قال أبو العباس رحمه اللّه: إقرار الوكيل على الموكِّل جائز فيما هو وكيل فيه، فإذا أقر بأنه لا حق له قِبَل المدعى عليه لزمه ترك الخصومة، وثبت أنه لا دعوى له عليه.
وما لزم الوكيل لزم الموكِّل.
وقال رحمه اللّه: إذا عَدَّل الوكيل بينة الخصم، لزم الحكم بها على الموكل، وتوجه عليه بلزومه وكيله لتعديله إياها.
قال رحمه اللّه: ولو حط الوكيل بالبيع من الثمن شيئاً بعد قبضه لم يجز، وإن حطه قبل القبض لزم الوكيل، وسقط عن المشتري ما حطه، وليس للوكيل أن يطالبه، كما ليس لموكله ذلك، ويرجع الموكل على الوكيل به فيغرمه. قال: فإن صالح الوكيل الخصم على شيء لم يلزم الموكل.
قال: وإذا وكل رجل رجلاً ببيع أو شراء، فالقيام بالخصومة فيه وفيما يعرض من درك أو ظهور عيب إلى الوكيل دون الموكل، ولا يجوز للموكل أن يتولى شيئا من ذلك، ويوكل فيه وكيلاً آخر، على أصل يحيى عليه السلام.
قال: وإن رضي الوكيل بالشراء بالعيب في المبيع قبل قبضه لزم الموكل، وإن رضي به بعد القبض لم يلزمه، على أصل يحيى عليه السلام.
والوكالة بالخصومة في حق يدعيه الموكل يقتضي التوكيل بالقبض، إلا أن يستثنيه الموكل، وإذا خالف الوكيل الموكل بأن يكون قد أمره بشراء شيء فاشترى غيره، فإن أجازه الموكل جاز وكان المشترى له.(1/647)


وقال أبو العباس: ولو وكله بشراء شيء فاشتراه الوكيل لنفسه، لكان للموكل دونه، على أصل يحيى (ع)/356/. وإن وكله بنكاح امرأة، فتزوج بها الوكيل، صح نكاح الوكيل لنفسه. وإن وكله بشراء شيء بثمن مخصوص، نحو أن يوكله بأن يشتريه بدنانير فيشتريه بدراهم، أو يشتريه بالعروض فيشتريه بالدنانير، فإنه لا يلزم الموكِّل، على قياس قول يحيى عليه السلام، وقد ذكره أبو العباس، قال: فإن اشتراه بالثمن الذي قاله الموكل بغير دراهمه أو دنانيره كان للموكل.
وقال رحمه اللّه: ولو ادعى الوكيل حقاً على المدعى عليه، دعوى مطلقة، ولم يذكر في دعواه أنه يدعيه عن موكله لم يكن للمدعى عليه أن يحلف على أنه ليس عليه ذلك، تأولاً منه أن الحق عليه للموكل دون الوكيل، إذا علم أنه يقصد بدعواه أن عليه توفيته إياه لقيامه مقام الموكل فيه، وإن حلف حَنِث.
قال رحمه اللّه: وليس للموكل أن يعزل الوكيل المدعى عليه، إذا كان نصبه في وجه الخصم، ولا للوكيل أن يعتزل، فإن كان وكله لافي وجه الخصم، ولا لمطالبته إياه بذلك، فله أن يعزل، وللوكيل أن يعتزل، على أصل يحيى عليه السلام.
وإذا باع الوكيل بالبيع ما وُكِّل ببيعه بأقل من ثمن مثله فيما يتغابن الناس بمثله صح بيعه، وإن باعه بدون ثمن مثله مما لا يتغابن الناس بمثله لم يصح بيعه، على قياس قول يحيى عليه السلام، وإذا وكله بالبيع مطلقاً لم يجز أن يبيعه نسيئة على أصله.(1/648)


قال أبو العباس الحسني رحمه اللّه: إذا مات الوكيل بالبيع قبل استيفاء الثمن، فوصيه أو وارثه يقوم مقامه في استيفائه، وليس للموكل أن يقوم باستيفائه وإن كان الثمن له، إلا بأن يوكله وصي الوكيل أو وارثه.
وإذا وكل رجلٌ رجلاً بتزويج اخته أو غيرها ممن له عليها ولاية متى أرادت، فزوجها من رجل ثم طلقها ذلك الرجل، فأرادت منه أن يزوجها من غيره، جاز تزويجها مالم يصح العزل من الموكِّل أو الموكَّل أو الموت، على قياس قول يحيى عليه السلام.
ولو وكل رجل رجلاً بتطليق امرأة بعينها إذا تزوجها، لم يصح ذلك، على أصل يحيى عليه السلام.
ولو أن عبدا مأذوناً له في التجارة/357/ وكل رجلاً بأن يشتريه من مولاه فاشتراه وأعتقه، عتق العبد وكان ثمنه على الوكيل، ويرجع به على العبد، فإن أداه من مال كان في يد العبد قبل العتق غرمه لمولاه، ويرجع به على العبد، على مقتضى نص القاسمعليه السلام.
قال أبو العباس: وإذا وكل رجل رجلاً بأن يشتري له طعاماً، فاشترى له لحماً لم يجز ولم يلزم الموكِّل. قال: وإذا وكل رجل رجلاً بأن يشتري له عبداً أو جارية، فلا بد من أن يبين له الثمن أو الجنس، فإن لم يبين واحداً منهما لم تصح الوكالة. وقال: إذا وكل رجل رجلاً بشراء شيء فاشتراه ورآه ورضي به، لم يكن للموكل خيار الرؤية، على أصل يحيى عليه السلام.
وقال: ولو اشترى شيئاً ووكل آخر بقبضه أو بالرؤية، فالخيار فيه إلى الوكيل، على أصل يحيى عليه السلام.
وقال رحمه اللّه: إذا قال رجل لغيره: وكلتك في مالي، كان وكيلاً في حفظه، ولم يتملك به البيع والشراء وسائر التصرف.(1/649)


باب حكم الوكيلين إذا وُكلا في شيء واحد
إذا وُكل رجلان في شيء واحد، جاز لكل واحد منهما أن يتصرف فيه وحده، إلا أن يقول الموكل: قد وكلتكما على أن تجتمعا جميعاً على التصرف فيه، فإن لم يقل ذلك وكان التوكيل مبهماً جاز تصرف كل واحد منهما فيما وكله فيه من بيع وشراء ونحوهما دون الطلاق؛ فأما الطلاق فلا يجوز لكل واحد منهما - والوكالة مبهمة - أن يتصرف فيه من دون صاحبه، وحكم العتاق يجب أن يكون حكم الطلاق فيه (وحكم النكاح وطلب الشفعة حكم الشراء والبيع في ذلك)، على أصل يحيى عليه السلام.(1/650)


باب عزل الوكيل
للموكل أن يعزل وكيله، إلا في الموضع الذي ذكرناه من الخصومة، وإذا تصرف الوكيل فيما وكل فيه من بيع أوشراء أو قبض دين بعد أن عزله الموكل ولم يبلغه خبر عزله بعدما أمضاهوتصرف فيه جاز، فإن وكله بالطلاق فطلق بعدما عزل وقبل أن يبلغه/358/ خبر العزل لم يقع الطلاق، وكذلك التوكيل بالنكاح والخلع والصلح عن دم العمد، على قياس قول يحيى عليه السلام، فإن بلغ الوكيل خبر العزل من جهة رجلين أو رجل واحد قبل أن يتصرف فيما وكل فيه، فأمضاه ولم يقبل الخبر لم ينفذ ما فعله وكان مردوداً، وإذا مات الموكل بطلت الوكالة، على أصل يحيى عليه السلام.(1/651)

130 / 168
ع
En
A+
A-