باب وقت الإختيار
أول وقت صلاة الظهر: زوال الشمس، ويتبين ذلك بازدياد ظل كل شيء منتصب في ناحية المشرق، بعد تناهيه في النقصان، وآخره حين يصير ظل كل شيء مثله سِوى فَيء الزوال، وهو أول وقت العصر، وآخره: حين يصير ظل كل شيء مثليه . وأول وقت المغرب: غروب الشمس، ويعتبر غروبها - عند يحيى عليه السلام - بظهور الكواكب الليلية، وآخره: سقوط الشفق، وهو: الحمرة لا البياض ، وهو أول وقت العشاء الآخرة، وآخره: ذهاب ثلث الليل . وأول وقت صلاة الصبح: طلوع الفجر، وهو الفجر الثاني المنتشر لا الأول المستطيل، وآخره: قُبَيْل طلوع الشمس/22/.(1/82)
باب وقت الإضطرار
وقت الاضطرار ما بين زوال الشمس إلى غروبها وقت للظهر والعصر للمضطر، فإن شاء جمع بينهما، وإن شاء فصل، كالمسافر والخائف والمريضوالمشغول ببعض الطاعات.
وسفر الطاعة والمعصية سواء في جواز الجمع، تخريجاً.
والمسافر إذا كان نازلاً جمع بين الصلاتين في أول الوقت، فإذا كان سائراً جمع بينهما في آخر الوقت، هذا هو المسنون.
والحائض إذا طهرت، والمغمى عليه إذا أفاق قبل غروب الشمس، في وقت يمكن فيه أداء خمس ركعات؛ لزمهما الظهر والعصر، وكذلك حكم الصبي إذا أدرك، والكافر إذا أسلم، والمسافر إذا قدم، تخريجاً، وكذلك من أدرك من هؤلاء قدر أربع ركعات قبل طلوع الفجر، لزمه المغرب والعشاء الآخرة، فإن أدركوا قدر أربع ركعات قبل غروب الشمس لم يجب إلا العصر، هكذا ذكر أبو العباس رحمه اللّه، وإن أدركوا قبل طلوع الشمس ركعة واحدة وجبت عليهم صلاة الفجر.
ومن أدرك ركعة من العصر قبل غروب الشمس فقد أدركه . ومن أدرك ركعة من الفجر قبل طلوع الشمس فقد أدركه.
وما بين غروب الشمس إلى طلوع الفجر وقت للمغرب والعشاء الآخرة لأهل الإضطرار.(1/83)
باب أوقات الفوائت والنوافل وأوقات الفضيلة والكراهة
وقت قضاء الفوائت من الفرائض: حين يذكرها مَنْ فاتته، فمتى ذكرها وجب عليه قضاؤها في أي وقت كان، وأما النوافل التي لها أوقات، فإنها تجوز أن تُقْضَى، على ما نصّ عليه يحيى عليه السلام في (المنتخب) ، والأقرب أن قضأها في الأوقات الثلاثة التي نُهي عن الصَّلاة فيها مكروه، على مادل عليه كلامه في (المنتخب) .
ووقت الوتر بعد الفراغ من العشاء الآخرة إلى طلوع الفجر، والمستحب تأخيرها إلى آخر الليل .
ووقت ركعتي الفجر عند طلوعه قبل صلاة الصبح.
وتكره النوافل وسائر الصلوات - سوى الفوائت المفروضة - في الأوقات الثلاثة: عند طلوع الشمس حتى يرتفع شعاعها، وعند قيام الظهيرة، وعند غروب الشمس حتى يسقط شعاعها. فلا تُصَلَّى فيها صلاة/23/ الجنازة، ولا صلاة الكسوف، ولا يُتَنَفَّل. قال أبو العباس رحمه اللّه: روى علي بن العباس الحسني رحمه اللّه عن يحيى بن الحسين عليهما السلام: أنَّه لا يصلح في هذه الأوقات سجدتا السهو ولا سجدتا التلاوة ولا سجدتا الشكر.
قال القاسم عليه السلام: كل وقت كان للفريضة اللازمة فهو وقت للنافلة، وكل وقت لا تصلح فيه الفرائض فلا يصلح أن تُصَلّى فيه النوافل.
ويجوز التنفل بعد صلاة الصبح قبل طلوع الشمس، وبعد صلاة العصر قبل غروبها.
وتعجيل الصَّلاة في أول وقتها أفضل، على ما دل عليه كلام يحيى، ورواه أيضاً علي بن العباس عن القاسم عليه السلام في (مجموعه) .(1/84)
باب استقبال القبلة وتحري جهتها وحكم المعذور وغير المعذور في ذلك
ترتيب المذهب في استقبال القبلة - على ما اقتضاه كلام يحيى عليه السلام في (الأحكام) و(المنتخب) وكذلك كلام القاسم في مواضع - أن المصلي: إما أن يكون متمكناً من التوجه غير معذور في تركه، أو معذوراً.
والمتمكن الذي ليس بمعذور: إما أن يكون مُعَايناً للكعبة أو في حكم المعاين، أو ليس بمعاين ولا في حكم المعاين. فمن يكون معايناً لها أو في حكم المعاين لها - بأن يكون بمكة حرسها اللّه تعالى في بعضبيوتها التي لا تشاهد منها الكعبة، أو يكون بينها وبينه حائل يمنعه من النظر إليها، ففرضه التوجه إلى عينها مع السلامة. ومن لا يكون معايناً لها ولا في حكم المعاين، ففرضه التحري لجهتها.
والمعذور: إما أن يكون معذوراً لحال يخصه، وإما أن يكون معذوراً لحالٍ يرجع إلى غيره.
فالأول: نحو أن يكون أعمى، أو جاهلاً للتحري، فهذا فرضه الرجوع إلى الغير، فإن لم يجد من يقلده توجه إلى حيث يغلب على ظنه أنَّه الجهة، على ما قاله أبو العباس تخريجاً من كلام القاسم عليه السلام. قال السيد أبو طالب رحمه اللّه: فإن لم يغلب على ظنه بعض الجهات، فإنه يصلي إلى أي جهة شاء على موجب المذهب.
والثاني: أن يكون خائفاً من عدوٍ أو مسايفاً أو ممنوعاً من التوجه لبعض الأعذار، فلهذا أن يتوجه إلى حيث يمكنه.
وراكب السفينه يتحرى/24/ جهة القبلة بجهده، ويدور إليها بدوران السفينه، فإن لم يمكنه ذلك لاضطرابها، فإنه يتوجه إلى حيث يمكنه.(1/85)
والمسافر فإنه يجوز له أن يتنفل على راحلته ويتوجه حيث تتوجه، إلا أن يكون في مَحْمَل فإنه يتوجه إلى القبلة.
ولو تحرى المصلي جهة القبلة وصلى، ثم علم أنَّه أخطأ جهتها وصلى إلى غيرها، فعليه الإعادة إن كان وقت تلك الصَّلاة باقياً، وإن كان وقتها قد انقضى فلا إعادة عليه.
قال أبو العباس رحمه اللّه: لو صلى إلى جهة بغير تحري، فلما فرغ كان الأغلب على ظنه أنها جهة القبلة، لم تجزه، على موجب قول يحيى عليه السلام. قال: وإن كانت المسألة بحالها واستيقن إصابة القبلة أجزأه.
قال: ولو تحرى ثم صلى إلى غير الجهة التي أداه التحري إليها، أجزأه إن كانت قبلة.
ومن صلى فوق ظهر الكعبة بحيث يكون سجوده على آخر حرف منها لم تجزه صلاته، وإن لم يكن كذلك وكان قدامه جزءٌ منها، أجزته صلاته، تخريجاً.(1/86)