والمفروض من غسل الجنابة:
النية، قال أبو العباس رحمه اللّه: تجب فيه النية كما تجب في الوضوء.
والمضمضة والاستنشاق.
وتخليل اللحية وشعر الرأس إن كانا.
وإيصال الماء إلى جميع البدن ظاهره وغامضه، ودَلْكُ ما يمكن دلكه.
ويجب على الجنب أن يبول قبل الاغتسال. قال أحمد بن يحيى رضى اللّه عنه في (المفرد) : إذا لم يخرج منه البول اغتسل وصلى. فالواجب على هذا القول أن يستقصي الجنبُ في استنزال بقية المني بأن يبول أويتعرض له ليصح غسله. قال أبو العباس رحمه اللّه : فإن بال ثم خرج منه شيء بعدُلم يلزمه الغسل إلا باستحداث شهوة.
وإذا أراد الجنب الإغتسال؛ بدأ بغسل يده اليمنى؛ يُفْرِغ عليها من الماء بالإناء إفراغاً حتى ينقيها، ثم يغسل يده اليسرى حتى ينقيها، يفرغ عليها بيده اليمنى، ثم يغسل فَرْجه حتى ينقيه، ثم يضرب بيده على الأرض حتى تحمل التراب، ثم يغسل به فَرْجه، ثم يضرب الأرض بها ضربة أخرى فيغسلها بما تحمل من التراب، ثم يغتسل ويتوضأ وضوء الصَّلاة، ثم يغرف على رأسه ثلاث غرفات، أو يصب على رأسه الماء صباً - إن كان الماء في كوز - حتى ينقي رأسه، ويدلكه بيده حتى يصل الماء إلى جميع بشرته، ثم يفيض الماء على جوانبه يميناً ويساراً، ويدلك جسده كله حتى ينقى.
ولا بد في الغسل عند القاسم ويحيى عليهما السلام من الدلك، ومن أصحابنا من ذهب إلى أن قوة جُرِيِّ الماء على البدن يقوم مقام/8/ الدَّلك، وقد نصّ القاسم ويحيى على خلافه. وروى يحيى عن جده القاسم أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم تنحى عن الموضع الذي أفاض الماء فيه على جسده ثم غسل رجليه .(1/57)


فإن أراد الصَّلاة استأنف لها الوضوء، والوضوء قبل الإغتسال مستحب، وبعده فرض على من أراد الصَّلاة.(1/58)


والمسنون من الغسل:
غسل يوم الجمعة. قال القاسم عليه السلام: من اغتسل يوم الجمعة لصلاة الفجر اكتفى به، وإن أحدث من بعده.
وغسل يوم العيدين.
وغسل الإحرام.
وغسل دخول الحرم.
والغسل من غَسل الميت.
والمرأة تنقض شعرها عند اغتسالها من الحيض، ولا تنقضه عند اغتسالها من الجنابة، وذلك على الإستحباب عند بعض أصحابنا، وظاهر كلام يحيى يقتضي الوجوب.
والحيض والجنابة يجزي عنهما غسل واحد.
قال أبو العباس : لايعتد الكافر بالإغتسال الذي فعله في حال الكفر إذا أسلم.
والجنب إذا أراد الأكل غسل يديه وفَرْجه وتمضمض، إستحباباً، وكذلك إن أراد أن ينام غسل فَرْجيه. وله أن يعاود أهله وعدةً منهن من غير أن يغتسل أو يتوضأ.
ولا يجوز للجنب أن يقرأ القرآن، ولا يمس المصحف، ولا يدخل المسجد. وكذلك المُحْدِث - يعني حدثاً صغيراً - لا يمس المصحف، رواه أحمد بن سَلاَّم عن القاسم عليه السلام، قال: ويجوز له أن يقرأ القرآن.(1/59)


باب الطهارة من النجس وذكر الأنجاس وما يتصل بذلك
ولا يزول حكم النجاسة عن الأبدان وغيرها بأن تغسل بسائر المائعات سوى الماء.
والنجاسة ضربان: نجاسة عينها مرئية، ونجاسة عينها غير مرئية، فإذا كانت عينها مرئية فتطهير موضعها هو بأن تُغْسل بالماء حتى تزول عينها، إلا أن تكون مما له لون يبقى أثره بعد الإستقصاء في غسله. وما كانت عينها غير مرئية فبأن تغسل ثلاثاً، على ما قاله أبو العباس الحسني وقرر المذهب فيه. قال القاسم عليه السلام في الآثار الباقية عن النجاسة بعد غسلها: لا بأس بها إذا غُسل الثوب فلم يذهب الأثر.
- وجلود الميتة نَجَسٌ لا تطهر بالدباغ، وكذلك عظمها وعصبها وقرنها، إلا أطراف/9/ القرون التي لا يؤلم الحيوان قطعها، فإنها غير نجسة، على قياس قولهما، وكذلك لا يستعمل عظم الفيل - على قياس المذهب - في الأدهان وغيرها إذا كان رطباً.
وشعر الميتة طاهر، وكذلك صوفها ووبرها. قال محمد بن يحيى رضي اللّه عنه: إذا كانت الميتة مما يؤكل لحمه. وإلى هذا كان يذهب أبو العباس، وكان يقول في شَعْر الإنسان: إنَّه نجس كشعر مالا يؤكل لحمه إذا مات، ولم يحصل المذهبُفيه تحصيلاً يعوَّل عليه، وهذا الفرق غير صحيح عندي على أصل يحيى عليه السلام، ولا ما قاله في شعر بني آدم، وسنبين الكلام في ذلك مذهباً وتعليلا في (شرح هذا الكتاب) بمشيئة اللّه.
- وشعر الخنزير نجس كنجاسته، واستعماله في الخرز حرام غير جائز.
- والكلب نجس. قال أبو العباس الحسني: يغسل الإناء من ولوغ الكلب والخنزير ثلاثاً.
- والكافر نجس، وإذا شرب من الماء كان سؤرهنجساً.(1/60)


- والخمر نجسة، وكذلك كل مسكر على مُوجب المذهب.
- والمني نجس، وكذلك المذي والوديعلى موجب المذهب، ولا يجزي في المني إلا الغَسْل، دون الفرك.
- والدم نجس. قال أبو العباس: إذا كان قدراً يسفح مثله، وحكاه عن القاسم عليه السلام.
قال أبو العباس: ونص - يعني القاسم - في الخنافس والجعلات والجراد والديدان على أنها لا ينجس دمها؛ لأنها لا تسفح، وقال: دخل في ذلك: الحيتان والذباب والضفادع والسرطان والعقارب وكل ما لادم له يسفح.
- وبول جميع مالا يؤكل لحمه نجس، وكذلك روثه. قال أبو العباس : أبوال الصبيان الذكور والإناث سواء في النجاسة أكلوا الطعام أم لا.
- ولبن الكافرة نجس. قال أبو العباس : لبن الميتة نجس ويوجب التحريم.
- والآدمي ينجس بالموت، على موجب قول القاسم عليه السلام.
قال أبو العباس: فإذا أصابت الأرض نجاسة لم تطهر بطلوع الشمس وهبوب الريح عليها، وإنما تطهر بغسلها بالماء، وكذلك الخفاف والنعال.
وإذا كان بالإنسان من سيلان الجرحوالبواسيرأو سلس البولمالم ينقطع، لم يلزمه تطهير ثوبه مما يصيبه منه لكل صلاة وفي كل وقت، ولا ينبغي أن يدعه حتى يصير كثيراً فاحشاً، بل يغسله على حسب الإمكان، وقَدَّر يحيى ذلك بثلاثة أيام، قال: وإن وجد ثوباً /10/ طاهراً يعزلهلصلاته عَزَلَه، فإذا فرغ من صلاته غسل ما أصابه منه.
ومن وطئ عذرة يابسة ولم يعبق بهمنها رائحة ولم يظهر لها أثر لم يجب عليه غسل رجله.
قال القاسم عليه السلام - فيما حكاه عنه علي بن العباس - : من مس كلباً جافاً لم يجب عليه غسل يده، فإن مسه رطباً فعليه غسلها.(1/61)

12 / 168
ع
En
A+
A-