باب اختلاف البينتين وتزايدهما في أحد الجنبين
إذا ادعا رجلان كل واحد منهما داراً أو عرضاً من العروض، وأقام كل واحد منهما البينة على دعواه، فإن كان الشيء في يد أحدهما كانت البينة بينة الخارج، ولم تسمع بينة مَنِ الشيء في يده، وكذلك القول في الدعوى في النَّتَاج إذا كانت الدعوى في دابة أو نحوها في يد رجل فادعاها رجل أنها له وأقام من هي في يده البينة أنها له نتجت عنده، وأقام المدعي البينة أنها له كانت البينة بينة الخارج دون من هي في يده.
وإذا كان الشيء في يد رجلين فادعاه كل واحد منهما وأقاما البينة، قسم الشيء بينهما نصفين، فإن لم يكن لهما بينة حلف كل واحد منهما وقُسم الشيء بينهما نصفين، فإن ادعى أحدهما كله وادعى الآخر نصفه والشيء في أيديهما وأقام مدعي الكل البينة ولم يقم مدعي النصف حكم به لمدعي الكل، وإن/338/ أقام مدعي النصف البينة استحق النصف، فإن أقاما جميعاً البينة احتمل أن يقال على أصل يحيى عليه السلام: إن الكل يستحقه مدعي الكل ببينته، ولا شيء لمدعي النصف وتسقط بينته، ويحتمل أن يقال: إن مدعي النصف يكون له ربع الشيء، وقد ذكرنا وجه القولين في (الشرح) .(1/617)


فإن لم يكن الشيء في أيديهما وأقام مدعي الكل البينة دون الآخر، استحق الكل ببينته، فإن أقام مدعي النصف البينة دون صاحبه استحق النصف ببينته، وإن أقاما جميعاً البينة على دعواهما استحق مدعي الكل ثلاثة أرباعه ومدعي النصف ربعه، ويحلف كل واحد منهما على ما ادعاه إن طلب صاحبه يمينه، وإن لم يكن لهما بينة حلفا على ما يدعيانه، وقسم بينهما على ما ذكرناه، وإن امتنعا من اليمين قسم أيضاً بينهما، وإن حلف أحدهما وامتنع الآخر حكم للحالف بما ادعى.
قال أبو العباس رحمه اللّه: ولو أن رجلين كان في أيديهما شيء فادعاه رجل آخر وأقام البينة عليه، وأقاما جميعاً البينة على ما في أيديهما كان نصفه للخارج، ولكل واحد منهما ربعه، على أصل يحيى عليه السلام.
قال رحمه اللّه: إذا ادعا رجل على رجل شيئاً وأقام البينة على ذلك، لم يحكم به للمدعي حتى يثبت أن الشيء في يد المدعى عليه، وكذلك لو أقر المدعى عليه بما ادعاه لم يحكم له بإقراره حتى يثبت أنه في يده، وإذا كان شهود أحد الخصمين أكثر عدداً من شهود الآخر لم يؤثر ذلك في الحكم، فإذا أقام أحدهما أربعة من الشهود وأقام الآخر شاهدين كانا في الحكم سواء، وقسم الشيء بينهما نصفين، كما يقسم إذا كان لكل واحد منهما شاهدان.(1/618)


وإذا كان جدار بين دارين فادعاه كل واحد منهما، فأيهما أقام البينة على دعواه حكم له بالجدار، وإن أقاما جميعاً البينة كان الجدار بينهما، وإن لم يكن لهما بينة وكان وجه الجدار إلى أحدهما حكم له به. وإن كان لأحدهما خشب مركب فيه حكم له به، وإن كان لكل واحد منهما خشب مركب فيه كان بينهما نصفين، وإن لم يكن شيء من ذلك كان بينهما، وتحالفا إن طلب كل واحد منهما يمين الآخر.
ولو أن رجلاً اشترى من رجل/339/ شيئاً، فادعاه رجل آخر وأقام البينة عليه، وأقام الذي في يده الشيء البينة أنه اشتراه من فلان، وأقام البائع البينة أنه باعه وهو يملكه، فالبينة بينة من ادعاه، ويرجع المشتري على البائع بالثمن.
وإذا تنازع الرجل والمرأة أو ورثتهما في آلة البيت حكم للرجل بما يختص للرجال وللمرأة بما يختص للنساء، وقد أومى إليه القاسم عليه السلام في بعض مسائله، وهو الصحيح عندنا.
وإذا ادعى رجلان شيئاً في يد غيرهما، وأقام كل واحد منهما البينة على ما ادعاه، حكم لهما به نصفين، وإن ادعى رجلان داراً في يد رجل، وأقام أحدهما البينة أنها له وأنه اسكنها إياه عارية، وأقام الآخر البينة أنها له وأنه أجَّرها ممن هي في يده، كانت الدار بينهما نصفين، على أصل يحيى عليه السلام، فإن أقام أحدهما البينة أنها له وأن من هي في يده غصبه عليها، وأقام الآخر البينة أن من هي في يده أقر بأنها عارية في يده، حكم بها لمن أقام البينة أنها غصب دون الآخر.(1/619)


وإذا ادعى رجل على رجل أنه اشترى من رجل عبداً وأمة بألف درهم، وقال البائع: بعت العبد وحده بألف درهم. وهما في يد البائع، وأقاما جميعاً البينة، فالبينة بينة المشتري، على أصل يحيى عليه السلام، فإن اختلفت بينة الشراء وبينة الإرث كانت بينة الشراء أولى من بينة الإرث، على أصل يحيى عليه السلام.
وإذا ادعى رجل على رجل داراً أو غيرها أنه اشترى ذلك من أبيه وكان مالكاً لها وأقام البينة عليه (وأقام المدعى عليه البينة)أن أباه كان يملكه ومات وتركه ميراثاً، كانت بينة المشتري أولى، ويحكم بذلك لمن أقام البينة على الشراء.
وإذا مات رجل وخلف ابنين أحدهما مسلم والآخر كافر، وادعى كل واحد منهما أن أباه مات على دِيْنِه وأنه وارثه دون الآخر، وأقام كل واحد منهما البينة على دعواه، كانت البينة بينة من يشهد بإسلام الأب ويقضى بالإرث للمسلم منهما، على أصل يحيى عليه السلام.
وإذا مات رجل وعنده جارية، فادعت الجارية أنها حُرَّة في الأصل وأنها زوجته، وادعى ورثة الرجل أنها كانت مملوكة واعتقت، فالقول قول الجارية في الحرية، وعلى الورثة البينة، على أصل يحيى عليه السلام.
ولو أن صبياً/340/ ادعاه حُرّ وعبد أنه ولدهحكم به للحر دون العبد، وكذلك لو ادعاه مسلم وكافر حكم به للمسلم دون الكافر، فإن ادعاه مسلمان وأقاما جميعاً البينة على ذلك، حكم به لهما نصفين، على أصل يحيى عليه السلام.
وإن باع رجل جارية فولدت لأقل من ستة أشهر، فادعا البائع الولد، وأنكر المشتري أن يكون الحمل حصل عنده، فالقول قول البائع، وثبت نسبه منه، على أصل يحيى عليه السلام.(1/620)


ولو أن رجلاً ادعى داراً في يد رجل أنها له اشتراها من مالكها، وأقام البينة على ذلك، وأقام الذي الدار في يده البينة أن ذلك المالك أقر له بها قبل بيعه من هذا المدعي، كانت البينة بينة من الدار في يده يحكم له بها، على أصل يحيى عليه السلام.
وإذا كانت دار في يد رجل وادعاها رجل آخر، وأقام البينة أنها كانت لأبيه، وأنه مات وتركها ميراثاً له، وادعاها رجل آخر وأقام البينة أن أباه هذا تزوج عليها أمَّه وجعلها مهراً، وأن أمه فلانة ماتت وتركتها ميراثاً له، لا يعلمون أن لها وارثاً غيره، حكم بها لابن المرأة وكان أولى بها، على أصل يحيى عليه السلام.(1/621)

124 / 168
ع
En
A+
A-