ولو أن رجلاً استعار من رجل شيئاً ورهنه من غير إذن المعير، فتلف أو نقص، قُضِيَ للمعير على المستعير بقيمة ما تلف أو نقص، وكذلك الحكم فيه إن استعاره ثم باعه وتلف عند المشتري، ولو أن رجلاً دفع إلى رجل ثوباً فقال: ارهنه عند فلان على عشرة دراهم تأخذها منه، فمضى إليه على وجه الرسالة، فأخذها منه ورهن الثوب عنده فتلف الثوب عند المرتهن أو لم يتلف كانت المعاملة بين صاحب الثوب الذي هو المرسل وبين المرتهن دون الرسول، إذا أقر صاحب الثوب بأنه كان رسولاً، فإن كان الرسول أخذ منه العشرة ورهن الثوب عليها لا على وجه الرسالة كانت المعاملة بين المرتهن وبين الرسول، ويطالب صاحب الثوب الرسول بما يجب عليه في ذلك.
ولو أن رجلاً رهن رجلاً جارية فزادت قيمتها عند المرتهن وتلفت، قُوِّمت عليه بقيمتها يوم ماتت، وإن نقصت لمرض أو غيره كانت المحاسبة بينهما على قدر قيمتها يوم ماتت.
ولو أن رجلاً رهن رجلاً شيئاً على أن يقرضه مالاً، فهلك عند المرتهن قبل إقباضه المال لم يكن رهناً ولا يضمن المرتهن قيمته.(1/517)
باب اختلاف الراهن والمرتهن
إذا تلف الرهن واختلف الراهن والمرتهن في قيمته، فقال الراهن: كانت قيمته ألفاً. وقال المرتهن: كانت قيمته خمسمائة، فالبينة/282/ على الراهن، واليمين على المرتهن.
فإن قال المرتهن: ارتهنتُه على عشرين ديناراً، وقال الراهن: ارتهنتُه على خمسة عشر ديناراً، كانت البينة على المرتهن واليمين على الراهن.
وإذا رهن رجل رجلاً شيئاً فظهر بالرهن عيب، فادعى كل واحد منهما أن العيب حدث عند صاحبه وأنكر الآخر، فإن كان الرهن قائماً بعينه، فالبينة على الراهن واليمين على المرتهن، وإن كان الرهن قد تلف كانت البينة على المرتهن واليمين على الراهن.
وإذا ادعى المرتهن أنه قد رد الرهن على الراهن فأنكره الراهن، فالبينة على المرتهن واليمين على الراهن.
وإذا رهن رجل عند رجل ثوباً فأخرج المرتهن إليه ثوباً آخر، وقال هذا رهنك فأنكره الراهن، فالبينة على المرتهن واليمين على الراهن، وإذا ادعا الراهن عليه ثوباً آخر غيره، فالبينة على الراهن واليمين على المرتهن.(1/518)
باب معنى العارية وما يجوز إعارته ومالا يجوز وحكم الرجوع فيها
العارية: إباحة المنافع على أصل يحيى عليه السلام، وجميع ما يملكه الإنسان فإنه يجوز له أن يعيره غيره من دار وفرس وثياب وعبد وجارية، إلا أن الجارية المستعارة لا يجوز للمستعير أن يطأها ويجوز أن يستخدمها.
ولو أن رجلاً استعار من رجل حائطاً ليبني عليه بناء أو يضع عليه خشباً، فأعاره وبنى عليه المستعير، كان للمعير أن يطالبه بتفريغ حائطه ورفع ما وضع عليه وبناه، سواء كان أعاره مطلقاً أو مؤقتاً، وسواء كان الوقت حل أو لم يحل؛ إلا أنه إن طالبه بذلك - وقد أعاره مؤجلاً - بعد حلول الأجل لم يلزمه شيء، وإن طالبه به قبل الأجل أو كان أعاره مطلقاً وطالبه بتفريغه، لزمه قيمة ما غرم المستعير في بنائه.(1/519)
باب ضمان العارية
العارية لا تضمن إلا بوجهين، أحدهما: أن يشترط المعير على المستعير الضمان إن تلفت أو نقصت. والثاني: أن يتعدى فيها.
ولو أن رجلاً استعار/283/ دابة على أن يركبها إلى موضع، فركبها إلى أبعد منه، أو استعارها ليحمل عليها شيئاً فحمل ما هو أثقل منه، فتلفت ضمنها. وكذلك إن استعار ثوباً على أن يلبسه في البلد، فسافر به فتلف، ضمنه، فإن استعار دابة على أن يركبها فأعارها غيره ضمن.
ولو أن رجلاً استعار من رجل شيئاً فرهنه بإذن صاحبه، فتلف ضمن للمعير قيمته.
قال السيد أبو طالب رحمه اللّه: لو رهن المستعير العارية رهناً فاسداً بإذن المعير ثم تلفت عند المرتهن لم يضمن الراهن؛ لأن المرتهن لا يكون ضامناً، وليس من المستعير التعدي، والمستعير إذا استهلك العارية على أي وجه استهلكها ضمن.
وإذا استعار رجل من رجل شيئاً فأعطاه عليه رهناً، فقبضه كان ذلك تضميناً، فإن تلف ضمنه، فإذا رد المستعير العارية إلى صاحبها مع مملوكه أو خادمه فتلفت العارية في الطريق، لم يضمنها المستعير، فإن ردها مع أجنبي فتلفت ضمنها، فإن تلفت بجناية من الحامل ضمنها الحامل.
قال أبو العباس رحمه اللّه: إذا استعار رجل من رجل دراهم أو دنانير فأعاره فهي قرض.(1/520)
باب اختلاف المعير والمستعير
إذا اختلف المعير والمستعير في قيمة العارية التي لزم المستعير ضمانها، فالقول قول المستعير مع يمينه والبينة على المعير، على أصل يحيى عليه السلام.
وإن اختلفا في رد العارية، فقال المستعير للمعير: قد رددتُ. وقال المعير: لم ترد. فالقول قول المعير مع يمينه، والبينة على المستعير، على أصل يحيى عليه السلام.
فإن اختلفا في الموضع الذي استعار إليه ليركبه أو ليحمل عليه، فالقول قول المستعير مع يمينه، والبينة على المعير، على قياس قول يحيى عليه السلام.(1/521)