ومن لزمه الصيام في كفَّارة اليمين لتعذر الكفارات الثلاث عليه، فصام يوماً أو يومين ثم وجدها، وجب عليه أن يكفر بالإطعام أو الكسوة أو العتق وأن لا يعتد بصيامه، فإن وجد ذلك بعد فراغه من الصيام أجزاه، على أصل يحيى عليه السلام.
ومن كانت عليه يمينانوعنده من الطعام قدر كفَّارة واحدة، فإن/317/ أطعم ثم صام أجزاه، وإن صام أولاً ثم أطعم لم يجزه، على أصل يحيى عليه السلام.
ومن لزمته كفَّارة فأوصى بها وجب إخراجها من ثلثه، على قياس قول يحيى عليه السلام، ولا تَجْزِي الكفَّارة قبل الحِنْث، على أصل يحيى عليه السلام، ولا يجوز أن يخرج عنكفَّارة يمينه إلى من تلزمه نفقته، على قياس قول يحيى عليه السلام.(1/577)


باب كفَّارة القتل
من قتل مؤمناً خطأ أو ذمياً فعليه الكفَّارة، ومن قتل مؤمناً عمداً فعلى ظاهر إطلاق يحيى عليه السلام في (الأحكام) ليس عليه إلا القَوَد أو الدية دون الكفَّارة، وقال في (المنتخب) : تجب على العامد الكفَّارة كما تجب على الخاطئ. ولو اجتمع جماعة على قتل رجل خطأ وجب على كل واحد منهم كفَّارة.
والكفَّارة: عتق رقبة مؤمنة سليمة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين.(1/578)


باب النُّذُور
النذر هو أن يوجب الموجب على نفسه لله أمراً من الأمور بالقول أن يفعله أويكف عنه ولا يفعله ويتكلم به، فإن نواه ولم يتكلم به لم يكن نذراً ولم يتعلق به حكم.
والنذر: إما أن يكون مطلقاً أو معلقاً بشرط. فالمطلق، نحو أن يقول: لله عَلَيَّ أن أفعل كذا أو أن لا أفعل كذا. والمقيد نحو أن يقول: لله علي أن أصوم أو أتصدق بكذا إن فعلت كذا، أو إن لم أفعل كذا أو إن حدث كذا، أو إن لم يحدث كذا.
والمنذور على ما خرجه أبو العباس رحمه اللّه من أصول القاسم ويحيى عليهما السلام، إما أن يكون مما فيه قربة أو يكون مما لا قربة فيه كالمباح والمعصية، فإذا كان مما فيه قربة فالوفاء به واجب على حسب الإمكان، فإن لم يف به، فعليه كفَّارة يمين، وإن كان مما لا قربة فيه، فإن كان معصية فعليه أن لا يفعله ويأثم بفعله وتلزمه كفَّارة يمين، وإن كان مباحاً فله أن لا يفعله ولا كفَّارة عليه، وكذلك إن كان النذر مقيداً بشرط، فإن/318/ كان ما نذره فيه قربة وجب الوفاء به عند وجود الشرط، وإن كان مما لا قربة فيه لم يلزمه الوفاء به.
قال القاسم عليه السلام فيمن حلف فقال: ماله في سبيل اللّه إن لم يفعل كذا أو كذا، ثم لم يفعله: عليه أن يخرج ثلث ماله. وقال يحيى عليه السلام فيمن قال: جعلت مالي في سبيل اللّه: عليه أن يخرج ثلث ماله.
ولو أن رجلاً قال: لله علي ثلاثون نذراً أو أقل أو أكثر، ولم يسم شيئاً، وجب عليه أن يكفر عن كل نذر كفَّارة يمين، لما روي أنهمن نذر نذراً ولم يسمه فعليه كفَّارة يمين، ومنقال: لله علي نذر لزمه كفَّارة يمين.(1/579)


قال القاسم عليه السلام: ومن نذر فقال إن قدم فلان من غيبته أو صح من مرضه زينت المسجد أو أسرجته، فعليه الوفاء به.
قال القاسم عليه السلام: إذا قال الرجل لله علي ألف حَجَّة، أو هو محرم بألف حَجَّة لا شيء عليه؛ لأنه حمل على نفسهمالا تطيق.
قال أبو العباس: لو نذر فقال: لله علي أن أقتل فلاناً أو أشرب خمراً، فعليه أن لا يقتل فلاناً ولا يشرب وتلزمه الكفَّارة.
وقال رحمه اللّه: من قال: لله علي أن أكلم فلاناً أو أضربه أو أقتله ففعل ذلك به وهو ميت لم يبر وعليه الكفَّارة، وإنما يبر إذا فعل ذلك وهو حي، قال: وكذلك الوطئ. فإن قال: لله علي أن أغسله أو أمسه ففعل ذلك به وهو ميتاً فقد بَرَّ ولا كفَّارة عليه.
قال ولو قال: لله علي أن أغتسل أو أتوضأ أو آكل أو أشرب أو أضطجع. فلم يفعله فلا كفَّارة عليه.
قال السيد أبو طالب رحمه اللّه: ما ذكرهيجب أن يكون محمولاً على كلام ليس من قبيل المباح؛ لأن المباح لا يتعلق به النذر، وكذلك قوله في الوضوء يجب أن يكون محمولاً على الوضوء المباح الذي يفعل تبرداً ولا تتعلق به القربة.
ولو قال رجل: أنا أحرم أو أحج أو أمشي إلى بيت اللّه الحرام إن فعلت كذا، لم يكن نذراً ولم يلزمه شيء، فإن نوى به اليمين كان عليه ما نوى، على قياس قول يحيى عليه السلام.
ومن قال: لله علي المشي إلى بيت اللّه ونوى مسجداً بعينه من مساجد اللّه سوى الكعبة لم يلزمه شيء، على أصل يحيى عليه السلام.(1/580)


قال محمد بن يحيى عليهما السلام: لو نذر رجل نذراً/319/ بصدقة أو صيام في بلد معلوم أو وقت محدود، ثم عجز عن الوفاء بالصدقة أو الصيام في ذلك البلد وفي ذلك الوقت فصار إلى غير ذلك البلد، فإنه يجوز صدقته وصيامه حيث يكون.
قال أحمد بن يحيىعليه السلام فيمن حلف فقال: إن لم أفعل كذا فجميع ما يرثه من اخوته صدقة للمساكين. ثم أنه حَنِث بعد أن ورث منهم: فإنه يلزمه ذلك.(1/581)

116 / 168
ع
En
A+
A-