باب صلاة السفر
الفرض في صلاة السفر ركعتان إلاَّ المغرب، سواء كان السفر في طاعة أو في معصية، أو في بَرٍّ كان أو بحر.
وأقل السفر الذي يجب فيه القصر بَرِيدٌ. قال القاسم عليه السلام - فيما روى عنه يحيى عليه السلام -: هو أربعة فراسخ، وهو اثنا عشر ميلاً بالميل الأول.
ويقصر المسافر إذا صار بحيث تتوارى عنه بيوت أهله، والمراد بذلك تفاصيل البيوت دون أعلامها، وقَدَّر فيه يحيى ميلاً أو نحوه.
فإن نوى المسافرُ مقام عشرة أيام في بلد أو قرية أو منهل أو مستوطن للناس في البرية أو الجزيرة أو كان في السفينة فأرست في مكان، ونوى الإقامة عشرة أيام، أتم الصَّلاة، وإن لم تكن له نية في الإقامة وكان على نية السفر في كل يوم؛ فإنه يقصر شهراً، ثم يتم بعد ذلك أي قدر أقام.
قال أبو العباس رحمه اللّه: فإن نوى إقامة عشرة أيام في موضعين، لم يتم.
فإن كان له في السفر موضعان يستوطنهما لم يقصر إذا بلغ واحداً منهما، على قياس قول يحيى عليه السلام.
قال أبو العباس: المرأة تكون مقيمة بإقامة زوجها، وإن لم تنو هي الإقامة، على قياس قول يحيى عليه السلام، إلا أن يكون سفرها لحجة الإسلام وكان لها محرم سوى زوجها. قال: والعبد والأجير يكونان مقيمان بإقامة المولى والمستأجر، وكذلك الملازم لحق، وكذلك العساكر لا نية لهم مع الإمام.
ولو أن رجلا خرج ينوي سفراً ثم بدا له فأراد الرجوع إلى وطنه فإن كان بين الموضع الذي أراد الرجوع منه وبين وطنه أربعة فراسخ قصر حتى يبلغ وطنه، وإن كان دون ذلك أتم، على موجب قول يحيى عليه السلام.(1/127)


وبجب على أهل/50/ البوادي الذين ينتقلون كل يوم ويومين القصر إذا أرادوا أن يسيروا بريداً، فإن سافروا دون ذلك أتموا .
والمسافر إذا قدم أتم حين يرى بيوت أهله، والمسافر إذا قدم بلدة ونوى الإقامة وقد بقي من الوقت قدر ما يمكنه أن يصلي من فرض الوقت ركعة واحدة أتم، وإن كان قد بقي من الوقت قدر خمس ركعات قبل غروب الشمس، فإنه يصلي الظهر والعصر صلاة المقيم.
والمقيم إذا سافر وقد بقي شيء من وقت الصَّلاة، فإنه يصلي صلاة المسافر، فإن سافر ولم يبق من الوقت شيء صلاها صلاة المقيم، قياساً على قول القاسم في المرأة إذا حاضت قبل الوقت وإذا حاضت بعده.
قال أبو العباس: وإذا سافر دون بريد فلما بلغه نوى أنَّه يسافر مثله، ثم لما بلغ نوى أيضا مثله، ثم كذلك، أتم ولم يقصر؛ لأنَّه لم ينو حد السفر.
ولو أن رجلا سافر من مدينته ثم عاودها مسافراً وأراد أن يجاوزها إلى غيرها، فإنه يتم إذا حصل في مدينته إذا كان مستوطنها. قال : فإن كان قد استوطن موضعاً سواها لم يتم. قال أبو العباس: وسواء فيه الحاضرة والبادية.
ولو أن مسافراً دخل في الصَّلاة، ثم نوى الإقامة وهو فيها أتمها، فإن تغيرت نيته ونوى السفر قبل خروجه منها استمر على الإتمام ولم يقصر، على قياس قول يحيى عليه السلام. قال أبو العباس: إذا نوى الإقامة في صلاته يستأنف صلاة المقيم بتكبيرة يفتتحها بها، ولا يجوز له البناء على ما مضى إلا أن يكون في صلاة المغرب أو الفجر.(1/128)


فإن سافر بلداً يريد أن يستوطنها، فإن كان بين الموضع الذي سافر منه وبينه أربعة فراسخ قصر، وإذا دخله أتم، فإن خرج من بلده على استيطان بلد ثم لم يدخله حتى رجع يريد بلداً آخر فمر ببلده الأول، فإن كان بين البلد المرجوع منه وبين بلده مسيره أربعة فراسخ قصر حتى يأتي بلده، فإذا أتاه أتم، وإن كان دونها أتم، على قياس قول يحيى عليه السلام.
والمسافر يصير مقيماً بنية الإقامة، والمقيم لا يصير مسافراً بنية السفر حتى يسافر، على مقتضى نصّ يحيى عليه السلام.(1/129)


باب صلاة الخوف والمسايفة والمطر المانع
لا تُصلى صلاة الخوف إلا في السفر. قال أبو العباس رحمه اللّه: ولا تصلى إلا في آخر الوقت بحيث يخشى فوتها إن لم تصلى، وحكاه عن القاسم عليه السلام.(1/130)


وصفتها:
أن يصير المسلمون الذين مع الإمام طائفتين فتقف إحداهما بازاء العدو متسلحين، ويفتتح الإمام الصَّلاة بالطائفة الأخرى وتصطف خلفه فيصلى بها الركعة الأولى، وإذا قام الإمام إلى الثانية أطال القيام والقراءة حتى يصلي مَنْ وراءه الركعة الثانية لأنفسهم، ويسلموا وينصرفوا ويقفوا في مواقف أصحابهم بإزاء العدو، وتجيء الطائفة الثانية فتصطف خلف الإمام وتفتتح الصَّلاة فيصلى بها الإمام الركعة الثانية وهي الأولى للقوم الآخرين، فإذا قعد الإمام وتشهد وسلم قاموا وأتموا لأنفسهم الركعة الثانية، ويسلم الإمام ولا ينتظر فراغ القوم . فإن كانت الصَّلاة التي يصلونها صلاة المغرب صلى الإمام بالطائفة الأولى ركعتين وبالثانية ركعة واحدة، على ما خَرَّجه أبو العباس من كلام يحيى عليه السلام. قال: وإن صلى بالطائفة الأولى ركعة واحدة فسدت الصَّلاة. قال: ويجلس في الركعتين الأوليين حتى تفرغ الطائفة الأولى.
قال رحمه اللّه: وإن تراءوا جيشاً أو سواداً فظنوا عدواً، فصلوا صلاة الخوف وجب على الطائفة الأولى الإعادة دون الثانية.
فإن كان المصلي طالباً للعدو والعدو مطلوباً لم تصلِ صلاة الخوف، على قياس قول يحيى عليه السلام.
وإن افتتحوا صلاة الأمن، ثم بدأ لهم ركب أو خيال ظنوه عدواً، فانفتلوا عن القبلة أو بعضهم ثم استبانوا ذلك أعادوها، على قياس المذهب.
ولا يجزي من صلى راكباً عند الخوف أن يؤم مَنْ على القرار، ولا بأس بأن يؤم من على القرار الركبان وأهل القرار، على قياس قول يحيى عليه السلام.(1/131)

26 / 168
ع
En
A+
A-