باب تفاصيل المسائل في الأيمان التي يتعلق بها الحِنْث وتجب فيها الكفَّارة أو يتعلق بها الطلاق والعتاق والتي لا يتعلق بها ذلك
لو أن رجلا حلف أن لا يشتري لحماً فاشْتُري له بأمره، فإن كان الحالف ممن لا يشتري اللحم بنفسه حَنِث، إلا أن يكون نوى ألا يشتري بنفسه، فإن نوى ذلك لم يحنث، وإن كان ممن يشتريه لنفسه لم يحنث، سواء اشتري له بأمره أو بغير أمره.
ولو أن رجلاً حلف ألا يشتري لأهله لحماً، وعنده شاة اشتراها قبل اليمين، فذبحها وأكَّل أهله منها، أو كان عنده لحم اشتراه قبل/310/ اليمين فأكلوا منه لم يحنث، إلا أن يكون نوى في يمينه أن لا يأكل لحماً، ومن حلف أن لا يأكل لحماً فأكل كبداً أو كرشاً أو لحم قُنْفُذ، لم يحنث إن كانت يمينه مبهمة، وإن نوى في يمينه أن لا يأكلها حَنِث.
ومن حلف أن لا يأتدم بإدام، فأكل الخبز بشواء أو دهن أو خل أو مرق أو جبن أو مصلأو ما أشبهها مما يؤكل به الخبز حَنِث، وإن أكله بالماء والملح لم يحنث.
ومن حلف أن لا يأكل من هذا اللبن شيئا فجُعِل شيرازاً أو إقطاً أو مصلاً أو جبناًفأكله حَنِث. وكذلك إن حلف أن لا يأكل هذا التمر أو من هذا التمر فصُير خلاً أو دبساً فأكل حَنِث، وإن حلف أن لا يأكل لبناً فجُعِل شيرازا أو مصلاً أو جبناً فأكل لم يحنث، وكذلك القول إن حلف أن لايأكل تمراً فأكل دبساً أو حلف أن لايأكل سمناً فأكل زبداً، ومن حلف أن لا يأكل التمر فأكل الرطب أو الزهوحَنِث، إلا أن يكون نوى في يمينه التمر اليانع اليابس فإنه لايحنث.(1/567)


ومن حلف أن لا يأكل اللحم فأكل الشحم حَنِث، إن كانت يمينه مبهمة، وإن كان استثنى الشحم بيمينه ونوى اللحم الخالص لم يحنث. ومن حلف أن لا يأكل الرؤوس فأكل روس الطير وما أشبهها لم يحنث، ومن حلف أن لا يأكل خبزاً فأكل فتوتاً حَنِث، فإن شرب سويقاً أو سفدقيقاً أو أكل عصيداً لم يحنث، ومن حلف أن لا يأكل الطعام فشرب من السويق ماله ثقل يغذو حَنِث، وإن شرب الجُلاَّبَ والسكنجبينأو نحوهما لم يحنث.
ومن حلف أن لا يأكل رمانة فأكل من واحدة نصفها، ومن أخرى ثلثها، ومن أخرى ربعها حَنِث، إلا أن يكون قد نوى رمانة بعينها، ومن حلف أن لا يأكل الفاكهة فأكل عنباً أو رماناً أو قثاء أو خياراً أو بطيخاً أو مشمشاً أو خوخاً أو لوبيا أو عَنَّاباً أو جوزاً أو لوزاً أو عنبروداً حَنِث، سواء أكل ما أكل من ذلك رَطْباً أو يابساً، وكذلك القول فيما أشبه ذلك مما يأتي من ذلك في الأوقات ويستظرفها الناس ويتفكهون بها، فإن أكل التمر والرطب والباقلاء لم يحنث، وإن أكل الفاينذوالسكر وكان الحالف من أهل اليمن حَنِث، فإنهما عندهم من الفواكه.
ومن حلف أن لا تلبس أهله حلياً/311/، فلبست الخاتم لم يحنث، وإن لبست الدر واللؤلؤ والزبرجد والياقوت وما أشبه ذلك حَنِث، وإن لبست الجزع وما يُعمل من القوارير والحجارة وما أشبه ذلك لم يحنث، إن كان الحالف من أهل المدن وإن كان من أهل البادية والسواد حَنِث؛ لأنهم يعدون ذلك من الحلي.(1/568)


ولو أن امرأة توجهت للخروج من دارها فحلف زوجها ألا تخرج، فرجعت فجلست ساعة، ثم خرجت فإن كانت عادة الرجل منعها من الخروج من الدار؛ فإذا خرجت حَنِث، وإن لم تكن عادته منعها من ذلك فإذا لم تخرج في حال اليمين ثم خرجت من بعد لم يحنث.
ولو أن رجلاً قال لامرأته وهي راكبة: أنت طالق إن ركبت هذا الدابة، فنزلت في الحال أو أخذت في أهبة النزول وتحركت لذلك ونزلت لم يحنث، وكذلك إن قال لها وهي لابسة ثوباً: أنت طالق إن لبست هذا الثوب وهي لابسة، وكذلك إن قال لها: إن سكنت هذه الدار وهي ساكنتها، أو قال لها: إن قعدت وهي قاعدة، أو إن قمت وهي قائمة.
ومن حلف أن لا يدخل هذه الدار، فدخلها بعد ما تهدمت وجعلت صحراء أو بستاناً أو مسجداً أو حماماً، فإن كانت يمينه مبهمة لم يحنث، وإن كان نوى العَرَصَةحَنِث.
وإن حلف أن لا يساكن أهله في هذه الدار فدخلها ليلاً أو نهاراً فأكل فيها وشرب وجامع وعمل غير ذلك مما يعمله الزائر ثم خرج لم يحنث، وإن قامفيها بالليل والنهار حَنِث.
ومن حلف أن لا يلبس هذا الثوب فباعه، واشترى بثمنه ثوباً آخر أو غزلاً فنسج منه ثوبا ولبسه، لم يحنث، إلا أن يكون قد نوى في يمينه أن لا ينتفع منه بشيء. ومن حلف أن لا يلبس ثيابه وكانت له أثواب عدة فلبس بعضها حَنِث. وكذلك إن كان له عشر جواري فحلف ألا يطأهن جميعاً، فوطئ واحدة منهن حَنِث.(1/569)


وإن حلف أن لا تلبس امرأته هذين الخلخالين فلبست أحدهما حَنِث، فإن كان نوى في يمينه أن لا يلبس الثياب بأجمعها أو لا يطأ الجواري كلهن أولا تلبس المرأة الخلخالين جميعاً، فلبس بعض الثياب، أو وطئ بعض الجواري لم يحنث، على قياس قول يحيى عليه السلام.
وإن حلف أن لا يلبس ثوبه غيره، فسرقه سارق ولبسه، فإن كان نوى ألا/312/ يلبسه غيره باختياره وإذنه لم يحنث، وإن نوى أن لا يلبسه غيره مطلقاً حَنِث. ومن حلف أن لا يفارق غريمه حتى يأخذ منه حقه، ففر غريمه، أو قام هو لحاجة، وكان نوى أن لا يزايله ويراصده حَنِث. قال السيد أبو طالب رحمه اللّه: يجوز أن يحمل ما قاله عليه السلام على أنه أخل بمراصدة غريمه وقَصَّر فيها.
وإن حلف أن لا يفارقه حتى يأخذ منه حقه، وكان الحق عيناً، وأخذ منه بقيمتها عرضاً لم يحنث، وإن أخذ رهناً أو ضماناً لم يحنث. قال السيد أبو طالب رحمه اللّه: ما ذكره عليه السلام من أخذ الضمان أوالرهن محمول عند بعض أصحابنا على أن يكون قد نوى أنه يأخذ حقه أو ما ينوب مناب أخذه من الوثيقة، وظاهر كلامه يقتضي خلاف هذا التأويل، وسنبين وجه القولين في (شرح هذا الكتاب) بمشيئة اللّه.
ومن حلف أن يقبض من غريمه ماله عليه في هذا اليوم، وكان له عليه ألف درهم فأعطاه ألف درهم وفيها زيوف أو مزبقة لم يحنث، وإن أعطاه حديداً أو رصاصاً حَنِث. ومن حلف أن يبيع عبده أو جاريته فأعتقها أو كاتبهما حَنِث.(1/570)


ولو أن رجلاً قال لامرأته: أنت طالق إن ابتدأتك بكلام. وقالت المرأة: جاريتي حرة إن ابتدأتك بكلام. فقال لها الرجل: لا جزيت خيراً لِمَ فعلتِ كذا، ثم كلم كل واحد منهما صاحبه لم يحنث واحد منهما، فإن كانت المرأة قالت: جاريتي حرة إن ابتدأت زوجي بكلام - غير مخاطبة له ولا مقبلة عليه -، وخاطبها الزوج بقوله: لا جزاك اللّه خيراً؛ طلقت، فإن لم يبتدئها بكلام بعد يمين كل واحد منهما؛ لكن هي التي ابتدأته عتقت جاريتها، فإن كلمها الرجل بعد ذلك لم تطلق.
ولو أن رجلا قال لآخر: والله لا كلمتك يوماً، والله لا كلمتك يومين، والله لا كلمتك ثلاثة أيام، كانت يميناً واحدة وتتعلق بثلاثة أيام إذا كانت يمينه مبهمة، فإن كان نوى ستة أيام تعلقت بستة أيام.
وإذا حلف الرجل أن لا يبيع ولا يشتري، ثم اشترى وباع بيعاً فاسداً تصح فيه الهبة والعتق حَنِث، وإذا حلف أن لا يتزوج فتزوج تزويجاً فاسداً لم يحنث. ومن حلف أن يأتي فلاناً وقت العشاء فأتاه تلك الليلة قبل طلوع الفجر لم يحنث/313/ إن كانت يمينه مبهمة، وإن كان نوى وقتاً بعينه من أوقات العشاء كان على ما نوى. فإن حلف أن يأتيه على رأس الشهر أو رأس السنة فأتاه أول ليلة من الشهر الداخل أو من السنة الداخلة قبل طلوع الفجر لم يحنث، وإن أتاه بعد طلوع الفجر حَنِث. ومن قال: والله لا أكلم زيداً، ونوى مدة بعينها نحو شهر أو سنة كانت له نيته، وكذلك لو قال: والله لا آكل طعاماً، ونوى طعاماً بعينه كانت له نيته، على قياس قول يحيى عليه السلام.(1/571)

114 / 168
ع
En
A+
A-