبت في كل خمسين عند الإستئناف حقة لا محالة، وكان يقول: وجوبها في خمسين لا ينافي وجوبها فيما دونها، وهي ست وأربعون، وكذلك وجوب ابنة لبون في الأربعين لا ينافي وجوبها فيما دونها، وهي ست وثلاثون، وهذا التلفيق بين الروايتين فيه بُعْد، والمعمول عليه من المذهب ما في (المنتخب) وهو استئناف الفريضة بعد مائة وعشرين.(1/165)
فإذا وجبت ابنة مخاض ولم توجد، فابن لبون ذكر يجزئ عنها. قال أبو العباس: لا يجوز على أصل يحيى إخراج ابن لبون مع وجود ابنة مخاض، فإن أخرج ابنة لبون مع وجود ابنة مخاض كان فضلاً منه. وإذا وجبت سن ولم توجد، أخذ ما يوجد ويترادا - المصدق وصاحب الماشية - الفضل فيما بينهما، فإن تبرع صاحب الماشية بإخراج الأفضل عما دونه كان أفضل له.
قال أبو العباس: روى أصحاب القاسم عنه عليه السلام فيمن له خمسة من الفصلان أنَّه يجوز أن يُؤخذ عن زكاتها واحد منها إلا أن يكون أفضل من شاة، فيخير صاحبها بينه وبين الشاة، وعلى هذا إذا كانت عنده خمس من الإبل عجاف معيبة جاز أن يؤخذ واحد منها، إلا أن يكون أفضل من شاة فيخير صاحبها بينه وبين الشاة، وكذلك لو أعطى/71/ رب المال عن خمس من الإبل بعيراً تبرعاً منه أُخذ منه.
وأول أسنان الإبل المأخوذ منها في فريضة صدقتها: ابنة مخاض، وهي: التي تمت لها سنة، وهي المأخوذة في خمس وعشرين، ثم ابنة لبون وهي: التي تمت لها سنتان، وهي المأخوذة من ست وثلاثين، ثم الحقة، وهي: التي تمت لها ثلاث سنين ودخلت في الرابعة، وهي المأخوذة من ست وأربعين، ثم الجذعة، وهي: التي دخلت في الخامسة، وهي المأخوذة من إحدى وستين، وابنة المخاض لا تتكرر في المائة الأولى، وابنة البون تتكرر فيها مرتين في الأولى تكون واحدة كما ذكرنا، وفي الثانية اثنتين وهي في ست وسبعين، والحقة تتكرر فيها مرتين في الأولى تكون واحدة وفي الثانية اثنتين، وهي في إحدى وتسعين.(1/166)