ويغسل الميت وليُّه وأولى النَّاس به من أهل ملته، وإن كان الميت كافراً لم يغسله المسلم/60/، هكذا حكى أبو العباس عن أحمد بن يحيى.(1/147)
باب تكفين الميت
يكفن الميت فيما يمكن من الثياب ويوجد، ويختار أهله من سبعة من الثياب أو خمسة أو ثلاثة أو واحد، فإن كفن في سبعة ألبس قميصاً وأُزر بمئزر وعُمم بعمامة وأُدرج في أربعة. وإن كفن في خمسة ألبس قميصاً وعُمم بعمامة أو خمار وأُدرج في ثلاثة، وفي رواية (المنتخب) يُلبس قميصاً ويُؤزر بمئزر ويُدرج في ثلاثة. وإن كفن في ثلاثة أُزر بمئزر وأُدرج في اثنين، ويعمد إلى أعرضها فيفرش ثم يفرش بعضها على بعض، وتذر الذريرة عليها.
قال أبو العباس وتجمَّربعود حتى تَعْبِق رائحته بها، ثم يوضع الميت عليها ويلف فيها ويخرج رأسه من القميص ويعمم.
قال رحمه اللّه: ويعطف عليه الثوب الذي يليه من جنبه الأيمن ثم من جنبه الأيسر، ثم يفعل كذلك بسائر الثياب، ويُضم على رأسه ووجهه ما عند رأسه، ويُضم على ظهره ما عند رجليه، ويوضع على فَرْجه قُطنٌ ويحشى به أليتاه ليرد ما يخرج منه، وتشد الأكفان بخرقة إن احتيج إلى ذلك، ويوضع شيء من الكافور على مساجده من جبهته وأنفه ويديه وركبتيه ورجليه، ولا بأس بأن يكون في الحنوطشيء من المسك، وإن كان محرماً لم يغط رأسه ولم يعمم ولم يحنط بحنوط فيه طيب.
والمرأة يجوز أن تكفن بالثياب المصبوغة. والبياض أولى بالرجال، فإن لم يوجد شيء من الثياب، فإنه يوارى بنبات الأرض.
قال أبو العباس: وعلى الزوج تكفين المرأة غنية كانت أو فقيرة. وكفن كل ميت لا كفن له على من عليه نفقته، فإن لم يكن له قريب أو كان فقيراً ففي بيت المال، فإن لم يكن فعلى المسلمين. والكفن يجب من أصل التركة، وهو قبل الديون والوصايا.(1/148)
باب حمل الجنازة والصلاة عليها
يكره للنساء إتباع الجنائز، فإن فعلن تحيزن عن الرجال.
قال القاسم عليه السلام: أَحَب المشي إلى آل رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم في الجنائز أن يكون خلفها، إلا من يتقدم لحملها، وكره القاسم النعي في الأسواق والطرق. وقال: لا بأس بالإيذان.
ويستحب لمن حمل الجنازة أن يبدأ بمقدم ميامنها، ثم بمؤخرها، ثم بمقدم مياسرها، ثم بمؤخرها.
وأفضل الأوقات للصلاة على الميت أوقات الصَّلاة المكتوبة. قال القاسم عليه السلام: وكذلك التقبير، وتكره الصَّلاة في الأوقات التي نهي عن الصَّلاة فيها.
قال القاسم عليه السلام: إن اجتمعت صلاة مكتوبة وصلاة جنازة، بدأت بأيهما شئت إلا أن تخاف فوت المكتوبة فيجب الإبتداء بها، ومن خشي أن تفوته الصَّلاة على الجنازة تيمم لها.
والسقط إن استهل صُلي عليه. قال أبو العباس: وإن خرج بعض المولود وهو حي ثم خرج باقيه وقد مات صُلي عليه، ويصلى على الشهيد.
قال القاسم عليه السلام: لا يُصَلى على صاحب الكبيرة، والمرجوم إن رجم بإقراره صُلي عليه، وإن رُجِم بالبينة فلا، إلا إن تُسْمَع منه التوبة. قال أبو العباس: دخل في هذا كل صاحب كبيرة من باغ وقاطع طريق.
قال القاسم عليه السلام - فيما روى عنه ابنه محمد بن القاسم عليهما السلام وعلي بن العباس -: لا يُصلى على الميت بعد ما صُلي عليه، ولا يُصلى على القبر، على قياس قوله وقول يحيى عليهما السلام، ومن فاته بعض التكبيرات كبر إذا سلم الإمام قبل رفع الجنازة.(1/149)
قال أبو العباس: أولى النَّاس بالصلاة على الميت إمام المسلمين، عند القاسم، وهكذا حكى علي بن العباس في (مجموعه) عنه. قال رحمه اللّه: فإن لم يكن إمام أو لم يحضر فأقربهم إليه من عَصَباته أو من يُقَدِّمه، والأب والجد أولى بالتقديم من الإبن، على قياس قول يحيى عليه السلام.
ويقف الإمام من الميت عند الصَّلاة عليه - إذا كان رجلاً - عند وسطه مما يلي جانب الصدر. وإذا كان الميت امرأة وقف عند صدرها.
ويكبر خمس تكبيرات، ويقرأ بعد التكبيرة الأولى بفاتحة الكتاب ويدعو بما أحب، ويصلي على النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم وعلى سائر الأنبياء عليهم السلام، والمستحب أن يقول بعد التكبيرة/62/ الأولى: لاإله إلا اللّه وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير، ثم يقرأ فاتحة الكتاب ثم يكبر فيقول: اللّهم صل على محمد عبدك ورسولك وخيرتك من خلقك وعلى أهل بيته الطاهرين الأخيار الصادقين الأبرار الذين أذهب اللّه عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، كما صليت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، ثم يقرأ قل هو اللّه أحد ثم يكبر، ثم يقول: اللّهم صل على ملائكتك المقربين، اللّهم شرف بنيانهم وعظم أمرهم، اللّهم صل على أنبيائك المرسلين، اللّهم أحسن جزاءهم وأكرم عندك مثواهم وارفع عندك درجاتهم، اللّهم شفع محمداً في أمته واجعلنا ممن تشفعه فيه، اللّهم اجعلنا في زمرته وادخلنا في شفاعته، واجعل مأوانا الجنَّة، ثم يقرأ قل أعوذ برب الفلق ثم يكبر فيقول: سبحان من سبَّحت له السموات السبع والأرضون السبع، سبحان(1/150)
ربنا الأعلى سبحانه وتعالى، اللّهم عبدك وابن عبديك قد صار إليك وقد أتينا معه متشفعين له سائلين له المغفرة فاغفر له ذنوبه وتجاوز عن سيأته وألحقه بنبيه محمد صلى اللّه عليه وآله، اللّهم وسع عليه قبره وافسح له أمره وأذقه رحمتك وعفوك يا أكرم الأكرمين، وارزقنا حسن الإستعداد لمثل يومه ولا تفتنا بعده واجعل خير أعمالنا آخرها وخير أيامنا يوم نلقاك، ثم يكبر ويسلم بعد التكبيرة الخامسة تسليمتين عن يمينه وعن يساره.
قال أبو العباس: ولا يجهر بالقراءة والدعاء في الصَّلاة.
وإذا اجتمعت جنائز الرجال الأحرار والصبيان الأحرار والمماليك والنساء الحرائر، جعلت جنائز الرجال الأحرار مما يلي الإمام، ثم جنائز الصبيان الأحرار مما يلي الرجال، ثم جنائز العبيد مما يلي الصبيان، ثم جنائز النساء مما يلي العبيد، وفي رواية (المنتخب) تقدم جنائز النساء الحرائر على جنائز العبيد، وينوي الإمام الصَّلاة على جميعها، وإن كان معها جنازة الخنثى قدمت على جنائز النساء على قياس قول يحيى عليه السلام.
وإذا كبر الإمام على الجنازة تكبيرة واحدة، ثم أُتِيَ بجنازة أخرى، فإن الإمام ينوي الصَّلاة عليها عند التكبيرة الثانية ويبلغ التكبيرات ستاً، وكذلك إذا وضعت جنازة ثالثة ورابعة.
قال محمد بن يحيى عليه/63/ السلام فيما روى عنه علي بن العباس: من كبر أربع تكبيرات وسلم ساهياً، استأنف الصَّلاة بالتكبيرات الخمس.
قال القاسم عليه السلام - فيما رواه عنه ابنه محمد -: من كبر قبل تكبير الإمام أعاد التكبيرات إذا كبر الإمام.(1/151)