[ 389 ]
من موافقتها ألا تسمع كيف يقول سبحانه: (ولن تستطيعوا أن تعدلوا يين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة) (72) يقول سبحانه: ولن تستطيعوا أن تساووا بينهن في المحبة أبدا، ولو جهدتم جهدكم، إذ هن مختلفات في أعينكم وموافقتكم وقلوبكم، فلم يكلفكم المساواة بينهن في المحبة لهن، كما كلفكم المساواة بينهن في غير ذلك من أمرهن، لانه علم سبحانه أن ذلك مما لا تقدرون عليه، ولا تستطيغون أبدا المصير إليه ولن يكلف الله عزوجل عباده ما لا ينالونه ولا يقدرون عليه ولا يطيقونه ألا تسمع كيف يقول ذو الجلال والاكرام والطول: (لا يكلف الله نفسا وإلا وسعها) (73) ويقول (لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها) (74) ويقول عزوجل: (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) (75) ويقول جل جلاله عن أن يحويه قول أو يناله: (وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين) (76) يريد ما جعل عليكم في الدين والتحقيق من عسر ولا تشديد ولا تضييق، ولعمر العماة المتجبرين، والغواة المبطلين، مامن ضيق ولا عسر ولا تكليف لما لا يطاق من الامر أشد من هذا لو كان كما يقول الجاهلون وينسب إلى الله عزوجل الظلمة الضالون، بل كلف سبحانه يسيرا وأعطى على كل قليل كثيرا، ولم يجز لعباده من ذلك أمرا، بل أحدث لهم عنه نهيا وزجرا، فتعالى عن ذلك الكريم ذو الجبروت المتفضل ذو الرأفة والملكوت، والحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، وسلام على المرسلين.
---
ص 389 " (72) النساء 129.
(73) البقرة 286.
(74) الطلاق 7.
(75) البقرة 185.
(76) الحج 88.
---(1/389)


[ 390 ]
باب القول في المرأة تكون عند الرجل فيموت ولدها من غيره وفي المرأة ترضع زوجها في الحولين
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه، ينبغي إذا كانت المرأة عند زوج وكان لها ولد من زوج قبلة فمات الولد الذي من الزوج الاول أن يقف عن جماعها الزوج الذي هي معه حتى يتبين له أحامل هي أم غير حامل، وإنما قلنا بذلك لانها إن كانت حاملا في وقت ما مات ولدها، ورث هذا الحمل من أخيه من أمه، وإن كان للميت أب أوجد أو ولد ولد فلا يقف عن جماعها زوجها ولا يستبرى رحمها لان هولاء كلهم يحجبون الحمل عن الميراث لانه أخو الميت من أمه، وولد الام لا يرثون مع هؤلاء الاربعة الذين سمينا، وكذلك بلغنا عن أمير المومنين علي ابن أبي طالب عليه السلام: وعن الحسن بن علي رحمة الله عليهم أنهما أمراه بالوقوف إذا لم يكن من هولاء الاربعة الذين سمينا أحدهم. قال يحيى بن الحسين عليه السلام: وأما المرأة التي ترضع زوجها في الحولين، فهو رجل يكون عنده المرأة فتلد منه ثم يطلقها، فيزوجها وليها صبيا صغيرا لم يتم له حولان فترضعه المرأة قال: فإذا فعلت ذلك فقد حرمت عليه لانها صارت أمه من الرضاعة وقد حرم الله سبحانه الام من الرضاعة، ولا صداق لها لان الفسخ جاء من قبلها، فإن أراد زوجها الاول أن يراجعها فلا يحل له نكاحها ولا يجوز له ارتجاعها إذا كان قد طلقها ثلاثا، ولا تحل له إلا من بعد نكاح زوج وطيها، ولها أن تتزوج من ساعتها لانها لا عدة للصبي عليها لانه لم يدخل بها.
---
ص 390 " هذا كلامه في الاحكام وفي المنتخب أنها لا تحل له لانها زوجة ابنه من الرضاع ذكره في التحرير.
---(1/390)


[ 391 ]
باب القول فيمن تحل المرأة بنكاحه لزوجها الاول وتسمية العيوب التي ترد بها المرأة إذا دلست
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه، إذا طلق الرجل زوجته طلاقا لا تحل له إلا بعد زوج فتزوجها مدبر أو مكاتب (77) فعجز أو عبد مملوك باذن سيدهم، ثم طلقها أي هؤلاء الثلاثة كان له أن يراجعها من بعد أن مسها المتزوج فهي تجل بنكاحهم لزوجها الاول، وان نكحها أحد من فاسد، قال ويرد المرأة زوجها إذا دلست عليه ولم تخبره بأربعة أشياه: البرص، والجذام، والجنون، والقرن، وإذا ردها أخذ ما دفع إليهم من المهر إلا أن يكون قد وطئها فإن كان قد وطئها فيلزمها أو يطلقها ولا يرجع بالمهر عليها.
باب القول فيمن ارتد عن الاسلام
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: إذا ارتد المسلم ولحق بدار الحرب فإذا حاضت امرأته ثلاث حيض فقد حلت للازواج، ويقسم ماله على ورثته وترثه الزوجة معهم، فإن ارتد جميعا الزوج والزوجة فهما على نكاحهما أبدا حتى يعرض الاسلام فإن أسلما فهما على نكاحهما وإن أبيا، وإن أسلم أحدهما قتل الاخر وورثه المسلم. قال يحيى بن الحسين عليه السلام: والمرتد يرثه ورثته المسلمون ولا يرثهم، لان حكمه حكمهم إذ لا حكم له غير الرجوع إلى الاسلام أو
---
ص 391 " (77) في نسخة أو مكاتب عاجز.
---(1/391)


[ 392 ]
القتل. قال: ولو أن مسلما ارتد فلم يعرض عليه السلام حتى حاضت امرأته ثلاث حيض ثم عرض عليه الاسلاام فأبى فقتل لم ترثه امرأته لانها قد خرجت من العدة قبل قتله. قال: وإذ إرتدا جميعا الزوج والزوجة معا فجاءت بولد لاقل من ستة أشهر منذ ردتهما فحكم الولد حكم الاسلام، لانه حمل كان في الاسلام واستقر في رحم أمه على الحق وهو يرثهما ولا يرثانه لانه مسلم، وإن جاءت به لاكثر من ستة أشهر فحكمه حكمهما داخل في ردتهما لا يرثانه ولا يرثهما. قال: وإن أسلم رجل وامرأته في دار الحرب فهاجر أحدهما إلى دار الاسلام وتخلف الآخر، فان كان تخلفه لعلة له مانعة عن الهجرة فهو أولى بصاحبه، وان كان تخلفه رغبة في الدار وزهدا في الاسلام فإذا حاضت المرأة ثلاث حيض فقد خرجت من حباله. وقال إذا هاجرت المرأة من دار الحرب مسلمة إلى دار الاسلام فلا تتزوج حتى تستبري نفسها إن كانت ذات بعل في بلاد الشرك استبرت رحمها بثلاث حيض وإن كانت أمة استبرت رحمها بحيضة. قال: والامة إذا سبيت استبرت بحيضة.
باب القول في الحربي ويسلم ويهاجر وله في دار الحرب زوجة صبية
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: هو أولى بها ما لم تمض ثلاثة أشهر منذ أسلم زوجها، فان لم تمض الثلاثة الاشهر حتى أسلم أحد أبويها فقد جر اسلامه اسلامها، وهي زوجته على حالها ومتى خرجت إلى دار الاسلام في صغرها أو بعد كبرها فهو أولى بها.
---(1/392)


[ 393 ]
باب القول في المشرك يسلم وله عشر زوجات منهن من تزوجه جملة في عقدة واحدة ومنهن من تزوجه مفترقا وفي الحربي يخرج إلى دار الاسلام بأمان
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: إن كان هذا الذي أسلم تزوجهن معا في عقدة واحدة فارقهن كلهن، ثم اختار منهن أربعا، ولا تكون مفارقته لهن طلاقا لان النكاح كان من أصله فاسدا، فيتزوج الاربع تزويجا مبتدأ صحيحا، وإن كان تزوج أربعا في عقدة وثلاثا في عقدة ثبت نكاح الاربع وسقط نكاح الثلاث، وإن كان تزوج اثنتين في عقدة، وثلاثا في عقدة، واثنتين في عقدة ثبت نكاحها الثنتين الاولتين، والثنتين الآخرتين، وبطل نكاح الثلاث وإن كان تزوج واحدة في عقدة وستا في عقدة وثنتين في عقدة واحدة، وواحدة أخرى في عقدة ثبت نكاح الاولى وبطل نكاح الست وثبت نكاح الثنتين، وثبت أيضا نكاح الواحدة الآخرة يثبت له من ذلك ما يتم له أربعا ويسقط ما سوى ذلك. قال: وأما أهل دار الحرب إذا دخلوا إلى بلاد المسلمين بأمان في تجارة أو غيرها نساء كانوا أو رجالا فإنه ينبغي لامام المسلمين أن يعلمهم أنه لا يجوز لهم أن يقيموا في دار الاسلام أكثر من سنة، ويخبرهم أنهم إن أقاموا أكثر من سنة لم يتركهم أن يرجعوا إلى بلدهم، وكان لهم عنده أحد معنيين إما أن يسلموا فيكونوا من المسلمين لهم مالهم وعليهم ما عليهم، وإما أن توضع عليهم الجزية ويكونوا ذميين.
---(1/393)

72 / 198
ع
En
A+
A-