وإذا صرف مالاً - تجب فيه الزكاة - في سلعة اعتبر تزكيتها بحول الثمن المصروف إليها لا بحول المُشْترَى، على مقتضى قول يحيى عليه السلام، وهو الذي قرره أبو العباس وخرجه.
والزكاة واجبة في الحليوالمراكب وأواني الذهب والفضة.
وإذا امسك الرجل الجواهر واللآلي - بعد إخراج الخمس منها - للقُنْيَة أو التجارة، أو لبستها المرأة ففي قيمتها - إذا بلغت النصاب وحال الحول - ربع العشر.
والدَّين لا يمنع الزكاة، وصاحب الدين إذا استوفاه زكاه للسنين التي مضت، مالم ينقص في بعض السنين عن النصاب، وسواء كان الغريم/66/ موسراً أو معسراً، فإن كان جاحداً للدَّين اُسْتُقْبِل الحول من وقت إقراره، على ما قاله أبو العباس وحكاه عن محمد بن يحيى. قال أبو العباس: فإن كان لصاحب الحق على المنكر بينة، فعليه إذا استوفاه أن يزكي لما مضى من المدة.
قال القاسم عليه السلام - في صداق المرأة يكون على زوجها -: تخرج المرأة زكاتها للسنين الماضية.
والزكاة تمنع الزكاة. وإذا كان للرجل مائتا درهم ولم يزكها ثلاث سنين، وجب عليه إخراج خمسة دراهم لزكاتها للسنة الأولى، دون السنتين الآخرتين؛ لأنَّه إذا وجب عليه إخراجها للسنة الأولى، فقد نقصت عن النصاب، فصارت مائة وخمسة وتسعين.
ولو كان له ثلاثون ديناراً فلم يزكها سنتين وجب عليه للسنة الأولى ربع عشر الثلاثين وهو نصف دينار وربعه، وللسنة الثانية ربع عشر تسعة وعشرين ديناراً وربع، فيكون نصفاً وربعاً إلا ربع عشر يعني ربع عشر الثلاثة الأرباع.
والزكاة واجبة في مال اليتيم. قال أبو العباس: وكذلك المجنون ومن في حكمه.(1/157)
والخراج لا يُسقط العشر، بل يجمع بينهما.
وما يأخذه السلطان الجائر من الزكاة كرهاً لم تجز، وعلى رب المال إعادتها، فإن أخذها برضى منه وعلم أنَّه وضعها في مستحقها أجزت، فإن علم أنَّه لم يضعها فيهم لم تجزِ، على موجب قول يحيى.
ولو كان لرجل حق على فقير فجعله له من زكاة ماله لم يجز ذلك، حتى يقبضه منه، ثم يعطيه بنية الزكاة، على قياس المذهب.
والأموال التي تكون في يد العبد أو المُدَبَّر أو أم الولد فزكاتها تجب على المولى، إن شاء أخرجها من صلب تلك الأموال وإن شاء من غيرها. ومال المكاتب زكاته موقوفة، فإن عتق وجب عليه إخراجها لما مضى، وإن عجز وجب ذلك على مولاه.
ولا زكاة في الدور إذا كانت للسكنى، ولا في العبيد والإماء إذا أمسكوا للخدمة، ولافي الكسوة، ولا في العوامل من الإبل والبقر والمعلوفة من الشاء، مالم تكن للتجارة أو الإستغلال.
ولا يضم صنف من الأموال قاصر عن النصاب إلى صنف آخر ليكمل النصاب فتجب الزكاة فيها إلا الذهب والفضة.
قال أبو العباس: لا زكاة في مال المرتد، على أصل يحيى عليه السلام.
وإذا كان لرجل مال عند رجل فأخرج مَنْ عنده المال زكاته بغير أمره، لم تُجزِ عن الزكاة، وكان ضامنا لما أخرجه/67/، قد نصّ القاسم على هذا في (مسائل ابن جهشيار) .(1/158)
ومن كان له أربعون ديناراً وحال عليها حول ونصف، ولم يخرج زكاتها، ثم ضاع منها عشرون ديناراً قبل تمام الحول الثاني، فإن عليه أن يخرج ديناراً عن الحول الأول، ونصف دينار عن العشرين الباقية عند تمام الحول الثاني. هذا ما ذكره في (المنتخب) ، والصحيح ما ذكره في (الأحكام) أنَّه لا يجب فيه شيء؛ لأنَّه ناقص عن النصاب.
وإذا كان لرجل مال تجب فيه الزكاة، فأقام في ذمة غيره سنين كثيرةً ثم أبرأه منه وجب عليه إخراج زكاته، على ما نص عليه القاسم عليه السلام.
وإذا كان لرجل مال غائب عنه، فأخرج قدر الزكاة بنية كونه عن الزكاة إن كان المال سالماً، وإن كان غير سالم فهو تطوع، أجزى ذلك عن الزكاة إن كان المال باقياً، وإن لم يكن باقيا فإنه يكون تطوعاً، قد ذكر أبو العباس ذلك.
قال أحمد بن يحيى من جمع أموالا من جهة الربا، فإنه لا زكاة عليه إلا في أصل المال الذي ملكه، فأما ما فضل من جهة الربا فإنه يرده إلى من أخذه منه، فإن لم يعرف من أخذه منه، فهو لبيت المال.
قال يحيى عليه السلام - فيما رواه أبو العباس عن ابن حماد عنه -: من لزمه زكاة سنين لا يحصيها، زكاها على التحري.
والأصناف التي تجب فيها الزكاة يجب إخراجها من أعيانها، ولا يجوز إخراج القيمة بدلاً عنها ، ولا أخذ صنف عن صنف إلا الذهب والفضة، فإن أحدهما يؤخذ عن الآخر، وكذلك بعض ما تخرجه الأرض يجوز أخذ الزكاة عن قيمته لعذر، وسنبينه في موضعه إن شاء اللّه تعالى.(1/159)
نصّ أحمد بن يحيى على أن الزكاة لا تسقط بالموت، وذكر أن على الورثة إخراجها من جميع التركة، وفصل بينها وبين الحج في أنَّه إنما يجب من الثلث إذا كان الميت قد أوصى به.(1/160)
باب زكاة الذهب والفضة
زكاة الذهب والفضة: ربع العشر، ونصاب الذهب عشرون مثقالاً، ونصاب الفضة مائتا درهم قفله، فإذا بلغ الذهب عشرين مثقالاً وجب فيها نصف دينار، فإن نقصت منها حبة لم يجب، وإن زاد وجب في الزيادة على حساب ربع العشر، سواء كانت الزيادة قليلاً أو كثيراً، وإذا بلغت الفضة مائتي درهم قفلة وجب فيها خمسة دارهم، وإن نقصت منها حبة واحدة لم تجب، وإن زاد عليها قليل أو كثير وجبت/68/ في الزيادة على حساب ربع العشر.
والإعتبار في النصاب بالذهب الخالص في الدنانير، والنَّقْرَة الخالصة في الدراهم.
ولا فصل بين أن يكونا جيدين أو رديئين في الجنس، في وجوب الزكاة، على مقتضى نصّ يحيى عليه السلام، فأما المغشوش وهو الذي عبر عنه يحيى بـ(الستوق) وذكر أنَّه لاتجب الزكاة فيه، فإنه إذا بلغ القدر الذي يكون ما فيه من النَّقْرَة مائتي درهم وجبت الزكاة فيه، ويجب أن يكون المأخوذ من النقرة القدر الواجب في المأخوذ منه. قال أبو العباس: لا يجوز أن يخرج عن الجيد رديء إلا على قيمة الجيد ذهباً. قال: وإن كان دراهم الزكاة رديئة فأخرج عن المائتين أربعة تساوي خمسة رديئة لم تجز؛ لنص القاسم على التسوية بين الجيد والرديء، وإن أخرج عن الوضحتبراً أجزاه.
قال أبو العباس رحمه اللّه: فإن كان عند رجل ذهب دون عشرين مثقالا، قيمته مائتا درهم، أو فضة دون مائتي درهم قيمتها عشرون مثقالاً، لم تجب فيه الزكاة، على مقتضى نصّ القاسم ويحيى عليهما السلام.(1/161)