باب ما لا يصح الإقرار به وما يصح
يصح إقرار الرجل بالولد والوالد والزوجية والولاء، وإقرار المرأة بكل ذلك جائز كما يجوز إقرار الرجل، ويصح إقرار المريض بالدَّين كما يصح إقرار الصحيح، ويصح إقراره وهو مريض للوارث كما يصح الإقرار للأجنبي. قال محمد بن يحيى رضي اللّه عنه: لو مات من مرضه وقد أقر به لوارث أو غيره لزمه ما أقر به، وإذا أقر بالدين لغرماء في حال الصحة ولآخرين في حال المرض، وجب أن يسوي بينهم ويتحاصون فيه، على ظاهر إطلاق يحيى عليه السلام.
وإقرار الوكيل على موكله فيما هو وكيله فيه جائز، على أصل يحيى عليه السلام.
ولا يجوز إقرار السبي بعضهم على بعض، ومن أقر لغيره بشيء فكذبه المقر له لم يصح إقراره، والمحجور عليه حجر الدين إذا أقر بشيء في يده للغير لم يصح إقراره، ومن حُجِر عليه للتبذير صح إقراره، ولو ادعى وكيل لموكله شيئاً لم يكن ذلك إقراراً به لموكله، على أصل يحيى عليه السلام.
وإذا ادعى ورثة المقر أنه أقر بالنسب لمن أقر به في حال المرض أو غيره توليجاً، فعليهم البينة، فإن أقاموها سمعت بينتهم وبطل الإقرار. قال محمد بن يحيى: إن اتهم المقر بالتوليج استحلف المقر له أن ما أقر له به هو حق واجب.(1/627)


قال أبو العباس رحمه اللّه: إذا كانت دار في يد رجل فادَّعاها رجل آخر فأقر بها من هي في يده لرجل حاضر، وقَبِل المقر له الإقرار، لم يكن على من في يده الدار يمين للمدعي، إلا أن يدعي على هذا المدعى عليه أنه قد استهلك عليه الدار بإقراره للغير، فتلزمه اليمين، فإن أقر هذا الذي في يده الدار للمدعي لها ثانياً بعد أن أقر بها للأول لم يغرم للثاني شيئاً، فإن أقر له بها وضم إلى إقراره أنه غصبه عليها وكانقد أجَّرها منه أو أعاره غرم قيمتها. قال: وسواء كان هناك مُدَّع آخر أو لم يكن، لا يمين على من هي في يده وقد أقر بها للغير.
وإذا أقر الرجل بأخ لم يثبت نسبه شاركه في نصيبه من الإرث إذا أنكره سائر الورثة. وإذا أقر بعض الورثة بدين على المورث فأنكره سائر/344/ الورثة لزمه من ذلك الدين في نصيبه من الإرث القدر الذي كان يخصه لو ثبت الدين بالبينة أو بإقرار جماعة الورثة، وإقرار العبد فيما يلزمه في بدنه من قصاص ونحوه جائز، وإقراره بما يلزم سيده فيه غرم لا يصح، وإن أقر بحق يلزمه في ذمته صح إقراره، ويطالب به إذا عتق، وإن أقر بشيء معين في يده أنه غصبه أو سرقه لم يصح إقراره، على قياس قول يحيى عليه السلام.
قال أبو العباس: ما يلزم العبيد في ذمتهم ويطالبون به إذا عتقوا يصح أن يدعى عليهم في حال الرق، وأن يحلفوا إذا أنكروا.
قال محمد بن يحيى: إذا أقر رجل لصغير بشيء فقبله عنه أبوه صح إقراره، وإن لم يقبله عنه كان الصبي إذا بلغ مخيراً بين القبول وبين الرد.(1/628)


قال رحمه اللّه: إذا أقر رجل بأن لرجل عليه ألف درهم من ثمن هذه الدار التي يلزمه تسليمها إليه، ثبت المال بإقراره، ولا يصدق فيما ادعاه من أنه من ثمن دار يلزم المقر له تسليمها إليه. قال السيد أبو طالب رحمه اللّه: الأولى أن تكون المسئلة محمولة على أن الإقرار مشروط بثمن دار يلزمه تسليمها إليه من غير تعيين الدار بالوجه الذي نبينه في (الشرح) .
ويصح إقرار الأخرس إذا فهم عنه بإشارته معنى الإقرار فيما يقر به، على أصل يحيى عليه السلام.
وإذا ولد لرجل مولود فأقر به لم يكن له نفيه بعد ذلك، وكذلك إذا سكت حين يولد، وإذا أقر بولد من أمة ألحق به وثبت نسبه منه.
ومن قال: لفلان علي كذا إن شاء فلان. فقال: قد شئيت، أو قال: إن جاء المطر وإن دخلت الدار، كان هذا الإقرار باطلاً، على أصل يحيى عليه السلام.
وإذا أقر رجل بمال مؤجل، فأنكر المقر له التأجيل ثبت المال حالاً، وعلى المقر البينة فيما يدعيه من التأجيل، فإن لم يكن له بينة كان له أن يستحلف المقر له فيما ادعاه عليه.
قال أبو العباس: إذا أقر رجل لرجل بدَيْن، ثم قال: هو زيوف. لم يُصَدَّق، ووجب عليه نقد جيد، فإن قال: غصبته زيوفاً أو هو وديعةعندي وهو زيوف، فالقول قوله.
وإذا أقر رجل بدار أو بستان لغيره ولم يحده، وعرف المقر له والشهود تلك الدار أو البستان صح الإقرار، على أصل يحيى عليه السلام/345/.
وإذا أقر رجل بأرض لرجل وفيها أشجار دخلت الأشجار في الإقرار.(1/629)


باب الألفاظ التي تكون إقراراً من جهة المعنى دون التصريح وما لا يكون إقراراً
وإذا ادعى رجل على غيره مالاً، فقال المدعى عليه: قد قبضتَه، كان ذلك إقراراً بالمال، وعليه البينة أنه قد قضاه، فإن قال: إن كان علي شيء فقد قبضته لم يكن إقراراً.
ولو أن امرأة قالت لرجل: طلقني أو طلقتني، كان هذا إقراراً منها بالنكاح، فإن قال لها الرجل: لم أطلقك أمس أو ما طلقتك. كان هذا إقراراً منه بالنكاح والطلاق، فإن ادعى رجل على آخر أنه عبده، فقال: اعتقنى، أو قال: لم تعتقني، أو قال: أليس قد اعتقتني بالأمس، كان هذا إقرارا من المدعى عليه بالرق.
ولو قيل لرجل: لم قتلت فلاناً؟ فقال: كان ذلك خطأ. كان ذلك إقراراً بالقتل، على أصل يحيى عليه السلام.
ولو أن رجلاً ادعى على رجل أنه أخذ منه مالا، فقال: أخذته بحكم الحاكم، كان ذلك إقراراً منه بالمال، وعليه البينة فيما ادعاه، على أصل يحيى عليه السلام. فإن قال: إن كنت أخذته فقد أخذته بحكم الحاكم لم يكن إقراراً، على أصل يحيى عليه السلام.
وإن ادعى عليه مالاً فقال: قد أنفقته على ما أمرت، كان إقراراً، وكذلك إذا قال رجل: اقضني ديني الذي عليك فهو كذا، فقال: اجلني فيه، أو ليس عندي، أو اعطيك غداً، أو اقعد لأزنه لك، أو أَحِلْ به على غرماك؛ كان هذا إقراراً، على أصل يحيى عليه السلام.
ولو قال عبد لمولاه: اعتقتني. فقال مولاه: اعتقتك على مال، كان ذلك إقراراً بالإعتاق والقول قول العبد مع يمينه في المال، على أصل يحيى عليه السلام.(1/630)


وإذا قال رجل: لفلان على ألف درهم، أو لفلان قبلي الف درهم، كان هذا إقراراً صحيحاً بالدين لا فرق بين اللفظين، على أصل يحيى عليه السلام.
ولو قال رجل لرجل: اعطني ثوب عبدي هذا، فقال: نعم، كان هذا إقراراً منه بالعبد له وبالثوب، وكذلك لو قال: إسرج دابتي هذه أو افتح باب داري هذه، فقال: نعم، كان هذا إقراراً منه، على أصل يحيى عليه السلام.(1/631)

126 / 168
ع
En
A+
A-