باب القول فيما ينبغي أن يفعله المفرد والقارن والمتمتع
مسألة: يستحب للحاج والمعتمر إذا انتهى إلى الحرم أن يغتسل.
مسألة قال: والمفرد للحج إذا دخل مكة إن شاء طاف وسعى قبل الخروج إلى منى وإن شاء ترك ذلك حتى يرجع فإن أحب الطواف دخل المسجد متطهراً وإن اغتسل كان أولى ثم ابتدأ الطواف من الحجر الأسود حتى يأتي باب الكعبة ثم يأتي الحجر ثم يأتي الركن اليماني ثم يعود إلى الحجر فيفعل ذلك حتى يطوف سبعاً يرمل في ثلاثة ويمشي في الأربعة الباقية ويستلم الأركان كلها وما لم يقدر عليه منها أشار بيده إليه.
مسألة قال: ويقول عند استلامه ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ويسبح الله ويهلله ويصلي علي النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الطواف فإذا فرغ منه صلى ركعتين وراء مقام إبراهيم صلى الله عليه وآله وسلم وقرأ في الأولى بالحمد وقل يا أيها الكافرون وفي الثانية بالحمد وقل هو الله أحد وإن شاء قرأ في الأولى بقل هو الله أحد وفي الثانية بقل يا أيها الكافرون أو بغيرهما من مفصل السور.
مسألة قال: ثم ينهض ويستقبل الكعبة و يدعو بما أحب ثم يدخل زمزم إن أحب ويشرب من مائها.(1/76)
مسألة قال: ثم يخرج إلى الصفا فإذا استوى على الصفا فليستقبل الكعبة بوجهه ويدعو بما حضره ويسبح ويهلل ويصلي على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم ينزل من الصفا ويمضي حتى إذا حاذى الميل الأخضر المعلق في الجدار هرول حتى يحاذي الميل المنصوب في أول السراجين ثم يمضي حتى ينتهي إلى المروة ثم يصعد عليها حتى تواجهه الكعبة ثم يدعو بمثل ما دعا به على الصفا ويسبح ويهلل وكذلك يفعل في سعيه بين الصفا والمروة حتى يسعى سبعة أشواط ثم ينحدر عنها ويعود إلى الصفا ثم يعود إلى المروة حتى يسعى سبعة أشواط ثم ينصرف من المروة.
مسألة قال: ولا يزال ملبياً إلى أول ما يرمي جمرة العقبة وكذلك القارن لا يزال ملبياً إلى ذلك الوقت.
مسألة قال: والقارن إذا دخل مكة فعل ما يفعله المفرد وطاف وسعى على ما وصفناه ونوى في طوافه وسعيه أنه لعمرته فإن أحب تعجيل طواف حجته عاد أيضاً إلى الكعبة فطاف بها وإلى الصفا والمروة فسعى بينهما على ما بينا ونوى أنهما لحجته.
مسألة قال: وإن أحب المفرد تأخير طوافه وسعيه والقارن تأخير طوافه وسعيه إلى أن ينصرفا من منى جاز ذلك.
مسألة قال: والمتمتع يفعل ما يفعله الحاج المفرد والقارن عند دخول الحرم والمسجد إلا أنه يقطع التلبية إذا نظر إلى الكعبة ثم يطوف بها سبعاً ويسعى بين الصفا والمروة سبعاً على ما ذكرنا ويكون ذلك الطواف والسعي لعمرته ثم يقصر من شعر رأسه ولا يحلقه وقد حل له كل شيء حرم عليه بالإحرام من النساء والطيب والثياب.(1/77)
مسألة قال: فإذا كان يوم التروية فليهل بالحج من المسجد الحرام وليفعل ما فعله في ابتداء إحرامه ويقول اللهم إني أريد الحج فيسره لي وينوي أن إحرامه هذا لحجته ثم ينهض ملبياً ويسير إلى منى ويستحب له أن يصلي بها الظهر والعصر يوم التروية والمغرب والعشاء ليلة عرفة وصلاة الفجر يوم عرفة وأما الإمام فينبغي له أن لا يترك ذلك وكذا القول في المفرد والقارن ويستحب لهم إن أتوا منى في أخر ليلة عرفة أن يغرسوا بها ساعة ويصلوا الصبح ثم يسيروا إلى عرفة.
مسألة قال: ثم يتوجه إلى عرفة متمتعاً كان أو مفرداً أو قارناً فإذا انتهى إليها نزل وأقام حتى يصلي الظهر والعصر بها إن شاء وإن شاء صلى الظهر وارتحل إلى الموقف وعرفة كلها موقف ما خلا بطن عرنة ويستحب أن يدنو من موقف النبي صلى الله عليه وآله وسلم بين الجبال فإذا وقف ذكر الله كثيراً وسبحه وهلله وصلى على رسوله صلى الله عليه وآله وسلم ودعا لنفسه وللمؤمنين والمؤمنات إلى أن تجب الشمس.(1/78)
مسألة قال: فإذا وجبت الشمس أفاض ملبياً نحو مزدلفة بالسكينة والوقار والذكر والاستغفار. ولا يصلي المغرب ولا العتمة حتى يرد مزدلفة ثم يجمع بها بينهما بأذان واحد وإقامتين ثم يقف بها حتى يطلع الفجر. فإذا صلى الفجر مضى ووقف عند المشعر الحرام ساعة وذكر ودعا الله سبحانه وسبحه وصلى على نبيه صلى الله عليه وآله وسلم ثم يفيض راجعاً إلي منى بالخشوع والوقار والقراءة والتهليل ويستحب له الإسراع في السير إذا انتهى إلى وادي محسر حتى يتجاوزه فإذا انتهى إلى منى حط بها رحله ثم أتى جمرة العقبة فيرمها بسبع حصاة يهلل ويكبر ويقطع التلبية مع أول حصاة يرمها.
مسألة قال: ثم يعود إلى رحله ثم ينحر أو يذبح ما يريد نحره أو ذبحه والقارن ينحر ما كان ساقه والمتمتع عليه أن يريق دماً بدنة أو بقرة أو شاة.
مسألة قال: ثم يأكلان بعضه ويطعمان بعضه ويتصدقان ببعضه على المساكين وأولى المساكين من قرب من منزله ورحله.
مسألة قال: ثم يحلق رأسه أو يقصر وقد حل له كل شيء حرم عليه بالإحرام من الطيب والثياب وغيرهما إلا النساء.
مسألة قال: ثم يرجع إلى مكة يومه أو أي يوم شاء من أيام منى ثم يدخل المسجد ويطوف المتمتع ويسعى لحجته وكذلك القارن والمفرد إن لم يكونا طافا و سعيا ثم يطوف طواف الزيارة بعد ذلك كله مفرداً كان أو قارناً أو متمتعاً وهو الطواف الفرضي ولا يرمل فيه ثم قد حل له النساء
مسألة قال: وإذا خرج إلى مكة قبل النفر الأول فليعد منها إلى منى في يومه إن دخلها نهاراً أو ليلته إن دخلها ليلاً وإن دخلها ليلاً وأصبح بها أو دخلها نهاراً وأمسى بها وجب عليه دم.(1/79)
مسألة قال: فإذا عاد إلى منى نهض في غد يوم النحر متطهراً بعد زوال الشمس ويحمل معه إحدى وعشرين حصاة حتى يأتي الجمرة التي في وسط منى وهي أقرب إلى مسجد الخيف فيرمها بسبع حصاة من بطن الوادي يهلل ويكبر مع كل حصاة ثم يأتي الجمرة التي يليها فيرمها كذلك بسبع حصاة ثم يأتي جمرة العقبة فيرمها كذلك بسبع حصاة ثم ينصرف إلى رحله بمنى ثم إذا كان من الغد أتى الجمرات بعد زوال الشمس ورماها بإحدى وعشرين حصاة كما فعل في اليوم الأول.
مسألة قال: ثم إن أحب الرجوع إلى مكة في هذا اليوم نفر ورجع إليها بعد زوال الشمس وبعد الرمي. وقال القاسم عليه السلام ويترك باقي الحصا وهو أحد وعشرون حصاة لأن الحصا كلها سبعون حصاة وإن أحب النفر في الخروج الثاني أقام إلى الغد فإذا ارتفع النهار أتى الجمرات ورماها بباقي الحصا كما رماها في الأول والثاني وعاد إلى مكة.
مسألة قال: ثم أقام بها يعني مكة ما أقام فإذا أراد الرحيل أتى الكعبة وطاف بها طواف الوداع.
مسألة قال: ويستحب للحاج أن يأخذ حصى الرمي من مزدلفة وأن يغسلها وإن أخذها من بعض جبال منى وأوديتها أجزأه ولا بأس بالرمي راكباً ويفرق بين الحصا في الرمي فإن نسي ورماها مجتمعه أعاد. ولا يجوز الرمي قبل طلوع الفجر إلا للنساء لضعفهن. ويستحب أن يكون الرمي على الظهر. قال القاسم عليه السلام والمريض الذي لا يستطيع الرمي يرمى عنه و يهريق دماً ورمي الماشي أفضل.
مسألة قال: وأفضل الحج الإفراد لمن حج ولمن لم يحج.
مسألة قال: والمعتمر يفعل ما يفعله المتمتع في عمرته من الإحرام والتلبية وقطعها والطواف والسعي وغيرها.(1/80)