باب القول في أحكام الأرضين
مسألة: اعلم ان أحكامها تختلف فمنها ارض افتتحها المسلمون عنوه فاقتسموها بينهم فهي لهم ملك ولا يلزمهم فيها إلا العشر. وأرض اسلم عليها أهلها طوعاً فليس عليهم فيها إلا العشر. وارض أحياها رجل مسلم فهي له ولا يلزمه أيضاً إلا العشر.
مسألة قال: وارض اجلي عنها أهلها من غير ان يوجف عليهم بخيل ولا ركاب فهي لإمام المسلمين ولا يلزمه فيها إلا العشر.
مسألة قال: وارض افتتحها المسلمون وتركوها في أيدي الذين كانت لهم من قبل وضربوا عليها خراجاً أو عوملوا على شيء بعينه من النصف أو الثلث أو اقل أو اكثر فهي ارض خراج يؤخذ ذلك منهم.
مسألة قال: وارض صالح عليها أهلها وهم في منعة فيؤخذ منهم ما صَالحوا عليه فما اخذ من هذين الصنفين من الأرض فهو فئ يرد إلى بيت مال المسلمين ولا يجري مجرى الصدقات بل يحل لمن لا يحل له الزكوات فان اسلم أهلها بعد ذلك أو صارت الأرض في أيدي المسلمين لزم فيها العشر مع الخراج.
مسألة قال: وأيما ارض أحياها رجل مسلم فهي له ولورثته من بعده ما لم يكن ملكها أحد قبله.(1/51)


باب القول في زكاة أموال التجارة وما كان في حكمها
مسألة: كل مال للتجارة إذا بلغت قيمته النصاب وحال عليه الحول وجب فيه ربع عشر قيمته ثياباً كانت الأموال أو ماشية أو مأكولاً أو غير ذلك.
مسألة قال: وأيما رجل اتخذ دوراً أو حوانيت ليسكنها ويتجر فيها فليس عليه في قيمة شيء منها زكوة وكذلك ان اتخذ عبيداً ليستخدمهم في التجارة أو غيرها أو ماشية يركبها أو يحمل عليها أموال تجارته أو غيرها فلا زكوة في قيمة شيء منها.
مسألة قال: فان اتخذ الدور والحوانيت وكذلك العبيد والماشية ليستغلها أو ليتجر فيها نفسها لزمت الزكوة في قيمتها.
مسألة قال: ولو ان رجلا اجتمع عنده من صوف أغنامه ووبر أنعامه وما أشبه ذلك من الألبان والأدهان ما يزيد قيمته على النصاب لم يلزم فيه الزكوة إلا ان يعاوض بها غيرها متجراً فيجب الزكوة حينئذٍ في قيمة ما يأخذه عوضاً لو حال عليه الحول.(1/52)


باب القول فيما يؤخذ من تجار أهل الذمة
مسألة: يؤخذ من تجار أهل الذمة نصف عشر ما يأتون به من أموالهم ويتجرون فيه على المسلمين في أرض الإسلام إذا أتوا من بلد شاسع إلى بلد شاسع فأما من اتجر منهم في مصره فلا يؤخذ منه سوى الجزية.
مسألة قال: وتؤخذ الجزية من مياسيرهم ورؤسائهم من كل واحد ثمانية وأربعون درهما ومن أوساطهم وتجارهم من كل واحد أربعة وعشرون درهما ومن ضعفائهم وفقرائهم من كل واحد إثنا عشر درهما.
مسألة قال: ولا تؤخذ الجزية من نسائهم ولا من صبيانهم ولا من مماليكهم.
مسألة قال: ويؤخذ من بني تغلب نصارى الجزيرة ضعف ما يؤخذ من المسلمين من زكاتهم إلى آخر الفصل.
مسألة قال: وجميع ما يؤخذ من أهل الذمة فئ يحل لمن لا يحل له الصدقة.
مسألة قال: ولا يؤاجر أهل الذمة شيئاً من الأراضي المغلة التي هي للمسلمين ولا تباع منهم مزارعهم لئلا تبطل أعشارها.(1/53)


باب القول في كيفية اخذ الزكوة
مسألة: يجب على المُصدق ان لا ينزل على أحد ممن يأخذ منه الصدقة ولا يأخذ منه الهدية فان قبل شيئاً من ذلك فهو لبيت مال المسلمين إلا ان يطلقه له الإمام لضرب من الصلاح وكذلك حكم جميع عمال الأئمة.
مسألة قال: ويجب إذا ورد المناهل ان يقسم غنم كل رجل قسمين ثم يخيره في القسمين ويأخذ الصدقة من القسم الثاني وكذلك يفعل بالإبل والبقر إلى آخر ما ذكر أنه يفعل إذا أراد اخذ العشر من الكرْم نحو من ذلك.
مسألة قال: ولصاحب المال ان يشتري من المصدق ما يأخذه من الصدقة.
مسألة قال: وللإمام ان يجبر الرعية على دفع أموالهم كلها إليه من الذهب والفضة وغيرهما ومتى اتهم صاحب المال بإخفاء شيء تلزمه فيه الصدقة استحلف احتياطاً.
مسألة قال: ولا ينبغي ان تخرج زكوة قوم من بلدهم وفيهم فقراء إلا ان يرى الإمام ذلك صلاحاً.
مسألة قال: ولو ان قوماً أبطأ عنهم المصدق فاخرجوا صدقاتهم إلى مستحقيها من الفقراء أجازه المصدق بعد ان يعلمهم ان عادوا لمثله لم يجزه لهم فان عادوا إلى مثل ذلك لم يجزه لهم، أخذهم بإعادة الصدقة وإذا ادعوا في أول الأمر انهم قد أخرجوها بحث المصدق عن ذلك وطلب البينة فان صح ذلك وإلا طالبهم بها أخذها منهم.
مسألة قال: وإذا لم يكن في الزمان إمام عادل فرق الزكوات أهلها على ما ذكره الله تعالى.(1/54)


مسألة قال: ولو ان من وجبت عليه الزكوة أخرجها من ماله وعزلها فهلكت قبل تفريقها في أهلها فعليه ضمانها. وكذلك ان أخرجها من بلد هو فيه إلى بلد الإمام فضاعت في الطرق فعليه الضمان. فان تلفت بعد ما صارت في يد الإمام أو في يد وكيل الإمام فلا ضمان على صاحب المال. ولو أن الإمام تسلمها من صاحب المال أو تسلمها وكيل الإمام ثم أودعها صاحب المال فتلفت لم يكن على صاحب المال ضمانها فان أمره المصدق ان يعزلها فعزلها فتلفت قبل ان تصل إلى المصدق ضمنها صاحب المال.
مسألة قال: ولو ان مصدقاً جاء إلى من وجبت عليه العشر فوجده قد باع غلته كلها اخذ العشر من المشتري ورجع المشتري على البائع بثمن العشر الذي أخذ منه وان كان المشتري قد استهلكه اخذ المصدق من البائع قيمته.
مسألة: وتعجيل الزكوة جائز.(1/55)

11 / 20
ع
En
A+
A-