باب الذبائح وشروطها
شرط الذبيحة الجائزة التي تحصل بها الذكاة: إسلام الذابح، ومعرفته بها، ويفري الأوداج، والتسمية إذا كان ذاكراً لها.
ولا بأس بأكل ذبيحة المرأة المسلمة إذا عرفت الذبح وفرت الأوداج، وكذلك الصبي إذا عرف ذلك وقوي عليه، ولا بأس بذبيحة الجنب والحائض، وتجوز ذبيحة الأخرس والعبد الآبق والأغلفإذا كان ترك الإختتان عذراً لا استحلالاً، وكذلك تجوز ذبيحة الفاسق إذا لم يبلغ فسقه الكفر.
ومن ذبح حيوانا إلى غير القبلة ناسياً أو جاهلاً جاز أكل ذبيحته، وإن تعمد الإنحراف عنها لم تؤكل ذبيحته.
ومن ذبح شيئاً من قفاه جاهلاً أكلت ذبيحته، فإن تعمد ذلك لم تؤكل ذبيحته. وقال في رواية (المنتخب) : من ذبح شيئاً من قفاه لم تؤكل ذبيحته؛ لأن السكين ربما لا يبلغ الأوداج حتى يموت.
ويجوز الذبح بالمروة والحجر الحاد إذا فرى الأوداج، وأنهر الدم وأبان العروق كما يفعل بالمدِّية، والحديدة أولى أن يذبح بها إذا وجدت، ولا يجوز الذبح بالشظاظوالظفر والعظم، ولا يجوز أيضاً بالسن، على قياس قول يحيى عليه السلام.(1/592)


ومن ذبح شيئاً فأبان رأسه حل أكله، وإذا امتنع جزور أو نحوه من الحيوان التيتذكى ولم يقدر صاحبه على أخذه فرماه بسهم أو ضربه بسيف أو طعنه برمح فأدماه وعقره حتى قتله وسمى حين فعل ذلك حل أكله، وإن فعله تمرداً من غير/325/ ضرورة وعَدَل عن المذبحوالمنحر لم يحل أكله. وإذا سقط بعير أو بقرة في بئر ولم يقدر على إخراجه حياً وجب أن يطلب المنحر والمذبح منهما فينحر أو يذبح إن أمكن ذلك، وإن لم يمكن طعن أو ضرب بالسيف حتى يقتل، ثم يخرج إربا إربا ويحل أكل ذلك.
وإذا ذبحت بهيمة وهي مريضة أو متردية أو نطيحة، فتحرك منها بعد الذبح ذَنَبٌ أو رأس أو عضو من أعضائها أو طرفت بعينها حل أكلها، وإن لم يتحرك منها شيء بعد ذبحها لم يحل أكلها.
والجنين إذا خرج من بطن أمه وقد ذكيت الأم، فإن كان حياً وذكى جاز أكله، وإن لم يكن حياً لم يحل أن يؤكل.
ومن سرق شاة فذبحها بغير إذن صاحبها لم يحل له أكلها، فإن راضا صاحبها بعد ذلك حل أكلها.
وتنحر البدنة وهي قائمة حيال القبلة، تضرب بالحديدة في لبتها حتى تُفْرَى أوداجها.
قال القاسم عليه السلام: وإذا عدى السبع على البقرة أو الشاة ولحق بها رمق ذكيت وحل أكلها، ولا يحل أكل ما أبان السبع منها ولا ما قطع من عضو.
قال القاسم عليه السلام: يجوز ذبيحة صاحب الجملةالذي ليس بمعاند. وقال القاسم عليه السلام: إذا كان في السوق قَصَّابون منهم من يقول بالتشبيه ومنهم من لا يُعْلَم قوله، ومنهم من يشتري من الظالم أغناماً، فلا يلزمه أن يفتش عن ذلك، وجاز الشراء إذا لم يعلم الحال، ولا يشتري ممن يعلم منه الفساد.(1/593)


ولو ذبح رجل ما ينحر أو نحر ما يذبح حل أكله، على قياس قول يحيى عليه السلام.
قال محمد بن يحيى عليه السلام: ولو قال رجل على ذبيحته: بالله، ولم يقل بسم اللّه جازت ذبيحته، وكذلك لو قال بسم الخالق الرازق، وما أشبه ذلك من أسماء اللّه سبحانه.(1/594)


باب الأضاحي
الأضحيةليست بواجبة، ويستحب لمن قدر عليها أن لايتركها، وأفضل الأضحية البدنة ثم البقرة ثم الشاة، وأسمنها أفضلها، وتَجْزِي الخصيان، وهي تستحب لِسِمَنِها، ولا يجزي من الإبل والبقر والمعز إلا الثَّني فصاعداً، ويجزي من الضأن الجذع، ولا تَجْزِي فيها/326/ عوراء أو عمياءولا جدعاولا مستأصلة القرن كسراً.
وروى زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي عليه السلام أنه قال: في الأضحية يجب أن تكون سليمة العينين والأذنين والقوائم لا شرقاء ولا خرقاء ولا مقابلة ولا مدابرة.
قال أبو العباس: الرجل والمرأة في الأضحية سواء.
ويستحب للمسافر أن يضحي كما يستحب للمقيم.
وقال: من أراد أن ينحر أو يذبح فليحد الشفرة من غير أن ينظر إليها ما يضحي، ثم يشد من البقرة والغنم ثلاث قوائم وليترك قائمة ترتكض بها.
قال رحمه اللّه: إذا فرغ الإمام من الصلاة فليضح بالجبانة، فهو السنة وليذبح أو ينحر بيده إن أمكنه فهو المستحب، وهكذا غيره.
قال: وخير الأضحية الكبش الأقرن. وتَجْزِي البدنة عن عشرة، والبقرة عن سبعة، والشاة عن ثلاثة إذا كانوا من أهل بيت واحد، والأولى في الشاة أن تكون عن واحد.
ومن ذبح قبل انصراف الإمام من الصلاة أو من ينوب منابه لم تجز ضحيته، فإن لم يكن في الزمان إمامٌ للمسلمين فمن صلى وحده صلاة العيد ضحى بعد فراغه من الصلاة.
وقال أبو العباس: الأضحية إذا صليت صلاة العيد فوقتها مرتب على الصلاة، وإذا لم تصل فوقتها من طلوع الفجر يوم العيد.(1/595)


والمضحي يأكل من أضحيته ما شاء، ويطعم من شاء، ويتصدق بما شاء، ويدخر كم شاء لأية مدة أراد. قال أبو العباس: وإن أطعم ثلثها، وتصدق بثلثها، وادخر ثلثها جاز، وتحصيل المذهب أنه غير مقدر، وعليه دل كلام القاسم في (مسائل النيروسي) .
وقال رحمه اللّه: لا يعطى الجازر عن أجرته جلدها، ولا من لحمها، ولا من أصوافها، ولاشيء منها، فإن انتفع المضحي بصوفها بعد التضحية جاز، وإن أهدى من لحمها إلى الأغنياء جاز، وإن أطعم بني هاشم جاز، على قياس قول يحيى عليه السلام.
ووقت الأضحية يوم النحر ويومان بعده، وإن ذبح بالليل في الأيام الثلاثة جاز، على قياس قول يحيى عليه السلام، ولا تَجْزِي ليلة اليوم الأول، وهي ليلة النحر، ولا ليلة اليوم الرابع.
ولا تَجْزِي في الأضحية بقر الوحش، ولا الظبي، ولا الوعل، وكذلك إن استأنست، فإن كانت أهلية في الأصل ثم استوحشت أجزت/327/، على قياس قول يحيى عليه السلام. فإن كانت الأم وحشية والفحل أهلياً لم تجز، وإن كانت الأم أهلية والفحل وحشي جاز، على أصل يحيى عليه السلام.
ولو أن رجلاً اشترى أضحية فماتت عنده أو سرقت لم يجب عليه بدلها، على أصل القاسم ويحيى عليهما السلام، فإن باعها وجب عليه أن يشتري مثلها، على أصل يحيى عليه السلام، وإن ولدت الأضحية فعلى صاحبها أن يذبحها، على أصل يحيىعليه السلام.(1/596)

119 / 168
ع
En
A+
A-