قال القاسم عليه السلام - فيما حكى عنه علي بن العباس -: لو قذف ذمي عبداً أو عبد ذمياً فلا حد على واحد منهما.
وقال القاسم عليه السلام - فيما حكى عنه علي بن العباس أيضاً -: لو أن رجلين أسيرين أو مستأمنين في دار الحرب قذف أحدهما الآخر لم يكن على واحد منهما حد.
وإذا وطئ رجل أمة لا يحل له وطئها على حال من غير شبهة ملك، أو امرأة محرمة عليه على كل وجه - وهو عالم بتحريم ذلك - فقذفه قاذف بالزنا فلا حد عليه، على أصل يحيى عليه السلام.
ولو أن رجلاً وطئ امرأته وهي حائض أو مُحْرِمة أو أمته وهي مجوسية أو مكاتبة فقذفه قاذف فعليه الحد، على قياس قول يحيى عليه السلام.
ولو أن ذمياً قذف مسلماً أو مسلمة ثم أسلم بعد ذلك القذف لم يسقط عنه الحد، على قياس قول يحيى عليه السلام.
ولو أن حربياً دخل دار الإسلام بأمان فقذف مسلماً حُدَّ، على أصل يحيى عليه السلام.
ومن قال لامرأته: يازاني. حُدَّ، نص عليه محمد بن يحيى عليهما السلام، وقال: إذا اعترف بأنه عنى به المرأة وجب عليه الحد.
قال محمد بن يحيى عليه السلام: فإن قال: أنت أزنى الناس. فهذا كلام يحتمل الإستفهام دون الخبر عن إيقاع الفعل، فإن قال: أردت به أنها تزني. حُدَّ.
ولو قال رجل لرجل من العرب: يا نبطي. فلا حد عليه، على أصل يحيى عليه السلام.
ولا فصل بين أن يقذف رجل رجلاً بالزنا في قبل أو دبر، أو يرميه بإتيان الذكور في وجوب الحد عليه، على أصل يحيى عليه السلام.(1/687)


باب حدّ شارب الخمر
ومن شرب الخمر، أو شرب من المسكر قليلاً أو كثيراً فعليه الحد. وحده ثمانون جلدة، مثل حد القاذف. ويحد إذا شم فيه رائحتها من نكهتهوتيقن ذلك. وحد/379/ السكران أن يخلط في كلامه تخليطاً ينافي كلام من لم يشرب، على أصل القاسم عليه السلام.
وإذا شهد رجل على رجل أنه رآه يشرب الخمر، وشهد الآخر أنه شم منه رائحتها وتيقنذلك، وجب عليه الحد، على أصل يحيى عليه السلام، وكذلك إذا شهد أحدهما أنه شرب الخمر، وشهد الآخر أنه شرب المسكر، لزمه الحد على أصل يحيى عليه السلام.
ومن شرب المسكر في نهار شهر رمضان، وجب عليه الحد والتعزير لهتك حرمة الشهر، على قياس قول يحيى عليه السلام.
وحد العبد إذا شرب ما يجب فيه الحد نصف حد الحر، على أصل يحيى (ع).(1/688)


باب كيفية إقامة الحدود
إقامة الحدود إلى الأئمة ومنيلي من قِبَلهم، سواء كان المحدود حراً أو عبداً و ليس لمولى العبد أن يقيم عليه الحد، وإنما ذلك إلى الإمام، أو من يلي من قِبَله إن كان في الزمان إمام، فإن لم يكن في الزمان إمام جاز للسيد أن يقيم عليه الحد.
وإذا رفع إلى الإمام من وجب عليه الحد وشهد عليه الشهود أقامه، فإن كان العهد تقادم بوقوع ما استوجب به الحد، إذا كانت الجناية قد وقعت في ولاية الإمام، وفي مكان ينفذ أمره فيه، فإن كانت الجناية قد وقعت ولا ولاية للإمام لم يحد إذا ولي، وكذلك إن وقعت في مكان لا يليه الإمام، إلا القصاص فإنه يستوفى وإن وقع ما يستوجب به الحد في غير المكان الذي يليه الإمام.
والحدود يجب درؤها بالشبهات، فكل من فعل فعلاً يوجب الحد بشبهة دخلت عليه فيه - فلم يعلم أنه محرم وتلك الشبهة لها مساغ في نفي العلم بتحريمه - دريء عنه الحد، على أصل يحيى عليه السلام.
ومن أقام عليه الإمام الحد أو التعزيرفتلف فيه من أقيم عليه ذلك، فلا دية له ولا أرش، إلا أن يكون الإمام أخطأ في إقامة الحد أو التعزير، فتكون ديته على بيت مال المسلمين إن مات، أو أرشه إن لم يمت، ومن ارتكب في دار الحرب ما يجب فيه حدٌ من الحدود، لا يقام عليه الحد/380/.
قال القاسم عليه السلام فيمن سرق وقتل وشرب الخمر: يقام عليه حد السارق، وحد الشارب، ويقتل.(1/689)


ولا يجرد المحدود من جميع ثيابه، ويترك عليه ثوب واحد، ولا تُشد يده إلى عنقه، وتمد يداه عند الضرب، ويجب أن يكون السوط الذي يضرب به بين الدقيق والغليظ، وتضرب الأعضاء كلها إلا الوجه، ولا بد من الإيجاع البليغ على قدر الإحتمال، ويحفر للمرجوم إلى سرته، وللمرجومة إلى ثدييها، وتترك لهما أيديهما يتوقيان بهما.
وإذا كان الرجم قد ثبت بشهادة الشهود، وجب أن يكون أول من يَرْجُم الشهود، ثم الإمام، ثم سائر المسلمين، وإذا ثبت بالإقرار فأول من يرجم الإمام، ثم سائر المسلمين، ويرمي المرجوم جماعة يمضون الأول فالأول حتى يفرغوا منه، وحكا علي بن العباس إجماع أهل البيت عليهم السلام على أن من وجب عليه حد من الحدود بقذف أو غيره فالتجأ إلى الحرم لم يقم عليه فيه الحد إلى أن يخرج، فإذا خرج أقيم عليه الحد، وإن ارتكب ما يستوجب به الحد في الحرم، أقيم عليه الحد خارج مكة.
قال أبو العباس رحمه الله: الإمام يقيم الحد على ابنه إذا كان منه ما يستوجب به الحد، على أصل يحيى عليه السلام.
وحد الزنا والسرقة وشرب الخمر لا يسقط بالتوبة، على ظاهر إطلاق يحيى عليه السلام.(1/690)


باب حد السرقة وحكم السارق وما يتصل بذلك
حد السرقة القطع، عند حصول الشرائط في السارق والمسروق والمكان المسروق منه.
فأما ما يخص السارق، فهو أن يكون بالغاً عاقلاً، والنساء والمماليك كالرجال الأحرار في القطع سواء.
وما يخص المسروق، فهو أن يكون عشرة دراهم فما زاد أو ما يكون قيمته عشرة دراهم من جميع ما يملك، سوى ما نبينه مما لا يقطع فيه، وقد نص يحيى عليه السلام في تقدير عشرة دراهم على أنها عشرة وزن كل درهم منها ثمانية وأربعون حبة من الشعير، ولا فرق بين أن تكون العشرة مضروبة أو غير مضروبة على إطلاقه عليه السلام.
وما يخص المكان المسروق منه، فهو أن يكون حرزاً؛ لأن السارق من غير/381/ حرز لا قطع عليه، والحرز إما أن تكون البيوت أو المراحأو المربد المحظور عليه، نحو الحظائر من الجدر أو القصب أو الجريد، وما أشبه ذلك مما تغلق عليه الأبواب، ويَمنع الإنسان من الدخول، ويمنع الداخل من الخروج، والجوالقلا يكون حرزاً، وإذا كان الجوالق على البعير أو على الأرض، فمن شقه وأخرج منه المتاع فلا قطع عليه. وإذا سرق من بيت مبني ولا باب له، أو كان بابه مفتوحاً فأخرج منه ما سرق، وجب عليه القطع، ولاقطع على الخائن، ولا على المختلسوالطرار.
والكُمّ ليس بحرز، ولا قطع على من أدخل يده في كم إنسان فسرق منه شيئاً.
وإذا سرق باب دار، فلا قطع عليه، وإن سرق باب حجرة في دار فعليه القطع.(1/691)

138 / 168
ع
En
A+
A-