[ 61 ]
باب القول فيما ينبغي للجنب أن يفعله إذا أراد أن يأكل أو ينام
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: ينبغي له أن يغسل فرجه ويديه ويتمضمض قبل أن يأكل أو ينام، وإن فعل غير ذلك لم يحرم عليه، غير أنه يكون مخالفا للاثر. حدثني أبي عن أبيه في الجنب يريد أن يأكل أو ينام قال لا بأس به وأحب إلينا أن يغسل يديه، ثم يغسل فرجه إذا أراد أن يأكل أو ينام.
باب القول في اجتماع الجنابة والعلة المانعة من الغسل
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: ولو أن رجلا اجتنب، ثم سقط في نار قبل أن يغتسل فتنفط بدنه، فخشي من الماء، فإنه يتيمم بالصعيد الطيب، ولا يغتسل ويكون تيممه لوقت كل صلوة، فإذا برئ اغتسل من جنابته.
باب القول في اجتماع الحيض والجنابة
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: إذا اجتنبت المرأة ثم حاضت من قبل أن تغتسل فإن كان الدم مقصرا اغتسلت لجنابتها، وإن غلب دم طمثها أجزأها أن تغتسل عند وقت طهرها غسلا واحدا لطهرها وجنابتها. حدثني أبي عن أبيه في المرأة تجتنب ثم تحيض قبل أن تغتسل من جنابتها قال: أحب الينا أن تغتسل من جنابتها ان لم يكن دم طمثها غالبا عليها. وإن لزمها الدم ولم يفارقها ولم يجف عنها تطهرت منهما جميعا طهورا واحدا.
---(1/61)
[ 62 ]
باب القول في غسل المرأة
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: يجب على المرأة أن تنقض شعرها عند اغتسالها من حيضها، وليس عليها أن تحله عند اغتسالها من الجنابة، ولكن عليها أن تجمعه في كفها ثم تصب عليه الماء صبا وتحركه وتعصره ثلاثا حتى تعلم أن الماء قد وصل إلى أصوله، وجال في جوانبه، وكذلك من كان ذا لمة من الرجال. حدثني أبي عن أبيه في المرأة هل تنقض شعرها عند اغتسالها من الجنابة؟ فقال: لا تنقض شعرها لان الماء يأتي على ذلك كله، ولكن تجمع شعرها على رأسها، وتصب عليه الماء، حتى تأتي على ذلك كله، وتعصره وتحركه حتى تعلم أن الماء قد وصل إلى أصوله، وكذلك روي عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وآله أنه أمرها بذلك، وكانت كثيرة الشعر شديدة الظفر فلم يأمرها أن تنقض شعرها. وأما عند طهرها من الحيض فيجب عليها أن تنقض شعرها.
باب القول في الرجل يطأ أهله ثم يريد المعاودة قبل أن يتوضأ
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: ولو أن رجلا جامع أهله ثم أراد أن يعود قبل التوضئ لم يضق ذلك عليه، وجاز له أن يعاود أهله مرارا وان لم يكن اغتسل بين ذلك ولا توضأ. وكذلك إن كان له أربع زوجات فجائز له أن يطأهن وان لم يحدث وضوءا بين وطئهن. حدثني أبي عن أبيه في الرجل يجامع أهله ثم يريد أن يعاود أهله هل يتوضأ بينهما؟ فقال: لا بأس أن يعود من غير وضوء وما آخر ذلك الا كأوله.
---(1/62)
[ 63 ]
باب القول في الجنب يغتمس في الماء اغتماسة
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: ولو أن جنبا اغتمس اغتماسة في ماء يغمره ويحمل نجاسته، ودلك ما يجب عليه دلكه من بدنه حتى ينقيه في اغتماسه، ويأتي الماء عليه اجزأه ذلك عن غيره. وإن هو اغتمس ولم ينق بدنه ويمط بالماء عنه درنه حتى يصل ذلك إلى غامض شعره داخله وخارجه من إبطيه وأرفاغه، وما يستكن من الشعر بين إليتيه. فلم ينق ولم يطهر ولو اغتمس كذلك في البحر مرارا تكثر، لان كثير الماء. إذا لم ينق ما أمر العبد بانقائه في الغنى. دون قليله إذا أتى قليله على ما يجب غسله من الاعضاء. حدثني أبي عن أبيه أنه قال: ان سأل سائل عن جنب اغتمس اغتماسة واحدة في ماء يغمره هل يطهره ذلك؟ قيل له: نعم يجزي إلا أن يكون لم ينق ما أمر بانقائه من قبله ودبره، فإن ذلك ربما لم ينق بالاغتماسة الواحدة، فأما إذا أنقى جميع أعضائه فقد نظف وطهر.
باب القول فيما يكره الوضوء به من ماء الغدرات والبيار وما لا يكره من ذلك
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: لا ينجس ماء الغدير ولا يفسد ماء البير إلا ما غير ماءهما، فأفسد بالتغيير لونه أو ريحه أو طعمه فإذا تغير من ذلك ريح مائهما، أو طعم ذوقهما، أو استحال له لونهما لم يجز التطهر بمائهما، فأما إذا لم يكن شئ مما ذكر نافلا يفسد على المتطهر التطهر بمائهما كان الواقع فيهما ما كان. من ميتة أو غير ذلك من النجس والادران.
---(1/63)
[ 64 ]
حدثني أبي عن أبيه في البيار والغدرات والبرك التي يقع فيها الشئ النجس فقال: لا يفسد إلا أن تغلب النجاسة عليها، ولا ينجسها ما وقع فيها من ميتة أو ما أشبهها، إذا لم يغلب عليها النجس في لون أو ريح أو طعم. قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: وكذلك كلما وقع في ماء يسيرا كان أو كثيرا، في إناء أو حفرة أو وقيعة (46) أو جرة فغير لونه أو طعمه أو ريحه، من جلاب (47) أو سكنجبين أو مرق أو سكر أو قند أو غير ذلك مما ينفي عنه اسم الماء القراح، الذي جعله الله طهور أو ذكره وامتن به على عباده ونزله، فليس لاحد أن يتوضأ بما كان كذلك من الماء، وعليه إن لم يجد غيره أن يتيمم بالصعيد الطيب تيمما، لانه لم يجد الماء الذي أمر الله بالتطهر به فيلزمه فرض التيمم لجنابته أو لصلاته. حدثني أبي عن أبيه أنه قال: إذا تغير طعم الماء أو لونه أو ريحه فليس لاحد أن يتوضأ به ولا يتطهر، كان تغيره بخل أو لبن أو جبن، إذا غلب ذلك عليه وزال عنه اسم الماء القراح المفرد الطاهر، فليس لاحد أن يتوضأ به، ولا أن يتطهر منه لزوال اسم الماء عنه، وإنما جعل الله الطهارة بالماء القراح المفرد فقال: وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به) (48) وقال عزوجل (وأنزلنا من السماء ماء طهورا) (49) وقال سبحانه (فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا) (50) فإذا وجد الماء متغيرا فلم يجد الماء.
---
ص 64 (46) الوقيعة: الحفرة المنقورة في الحجر.
(47) الجلاب: ماء الورد.
(48) الانفال 11.
(49) الفرقان 48.
(50) النساء 43.
---(1/64)
[ 65 ]
باب القول في الذي لا ينقطع عنه البول والجرح الذي لا ينقطع سيلانه
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: إذا لزم الرجل تقطير البول، أو سيلان الجرح، فلم يبرح ولم ينقطع، صلى صاحب ذلك من النساء والرجال ولم يلتفت إلى ما جاء من ذلك، ولا ما سال، إذ لا حيلة له في قطعه. وأحب لصاحب التقطير أن يحتشي بقطنة إن كان ذلك يلزم عنه بعض العلة، ولصاحب الجرح أن يسد عليه بخرق أو كرسف، فإن جاء من بعد ذلك شئ غالب صلى، ولم يلتفت إلى ما جاء من بعد الاستقصاء والحرص وقلة الوناء. حدثني أبي عن أبيه في الذي لا ينقطع عنه تقطير البول إنه يتوضأ للصلاة ويصلي ولا يضره دوام البول لانه لا حيلة له فيه.
باب القول فيما يصيب ثوب ذي العلة من علته من الدم والقيح وغير ذلك
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه فيمن ابتلي بذلك: فليغسل ثوبه مما أصابه منه، فإن كان شيئا لا ينقطع وقتا من الاوقات، فلا ضير عليه في تركه، ولا نحب له أن يتركه في ثوبه أكثر من صلاة يوم وليلة، في الخمس الصلوات، إذا لم يكن له غيره، فإن أمكنه ثوب غيره عزله لصلاته، ثم صلى في ذلك الثوب، فإذا فرغ من صلاته غسل ما نال ثوبه من دم جراحه لكل صلاة، وإن لم يكن يمكنه ذلك، وشق وعسر عليه لسبب من الاسباب أجزأه غسله في يوم أو يومين أو ثلاثة أيام على قدر ما يمكنه، ولا يجوز له التفريط في غسله إلا من عذر مانع
---(1/65)