وإذا قامت الشهادة على امرأة بالزنا، فادعت الإستكراه ولم تقم البينة بالمطاوعة درئ عنها الحد.
ولو أن امرأة شهد عليها أربعة بالزنا، وأقيم عليها الحد، ثم نظرت إليها النساء، فشهدن بأنها عذراء أو رتقاء، لم يكن على الشهود ولا على الإمام شيء، وإن شهدن بذلك قبل إقامة الحد سقط عنها الحد.
ولو أن أربعة شهدوا على رجل بالزنا، فوجد أحدهم ذمياً أو أعمى أو مجنوناً درئ عنه الحد وعن الشهود جميعاً، فإن كان الإمام قد أقام الحد بشهادتهم ثم عرف ذلك، وجب عليه أن يخرج ما يلزمه فيه من دية أو أرش ضرب من بيت مال المسلمين.
ولو أن شهوداً شهدوا على رجل بالزنا وهو محصن في الظاهر، فرجمه الإمام، ثم علم أنه كان مجنوناً فعلى الإمام أن يؤدي ديته من بيت مال المسلمين، فإن كان سأل عن عقله فقامت البينة بذلك كانت الدية على الشهود الذي شهدوا بعقله، وإن وجده بعد الرجم مملوكاً كان عليه أن يؤدي قيمته من بيت المال/375/، وإن كان الشهود شهدوا بحريته كانت قيمته على الشهود لمولاه.
ومن زنا بنساء عدة ورفع إلى الإمام أقام عليه حداً واحداً، فإن عاود الزنا بعد الحد أعيد عليه الحد، وكذلك إن زنا بامرأة واحدة دفعات كثيرة، على أصل يحيى عليه السلام.
وإذا شهد أهل الذمة على ذمي بالزنا، أقيم عليه الحد، على أصل يحيى عليه السلام، فإن أسلم المشهود عليه قبل أن يقام عليه الحد لم يحد، على أصله (ع).(1/682)


باب حد القاذف
إذا قذف بالغٌ عاقلٌ مسلماً حراً بالغاً عاقلاً عفيفاً في الظاهر، كان المقذوف مخيراً بين العفو عنه وبين رفعه إلى الإمام، فإن رفعه سأله الإمام البينة على صحة ما قذفه به، فإن أتى بالبينة على ذلك أقيم على المقذوف حد مثله، وإن لم يقمها حُدَّ حَدَّ القاذف ثمانين جلدة، إن كان حراً، وإن كان عبداً فأربعين. قال القاسم عليه السلام: إذا ادعى القاذف بينة غيباً على صحة ما قذف به المقذوف، أنظر أجل مثله. وقال يحيى: يؤجل على قدر مجيء بينته، فإن جاء بها وإلا حُدَّ.
ولا فرق بين أن يكون القاذف والمقذوف ذكراً أو أنثى، في وجوب الحد وفي شرائطه، وإذا كان القاذف أحد الأربعة، وشهد ثلاثة معه بما قذف به من الزنا، صحت الشهادة وحُدَّ المقذوف.
والتعريض بالزنا لا يكون قذفاً، فأما الكناية عنه فإنها كالتصريح في أنها تكون قذفاً، على أصل يحيى عليه السلام.
وإن قال: يا فاسق، أو يا فاجر، سُئل عما أراد بهذا القول، فإن قال: أردت الزنا، كان قاذفاً، وإن قال: أردت غيره من ضروب الفسق، وجب فيه الأدب. فإن قال: يا فاعل بأمه، كان ذلك قذفاً، فإن قال: لست بابن فلان، يعني من هو مشهور النسب منه، وجب عليه الحد.(1/683)


ومن قذف عبدا أو أمة أو مُدَبَّراً أو مُدَبَّرة أو أم ولد أو صبياً أو صبية أو ذمياً أو ذمية لم يلزمه الحد، وكذلك إن قذف مجنوناً أو مجنونة، على قياس قول يحيى عليه السلام. وإذا قذف/376/ المكاتب، فإن لم يكن قد أدى شيئاً من مال الكتابة فحكمه حكم العبد، وإن كان قد أدى شيئاً منه لزمه الحد بقدر ما أدى، وإن كان مقذوفاً فإنه يحد له بمقدار ما أدى، على أصل يحيى عليه السلام.
والقاذف لا تقبل شهادته بعد أن يلزمه الحد أويحد، إلا أن يتوب من بعد قذفه، فإن تاب قبلت شهادته.
وإذا قذف رجل أباه أو أمه لزمه الحد.
وإذا قال رجل لعبده - وأُمُّهُ حرة وقد ماتت -: يا ابن الزانية، وجب عليه الحد لها، وكان أمرها إلى الإمام دون ابنها العبد.
وإذا قال رجل لابنه: يا ابن الزانية. وأمه حرة، فعليه الحد لها، فإن كانت قد ماتت كان المطالب به سائر أوليائها دون الابن، فإن لم يكن لها ولي سواه كان الأمر في ذلك إلى الإمام.
ولو أن مسلماً حراً قذف ذمياً فأسلم أو عبداً فأعتق أو صبياً فبلغ، لم يلزمه الحد لواحد منهم، ولو قذف عبد حراً ثم أعتق لزمه حد العبد أربعون.
ولو أن رجلاً قال لجماعة: يا بني الزواني. وجب عليه الحد لكل واحدة من أمهاتهم إن طالبن به، فإن كانت فيهن ميتة كانت المطالبة به إلى أوليائها. وحكا على بن العباس إجماع أهل البيت عليهم السلام على أن الحد لا يورث.
ولو قال رجل لجماعة: يا بني الزانية، وكانت أمهم واحدة لزمه الحد لها، وإن كانت أمهاتهم متفرقة فلا حد عليه.(1/684)


ولو قال رجل لرجل: يا ابن الزواني لزمه الحد لأمه، تطالبه به إن كانت حية أو وليها إن كانت ميتة، ويجب عليه الحد لجداته من قِبَل أمه تطالب به منهن من كانت حية، ومن كانت ميتة فلأوليائها المطالبة به إذا كانوا، وأمكن الحاكم تعرف حالهن في شرائط الإحصان يعني العفاف، على أصل يحيى عليه السلام.
ولو أن رجلاً قال لذمي أسلمت أمه: يا ابن الزانية، وجب لها عليه الحد، تطالبه به إن كانت حية، وإن كانت ميتة؛ فإن كان لها ولي مسلم طالب به، فإن لم يكن فالمطالبة به إلى إمام المسلمين دون الابن الذمي، على قياس قول يحيى عليه السلام.
ولو أن رجلا قال لامرأة: يا زانية. فقالت: زنيتُ بك. أو قالت امرأة لرجل: يا زاني. فقال/377/: زنيت بك. فلا حد على واحد منهما.
فإن قال لها: يا زانية. فقالت: زنيت بي. وجب على كل واحد منهما الحد. فإن قال لها: يا بنت الزانية. فقالت: زنتْ بك. وجب على كل واحد منهما حد لأم المرأة التي قذف الرجل أمها، ولم يجب عليها للرجل القاذف لأمها حد. فإن قالت المرأة له: يا ابن الزانية. فقال: صدقتِ. كانت المرأة قاذفة دون الرجل، فإن قال لها: صدقت إنها زانية، كانا جميعاً قاذفين.
ولو أن رجلاً قال لامرأته: يا بنت الزانيين. فقالت: إن كانا زانيين فأبواك زانيان. وجب على الرجل حدان لأبوي المرأة، ولا يجب على المرأة شيء.(1/685)


ولو أن رجلاً قال لعبد: من اشتراك زان. أو أم من اشتراك زانية، أو من باعك زان، أو أم من باعك زانية، وجب عليه الحد (للرجل المقذوف، وأمه إن كانت حرة وجب عليه الحد) لها، فإن قال: من يشتريك أو من يبيعك زان، أو: أم من يشتريك أو يبيعك زانية؛ لم يلزمه الحد. ولو قال رجل لابن أم ولد من سيدها: يا زاني. أو قال له: يا ابن الزانية؛ وجب عليه الحد للإبن إذا كان عاقلاً بالغاً، فأما الأم فإن كانت قد عتقت قبل القذف فعليه الحد لها، فإن كان الابن من غير سيدها فلا حد عليه للإبن ولا للأم، فإن كانت الأم قد عتقت لزمه الحد لها.
ولو قال رجل لرجل: يا زاني يابن الزانيين. وجب عليه ثلاثة حدود.
ولو قال رجل لابن ملاعنة: لست بابن فلان يعني الملاعن لأمه. وجب عليه الحد لأمه.
وإذا قذف العبد زوجته وهي حرة وجب اللعان بينهما، فإن نكل حد لها أربعين، وإن كانت مملوكة لم يحد لها، على أصل يحيى عليه السلام.
ولو أن رجلا قال لامرأته: لم أجدك عذراء. لم يلزمه الحد، فإن قرن ذلك بذكر الزنا وجب عليه الحد.
ولو أن رجلا قذف رجلاً وكرر عليه لفظ القذف مرات كثيرة لم يجب عليه إلا حد واحد، فإن أقيم على القاذف الحد فكرر عليه وهو فيما بين العقابين قبل إتمام الحد لم يلزمه إلا إتمام ذلك الحد الواحد، فإن قذف رجلاً آخر في ذلك/387/ الحد أقيم عليه حد آخر بعد الفراغ من الأول للمقذوف الثاني، فإن قذفه بعد إقامة الحد عليه ثانياً لزمه حد آخر.
ولو أن جارية كانت بين رجلين فوطئها أحدهما فقذفه قاذف لزمه الحد.(1/686)

137 / 168
ع
En
A+
A-