[ 354 ]
بين الوالد والولد، والمواريث بينهما وقالوا لا يتوارث الوالدان والولد فأبطلوا بذلك حكم الواحد الاحد الصمد ثم قالوا: لا تورث زوجة من زوجها إن نزل به موت، ولا يورث زوج من زوجة إن نزل بها موت، ولا يلزمها عدة تعتدها من ماء زوجها، كما حكم الله بذلك عليها، فنقضوا الكتاب، وخالفوا الله في كل الاسباب، فأحلوا ما حرمه وحرموا ما أحله، فهذا إلى أسباب كثيرة قد شرحناها في خطبة كتابنا هذا وبيناها فيما وضعنا من أصول ديننا.
باب القول في العبد يتزوج بغير إذن سيده وفي الرجل يظهر من المهر غير ما تراضوا به بينهم
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه، كل عبد نكح بغير إذن سيده فنكاحه باطل ولا يجوز ولا يثبت نكاح العبد الا بأمر سيده ورضاه. وقال ومن أظهر في المهر شيئا وأسر غيره لزمه ما أظهر، إلا أن يكون له بباطن أمره بينة يشهدون له على ما يذكر مما أسر من المهر، وتفسير ذلك رجل تزوج امرأة على مائة دينار وأظهر مائتي دينار فطالبه إصهاره بالمائتين اللتين أشهد عليهما الشهود عند تزويجه إياها وعقد ما عقد من نكاحها، فأنكر ذلك وقال: إنما تزوجت على مائة، فان كان له على قوله ودعواه بينة يشهدون له بما قال، وإلا لزمه ما شهد به عليه الرجال الذين شهدوا عقدة نكاحهما، وسمعوا ما أظهر من تسمية المهر بينهما، وإلا وجبت له عليها اليمين بنفي ما ادعاه وإنكارها ما سماه. حدثني أبي عن أبيه: في رجل تزوج إمرأة فأظهر صداقا أكثر مما أصدقها في السر بأيهما يؤخذ؟ فقال: يلزمه من الصداق ما أظهر إلا أن يأتي ببينة على أن نل أظهر غير ما أسر، وإلا كانت دعوى منه على المرأة عليها فيها اليمين.
---(1/354)
[ 355 ]
باب القول في المرأة يموت عنها زوجها، ولم يدخل بها ولم يفرض له مهرا، وفي الرجل يتزوج الامة على الحرة وفي الرجل يفجر بالمرأة يتزوجها
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: إذا تزوج الرجل المرأة ثم مات عنها ولم يكن سمى لها مهرا، فإن لها الميراث وعليها عدة المتوفي عنها زوجها، قال: وكذلك لو أنه تزوجها ثم طلقها قبل أن يدخل بها ولم يفرض لها كان لها المتعة على الموسع قدره وعلى المقتر قدره، ولا مهر لها، لانه لم يفرض المهر ولم يدخل بها. حدثني أبي عن أبيه في الرجل يتزوج المرأة فيموت عنها ولم يفرض لها المهر ولم يدخل بها، قال: عليها عدة المتوفى عنها زوجها ولها الميراث. قال يحيى بن الحسين رضي الله عنه: لا يجوز أن تنكح الامة على الحرة، ومن تزوج أمة على حرة فرق بينه وبين الامة، كذلك بلغنا عن زيد بن علي عن آبائه عن علي رضي الله عنهم أن رجلا تزوج أمة على حرة ففرق علي عليه السلام بينهما وقال: لا يحل لك أن تتزوج أمة على حرة. قال يحيى بن الحسين رضي الله عنه: ومن فجر بمرأة ثم تاب وتابت، ورجع إلى الله عزوجل ورجعت، وأخلص التوبة وأخلصت، فلا بأس أن يتزوجها لان حالهما من بعد التوبة آخرا خلاف حالهما وقت المعصية أولا، وإنما حرم الله التناكح بينهما في حال الفسوق والعصيان، وكذلك أطلق تناكحهما في حال الطاعة والايمان. حدثني أبي عن أبيه، في الرجل يفجر بالمرأة ثم يتزوجها هل يحل له ذلك؟ فقال: إذا تاب وتابت وعادا إلى ولاية الله فلا بأس
---(1/355)
[ 356 ]
بتناكحهما، وقد يجوز لهما هذا لو كانا مشركين، فكيف إذا كانا مليين، وقد كان ابن عباس وغيره يقول: أوله سفاح وآخره نكاح، وكان يقول يقبلهما الله عزوجل إذا تفرقا، ولا يقبلهما إذا اجتمعنا! إنكارا على من ينكر ذلك.
باب القول في العنين وفي الذميين يسلم أحدهما وفي الرجل يملك الاختين المملوكتين وفي العزل عن الحرة
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: لا بأس بالعزل عن الحرة إذا كان عزل الزوج خشية الغيلة والمضرة ولم يكن في ذلك مضارا لزوجته وكان في ذلك ناظرا لنفسه. وقال أي امرأة ابتليت بعنين فعليها الصبر على ما ابتليت به، ولا نرى أنه يجب أن يكحم عليه بفراقها، كذلك بلغنا عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام. قال يحيى بن الحسين رضي الله عنه: لا يجوز لمسلم أن يجمع بين أختين حرتين ولا مملوكين، ولا يجوز له إن وطئ أحداهما أن يطأ الاخرى حتى يخرج الاولى عنه مخرجا لا يجوز له الدنو منها فيه إما أن يعتقها، وإما أن يهبها لرجل من المسلمين هبة مبتوتة، ولا نرى له أن يهبها لعبده ولا أن يزوجها منه، ولا أن يزوجها رجلا غيره، لانها في حال ما يهبها عبده في ملكه بملك عبده. لان العبد وما يملك لمولاه. وقلنا: لا يجزيه تزويجها لان الزوج لو مات حل فرجها لمالكها فلذلك قلنا: يبتها بتا تكون فيه أولى منه بنفسها، أو يكون غيره فيها أولى بها منه ومن نفسها، مثل العتق أو البيع أو الهبة لرجل من المسلمين، فإذا فعل ذلك بالاولى جاز له أن يطأ الاخرى. وقال في ذمي عنده ذمية فأسلم الرجل وأبت المرأة أن تسلم قال: لها المهر بما استحل من فرجها إن كان لم يسلمه من قبل إليها، ولا نرى
---(1/356)
[ 357 ]
أنها تحل له وسنذكر الحجة في تحريم الذميات على المسلمين إن شاء الله. قال: وكذلك إن أسلمت هي ولم يسلم هو فلها المهر كاملا وتعتد من مائة، فإن أسلم الرجل وهي بعد في عدتها فهو أولى بها بنكاحها الاول. وقال: في ذميين لم يدخل الزوج بالمرأة فأسلم وأبت أن تسلم قال: لها نصف الصداق، وقد قال غيرنا إنه لا صداق لها، وليس ذلك عندنا، كذلك لانها ثبتت على دين لا يجوز قسرها على الخروج منه. حدثني أبي عن أبيه: في اليهودي والنصراني والمجوسي يتزوج المرأة ثم يسلم وتأبى المرأة أن تسلم، ولم يكن دخل بها قال: لها من الصداق ما لغيرها، قال: ويذكر عن الحسن البصري أنه قال: ليس لها من الصداق شئ وقال: غيره لها نصف الصداق وعندي أن حكمها كحكم المسلمين. حدثني أبي عن أبيه في الاختين المملوكتين هل يجمع بينهما قال لا يجمع بين الاختين وذلك قول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فيهما، والمملوكتان في ذلك كالحرتين. وحدثني أبي عن أبيه: في العزل عن الحرة والامة قال: لا بأس بالعزل عن الامة ولا بأس بالعزل عن الحرة إلا أن يكون منها مناكرة.
باب القول في الشرط في النكاح وجمع الرجل بين امرأة الرجل وابنته
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: لا بأس أن يجمع الرجل بين المرأة وابنة زوجها وقد فعل ذلك عبد الله بن جعفر جمع بين ابنة علي وامرأته، ولا بأس أن يجمع بين بنتي العمين وبنتي العمتين وبنتي
---(1/357)
[ 358 ]
الخالين وبنتي الخالتين، وقد فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم جمع بين ابنة عمته أم سلمة وبين ابنة عمته زينب ابنة جحش. قال: وكل شرط في النكاح فهو باطل إلا شرطا أجاز الله اشتراطه، ولو أن رجلا تزوج امرأة وشرط لها أن لا يتزوج عليها ولا يخرجها من قرب والديها لم يلزمه ذلك في حكم الاسلام، ولو أن رجلا زوج امرأة من رجل واشترط لنفسه جعلا كان ذلك الشرط داخلا في الصداق إن رضيت المرأة سلمته (31) إليه وإن لم ترض أخذته من يده، وكان محسوبا عليها في صداقها إلا أن يحب الزوج أن يهب له ما ذكر هبة ولا يحسبه على المرأة، وإن فعل فذلك حسن بين المسلمين والوفاء من أخلاق المؤمنين وليس يحكم به عليه، ولا يفسد تركه شيئا من نكاحه. حدثني أبي عن أبيه: أنه سئل عن الرجل يجمع بين المرأة وابنة زوجها وبين ابنتي العمين وابنتي الخالين فقال: قد جمع عبد الله بن جعفر بين ابنة علي وامرأة علي رضي الله عنه، ولا بأس بذلك لانها ليست بأمها، وأما بنتا العمين والخالين فقد قال الله تبارك وتعالى: (وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك) (32) وقد تزوج رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أم سلمة وأمها ابنة عبد المطلب عمته، وزينب ابنة جحش وأمها ابنة عبد المطلب عمته جمع بينهما. حدثني أبي عن أبيه: أنه سئل عن الرجل يتزوج المرأة ويشترط عليه أن لا يخرجها من مصرها أو قريتها أو دارها؟ فقال: لا تجوز هذه الشروط في عقدة النكاح، لان هذه الشروط على غير عدة معلومة، ولا أجل محدود.
---
ص 358 " (31) في نسخة أسلمته إليه.
(32) الاحزاب 50.
---(1/358)