ومن ابتلي بالعَرَي، صلى جالساً متربعاً، ويضع على عورته ما يقدر عليه من حشيش أو غيره، فإن لم يجد ذلك ستر عورته بيده اليسرى ويومي إيماءً كإيماء المريض/28/ ، ولا يستَقِلُّ من الأرض استقلالاً يبدي عورته، وإن كان العراة جماعة وأراد أحدهم أن يؤمَّهم، جلس إمامهم في وسطهم.
ولا يسجد على كور العمامة. ويستحب للمصلي أن يسجد على الحضيض، أو على ما أنبتت الأرض، ويكره السجود على المسوح واللبود إلا عن ضرورة.(1/92)
باب الأذان والإقامة
قال أبو العباس رحمه اللّه: الأذان عند القاسم عليه السلام - فيما رواه عنه ابنه محمد - فرض على الكفاية في مساجد الجماعة، وفضل في المنفرد به من الصَّلاة .
ولا بأس بأذان الأعمى والمملوك وولد الزنا ، إذا كانوا من أهل المعرفة والأمانة والدين.
ولا بأس بأن يقيم للقوم غير مؤذنهم إن اضطروا إلى ذلك.
وليس على النساء أذان ولا إقامة، فإن أذَّنت المرأة لم يُعتد بأذانها، ولا يعتد بأذان الصبي والمجنون، على ما ذكره أبو العباس رحمه اللّه. وقال: إنَّه قياس قول يحيى عليه السلام.
ولا بأس بأن يؤذِّن المُحْدِث، ولا يقيم إلا وهو على طهور. قال القاسم عليه السلام: ولا يؤذن الْجُنُب، فإن أذن أعاد، على ما روي عنه، وذكره أبو العباس رحمه اللّه، والمحدث إن أقام لم يعد، على ما كان يقوله رحمه اللّه.
قال أبو العباس: لا يؤذِّن للفوائت إن خيف الإلتباس إلا في أوقات الصَّلاة أو يؤذن في نفسه، فإن لم يخف الإلتباس فلا بأس.
قال: ومن جمع بين الصلاتين في أول وقت الأولى ممن له الجمع، فإنه يؤذن ويقيم للأولى ويقيم للثانية.
ولا يُؤَذَّن لصلاة العيدين ولا يُقام. قال أبو العباس رحمه اللّه: ولا لصلاة الجنازة ولا للكسوف ولا للاستسقاء.
قال رحمه اللّه: روي عن علي عليه السلام: المؤذنيستقبل القبلة في التكبير والشهادتين، ويرتل الأذان ويحدر الإقامة. قال رحمه اللّه: إن لم يستقبل القبلة أجزأه.(1/93)
قال القاسم عليه السلام: يجعل المؤذن إصبعه السبابة من يده اليمنى في أذنه اليمنى، ويستدير في أذانه يَمْنَة ويَسْرَة، ويحوِّل وجهه عن يمينه ويساره إذا قال: حي علي الصَّلاة، حي على الفلاح.
ولا بأس بالتَّطْرِيبِ في الأذان إذا أتم وبَيَّنَ. ويكره الكلام/29/ في الأذان والإقامة إلا عن ضرورة.
ولا يجوز الأذان لصلاة الفجر قبل دخول وقتها، ولا لسائر الصلوات قبل دخول أوقاتها، فإن أذن قبل الوقت أعاد عند دخوله، وإن افتتحه قبل الوقت ثم دخل الوقت استأنفه.
قال أبو العباس: من أذن قاعداً أجزأه، وإن كان مكروها، والأذان من الأرض أولى، فإن أذن راكباً في غير مِصْرٍأجزأه، ويكره في المصر، على ما نصّ عليه القاسم عليه السلام.
قال القاسم عليه السلام فيمن نسي الأذان والإقامة حتى دخل في صلاته ومضى فيها: ولا يلزمه نقص في صلاته.
والأذان خمس عشرة كلمة، يقول: اللّه أكبر، اللّه أكبر، أشهد أن لا إله إلا اللّه، أشهد أن لا إله إلا اللّه، أشهد أن محمداً رسول اللّه، أشهد أن محمداً رسول اللّه، حي على الصَّلاة، حي على الصَّلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، حي علي خير العمل، حي على خير العمل، اللّه أكبر، اللّه أكبر، لا إله إلا اللّه. وكذلك الإقامة إلا أنك تزيد فيها بعد قولك: حي على خير العمل: قد قامت الصَّلاة، قد قامت الصَّلاة، فتكون الإقامة سبع عشرة كلمة.
قال القاسم عليه السلام: الصَّلاة خير من النوم مُحْدَثٌ ضعيف، أحدثوها في زمان عمر.
ولا يجوز أخذ الأجرة على الأذان، فإن أُعطِي المؤذن شيئاً علىسبيل البِرِّ من غير شرط مشروط، جاز له أخذه.(1/94)
باب صفة الصَّلاة وذكر فروضها وسننها وما يستباح فيها
فروض الصَّلاة - على موجب نصوص القاسم ويحيى عليهما السلام - ثمانية:
النية، متقدمة على التكبير أو مخالطة له.
وتكبير الإفتتاح.
والقيام.
وقرأة فاتحة الكتاب وسورة معها أو ثلاث آيات في ركعة منها.
والركوع.
والسجود.
والتشهد الأخير مشتملا على الصَّلاة على النبي وآله، صلى اللّه عليه وآله وسلم.
والتسليم.
والمستحب للمصلي إذا استقبل القبلة أن يقول: أعوذ باللّه السميع العليم من الشيطان الرجيم. ثم يقول: وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي/30/ لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين، الحمد لله الذي لم يتخذ ولداً ولم يكن له شريك في الملك، ولم يكن له وليٌّ من الذل. ثم يكبر فيبتدئ ببسم اللّه الرحمن الرحيم، ويقرأ بعدها بفاتحة الكتاب وسورة معها، إما تامة وإما ثلاث آيات منها، والإتمام أفضل، على ما نصّ عليه القاسم عليه السلام.
ثم يكبر ويركع، ويبتدئ بالتكبير قبل الانحطاط، ويتممه راكعاً، هكذا ذكر القاسم عليه السلام، ويطأ من ظهره، ويفرِّج آباطه، ويضع يديه على ركبتيه، ويعدل كفيه عليهما، ويفرق بين أصابعه، ويستقبل بهما القبلة ولا يحرفهما عنها، ويسوي رأسه ولا يرفعه ولا يُكِبّه، ويقول في ركوعه: سبحان اللّه العظيم وبحمده ثلاثاً، والتسبيح فيه مستحب غير واجب، على ما رُوي عن القاسم عليه السلام.(1/95)
ثم يرفع رأسه من ركوعه، ويقول: سمع اللّه لمن حمده. إن كان إماماً أو منفرداً، وإن كان مؤتماً، قال: ربنا لك الحمد. عند قول الإمام: سمع اللّه لمن حمده، يبتدئ بذلك عند رفعه رأسه، ويتممه عند اعتداله قائماً، على موجب المذهب، وقد ذكره أبو العباس.
فإذا اعتدل قائما، خَرَّ لله ساجداً، وقال: اللّه أكبر، ويبدأ بوضع يديه قبل ركبتيه على الأرض، ثم يسجد، فيمكن جبهته من الأرض، ويضع أنفه مع جبهته، ويخوِّي في سجوده، ويمد ظهره، ويسوي آرابه، ويضم أصابعه، ويجعل كفيه حذاء خديه، وينصب قدميه ويفرِّج آباطه، ويَبِيْن عضديه ومرفقيه عن جنبيه، وإن كانت امرأة تضممت، ثم يقول في سجوده: سبحان اللّه الأعلى وبحمده، ثلاثاً.
ثم يقعد، فيفترش قدمه الأيسر وينصب قدمه الأيمن، وذكر القاسم عليه السلام في (الفرائض والسنن) أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم (( كان يرفع رأسه من سجوده وهو يكبر مع رفعه ، ثم يستوي قاعداً، ثم يفرش رجله اليسرى فيقعد عليها، فإذا اطمأن على قدمه اليسرى قاعداً، كبر وسجد السجدة الثانية، يبتدئ بالتكبير قاعداً ويتممه ساجداً )) ، هكذا روى القاسم عليه السلام في (الفرائض والسنن) عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم، ويسبِّح فيها بما سبَّح في الأولى، ثم ينهض بتكبيرة، ويعتمد على يديه عند النهوض، حتى يستوي قائماً، ثم يفعل كذلك في باقي صلاته.(1/96)