باب القول في كيفية وجوب الحج وذكر فروضه
مسألة: يجب الحج على كل بالغ حر مسلم استطاع إليه سبيلا. والاستطاعة هي الزاد والراحلة والأمان على النفس.
مسألة: ولا يجوز تأخير الحج لمن وجب عليه إلا لعذر مانع.
مسألة قال: ولو أن صبياً بلغ أو عبداً عتق أو ذمياً أسلم ليلة عرفة وأمكنه أن يحرم تلك الليلة بمكة في مسجدها ثم يلحق بالحاج فعل ذلك إن كان بمكة أحرم فيها وإن كان في بعض جهات المواقيت أحرم من موضعه وكذلك إن كان بمنى أو عرفات رجع إلى مكة إن كان أمكنه ذلك فإن لم يمكنه أحرم من موضعه وكذلك لو كان ذلك يوم عرفة أو ليلة النحر أجزأهم بعد أن يلحقوا الموقف قبل طلوع الفجر من يوم النحر على ما نبينه في موضعه فإذا أحرم هؤلاء ثم لحقوا الموقف فقد أدركوا الحج. واستحب لهم الرجوع إلى مكة من منى وعرفات وابتداء الإحرام منها لتكون الحجة مكية فإنها أقل ما جرت به السنة لأهل الأمصار وهي حجة المتمتع فإن تعذر ذلك أجزى الإحرام من سائر المواضع بعد أن يلحقوا الموقف.
مسألة قال: القاسم عليه السلام فرض الحج زائل عن الشيخ الكبير والعجوز اللذين لا يثبتان على الدابة والراحلة فلا يقدر أن يسافر بهما في محمل لأنهما للحج غير مستطيعين فإن حجا عن أنفسهما أو حج عنهما أحد فحسن.
مسألة قال: وفروض الحج التي لا بدل لها الإحرام والوقوف بعرفة وطواف الزيارة.
مسألة: وأشار القاسم عليه السلام إلى وجوب الوقوف بالمشعر الحرام وإلى أن العمرة غير واجبة.(1/71)


باب القول في الدخول في الحج والعمرة
مسألة: لا ينبغي للحاج أن يهل بالحج في غير أشهره. وأشهره شوال وذو القعدة والعشر الأول من ذي الحجة ومن أهل بالحج في غير هذه الأشهر فقد أخطأ ولزمه ما دخل فيه.
مسألة قال: والمواقيت التي وقتها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خمسة وهي مواقيت لأهل الأفاق. وقت لأهل المدينة ذا الحليفة. ولأهل الشام الجحفة. ولأهل العراق ذات عرق. ولأهل نجد قرناً. ولأهل اليمن يلملم. فهذه مواقيت لأهلهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ومن كان منزله أقرب إلى مكة من هذه المواقيت أحرم من منزله.
مسألة قال: ومن جاز هذه المواقيت من غير أن يحرم منها وجب عليه أن يرجع إليها ويحرم منها فإن لم يمكنه الرجوع إليها لعذر قاطع أحرم وراءها قبل أن ينتهي إلى الحرم. ويستحب له أن يهريق دماً لمجاوزة الميقات غير محرم.
مسألة قال: ومن انتهى إلى بعض هذه المواقيت وأراد الإحرام اغتسل. قال القاسم عليه السلام والغسل سنة ولو كان جنباً أو محدثاً فلم يجد الماء أجزأه تيمم واحد لصلاته وإحرامه ثم يلبس ثوبيه رداء و مئزراً والمرأة تلبس القميص والسراويل والمقنعة.(1/72)


مسألة: فإن كان وقت صلاة فريضة صلاها ثم قال اللهم إني أريد الحج إن كان مفرداً. وإن كان معتمراً قال اللهم إني أريد العمرة. وإن كان قارناً قال اللهم إني أريد الحج والعمرة. ولا يجوز القران إلا أن يسوق بدنه من موضع الإحرام يجب أن ينيخها في الميقات ثم يغتسل ويلبس ثوبي إحرامه ثم يشعرها شق في شق سنامها الأيمن حتى يدميها ويقلدها فرد نعل ويجللها ثم يصلي الفريضة إن كان في وقتها وإن كان في غير وقت فريضة صلى ركعتين للإحرام ثم يقول اللهم إني أريد الحج والعمرة معاً.
مسألة قال: ثم يقول الحاج والمعتمر بعدذكر ما أراد الدخول فيه واستحضاره النية فيسره لي وتقبل مني ومحلي حيث حبستني أحرم لك بكذا وكذا ثم يسمي حجته أو عمرته أو هما جميعاً شعري وبشري ولحمي ودمي وما أقلته الأرض مني.
مسألة قال: ثم يقول لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبيك ذا المعارج لبيك لبيك بكذا وكذا ويذكر ما دخل فيه لبيك ثم يسير ويسبح في طريقه ويهلل ويكبر ويقرأ ويستغفر فإذا استوى بظهر البيداء ابتدأ التلبية وليرفع صوته بالتلبية رفعاً متوسطاً وكلما علا نشزاً كبر وكلما انحدر لبى ولايغفل التلبية الفينة بعد الفينة.
مسألة قال: ولو أن امرأة أحرمت بغير إذن زوجها بعد حجة الإسلام فهو في أمرها بالخيار إن أحب أن تمضي بها حتى تقضي ما أوجبته على نفسها فعل وإن أحب أن يمنعها من ذلك وينقض إحرامها إن كان لا يقدر على الذهاب بها نقضه وبعث عنها ببدنه فتنحر عنها و يعتزلها إلى اليوم الذي أمر بنحرها فيه.(1/73)


مسألة قال: فإن كان إحرامها بحجة الإسلام فلا ينبغي له أن يمنعها إلا لعلة قاطعة لها أو لمن يكون محرماً لها من ولد أو غيره فإنه يمنعها ويهدي عنها.
مسألة قال: وأما العبد والأمة فمتى أحرما بغير إذن سيدهما فله أن يحل إحرامهما وينقضه ولا يجب عليه لهما هدي ومتى عتقا أهديا ما عليهما من الهدي ومضيا لما كان أوجبا على أنفسهما من حجهما.
مسألة قال: ولو أن رجلاً أراد الحج فغلط ولبى بعمرة لم يلزمه ما لفظ به ووجب عليه أن يعود ويلبي بما نوى من حجته وكذلك لو أراد التمتع بالعمرة إلى الحج فغلط ولبى بالحج لم يلزمه ما لفظ به مخطئاً ولزمه ما عقد عليه من العمرة وكذلك لو أهل بحجتين ناسياً وكانت نيته حجة واحدة لم يلزمه غير ما نوى من الحجة الواحدة.
مسألة قال: ولو أنه أهل بحجتين معاً ذاكراً لهما وعقد عليهما كان عليه أن يمضي في إحداهما ويرفض الثانية إلى السنة المقبلة ووجب عليه لرفضها دم وعليه إن نوى ما كان رفضه في السنة المقبلة. وكذلك لو أهل بعمرتين معاً وعقد عليهما لزمه المضي في أحدهما ورفض الأخرى ووجب عليه لرفضها دم وقضى التي رفضها.
مسألة قال: القاسم عليه السلام في الأخرس الذي لا يقدر على التلبية أنه لا يجب أن يلبى عنه.
مسألة قال: والعمرة تكون للشهر الذي عقدت فيه دون الشهر الذي يحل منها فيه فلو اعتمر رجل من بعض البلدان في شهر رمضان ودخل مكة في شوال فطاف وسعى وحل وأقام بها إلى وقت الحج لم يكن متمتعاً وكذلك إن أعتمر بعد تلك العمرة فإن أراد الحج كان حكمه حكم أهل مكة ولم يجب عليه دم.(1/74)


مسألة قال: فإن خرج هذا الرجل إلى ميقات بلده فجاوزه ثم عاد محرماً بعمرة أو عاد وأحرم بها بمكة أو فيما بين ذلك صار من المتمتعين ولزمه الدم.
مسألة قال: ومن جهل فأهل بعمرة وهو محرم بحجة رفض العمرة وقضاها بعد الحج وعليه لرفضها دم.
مسألة قال: ومن كان عليه قضاء عمرة رفضها لم يجز له قضاؤها حتى تمضي أيام التشريق وكذلك من أراد أن يتطوع فلا يتطوع بها حتى تمضي هذه الأيام.(1/75)

15 / 20
ع
En
A+
A-