باب الإستئذان
لا يجوز لأحد أن يدخل دار غيره إلا بعد الإستئذان، إلا الزوج فإنه يجوز أن يدخل على زوجته من دون استئذانها، على قياس قول يحيى عليه السلام.
والسنة في الإستئذان ثلاث مرات، وإذا استأذن فينبغي له أن يستأذن متنحياً عن الباب ولا ينظر مَنْ وَرَاءَهُ. ولا ينبغي للرجل أن يدخل على ذوات محارمه نحو ابنته وأمه وعمته وجدته وخالته إلا بعد الإستئذان، ويمنع الصبيان الذين لم يبلغوا الحلم والمماليك من دخول البيوت التي يكون فيها الرجل مع أهله في الأوقات الثلاثة المذكورة في القرآن.(1/607)


باب أقسام الدعاوى
الدعاوى إما أن تكون في حق من حقوق الآدميين محض. أو غير محض، كحد القذف. أو في حق من حقوق اللّه تعالى محض، والدعوى في حقوق الآدميين إما أن تكون في إثبات، أو في إسقاط. والحق الثابت إما أن يكون في الذمة، أو في حكم ما في الذمة، أو يكون قائماً بعينه، وما يكون قائماً بعينه؛ إما أن يكون في يد أحد المتداعيين، أو في أيديهما جميعاً، أو لا يكون في يد واحد منهما، والْمُدَّعى عليه إما أن تكون الدعوى في حق متعلق به فقط، أو في حق تعلق بغيره وانتقل إليه.(1/608)


باب ذكر من تجب عليه البينة ومن تلزمه اليمين عند الدعاوى وتمييز أحدهما من الآخر
البينة على المدعي، واليمين على المنكر في حقوق الآدميين كلها، سواء كانت الدعوى في حق في الذمة أو في شيء قائم بعينه/333/، وسواء كان إرثاً أو وصية أو شراء أو هبة أو صدقة أو إجارة أو رهناً، وسواء كان في يده أو مع غيره، أو لم يكن في يد أحد، وسواء كان نكاحاً أو طلاقاً أو حرية أو عتاقاً أو جراحاً أو قصاصاً أو نَسَباً، وكذلك من يدعي إسقاط حق ثابت في الظاهر عن نفسه.
قال أبو العباس رحمه اللّه: وسواء كانت الدعوىعلى والد أو ولد أو زوج، أو من عبد على سيده، وسواء كان الْمُدَّعِي أو المدَّعَى عليه مسلماً أو ذمياً أو حربياً، مستأمناً أو مرتداً أو مُدَبَّراً أو مكاتباً.(1/609)


باب تفاصيل الدعوى وأحكامها
وإذا ادعى رجل على رجل مالاً حالاً فأقر المدعى عليه بذلك المال مؤجلاً غير حال، ثبت المال عليه حالاً، وعلى المقر البينة فيما ادعاه من التأجيل، وعلى المدعي للمال اليمين في أنه غير مؤجل.
ولو أن رجلاً ادعى على زوجته أنه خالعها على عبد، وأنكرت المرأة ذلك، فهو إقرار من الزوج بالطلاق وعليه البينة فيما ادعاه من العبد، فإن لم تكن له بينة فعلى المرأة اليمين، فإن حلفت المرأة لم ينفسخ الطلاق، على أصل يحيى عليه السلام.
ولو أن رجلاً ادعى على عبده أنه أعتقه على مال معلوم وقد رضي به العبد، وأنكر العبد المال ثبت العتق، وعليه البينة فيما ادعاه من المال، وعلى العبد اليمين، على أصل يحيى عليه السلام.
وإن ادعى العبد على مولاه أنه أعتقه فأنكر مولاه فعلى العبد البينة وعلى المولى اليمين، وكذلك القول إذاادعى عليه أنه دبره أو كاتبه، فإن ادعى رجل على رجل آخر أنه مملوكه وهو غير معروف النسب فأنكر المدَّعَى عليه الرق، وذكر أنه حُرّ في الأصل ولم يجر عليه الرق، فالصحيح على أصل الهادي عليه السلام أن على المدَّعِي البينةُ وعلى المنكر اليمين.
وقال في رواية (المنتخب) : على المدعي البينة ولا يمين على المنكر. قال السيد أبو طالب: وهذا عند أصحابنا محمول على غلط قد وقع في النسخة أو على الراوي؛ لأن أصوله عليه السلام تمنع من ذلك.(1/610)


ومن ادعى على غيره حقاً من حقوق الآدميين من مال أو جراحة أو كفالة، وأقر المدعَى عليه بذلك، وادعى أنه أبرأه منه أو وفاه ذلك أو صالحه عليه ثبت الحق على المقر به، وعليه البينة فيما ادعى، وعلى المدعي للحق اليمين، على أصل يحيى عليه السلام/334/.
ولو أن رجلاً ادعى على رجل أنه دفع إليه دنانير ليشتري له بها شيئاً، فقال المدعَى عليه: دفعتَها إلي لأدفعها إلى فلان وقد دفعتها إليه. فالبينة على من أخذ الدنانير فيما ادعاه من أخذه لها على ذلك الوجه، واليمين على صاحب الدنانير الدافع لها، وإن أنكر الغير دفعه الدنانير إليه فعلى آخذ الدنانير البينة أيضاً، وعلى الْمُدَّعِي عليه أنه قبضها اليمين.
وإذا ادعى رجل على رجل مالاً فأقر المدعَى عليه ببعضه لزمه ما أقر به، وعلى المدعي البينة في الباقي، وعلى المدعى عليه اليمين.
ومن ادعى على غيره مالاً فقال المدعى عليه: ما له شيء عَلَيَّ ولا أعرف ما يقوله. فأتى المدعي بالبينة على دعواه، فحينئذ يأتي المدعى عليه بالبينة أنه قد وفاه ذلك المال أو أبراه منه، قُبلت البينة ولم يَقْدَح فيها إنكاره الأول.(1/611)

122 / 168
ع
En
A+
A-