[ 349 ]
رضيت بنكاح الآخر ولم ترض بنكاح الاول فالنكاح بينها وبين من رضيت به، ومن لم ترض به فلا عقد له. وحدثني أبي عن أبيه: أن ابن عم له خطب إليه بنت أخيه محمد بن إبراهيم فزوجه إياها فبعث إليه بأربع مائة دينار فأخذ منها دينارا ورد إليه الباقي. وحدثني أبي عن أبيه أنه قال: أدنى ما يجوز في الصداق وهو ما جاء عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام: وهو عشرة دراهم قفلة.
باب القول في المتعة والوكالة بالتزويج والقول في تزويج الوصي
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: المتعة عندنا فهي النكاح والاستمتاع بالنساء على طريق ملك عقدة النكاح بعقد الاولياء وشهادة عدلين من الشهداء وفي ذلك ما يقول الله تبارك وتعالى: (فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة) (17) يريد ما استمتعتم به منهن بأنكاح أوليائهن فآتوهن أجورهن، والاجور هاهنا فهي المهور، فأما ما يقول به أهل الشناعات، والطالبون للتعللات، الها تكون للحرمات، من أن المرأة تعقد عقدة نكاحها فيما بينها وبين زوجها من دون من جعل الله أمرها إليه من أوليائها فلا يلتفت إلى قوله، ولا يتكل عليه، لان الله سبحانه قد أبطل قول من قال بذلك، وكان في (18) القول في التعدي كذلك بما بين من الحكم بحكم عقدة النكاح للاولياء، وبين من حظر ذلك على
---
ص 349 " (17) النساء 24. في نسخة (التعلات).
(18) في نسخة وكان في التعدي في القول كذلك. في نسخة من الحكم بعقد عقدة النكاح.
---(1/349)


[ 350 ]
النساء فقال سبحانه: (وأنكحوا الايامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم) (19) وقال سبحانه: (ولا تعظلوهن أن ينكحن أزواجهن) (20) وقال سبحانه: (فانكحوهن بإذن أهلهن) (21) ففي كل ذلك يأمر الله سبحانه وينهى من جعل الله عقدة النكاح إليه من الاولياء، ولو كان كما يقول المبطلون ويتأول من الافتراء على الله المفترون، لامر النساء ونهاهن في ذلك كما أمر أولياءهن ولكن الله رؤوف رحيم، ذو قدرة وامتنان كريم وكيف يجيز ذلك أو يأمر به، أولهن يطلقه، وهو يقول: (إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون) (22) وأي فاحشة أعظم من أفعال من يولي النساء الانكاح لانفسهن دون الرجال، إذا لخرج الحرم من أيدي أوليائهن، ولهتكن ما ضرب الله من الحجاب عليهن، ولما وجد فاجر مع فاجرة يفجر بها إلا أدعى وادعت أنه تزوجها، ليصرفا بذلك ما حكم الله به من الحدود عليهما، ولو كان ذلك كذلك ثم أدعيا عند ظهور الشهود عليهما ذلك، لما صحت للشود شهادة ولا وجبت على أحد بشهادتهم عقوبة، لان الفاسقين لا يجتريان على الفسوق إلا وهما على الكذب أجرأ ويقول المحال مما يدرء ان به الحد عن أنفسهما أحرى، ولو جاز ذلك في المسلمين لما قام شئ من حكم رب العالمين في الزانين الفاسقين، ولاجترأ بذلك على الله سبحانه كل فاجر، ولو كان ذلك حقا - تعالى الله عن ذلك - لما كان لقوله سبحانه: (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله) (23) معنى لانه لا يوجد زان أبدا فيجب أن يهتك بين
---
ص 350 " (19) النور 32.
(20) البقرة 221.
(21) البقرة 221.
(22) الاعراف 28.
(23) النور 3.
---(1/350)


[ 351 ]
المسلمين هتكا، بل كان يدعي التزويج لها، ولكانت هي تقر بذلك له فيها، خشية من وجوب الحد عليه وعليها فمتى - لو كان ذلك كما يقولون - يصح حكمهم في الزنا إذ يحكمون، والزناة يدعون ما يدعون من النكاح لما به يزنون، كلا إن الله لاحسن تقديرا وحكما من أن يجيز قول من يقول محالا وزورا. قال يحيى بن الحسين رضي الله عنه: ولو أن رجلا وكل وكيلا بأن ينكح حرمته من الرجال، لمن رأى إنكاحه لجاز ذلك للوكيل، وكذلك حكم الواحد الجليل، وقال ليس للوصي أن ينكح من تحت يده من أولاد الموتى الموصين إليه بهم، لان الاولياء أولى بمن تحت أيدي الاوصياء من حرماتهم والاولياء من العصبة الاقرباء فهم الذين يعقدون عقدة نكاح النساء دون من أوصي بهن إليه من الاوصياء، لا يجوز للوصي من ذلك أمر إلا أن يجيزه له العصبة، وتأمره بعقده فيمن تحت يده من القرابة، فإن أمروه بشئ من ذلك جاز له فعله كما يجوز لغيره لو وكل بذلك عقده. حدثني أبي عن أبيه أنه سئل عن نكاح المتعة؟، فقال: لا يحل نكاح المتعة لان المتعة إنما كانت في سفر سافره النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ثم حرم الله ذلك على لسان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وقد روي لنا عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام بما قد صح أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عنه. وأما من أحتج بهذه الآية ممن استحل الفاحشة من الفرقة المارقة في قول الله عزوجل: (فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن) (24) فالاستمتاع هو الدخول بهن على وجه النكاح الصحيح، وإيتاؤهن
---
ص 351 " (24) النساء 24.
---(1/351)


[ 352 ]
أجورهن فهو إعطاؤهن مهورهن إلا ما وهبن بطيب من أنفسهن، والتراضي فهو التعاطي، ولا يجوز النكاح إلا بولي وشاهدين لان في ذلك ترك ما بين الله فيه، وخروج النساء من أيدي الاولياء، وإبطال ما جعل الله للاولياء فيهن وما حكم به الاولياء عليهن، ألا تسمع كيف يقول لا شريك له: (وأنكحوا الايامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم) (25) وقال: (ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا) (26) وقال: (ولا تعظلوهن أن ينكحن أزواجهن) (27) فلو كان الامر في ذلك إليهن لبطل الامر في هذا كله من أيدي الرجال، ولخرج من أيدي الاولياء أمهاتهم وبناتهم وأخواتهم وحرماتهم، ولقد كان هذا ومثله في الجاهلية الجهلاء، وإنه ليستعظم ويهرق فيه بين الناس كثير من الدماء ويكون فيه فساد عظيم بين الاولياء من الرجال والنساء، فكيف في الاسلام الذي جعله الله يصلح ولا يفسد، ويؤكد الحقوق بين أهلها ويسدد، ولقد أدركنا مشايخنا من أهل البيت عليهم السلام وما يرى هذا منهم أحدا حتى كان بآخره، فحدث سفهاء رووا الروايات الكاذبة. ولقد حدثني أبي عن أبيه: عن إسماعيل بن أبي أويس عن حسين بن عبد الله بن ضميره عن أبيه عن جده علي بن أبي طالب عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: " لا نكاح إلا بولي وشاهدين " وأن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عن نكاح السر، وإنه مر صلى الله عليه وعلى آله وسلم ذات يوم بدار من دور الانصار فسمع بها صوتا فقال: ما هذا؟ فقيل يارسول الله فلان تزوج فقال: الحمد لله هذا النكاح لا السفاح أشيدوا بالنكاح.
---
ص 352 " (25) النور 32.
(26) البقرة 221.
(27) البقرة 221. * قوله بآخره على وزن قصبة، بمعنى الاخير يقال جاء بآخرة أي أخيرا مصباح
---(1/352)


[ 353 ]
وحدثني أبي عن أبيه، أنه سئل عن الوصي هل له أن يزوج؟ فقال: ليس الوصي من الولي بالنسب في شئ وإنما الاولياء أهل الاشتراك في الانساب. قال يحيى بن الحسين رضي الله عنه: هذا الذي ذكرنا وذكر جدي رحمة الله عليه في المتعة هو الحق لا ما يأتون به ويقولون به في المتعة من شروطهم زعموا، واشتراطهم مما هو خلاف الكتاب والسنة وإحلال ما حرم الرحمن وإطلاق ما حظر في منزل الفرقان قوله سبحانه في المواريث: (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الانثيين) (28) وقال في الوراثة بين الزوجين: (ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصين بها أو دين، ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها أو دين) (29) وقال في العدة وما أوجب الله سبحانه من إكمالها على الزوجة المطلقة: (يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة) (30) فأوجب الله سبحانه الميراث بين الولد والوالدين، بين المتناكحين من الزوجين، وجعل العدة واجبة على المطلقات، وأوجب لهن النفقة والمتعة على أزواجهن، وحكم بذلك في الكتاب لهن، وأبطل الامامية المستحلون للمتعة ذلك كله، وردوا كتاب الله سبحانه ردا وعاندوا الله في حكمه عنادا، وقالوا: شرط الانسان أوجب من حكم الرحمن، فأبطلوا الانساب
---
ص 353 " (28) النساء 10.
(29) النساء 12.
(30) الطلاق 1.
---(1/353)

64 / 198
ع
En
A+
A-