وإذا ابتدؤا صلاة الخوف بنيتها، ثم انصرف العدو بنوا على صلاتهم صلاة الأمن، على قياس المذهب، ومن كان انفتل عن الإمام قبل انصراف العدو بنى على صلاته، ومن انفتل بعد انصرافه استقبلها، على قياس قول يحيى عليه السلام.
ومن قاتل وهو غير محق فخاف، فليس له أن يصلي صلاة الخوف/52/، كمتغلب أو لص أو باغ، على قياس المذهب.
قال أبو العباس: فإن صلى لم تجز المؤتم دون الإمام، وإذا أحدث في صلاة الخوف فهو كمن يحدث في غيرها، على قياس المذهب.
قال القاسم عليه السلام: فإن كان خوفاً لا يقدرون معه على الصَّلاة قياماً وركوعاً وسجوداً، أومأوا برؤسهم إيماءً، ويكون إيماؤهم لسجودهم أخفض من إيمائهم لركوعهم، فإن لم يمكنهم ذلك استقبلوا القبلة وسبَّحوا اللّه تعالى وكبروا وأخطروه ببالهم، وإن لم يمكنهم أن يستقبلوا القبلة فعلوا ما ذكرناه في أية وجهة كانت.
وإن كان الخوف من جمل صائل، أو سبع يريد العدو على الرجل، أو حية تحمل عليه، جاز أن يصلي بالإيماء، على قياس قول القاسم ويحيى عليهما السلام.
وإن باشر القتال وهو في الصَّلاة، فضرب ضربة خفيفة أو تقدم أو تأخر تقدما أو تأخرا خفيفا جاز، وإن أطال ذلك وأكثر من الضرب والتقدم والتأخر بطلت صلاته، على موجب المذهب.
وإن أصاب السلاح الذي على المقاتل أو ثوبَه دم يسيل مثله، لم يجزه أن يصلي فيه، على موجب المذهب. وإن غشيهم سيل أو بلوا بماء غَمْرٍ صلوا صلاة الإيماء، وإن أمكنهم النزول لم يجز أن يصلوا على دوابهم، على قياس قول يحيى عليه السلام.
وإذا كان الخوف من السباع صلوا صلاة الخوف، على قياس قول يحيى عليه السلام.(1/132)
ويجوز للمقيم أن يأتم بمن يصلي صلاة الخوف على قياس قول يحيى عليه السلام.(1/133)
باب صلاة العيدين وتكبير أيام التشريق
حكى أبو العباس رحمه اللّه عن محمد بن القاسم بن إبراهيم رضي اللّه عنه أنَّه قال: وصلاة العيدين: الفطر والأضحى، فالذي كان يرى أبي القاسم عليه السلام أنهما من الفرائض الواجبات على الرجال والنساء منفردين كانوا أو جماعات، وروى على بن العباس عن القاسم عليه السلام أنهما من فرائض الكفايات.
قال أبو العباس: أكره إخراج النساء ذوات الزينة إلى العيد.
قال رحمه اللّه: وسنة العيدين في الغسل وإظهارالزينة كسنة/53/ الجمعة.
قال القاسم عليه السلام - في (مسائل ابن جهشيار) في الغسل ليوم العيد -: إنَّه قبل الفجر وبعده، أَيَّ ذلك فَعَلَ جاز.
وقال عليه السلام - في (مسائل عبد الله بن يحيى القومسي) -: كل موضع تقام فيه الجمعة، فإنه يُعيَّدفيه جماعة ويُخْطَب.
قال أبو العباس رحمه اللّه: تُصلى صلاة العيدين بعد إنبساط الشمس، ويستحب تأخير صلاة عيد الفطر القدر الذي يتناول فيه شيء ولو شربة من ماء، وتخرج زكاة الفطر . وتعجل صلاة عيد الأضحى.(1/134)
فإذا أراد الإمام أن يصلي صلاة العيد، خرج إلى ساحة البلد وافتتح الصَّلاة، فصلى بالناس ركعتين، يقرأ في الأولى بفاتحة الكتاب وسورة، ثم يكبر سبع تكبيرات سوى تكبيرة الإفتتاح، يفصل بين كل تكبيرتين بأن يقول: اللّه أكبر كبيرًا والحمد اللّه كثيراً وسبحان اللّه بكرة وأصيلا. ثم يركع بعد السابعة بتكبيرة الركوع، ثم يسجد سجدتين، ثم يقوم ويقرأ في الركعة الثانية بفاتحة الكتاب وسورة من المفصل، ثم يكبر خمس تكبيرات يفصل بين كل تكبيرتين بما ذكرنا، ويركع بعد الخامسة بتكبيرة الركوع، ثم يسجد سجدتين، ثم يقعد ويسلم، ويكبر في دبر صلاته ثلاث تكبيرات، ثم يعلو راحلته أو منبره فيكبر قبل أن يبتدئ الخطبة تسع تكبيرات، ثم يخطب خطبة ويكبر بعدها سبع تكبيرات، ويجلس جلسة خفيفة، ثم يخطب خطبة ثانية، ويكبر بعد الفراغ منها سبعاً، وكذلك يفعل في عيد الأضحى، إلا أنَّه في عيد الفطر يحث النَّاس على إخراج زكاة الفطر، ويعلمهم وجوبها عليهم، والقدر الذي يجب إخراجه من كل جنس، وفي عيد الأضحى يفصل بين كلامه بأن يقول: اللّه أكبر اللّه أكبر لا إله إلا اللّه واللّه أكبر كبيراً والحمدلله كثيراً على ما أعطانا وأولانا وأحل لنا من بهيمة الأنعام. ثم يعود إلى الخطبة يفعل ذلك ثلاث مرات، ويحثهم على الذبائح ويعرفهم ما يجزي منها وما لا يجزئ.
وليس في صلاة العيدين أذان ولا إقامة. ويستحب أن يتطوع قبلها بركعتين.(1/135)
ومن صلى صلاة العيدين منفرداً، صلاها ركعتين بالتكبيرات التي ذكرناها، والذي حصله أبو العباس رحمه اللّه في تكبيرات العيدين أنها في الأولى سبع سوى تكبيرة الركوع، وفي الثانية خمس سواها/54/ .
ويجهر بالقراءة والتكبير في صلاة العيدين، إلا النساء فإنهن يخفضن، هكذا قال القاسم عليه السلام فيما رواه عنه علي بن العباس. وإن ترك التكبيرات أو بعضها أعاد.
قال محمد بن يحيى فيما حكاه عنه علي بن العباس: يُصَلَّى بمنى يوم الأضحى صلاة الأضحى ويُخْطَب، ولا يسع تركها.
قال أبو العباس: ولا يرفع يديه عند شيء من التكبيرات، وهكذا يجب على أصل يحيى عليه السلام.
فإن خطب الإمام قبل الصَّلاة أعاد الخطبة بعدها، على موجب قول يحيى عليه السلام.
وإن أدرك الإمام راكعاً، وخشي إن كبر التكبيرات الزائدة أن يرفع الإمام رأسه، فإنه يكبر للركوع ويركع ويترك التكبيرات، على قياس قول يحيى عليه السلام.
وإن ترك الإمام الخطبة واقتصر على الصَّلاة أجزأه، على قياس قول يحيى عليه السلام، ويكون تاركاً للسنة، وكذلك لو خطب وهو مُحْدِث أجزأه على قياس قول يحيى عليه السلام.
وإذا صعد المنبر لم يقعد، على موجب قول يحيى عليه السلام، كما يقعد لصلاة الجمعة.
ويخرج الإمام إلى الصَّلاة من طريق ويعود من غيره، على ما ذكره محمد بن القاسم أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم كان يفعل ذلك.(1/136)