قال القاسم عليه السلام - فيما حكاه عنه علي بن العباس -: من سهى عن ركوعه كان كمن لم يصل ركعة إلا أن يعود فيركع، وإن لم يركع لم يعتد بتلك الركعة. وقال أيضا - فيما حكاه عنه علي بن العباس -: لو نسى ركعة من صلاته /43/ ثم ذكرها قبل التسلم قام فصلى ركعة بركوعها وسجودها، ويتشهد ويسلم، ثم يسجد سجدتي السهو. فإن شك في ركوع أو في سجود تحرى وبنى على غالب ظنه، وإن لم يغلب على ظنه شيء أعاد ما شك فيه، على موجب المذهب.
قال محمد بن يحيى - فيمن لا يدري أسجد سجدة واحدة أو سجدتين -: يعيد الصَّلاة إذا لم يصح له. والمراد به: إذا لم يحصل غالب الظن.
وإن نسي فلم يقرأ فاتحة الكتاب وسورة معها أو ثلاث آيات في الركعة الأولى ولا في الثانية، فإنه يقضي قراءة فاتحة الكتاب وسورة أو ثلاث آيات فيما يستأنف، ويسجد سجدتي السهو، على موجب المذهب.
قال القاسم عليه السلام - فيما حكاه عنه علي بن العباس -: إن سهى فسلم عن شماله قبل يمينه فلا سهو عليه.
وقال عليه السلام في (مسائل ابن جهشيار) : من علم أنَّه قرأ في ركعة من صلاته، ولم يعلم السورة التي قرأها فلا سهو عليه.
قال أبو العباس: لو أسر الإمام فيما يجهر به أو جهر فيما يخافت فيه سجد سجدتي السهو، وهذا يجب أن يكون المراد به: إذا قضى الجهر فيما يستأنف؛ لأنَّه إذا ترك الجهر أصلاً يكون في حكم من ترك القراءة في فساد صلاته، على ما نصّ عليه محمد بن يحيى عليه السلام، واقتضاه كلام يحيى عليه السلام، وهكذا حكى المذهبَ عنهما أبو العباس في (النصوص) .(1/117)


باب وجوب الصَّلاة وحكم تاركها بعد وجوبها
وجوب الصَّلاة - على ما يقتضيه نصّ القاسم عليه السلام - يتعلق بالإنبات أو الإحتلام أو بلوغ خمس عشرة سنة، أو حيضاً إن كانت امرأة، فأما قبل ذلك فيلزمنا أن نواخذ الصبي بفعلها، إذا أمكنه تلقنها أو فعلها، هكذا تحصيل المذهب، وقد ذكر جملته أبو العباس.
وأما تاركها فإن أبا العباس قد حكى عن القاسم عليه السلام وعن أحمد بن يحيى أنَّه يستتاب، فإن تاب وصلى وإلا قُتل، وذكر أن الإستتابة يجب أن تكون ثلاثة أيام، على موجب المذهب، وذكر أن الصيام مثله/44/.(1/118)


باب قضاء الفوائت من الصَّلاة
من ترك صلاة مفروضة ساهياً أو عامداً غير مستحل لتركها، وجب عليه قضاها إذا ذكرها، ويقضي كيف شاء من غير مراعاة الترتيب فيها.
قال أحمد بن يحيى - فيمن ذكر فائتة في وقت الفريضة -: يبدأ بالفائتة ما لم يخش فوت الحاضرة، فإن بدأ بالحاضرة أجزأه.
وقال القاسم عليه السلام - فيما حكاه عنه علي بن العباس -: لو أن رجلاً نسي أن يصلي الظهر حتى صلى العصر، فإن العصر جائز، ويصلي الظهر بمنزلة الفائتة، فإن ذكرها في صلاته قطعها، وهذا محمول على تفصيل ما ذكرناه في (الشرح).
وقال رحمه اللّه: قال محمد بن القاسم عن أبيه عليهما السلام: إن من لم يحط بعدد ما فاته من الصَّلاة والصيام تحرى جهده وزاد حتى يستغرقه.
قال أحمد بن يحيى فيمن فاتته صلاة ولم يدر أيتهن هي، فإنه يصلي اثنتين وثلاثاً وأربعاً. قال أبو العباس: ينوي عند الركعتين الفجر، وعند الثلاث المغرب، وعند الأربع ما فاته ولايعينها بالعشاء الآخرة أو الظهر أو العصر من حيث لم يعرفها بعينها.
ومن فاتته النوافل قضاها استحباباً. وإذا دخل في نافلة، ثم أفسدها لم يجب عليه قضاها.
ومن أُغمِيَ عليه أياماً وجب عليه أن يقضي الصَّلاة التي أفاق في وقتها، وتفصيل ذلك ما قدمناه في باب أوقات الصَّلاة، وكذلك القول فيمن يعرض له جنون أو إغماء أو يكون مغموراً بالمرض فلا يتمكن من الصَّلاة على وجه من الوجوه.
قال القاسم عليه السلام - في المرأة إذا دخل عليها وقت الصَّلاة، فلم تصلها حتى حاضت ولم يَنْقَضِ وقتها-: لا قضاء عليها.(1/119)


وإذا أُغْمِيَ على الإنسان قبل مضي الوقت، فلا قضاء عليه، على قياس قول القاسم عليه السلام.
وليس على المرتد قضاء الصَّلاة التي فاتته في حال الردة، على قياس قول يحيى رضي اللّه عنه، وكذلك حكى أبو العباس عن محمد بن يحيى رضي اللّه عنه.
ومن فاتته صلاة في السفر وقضاها وهو مقيم قضى صلاة السفر، ومن فاتته وهو مقيم فقضاها في السفر قضى صلاة المقيم، فإن فاتته صلاة في حال الصحة فقضاها في حال المرض فإنه يقضها من قعود كما يصلي فرض الوقت، هكذا ذكر أبو العباس وخرجه على المذهب، وحكى عن محمد بن يحيى: أنَّه قال: لا يجهر فيما يقضي من /45/صلاة النهار ليلاً ولا نهاراً، وحكى عنه أنَّه قال: لا يجهر فيما يقضي من صلاة الليل بالنهار، إلا أن يقضيها ليلاً فيجهر. قال السيد أبو طالب: يجب أن يكون محمولاً على نوافل الليل كالوتر وركعتي الفجر.
قال القاسم عليه السلام - فيمن ترك الوتر أو ركعتي الفجر -: ليس عليه قضاؤهما، فإن قضاهما فحسن.
ومن صلى جنباً، أو مُحْدِثاً، أو صلى قبل الوقت ساهياً أو متعمداً فعليه القضاء.
ومن أخل بشيء هو شرط في صحة الصَّلاة ناسياً وطريقه الإجتهاد، فعليه القضاء ما دام في الوقت، فإن علم بذلك بعد خروج الوقت فلا قضاء عليه، كمن يتطهر بماء نجس وهو لا يعلم، ويصلي في ثوب نجس وهو لايعلم.
قال أحمد بن يحيى - فيما حكاه أبو العباس عنه -: من رأى في ثوبه دماً ولم يحص عدد ما صلى فيه، قضى صلاة واحدة. قال رحمه اللّه: يعني إذا كان في وقتها.
ومن إئتم بِجُنُبٍ صلى ناسياً، أو على غير طهور فعليه الإعادة إذا علم بذلك، كما على الإمام.(1/120)


قال محمد بن يحيى رضي اللّه عنه - فيمن عليه صلاة فائتة -: لا يتنفل حتى يقضيها. ودل كلامه على أنَّه إذا نسي العصر قبل يومه وذكر ذلك وهو في ظهر يومه لا ينتقض عليه الظهر.
ومن أسلم في دار الحرب ولم يعلم وجوب الصَّلاة ثم حصل في دار الإسلام وعلم ذلك، لم يجب عليه قضاء ما فاته، على قياس قول يحيى عليه السلام.
قال أبو العباس في (الشرح) : في رجل صلى برجلين صلاة الظهر، فلما فرغوا أحسوا برائحة توجب نقض الوضوء، ولم يتحققوا مَنِ المحدث منهم، ثم صلى أحد المأمومين بصاحبه وبمن كان إماماً في الظهر العصرَ، ثم صلى المأموم الآخر بمن كان إماماً في الظهر والعصر المغربَ، فالذي يجيء على أصل يحيى عليه السلام أن صلاة الظهر مجزية عنهم، وأن صلاة العصر تصح للإمام والمأموم الذي كان إماماً في الظهر وتفسد على المأموم الآخر، وصلاة المغرب تفسد عليهم كلهم.(1/121)

24 / 168
ع
En
A+
A-