وينتقض وضوؤها بدخول الوقت لا بخروجه، على ما خرجه أبو العباس الحسني رحمه اللّه من قول يحيى عليه السلام. قال أبو العباس الحسني رحمه اللّه: وعلى هذا لو توضأت لصلاة الفجر جاز لها أن تصلي بوضوئها ما شاءت من فوائت أو نوافل أو صلاة جنازة أو طواف ما تجنبت وقت النهي، فإذا دخل وقت الظهر فعليها تجديد الوضوء، ولو توضأت بعد طلوع الشمس صلت أيضاً بذلك الوضوء إلى وقت الظهر ما شاءت من النوافل والفوائت، فإذا زالت الشمس لم يجز أن تؤدي الظهر بذلك الوضوء، وجاز أن تؤدي قبلها سائر الصلوات التي ذكرناها، على هذا الأصل، ولو توضأت ودخلت في صلاتها ولم تفرغ منها حتى دخل وقت الصَّلاة الأخرى فعليها/19/ أن تجدد الوضوء وتستأنف تلك الصَّلاة، كما لو أحدثت وهي غير معذورة.
ولو زال عذرها بانقطاع الدم وهي في صلاتها فعليها أن تعيد، كالمومئ والقاعد والعريان إذا زال العذر وهم في الصَّلاة، وعليها تجديد الطهارة، وإن امتد العذر الذي هو سيلان الدم إلى أن تفرغ من الصَّلاة، ثم زال عذرها فلا إعادة عليها، كما لا إعادة على سائر من ذكرنا من المعذورين إذا زال عذرهم بعد الفراغ منها.
والمعتبر فيما ينقطع وفيما لا ينقطع من دم الإستحاضة - في جواز المضي على الصَّلاة ووجوب استئنافها - أن الدم إذا كان ينقطع قدر ما يمكن أن تتوضأ المرأة وتصلي به، فتجديد الوضوء واجب، وإن كان انقطاعه دون ذلك لم يجب.(1/77)
فإن توضأت للظهر والدم سائل أو سال وهي في الصَّلاة ولم تفرغ منها حتى دخل وقت العصر، فعليها أن تجدد الوضوء وتستأنف الصَّلاة، فإن توضأت والدم منقطع ودخلت في الصَّلاة ودخل عليها وقت الصَّلاة الثانية ولم تفرغمن الأولى، والدم على انقطاعة لم تعد الوضوء ولا الصَّلاة، فإن سال الدم في هذه الصَّلاة أعادت الوضوء والصلاة.
ويجوز لزوج المستحاضة أن يأتيها إذا انقضت أيام حيضها واغتسلت.
وحكم من به سلس البول وسيلان الجرح حكم المستحاضة في الوضوء، وفي جميع ما ذكرناه من أحكام الطهارة.
والحائض لا تقرأ القرآن، ولا تدخل المسجد، ولاتحمل المصحف ولا تمسه. ويستحب لها أن تتعهد نفسها بالتطهر والتنظيف ومشط الشَّعر، وأن تطهر في أوقات الصَّلاة خصوصاً، وتستقبل القبلة وتذكر اللّه وتسبِّحه وتهلله، ولا يجوز لزوجها أن يأتيها في فَرْجها حتى ينقضي حيضها وتطهر منه.
قال القاسم عليه السلام في (المسائل) : إذا طهرت الحائض من حيضها ولم تجد الماء جاز لزوجها أن يغشاها إذا تيممت، وكذلك النِّفاس على قياس قوله، فإن أتاها في الفَرْج في حال حيضها أو قبل التطهر منه، أجزته التوبة، ولا كفارة عليه سواها، ويجوز أن يأتيها فيما دون الفَرْج.
ولا يجتمع الحيض والحِبَل.
ووقت الأياسللمرأة من الحيض: بلوغ ستين سنة.
وعلى الحائض قضاء ما تركته من الصيام في حال حيضها دون الصَّلاة.
وأقل الطهر عشرٌ /20/.(1/78)
باب النِّفاس
أكثر النِّفاس أربعون يوماً، وأقله لا حد له، والإعتبار في زواله بحصول النَّقاء ولو ساعة واحدة، وذكر [أبو العباس] رحمه اللّه في (النصوص) : أن المرأة إذا لم تر الدم بعد الولادة لم تكن نفساء، فإن طهرت قبل الأربعين ثم عاودها الدم قبل انقضائها؛ فإن كان ما توسط بين الدمين من النقاء طهراً صحيحاً، كان الدم الثاني حيضاً أو إستحاضة على ما تدل عليه العاقبة وليس بنفاس، وإن لم يكن طهراً صحيحاً لم تعتد به، وكان الأربعون كلها نفاساً، وإن زاد الدم على الأربعين كان ذلك استحاضة، وعليها أن تغتسل وتصلي كما تفعله المستحاضة، ولزوجها أن يأتيها إذا اغتسلت.
وحكم المبتدأة النفساء إذا جاوز دمها الأربعين، حكم الحائض، في أنها ترجع إلى عادة نسائها، أو إلى أكثر الحيض إن لم تعرف عادتهن، وكذلك إذا كانت نفساء ترجع إلى عادة نسائها في النِّفاس إن عرفت عادتهن، فإن لم تعرفها رجعت إلى أكثر النِّفاس.
وقد ذكر القاسم في (المسائل) : أن النفساء إذا جأوز دمها الأربعين، وكانت لها عادة في النِّفاس لولادتها متقدمة، فنفاسها تلك الأيام المعتادة، وما زاد عليها يكون استحاضة، ويعتبر في ولادتها المتقدمة أن تكون مرتين وأن تتفق العادة فيهما، تخريجاً.(1/79)
قال أبو العباس الحسني رحمه اللّه: ذات العادة والمبتدأة سواء في أن الأربعين نفاس، إلا أن تستحاض بمجاوزتها، فإن استحيضت ذات العادة، فالذي نصه القاسم عليه السلام في غير موضع: أن نفاسها منه يكون أكثر ما تعرفه المرأة من نفسها، وإن كانت مبتدأة فأكثر ما تعرفه من نفاس نسائها، كالذي قال في الحيض، وقد قال: إن النِّفاس حيض.
فإذا وضعت الحبلى ولداً و في بطنها ولد آخر، لم تكن نفساء حتى تضع جميع ما في بطنها، تخريجاً، وفقه ذلك: أنها لا تترك الصَّلاة ولا الصيام بوضع أحدهما ولا تنقضي عدتها. والحيض والنِّفاس واحد.
ويجب على النفساء اجتناب ما يجب على الحائض اجتنابه، ويكره لإحداهما ما يكره للأخرى، وكذلك حكمها في الإستحباب، وعليهما قضاء الصيام دون الصَّلاة. فإن/21/ أسقطت المضغة ونحوها مما بان فيه أثر الخلقة فهي نفساء، وإن لم تكن كذلك لم يثبت لها حكم النِّفاس، على قياس قول يحيى عليه السلام.
قال أبو العباس رحمه اللّه: إذا قال رجل لامرأته: أنت طالق إذا ولدت، فادعت انقضاء عدتها، وقد ولدت، فإنها لا تُصَدَّق إلا في تسعة وثلاثين يوماً بعد الولادة، على أصل يحيى عليه السلام.(1/80)
باب الأوقات
الوقتُ المضروب لتأدية الصَّلاة المفروضة - على ما تقتضيه نصوص القاسم ويحيى عليهما السلام - وقتان: وقت الإختيار، ووقت الإضطرار. ووقت الاختيار لكل صلاة وقتان.
ووقت الاضطرار ممتد من زوال الشمس إلى غروبها، ومن غروبها إلى طلوع الفجر، ومن طلوع الفجر إلى طلوع الشمس. والاضطرار ضربان: عارضٌ، كالسفر والمرض والخوف، والاشتغال بشيء من الطاعات ونحوها، ويحدد الفرض في بقية من الوقت المضروب للإضطرار، ويوجه الخطاب فيه إلى المصلي، كالحائض تطهر، والمسافر يقدم، والصبي يبلغ، والكافر يسلم، والمُغْمَى عليه يفيق.(1/81)