[ 364 ]
المرأة فلا بأس أن ينظر إليها نظرة واحدة يلمح منها ما لا يحرم على المسلمين أن ينظروا إليه من المسلمات إذا أرادوا ما أرادوا، ولا ينظر في ذلك إلى عورة من عوراتها ولينظر إلى وجهها. قال يحيى بن الحسين رضي الله عنه: وإذا طلق الرجل امرأته قبل أن يدخل بها فليس له عليها عدة ولها أن تتزوج من ساعتها، وكذلك لو تزوجت زوجا ثانيا ثم طلقها قبل الدخول بها كان لها أن ترجع من ساعتها إلى زوجها الاول لان الله عزوجل يقول: (يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها) (41). حدثني أبي عن أبيه: أنه سئل عن رجل فجر بأم امرأته أو ابنتها فقال: لا يحرم حرام حلالا، وهو قول أهل الاثر (42)، إلا أن أبا حنيفة وغيره وطائفة من أهل العراق كرهوه. حدثني أبي عن أبيه: أنه سئل عن الرجل يريد أن يتزوج الامرأة هل يجوز له أن ينظر إليها قبل ذلك نظرة واحدة؟ فقال: لا بأس بالنظرة الواحدة ما لم ينظر منها إلى عورة وينظر منها إلى ما ليس بمحرم بين المسلمين (43) النظر إليه، في سوى محاسنها التي نهى الله النساء أن بيدينها إلى غير بعولتهن أو آبائهن الآية. وقد سئل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن ذلك فرخص فيه. وحدثني أبي عن أبيه: أنه سئل عن رجل طلق إمرأته واحدة أو اثنين فتزوجت ثم طلقها الآخر قبل أن يدخل بها هل يحل لها أن ترجع إلى زوجها الاول؟ فقال: لا عدة عليها وترجع إلى زوجها الاول من
---
ص 364 " (41) الاحزاب 29.
(42) في نسخة وهو قول أهل البيت.
(43) في نسخة ما ليس بمحرم بين المسلمين من المحارم النظر إليه.
---(1/364)
[ 365 ]
ساعتها، إن شاءت لقول الله عزوجل: (يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها) (44) إلا أن يكون الرجل الاول طلقها ثلاثا فلا تحل له عند جميع الناس إلا بعد نكاح زوج ومسيسه، وفي مثل ذلك حديث امرأة رفاعة القرظي كان طلقها ثلاثا فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا، حتى يذوق عسيلتها)، لما أرادت الرجوع إلى رفاعة، فنهاها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن ذلك، إلا أن يكون قد جامعها الزوج الثاني.
باب القول في تفسير قول الله عزوجل: (غير أولي الاربة من الرجال) (45) وفي المرأة تتزوج في عدتها وتفسير الاكفاء
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: معنى قول الله تبارك وتعالى: (غير أولي الاربة من الرجال) (46) هو غير أولي الحاجة من ذلك ما تقول العرب: ما لي في كذا وكذا من إرب، والاربة مشتقة من الارب، فيكون غير أولي الاربة من الرجال هم الذين لا حاجة لهم إلى جماع النساء، ولا ينالون السبيل إلى قضاء الحاجة منهن، وقد يكون غير أولي الاربة غير أولي الفطنة ذوي البلاهة والغفلة. قال: ولا يجوز للمرأة أن تتزوج في عدتها وأي امرأة تزوجت قبل انقضاء عدتها كانت مفسوخة عقدة نكاحها، وفرق الحاكم بين الرجل وبينها، وأحسن على ذلك أدبه وأدبها، إن ادعت وادعى جهلا بذلك،
---
ص 365 " (44) الاحزاب 49.
(45) النور 31.
(46) النور 31.
---(1/365)
[ 366 ]
وكانا في قلة العلم بما يحل ويحرم. كذلك، فان دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها، والنكاح باطل بينه وبينها، وان جاءت بولد لاكثر من سنة أشهر منذ يوم دخل بها الزوج الآخر فالولد للزوج الآخر لاحق نسبه بالزوج الآخر (47) وان جاءت بولد لاقل من ستة أشهر مذ يوم دخل بها الزوج الآخر فالوالد للزوج الاول، وتبني من بعد أن تستبرى من ماء الآخر على ما مضى من عدة الاول التي قطعتها بالتزويج، فإذا خرجت من عدتها تلك تزوجت من شاءت وإذا أرادت أن تتزوج الآخر استأنفا النكاح فتناكحا نكاحا صحيحا. قال: والكفؤ فهو الكفؤ في الدين والمنصب فقط، والاولياء فهم الناظرون في أمورهم والمتخيرون لحرماتهم، وان كرهوا أحدا لم يلزموا ما كرهوا. حدثني أبي عن أبيه أنه سئل عن قول الله سبحانه (غير أولي الاربة من الرجال) (48) فقال أولى الاربة فهم أهل الريبة، والذين ليس لهم إربة فهم الذين ليس منهم ريبة وهم أهل البلة من الرجال الذين ليس لهم فطنة بأمر النساء. حدثني أبي عن أبيه: (49) في امرأة تزوجت في عدتها، فقال: لا عقدة لها ويفرق بينها وبين من تزوجت. وحدثني أبي عن أبيه: أنه سئل عن الكفؤ ما هو؟ فقال: الكفؤ في الدين والنسب فيهما جميعا.
---
ص 366 " (47) في نسخة لاحق نسبة بالزوج الثاني.
(48) النور 31.
(49) في نسخة حدثني أبي عن أبيه أنه سئل في امرأة.
---(1/366)
[ 367 ]
باب القول فيمن فجر ببكر ومعنى قول رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم (لا يخطب الرجل على خطبة أخيه ولا يسوم على سوم أخيه)
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: من فجر ببكر فغضبها على نفسها فعليه عقرها وحد مثله، ولا حد عليها، وإن كانت طاوعته إلى الفجور بها فلا عقر لها والحد لازم لهما كليهما. وأما قول رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا يخطب الرجل على خطبة أخيه) فذلك إن كان الرجل قد أرضى (50) المرأة ورضيت، واتفقا على شئ مسمى فلا يجوز له أن يفسد على أخيه بزيادة في المهر، ولا اعتراض عليه وكذلك في السوم لا ينبغي إذا وقف صاحب السلعة والمشتري على شئ وأنعم له ببيعها به أن يدخل على سومه بعد المراضاة والتقارب والانعام من صاحب السلعة بالبيع للمشترى فيزيد على أخيه في سومه، ويرغب البائع في الزيادة في سلعته حتى ينصرف إليه ويترك ما كان عليه من مبايعة أخيه. حدثني أبي عن أبيه أنه سئل عن رجل فجر ببكر هل يجب عليه العقر مع الحد؟ فقال، لا عقر عليه فيها ألا أن يكون غلبها على نفسها، فأما إذا كانا فجرا متطاوعين فعلي البكر منهما حده، وعلى المحصن حدة. قال يحيى بن الحسين عليه السلام: وإنما الزمناه العقر عقوبة على فعله وتعويضا للمرأة من عذرتها التي يكون أكثر رغبة الرجال في النساء لها، وإما أن يكون ذلك واجبا على غير هذا المعنى فلا يجب لانه
---
ص 367 " (50) في نسخة قد راضى المرأة ورضيت.
---(1/367)
[ 368 ]
لا يجتمع مهر يؤخذ من رجل، وحد يلزمه في فعله، وكلما وجب فيه المهر بحكم الله، وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يكن فيه حد، وكلما وجب بحكم الله فيه حد لم يكن معه مهر إلا على طريق ما ذكرنا من حسن رأى العلماء وجودة تمييزهم بين الاشياء. حدثني أبي عن أبيه: أنه سئل عن معنى قول رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا يخطب الرجل على خطبة أخيه ولا يسوم) (51) على سوم أخيه فقال: ذلك إن كان التقارب والرضي وكان بينهم الكلام في الصداق، فأما إذا خطب هذا وخطب هذا فلا بأس به، وكذلك في السوم، وقد كان بيع المزايدة في أيام الرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وفيه سوم الرجل على سوم أخيه.
باب القول في الضرب بالدف عند التزويج
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: لا نحب شيئا من اللهو ولا نراه ولا نختاره ولا نشاؤه، دفا كان ذلك أو غيره من جميع الملاهي، فأما الحديث الذي يروى عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: أنه سمع دفا في بعض دور الانصار فقال ما هذا؟ فقيل له فلان يارسول الله نكح فقال: الحمد الله أشيدوا بالنكاح أشيدوا بالنكاح، فإنما أراد عليه السلام أشيدوا بذكره وبما تسرون به من أمره، من جلبة الوليمة وضوضاء الطعام، وما يكون في ذلك من سرور جميع الانام، مما يفعله في النكاح وعليه أمة محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فأما أن يكون أمر باللهو والطرب فذلك ما لا يجوز عليه به، ولا أن ينسب شئ منه إليه.
---
ص 368 " (51) في نسخة (ولا يسم على سوم أخيه)، والجزم على النبي والرفع على النفي.
---(1/368)