[ 359 ]
حدثني أبي عن أبيه في رجل زوج ابنته أو اخته أو بعض نسائه وشرط لنفسه شيئا سوى صداقها. قال: يلزمه عقدة النكاح وشرطه داخل في صداقها ويجوز ذلك له إن رضيت المرأة. حدثني أبي عن أبيه أنه سئل عن رجل تزوج امرأة واشترط عليها أن لا ينفق عليها، أو ينفق عليها ما شاء ويقسم لها من الليل والنهار ما شاء؟ قال هذا أيضا شرط مجهول وما أحب أن يكون في النكاح إلا شرط محدود معلوم.
باب القول فيمن كان عنده أربع نسوة فطلق احداهن متى يجوز له النكاح وما يحل للرجل من امرأته إذا حاضت
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: من كان عنده أربع نسوة فطلق احداهن طلاقا يملك عليها فيه الرجعة، فلا يجوز له أن ينكح غيرها حتى تخرج من عدتها، وتستكمل ما جعل الله لها من مدتها، فإن طلقها طلاقا بائنا لا تحل له إلا من بعد زوج فلا بأس أن يتزوج متى شاء، وإن كانت في عدتها وقد روي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قال: لا يجمع ماءه في خمس، وهذا عندنا فلا يصح عنه، لانه أنما يكره من ذلك أن يتزوج وله على هذه ملكة رجعة فيجمع بين خمس فأما إذا لم يكن له عليها ملك رجعة فلا بأس بذلك وأما الماء فما عليه لو جمعة في خمس أو ست إذا لم يكن له على أكثر من أربع ملك. وقال: يجوز للرجل من امرأته في حيضها ما دون ازار ولا ينبغي له أن يدنو من فرجها ولا أن يتقرب مما داناه من نجاستها، فأما إذا انخفض وانحدر
---(1/359)


[ 360 ]
عن فرجها فلا بأس أن يدنو فيما سوى ذلك منها، وقد روى ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وقيل إنه كان يفعل ذلك ويأتيه ولنا به أسوة حسنة، وإن اعتزل ذلك معتزل خشية العثرة واحتياطا عن نفسه من الزلة فحسن جميع، وليس ينال المسلمون من ضبط أنفسهم ما كان يناله رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من نفسه. حدثني أبي عن أبيه في الرجل يكون عنده أربع نسوة فيطلق احداهن ثلاثا أيجوز له أن يتزوج الخامسة قبل أن تنقضي عدتها أم لا؟ فقال: إذا بانت منه أو ماتت عنه فلا بأس بنكاحه خامسة متى شاء، وإن كانت المطلقة في عدة تملك معها الرجعة لم يكن له أن ينكح الخامسة حتى تخلو عدة الرابعة، وكذلك الاخت إذا كانت في عدة منه يملك رجعتها فليس له أن ينكح أختها حتى تخلو عدتها، فان كانت قد بانت فلا بأس بأن يتزوج أختها. حدثني أبي عن أبيه في الرجل ما يحل له من امرأته وهي حائض فقال: ما أحب أن يتقرب منها ولا يدنو منها ولا يباشرها في ثوب ولا لحاف لقول الله عزوجل: (فلا تقربوهن حتى يتطهرون) (33) ومن المقاربة للنساء ما حذرناه من هذه الاشياء، وإن كانت عندهم إنما هي الملامسة، وقد رويت أحاديث عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه كان يباشر نساءه دون الازار، وهن حيض وكان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أملك لاربه (34) والاحتياط أحب إلينا.
---
ص 360 " (33) البقرة 222.
(34) الارب بالكسر يستعمل في الحاجة وفي العضو والجمع آراب مثل حمل واحمال وفي الحديث وكان أعملكم لاربه أي لنفسه عن الوقوع في الشهوة.
---(1/360)


[ 361 ]
باب القول في امرأة المفقود ومعنى قوله سبحانه: (الزاني لا ينكح إلا زانية) (35) وتزوج الرجل بنت المرأة وأمها إذا لم يدخل بأحدهما
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: لا تتزوج امرأة المفقود أبدا حتى تعلم خبره وتوقن يقينا بموته، فإن أخطأت فتزوجت على أنه قد مات، وكان ذلك الخير قد بلغها من وفاته باطلا ثم أتى بوما وقدم عليها كان الاول أحق بها من الآخر ولا يقربها حتى تستبرى من ماء الآخر، ولها على الآخر المهر كاملا بما استحل من فرجها، فإن كانت من الآخر حاملا لم يدن منها الاول حتى تضع ما في بطنها وتطهر من نفاسها، ونسب ولدها من الآخر لاحق بأبيه لانه نكاح على شبهة، فإن لم تضع حتى يطلقها الاول فإنها تنتظر بنفسها وضع ما في بطنها من ذلك النكاح الذي كان على الشبهة بينها وبين الآخر، فإذا وضعته وطهرت من نفاسها اعتدت من الاول بثلاث حيض مستقبلة، فان أراد الاول أن يراجعها في هذه العدة فهو أولى بها فان تركها حتى تخرج من عدتها جاز لها أن تنكح أيهما شاءت نكاحا جديدا أو غيرهما إن أرادت. وأما معنى قول الله تبارك وتعالى: (الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين) (36) فهو إخبار من الله عزوجل أنه لا يركب الفاحشة من الزنا ولا يطاوع الزاني بالفجور من النساء إلا زانية من المليين أو مشركة مستحلة للزنى من المشركين، وكذلك قوله في الزانية لا ينكحها، ولا
---
ص 361 " (35) البقرة 3.
(36) البقرة 3.
---(1/361)


[ 362 ]
يركب الفاحشة منها ولا يستحل ما حرم الله من إتيانها إلا زان من المليين أو مشرك مبيح في ذلك لنفسه من المشركين. قال يحيى بن الحسين رضي الله عنه: ولا يجوز لرجل أن ينكح أم امرأة يملك عقدة نكاحها دخل بها أو لم يدخل بها لانها محرمة مبهمة مجمل تحريمها، وذلك قول الله عزوجل: (وأمهات نسائكم) (37) ولم يقل إن لم تدخلوا أولا دخلتم فأبهمنا ما أبهم، وحرمنا من ذلك ما حرم، فأما بنت المرأة التي قد دخل بها فلا تحل لزوج أمها، لانها ربيبته التي في حجره من امرأته التي في ملكه قد دخل بها وأفضى إليها، فإن لم يكن دخل بها فلا بأس بأن ينكح ابنتها، وإن كان قد ملك من الام عقدة نكاحها بعد أن لا يكون دخل بها ولا أفضى إليها، وذلك قول الله عز وجل: (وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم) (38) فلم يجعل في نكاحها جناحا إذا لم يكن دخل بأمها. حدثني أبي عن أبيه: في امرأة المفقود كيف تصنع فقال: ليس لامرأة المفقود أن تزوج أبدا حتى توقن له موتا فإن تزوجت وجاء زوجها فزوجها الاول أحق بها، وتعتد من الآخر من الزوجين للاستبراء، وذلك قول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام. حدثني أبي عن أبيه في قول الله تبارك وتعالى: (الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة) (39) قال: النكاح هاهنا قد يكون المسيس والمجامعة، ويكون العقد والتزويج، وأما قوله: إلا زان أو مشرك فهو لا يركب سخط الله فيها إلا وهو مشرك بالله أو زان.
---
ص 362 " (37) النساء 23.
(38) النساء 23.
(39) البقرة 3.
---(1/362)


[ 363 ]
حدثني أبي عن أبيه: في الرجل يتزوج المرأة ثم يطلقها هل يجوز له أن يتزوج أمها أو ابنتها فقال: أما الام فلا يجوز له نكاحها على حال لانها من أمهات نسائه وقد قال الله: وأمهات نسائكم، وأما البنت فجائز نكاحها إذا لم يكن دخل بأمها لقول الله عزوجل: (وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم) (40) فلم يجعل في نكاحها جناحا إذا لم يكن دخل بأمها. حدثني أبي عن أبيه في الرجل يتزوج المرأة فيدخل بها قيل أن يعطيها شيئا قال لا بأس بذلك إذا تراضيا وكان المهر مسمى. قال يحيى بن الحسين رضي الله عنه: وإنما أجزنا للرجل أن يدخل بها إذا كان قد سمى لها المهر، وعرفه وعرفته، إذا رضيت بذلك وأنظرته قبل أن تأخذ منه شيئا، لانها لو وهبته كله له بعد تسميته ومعرفته فأخذ جاز له هبتها وما جازت هبته فالانتظار فيه أجوز.
باب القول في أنه لا يحرم حرام حلالا وهل يجوز للرجل أن ينظر إلى المرأة إذا أراد أن يتزوجها، ومتى يجوز للمطلقة ولم يدخل بها أن تتزوج
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: أجمع آل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: أنه لا يحرم حرام حلالا، وتفسير ذلك له أن رجلا بإمرأة ثم أراد أن يتزوج أمها كان ذلك جايزا له عندنا، وكذلك لو فجر بالام جاز له البنت في قولنا. قال يحيى بن الحسين عليه السلام: إذا أراد الرجل أن يتزوج
---
ص 363 " (40) النساء 23.
---(1/363)

66 / 198
ع
En
A+
A-