وقال: إذا كان حائط بين دارين ولكل واحد من ربي الدارين فيه جذوع فانهدم، وأراد أحدهما قِسْمَة عَرَصَته فليس له ذلك إلا برضاء صاحبه. قال: وإن كان الحمل لأحدهما دون الآخر فأراد القسمة، أجبر الذي لا حمل له عليه على القسمة، فإن رامها من لا حمل له عليها لم يقسم إلا برضى من له الحمل.
قال رحمه اللّه: وإذا كان حائط بين دارين وتداعياه وعليه جذوعهما فهو بينهما، سواء كان لأحدهما جذع وللآخر جذعان أو ثلاثة أو أكثر، على أصل يحيى عليه السلام، كما قد نص في دار تكون في يد رجلين أنها تكون بينهما نصفين.
قال رحمه اللّه: وإذا كان حائط بين رجلين لم يكن لأحدهما أن يحمل عليه إلا بإذن صاحبه أو على مهاياة بينهما. قال: ولو كان الحمل لأحدهما قديماً، وصح أن للآخر فيه نصيباً ببيع من الأول أو إقرار، كان للآخر منعه منه.
قال رحمه اللّه: وإذا كانت سكة مستوية فأراد واحد من أهلها فتح باب إليها من حائط له ليتطرق منه إلى منزله فله ذلك. وإن كانت السكة متعرجة وأراد تحويل باب من المتعرج إلى المستوي، فله ذلك. وإن أراد تحويل باب من المستوي إلى المتعرج، فليس له ذلك. قال: وهذا كله في السكة إذا كانت غير نافذة، فأما السكة النافذة فله فتحه فيها في أي موضع شاء. وإن كان بابه إلى سكة وأراد أن يفتح من حائطه باباً إلى سكة أخرى، فإن كانت السكة نافذة جاز ذلك وإن لم تكن نافذة لم يجز.(1/497)


قال رحمه اللّه: وإذا كان حائطٌ بين دارين وهو مبني على تربيع، فإن كان متصلا بتربيع بنا أحدهما فهو لصاحب التربيع، وإن كان لايتصل بتربيع وهو مبني على الإستواء لم يحكم به لأحدهما، وإن كان على تربيع وعليه لهما جذوع فهو بينهما.
قال أبو العباس/270/: إذا كان لرجل نهر ولرجل آخر أرض أو دار بجنبه، وبينهما حافة فالحافة لصاحب النهر دون صاحب الأرض والدار.
وإذا كان لجماعة من الناس مزارع ونخيل بعضها أسفل من بعض، قضى لصاحب الأعلى أن يمسك الماء إلى الشراكينللزرع، وإلى الكعبين للنخيل ثم يرسل الماء إلى من هو أسفل منه، وكذلك يفعل من هو أسفل منه حتى ينتهي الماء إلى آخر الضياع، إن كان كثيراً، أو يقصر عن الأسفلين إن كان قليلاً، والأعلا فالأعلا أولى بالماء إذا كان قليلاً.
قال محمد بن يحيى رضي اللّه عنه: لو أن رجلاً له أرض مَرْزَة يجري منها الماء إلى أرض أسفل منها، فإذا بلغ إليها أفسد زرعه، فإن أراد الأسفل منعه من إرساله إلى أسفل - إن كان الماء عند شرب الأعلا لا بد له من نفوذه إلى أسفل وهو طريقه ومسلكه - فليس على صاحب الأعلا أن يلزم الماء، وليس لصاحب الأسفل منعه، وإن لم يكن ذلك طريقاً للماء كان له منعه.(1/498)


وقال رضي اللّه عنه: لو أن رجلاً كانت له أرض على نهر بينه وبين غيره، ثم اشترى أرضاً ليس ماؤها من هذا النهر فأراد أن يسقيها منه، إن كان هذا النهر يسقي كل واحدة من أرضيهما وقتاً معلوماً يوماً أو ليلة، فلصاحب يومه أو ليلته أن يسقي في نوبته ما أحب، وإن لم يكن لها سهام معلومة كان الأول يسقي زرعه ثم يجري الماء إلى الثاني والثالث، وليس له أن يصرف الماء عن جاره.(1/499)


باب القسمة وبيان معناها
قال أبو العباس رحمه اللّه: القسمة نوعان: أحدهما ما لا يُقْسَم بعض المقسوم في بعض. والثاني: ما يقسم بعضه في بعض. فالأول، كالدور والأرضين، قال السيد أبو طالب رحمه اللّه: الدور والأرضون إذا دعت الضرورة إلى قسمة بعضها في بعض، بأن يكون في القسمة على غير هذا الوجه ضرر؛ يقسم بعضها في بعض، على أصل يحيى عليه السلام، وقد نص عليه في (المنتخب) . والثاني/271/ كالمكيل والموزون.
ومالا يقسم بعضه في بعض، فقسمته تكون في معنى البيع، وإن فارقه في بعض الوجوه، وما يقسم بعضه في بعض، فقسمته لا تجري مجرى البيع، وإنما تجري مجرى إقرار الحق واستيفائه.(1/500)


باب وجوب القسمة وما يصح منها ومالا يصح
إذا مات ميت وخَلَّفَ مالاً وورثة كباراً وصغاراً، وطلب الكبار الحاضرون قسمته فللحاكم أن يقسم ذلك بينهم، ويستحب إحضار الغُيَّب، فإن لم يفعل جاز، وإذا وقعت القسمة صحيحة عادلة لم يكن للغائب إذا حضر ولا للصبي إذا بلغ سبيل إلى نقضها، وإن وقعت غير عادلة استؤنفت القسمة على الصحة والتعديل، فإن اختلفوا في ذلك، كانت البينة على من يدعي فسادها ووقوع الغلط فيها. ولا فصل في وجوب القسمة - إذا طلبها الشركاء أو بعضهم - بين الذهب والفضة، وبين العقار والرقيق، ولا فصل بين أن يكون فيهم غُيَّب أو صغار، وبين أن يكونوا كلهم بالغين حاضرين، على أصل يحيى عليه السلام وظاهر نصه.
قال أبو العباس: إن اسْتُحِقَّ من بعض الأنصباء المقسومة شيء، رجع بهمن اسْتُحِق عليه على شركائه، وإذا قُسِمَت بين رجلين أرض فيها بئر، فوقعت البئر في نصيب أحدهما، فليس لشريكه الذي وقعت البئر في نصيبه أن يمنعه من الإنتفاع بالبئر والوصول إليها للإستقاء وغير ذلك، فإن كان دخوله أرضه للوصول إلى البئر يضره لزرع زرعه في أرضه أو لغير ذلك، بطلت القسمة وأعيدت على وجه لا يعود بالضرر، وللبئر حريمها.
قال أبو العباس رحمه اللّه: وإذا قُسِمَت دار بين رجلين على وجه لا يكون لأحدهما طريق، أو لا يكون له مسيل ماء في نصيبه، فالقسمة لا تصح ويجب إعادتها، على أصل يحيى عليه السلام، إلا أن يقع التراضي بينهما بذلك.(1/501)

100 / 168
ع
En
A+
A-