ومراحات الإبل والغنم حرز، فإذا سرق منها حيوان قيمته عشرة دراهم فعليه القطع، والمراتع والمسارح لا تكون حرزاً، ولا يجب على من سرق منها القطع. والنباش إذا نبش القبر فأخرج من كفن الميت ما تبلغ قيمته عشرة دراهم، فعليه القطع.
والسرقة لا تثبت إلا بشهادة رجلين أو إقراره مرتين، وإذا أقر بالسرقة مرة واحدة لم يقطع.
وإذا وجب القطع على سارق في أول ما سرق، قُطِعت يده اليمنى من مفصل الكف من الساعد، فإن عاود السرقة ثانياً قطعت رجله اليسرى من مفصل القدم من الساق، فإن عاود الثالثة حُبس، وإذا كان السارق قد قُطع بعض أصابعه أو ذهب بعضها قُطعت يده.
قال محمد بن يحيى رضي الله عنه: إن كانت يده اليمنى شلاَّء، لم تقطع يده الأخرى الصحيحة، وتقطع رجله اليسرى، فإن قطعت يده اليسرى غلطاً لم تقطع يده اليمنى، وكذلك إن قطعت رجله اليمنى لم تقطع رجله اليسرى.
وللمسروق منه والشهودأن يعفوا عن السارق ولا يرفعوه إلى الإمام، فإذا فعلوا ذلك فليس للإمام أن يتتبع ذلك، وإن رفعوه إليه ثم عفى عنه المسروق منه ووهب له ما سرق، لم يسقط عنه القطع.
ولو أن جماعة اجتمعوا على سرقة عشرة دارهم، أو ما قيمته عشرة دراهم، وأخرجوه من الحرز، وجب على كل واحد منهم/382/ القطع.
ولو أن جماعة من السراق دخلوا داراً وكَوَّر المتاع بعضهم، وحمل إلى الباب المتاع بعضهم، وأخرجه من الحرز بعضهم، وجب القطع على من أخرجه من الحرز دون من كوره وحمله، وأُدِّب هؤلاء.(1/692)


ولو أن سارقين دخل أحدهما الدار، ووقف الآخر خارج الباب، فأخذ المتاع وجاء به إلى الباب، فناوله الخارج، فإن كان الداخل أخرجه بيده إلى خارج الباب فناوله الخارج فالقطع على الداخل دون الخارج، وإن كان الخارج أدخل يده إلى داخل الدار وأخذه وأخرجه إلى خارج الباب، فالقطع على الخارج، ويؤدب الآخر. ولو أن الداخل أخذ المتاع وكوره وحمله إلى الباب، وتناول الآخر جانباً منه ومعه آخر، وجراه حتى أخرجاه من الباب وجب عليهما القطع.
وإن نقب البيت وأدخل يده فيه وأخذ المتاع، أو دخل فرمى بالمتاع من فوق الجدار، وجب عليه القطع، على أصل يحيى عليه السلام. كما إذا دخل وأخرجه من الباب أو البيت.
ولو أن سارقاً دخل داراً ومعه صبي أو مجنون، فأخذ المتاع ودفعه إليه فأخرجه من الباب، ثم خرج السارق وأخذه وحمله فلا قطع على واحد منهما.
وإذا دخل السارق داراً فأخذ المتاع ولم يخرجه منها، وأُخِذ منه قبل إخراجه منها، فلا قطع عليه، فإن أخرج السارق المتاع من الحرز، ثم رده إليه فعليه القطع.
ولو أن قصرا كانت فيه حجرات متفرقة لأقوام متفرقين، فسرق سارق متاعاً من بعض تلك الحجر، وأخرجه إلى وسط القصر، وجب عليه القطع، وإن كانت الحجر مع القصر في يد إنسان واحد، فسرق من بعض تلك الحجر وأخرجه إلى وسط القصر، لم يلزمه القطع، فإن أخرجه من القصر وجب عليه القطع.
ولو أن رجلاً كان له على آخر دراهم فسرق منه مقدار ما له عليه أو دونه، وجب عليه القطع إذا كان ذلك القدر مما يجب في مثله القطع.(1/693)


ولو أن مملوكاً سرق من مال سيده ما يجب في مثله القطع لم يلزمه القطع، ولو أنه سرق من مال مشاع بينه وبين غيره مقدار ما لسيده فيه أو دونه، لم يجب فيه القطع، فإن سرق منه أكثر مما لسيده فيه قدر ما يجب القطع في مثله، فعليه القطع.
ومن سرق مملوكاً/383/ صغيراً لا يعقل وأخرجه من الحرز، فعليه القطع، وإن سرق كبيراً يعقل، فخرج مطاوعاً من الحرز، فلا قطع عليه، وإن أخرجه مكرهاً فعليه القطع. والإكراه يجب أن يثبت بشهادة شاهدين، أو إقرار السارق به مرتين. فإن سرق حراً لم يكن عليه قطع، على ما نص عليه في (الأحكام) وهو المأخوذ به. قال أبو العباس: وسواء كان عليه حلي أو لم يكن في سقوط القطع عن السارق. وقال في رواية (المنتخب): إذا سرق حراً صغيراً فعليه القطع.
ولو أن مسلماً سرق من ذمي خمراً تبلغ قيمتها عشرة دراهم في البلد الذي يجوز للذمي أن يسكنه، وجب عليه القطع، فإن سرقها منه في بلد لا يجوز له أن يسكنه فلا قطع عليه، وكذلك القول في سرقة الخنزير، على أصل يحيى عليه السلام.
ومن سرق طيوراً من حرزها، فعليه القطع، إذا كانت قيمتها عشرة دراهم، سواء كانت مقصوصة أو طيارة.
ومن قطع الطريق في المصر فإنه لا يكون حكمه كحكم المحارب، فإن أخذ ما أخذه من الحرز كان حكمه كحكم السارق، وإن أخذه من غير حرز كان حكمه كحكم من يغصب الغير ماله، فيحكم عليه بما يحكم على مثله، على أصل يحيى عليه السلام.(1/694)


ولا قطع على الأب فيما سرق من مال الابن، وعلى الابن القطع فيما سرق من مال الأب، وكذلك حكم الأم على أصل يحيى عليه السلام. فإن سرق من مال أمه من الرضاعة فعليه القطع، وإن سرق الأخ من مال أخيه فعليه القطع، على أصل يحيى عليه السلام.
ومن سرق تمراً أو ثمراً من الثمار أو الفواكه - رطبة كانت أو يابسة - من أشجارها أو زرعها أو قطع شجرة أو غصناً من شجرة أو سرق شيئاً من الخضروات من القثاء والبطيخ والبصل والجزر وهي قائمة، فلا قطع عليه. وإن كانت في حرز فسرق منها بعد الجذاذ والقطع وردها إلى الحرزفعليه القطع.
ويجب القطع في الحطب واللحم وكل ما يجوز للمسلمين تملكه، حشيشاً كان أو نورة أو زرنيخاً أو طيناً يقع التبايع فيه/384/ إلا ما ذكرناه من الثمار على رؤوس الأشجار، والفواكه قبل أن تقطف وتجمع.
ولو أن سارقاً سرق ثوباً قيمته عشرة دراهم، فسرقه منه سارق ثان، كان القطع على الأول دون الثاني.
قال محمد بن يحيى رضي الله عنه فيمن سرق مسكراً أو طنبوراً أو عوداً أو شطرنجاً قيمته عشرة دراهم فأخرجه من الحرز ؛ فلا قطع عليه.
قال محمد بن عبدالله في (سيرته) : لا قطع على من سرق من الغنيمة.
وقال محمد بن يحيى: لا قطع على من سرق من بيت المال، ولا على من سرق من شريكه.
وقال رضي الله عنه: ليس على الحاكم والشهود أن يقطعوا يد السارق، وليس ذلك مثل الزنا، ولو أن الإمام أمر شهود السرقة بقطع يد السارق فامتنعوا منه لم تبطل شهادتهم، ووجب القطع.
ومن سرق مصحفاً وجب عليه القطع، على أصل يحيى عليه السلام.(1/695)


قال أبو العباس: إذا كانت السرقة قائمة بعينها، رُد المسروق على صاحبه، ووجب القطع، وإن كان تالفاً، فإن قُطع لم يضمن ما سرقه، ولا يجتمع قطع وضمان، كما نص عليه محمد بن يحيى عليه السلام. وكذلك لا يجتمع حد ومهر.
ويضمن ما سرق بالإقرار مرة واحدة. ومن وجدت عنده سرقة لم يقطع وردت على صاحبها، فإن استهلكها ضمنها.
قال محمد بن يحيى: لا قطع على من سرق السنانير والكلاب.(1/696)

139 / 168
ع
En
A+
A-