قال محمد بن يحيى رضي اللّه عنه: لو أن مشركاً دخل بلد الإسلام بأمان، فاشترى عبداً فأعتقه ثم أنه أسلم بعد ذلك فولاؤه له.
كتاب الأيمان والنذور والكفارات(1/562)


باب أنواع اليمين
الأيمان ثلاث: لغو، وغموس، ومعقودة على ما يصح فيه البِرُّ والْحَنْثُ.
واللغو، نحو أن يحلف الحالف على أمر ماضٍ أنه كان أو لم يكن وهو يظن أنه صادق فيه، ولا يعلم حقيقته ويكون كاذباً، فهذه لغوٌ ولا كفَّارة فيها، وكذلك إن حلف على الحال من حيث ظن ذلك ولم يعلمه.
والغموس، أن يحلف على أمر ماضٍ كاذباً، وهو يعلم أنه كاذب فيقصد الكذب، فهذه غموس، وكفارتها التوبة فقط/308/، دون كفَّارة الحِنْث.
والمعقودة، التي يتعلق بها الْحِنْثُوالبِرُّ، وذلك أن يحلف على أمر مستقبل أن يفعله أو لا يفعله، فإن بَرَّ لم يلزمه شيء، وإن حَنِث فعليه الكفَّارة، وكذلك إن حلف أن يفعله غيره أو لا يفعله أو يحدِث أمراً أو لا يحدث، فإن وافق يمينه ما حلف عليه فقد بر، وإن خالف فقد حَنِث.(1/563)


باب ذكر ألفاظ اليمين التي يتعلق بها الحِنْث والألفاظ التي لا يتعلق بها ذلك
لفظ اليمين التي يتعلق بها الحِنْث وتجب فيها الكفَّارة، أن يقول الحالف: والله لأفعلن كذا، أو لا فعلت كذا، أو بالله، أو تالله، أو بحق ربي، أو وحق ربي. أو يقول: علي عهد اللّه وميثاقه، أو يقول: وأيم اللّه، أو هيم اللّه، أو أقسم بالله، فكل هذا الألفاظ تتعلق بها الكفَّارة عند الحِنْث.
قال أبو العباس رحمه اللّه: إذا حلف بصفات اللّه الراجعة إلى ذاته كان ذلك يميناً، نحو أن يقول: وقدرة اللّه، أو وعظمة اللّه، أو وكبريائه، أو وعلمه، أو وجلاله. قال: وكذلك لو قال: وذمة اللّه، وهي بمعنى عهد اللّه، وكذلك إذا قال: وأمانة اللّه أو وجه اللّه؛ كان ذلك يميناً، فإن قال: أقسم لأفعلن كذا سئل عن يمينه، فإن أراد به أقسم بالله كان يميناً وتلزمه الكفَّارة أو حَنِث، وإن نوى أنه يقسم بغير اللّه لم يلزمه شيء ولم يكن يميناً، وكذلك إن لم ينو شيئاً، على قياس قول يحيى عليه السلام.
ولو حلف ببيت اللّه أو بقبر رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم أو بحق نبيء من أنبياء اللّه لم يكن ذلك يميناً، ويستحب لمن حلف بذلك الوفاء به، إلا أن يرى غيره خيراً منه.
قال القاسم عليه السلام: لو حلف بالبراءة من الإسلام أو بالقرآن أو بالبيت الحرام لم يكن يميناً، وكذلك إن قال لنفسه: عليه لعنه اللّه، أو أخزاه اللّه إن فعل كذا، أو إن لم يفعل كذا لم يكن يميناً، ولو قال: هو بريء من اللّه والله منه بريء، فليس عليه إلا الإستغفار.(1/564)


قال أبو العباس: لو حلف برحمة اللّه أو بنعمة اللّه أو رضاه لم يكن ذلك يميناً، وكذلك لو قال: هو كافر، أو يهودي، أو بريء من شرائع الإسلام، لم يكن يميناً، قد نص عليه زيد بن علي عليه السلام/309/، وهو قياس قول يحيى عليه السلام.
قال محمد بن يحيى عليه السلام: لو قال: والذي احتجب بسبع سموات، لم تلزمه الكفَّارة.
ولو أن رجلاً قال: علي يمين في كذا أن أفعلهأو لا أفعله، أو حلفت في كذا ولم يكن حلف لم يكن ذلك يميناً ولم يلزمه به الحِنْث، وإنما يكون كاذباً.
قال محمد بن يحيى عليه السلام: إذا قال رجل: علي أكبر الأيمان، فإنه يكون يميناً بالله - يعني إذا قصد اليمين بالله سبحانه - وتلزمه الكفَّارة إذا حَنِث.
ومن حلف على شيء ثم استثنى، فإن كان استثناؤه إستثناء مقروناً متصلاً بكلامه صح الإستثناء وله ما استثنى، وإن كان استثنى بعد انقضاء كلامه لزمته اليمين، ولم يكن للاستثناء حكم.(1/565)


باب ما يحمل عليه لفظ اليمين
من حلف على شيء من الأشياء أنه يفعله أولا يفعله، فالحالف إما أن يكون له نية في ذلك المسمى حتى يكون قاصداً له بالاسم أو لا يكون له نية فيه، ولكن يكون مقتصراً على تعليق اليمين بالاسم فقط، فإن كانت له نية فيه وكان ذلك الاسم محتملا للمعنى الذي نواه حقيقة أو مجازاً، وجب أن تحمل يمينه على ما نواه، فإن كان الإسم لا يحتمله حقيقة ولا مجازاً فنيته لا تعمل فيه، ويكون حكمه حكم ما تجرَّد عن النية. وإذا تجرد اللفظ عن النية، فإن كان ذلك اللفظ يفيد معنى من المعاني عُرْفاً من جهة اللغة التي يتكلم بها الحالف حمل على ما يقتضيه العرف، وإن لم يكن له عُرف حُمِل على ما يقتضيه صريح اللغة.
وإذا حلف رجل لرجل على حق يلزمه كانت النية نية المحلِّف، وإن حلف على ما لا يلزمه كانت النية نية الحالف.(1/566)

113 / 168
ع
En
A+
A-