[ 344 ]
أخواتهن. وحرم نكاح بنات الاخوات من الرضاعة على إخوة أمهاتهم لانهم أعمام لهن، ولا يحل نكاح الاعمام من الرضاعة ولا العمات لبني الاخوة والبني الاخوات، وما سفل من ذلك، فيحرم على الاعلى المراضع للجد كذلك. ثم حرم سبحانه أمهات النساء على أزواج بناتهن إذا كانوا قد دخلوا بالبنات أولم يدخلوا، فلا يحل لهم نكاح الامهات، تعظيما منه لحرمة الام على زوج بنتها ونهيا منه عن أن ينكح الام بعد إبنتها. ثم حرم إبنة المرأة على زوج أمها إذا دخل بها، وجعلها بحكمه ربيبة محرمة على زوجها فأقامها منه في التحريم عليه بنكاح أمها كمقام بنته، فحرمت الربايب على الرجال بتحريم ذى القدرة والجلال، إذا دخل بأمهاتهن. وبنات الربايب على أزواج الجدات محرمات كتحريم البنات. وحرم جل ثناؤه وعز بكريم ولايته أولياءه على الرجال نساء أبنائهم الذين من أصلابهم. وحرم على الابناء نكاح ما نكح الآباء استعطافا للآباء على نساء أبنائهم بالتحريم لهن عليهم، فجعلهن من آباء أزواجهن في التحريم عليهم كالمحرمات من بناتهم وأخواتهم وربايبهم اللاتي في حجورهم. وجعل نساء الآباء محرمات على من ولدوا من الابناء، تعظيما منه لحق الآباء على أبنائهم. وجعل أزواج آبائهم في التحريم عليهم كأمهاتهم فقال في ذلك سبحانه: (ولا تنكحوا ما نكح أباؤكم من النساء إلا ما قد سلف) (15) يقول: إلا ما قد مضى من فعل الجاهلية الجهلاء، وما كانوا يخطئون به على أنفسهم في نكاح أزواج الآباء من الابناء. وكذلك حرم تبارك وتعالى الجمع بين الاختين نظرا منه للعباد وإصلاحا منه تبارك وتعالى بذلك في البلااد،
---
ص 344 " (15) النساء 22.
---(1/344)
[ 345 ]
ومعونة منه لعباده على التبار والتقوى، لما في إجتماع الاختين عند الزوج من الشحناء، والتباغض بينهما والاعتداء، وما لا يطقن دفعه من قطيعة الارحام والمخالفة في ذلك لحكم الاسلام، ولشدة التغاير بينهما الذي قد يفعله ويأتيه غيرهما من الضراير المتضارات، والازواج المتغايرات، فوصل الله سبحانه بين الاختين نظرا منه لهما بما حرم على جميع الرجال من الجمع بيهما. وحرم سبحانه إنكاح المشركين حتى يؤمنوا ونكاح المشركات حتى يؤمن، وقال في ذلك سبحانه: (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولامة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم، ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم) (16).
باب القول في إبطال النكاح إلا يولي وشاهدين
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: (لا نكاح إلا بولي وشاهدين) وبلغنا عن زيد بن علي عن آبائه عن علي بن أبي طالب عليهم السلام أنه قال: " لا نكاح إلا بولي وشاهدين ليس بالدرهم ولا بالدرهمين ولا اليوم ولا اليومين، شبه السفاح ولا شرط في نكاح " وبلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: " لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل، فمن لم يكن لها ولي فالسلطان وليها ". قال يحيى بن الحسين رضي الله عنه: يريد صلى الله عليه وعلى آله وسلم بقوله السلطان وليها إمام المسلمين الذي يجب عليهم طاعته ويحرم عليهم معصيته، فإذا عدم ذلك فرجل من خيار المسلمين.
---
ص 345 " (16) البقرة 231.
---(1/345)
[ 346 ]
قال: ولو أن رجلا تزوج امرأة بغير تزويج وليها وأشهد على تزويجها شاهدين كان ذلك النكاح باطلا لانه نكاح عقد دون الاولياء، ولا نكاح إلا نكاح عقده ولي أو إمام المسلمين إذا لم يكن ولي أو نكاح عقده رجل عدل من المسلمين إذا عدم الولي وإمام المسلمين، فأما إذا كان الولي قائما بعينه، فلا يجوز نكاح حرمته إلا بإذنه ولا يتم عقد نكاحها إلا بعقده. حدثني أبي عن أبيه عن أبي بكر إبن أبي أويس المدني عن حسين بن عبد الله بن ضميره عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا نكاح إلا بولي وشاهدين) وبلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: (لا تنكح المرأة إلا بولي وشاهدين، فإن نكحت فهو باطل، فإن نكحت فهو باطل، حتى قال ذلك ثلاثا " وبلغنا عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام: أنه قال: " لا نكاح إلا بولي فمن نكح فهو باطل ". حدثني أبي عن أبيه: أنه سئل عن رجل نكح امرأة بغير ولي زوجه رجل جعلته وليها وأشهد رجلين فقال: ليس لاحد أن ينكحها إلا بإنكاح وليها، إلا أن يعضلها الولي أو يصير إلى المضارة لها. ومن يكن لها ولي ولت أمرها رجلا من المسلمين، فأنكحها ولابد في كل نكاح من إشهاد رجلين عدلين. قال يحيى بن الحسين رضي الله عنه: معنى قول: جدي القاسم رضي الله عنه في الولي إلا أن يعضلها أو يصير إلى المضارة لها يريد أنه إذا أعضلها نظرا إمام المسلمين في أمرها فإما أجبره على إنكاحها وإما زوجها الامام من دونه كفوا لها، فإن لم يكن إمام ولت رجلا من المسلمين أمرها فعقد عقدة نكاحها.
---(1/346)
[ 347 ]
باب القول في تفسير الاولياء
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: الاولياء فهم العصبة المتناسبون الذين هم والحرمة في النسب مجتمعون وأولاهم بعقد نكاح المرأة وتزويجها أحقهم بورائة ما تتركه من ميراثها، فأولهم الابن ثم ابن الابن وإن سفل، ثم الاب ثم الجد أب الاب وإن علا، ثم الاخ للاب والام، ثم الاخ للاب، ثم ابن الاخ للاب والام، ثم ابن الاخ للاب، ثم العم للاب والام، ثم العم للاب ثم ابن العم لاب وأم، ثم ابن العم للاب، ثم المولى وهو المعتق ولي النعمة. قال: ويستحب للاب والجد أن يعقدا دون الابن وابن الابن، لان ذلك أقرب إلى الحياء والاحسان، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: " الحياء من الايمان ولا إيمان لمن لا حياء له ". قال يحيى بن الحسين رضي الله عنه: ولا يجوز أن يعقد من هؤلاء الذين ذكرنا عقدة نكاح المرأة رجل ومعه من هو أولى منه ممن قد سمينا إلا أن يأذن له ويجوز فعله فيجوز له ما فعل من ذلك وتثبت العفدة بين الزوجين كذلك. حدثني أبي عن أبيه أنه قال: الاولياء هم الذين يعقدون عقدة النكاح دون الاوصياء.
باب القول في إنكاح البكر والقول في الصداق وإنكاح وليين لرجلين
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: ولا يجوز لولي من الاولياء أن ينكح أحدا من النساء إلا بإذنها إذا كانت قد بلغت مبالغ النساء، ثيبا كانت المرأة أو بكرا، وقد رخص للاب في تزويج إبنته
---(1/347)
[ 348 ]
الصغيرة، ولم يطلق ذلك له في الكبيرة إلا بأمرها، وقد جعل رسول الله صلى الله عليه وآله: صمت البكر إذنها فإذا صمتت فقد رضيت وإذا رضيت بكفؤها أنكحت. وقال: الصداق على ما تراضى به الاهلون بينهم من قليل أو كثير، إذا كان أكثر من عشرة دراهم أو عشرة سواء، فأما أقل من عشرة فلا يكون مهرا عندنا، وتراضي الاهلين فإنما معناه رضى المرأة بما يعطيها ورضى الرجل بما سمى وطلب منه، إذا كان ذلك عشرة دراهم فصاعدا. وقال: في وليين أنكحا امرأة من رجلين إن كان أحدهما أقرب في النسب إليها جاز عقدة عليها إذا رضيت بإنكاحه إياها دون الآخر الذي هو أبعد في النسب منها لانه لا يجوز للابعد أن يعقد دون الاقرب، فإن لم يعلم أيهما عقد أولا وكان الوليان كلاهما في القرابة سواء أبتدئ العقد لمن رضيت به من الزوجين فزوجت منه وصيرت بنكاح جديد إليه، إلا أن ترضى بأحدهما وتسخط أحدهما فيثبت النكاح بينها وبين من رضيت به منهما إذا قد عقد نكاحه إياها وليها الذي ليس في القرابة أقرب منه. حدثني أبي عن أبيه: أنه قال: في الرجل يزوج إبنته المدركة البكر وهي كارهة فقال: لا تنكح المرأة البكر إذا بلغت إلا بعد إستيئمار. وإن كان الاب هو المنكح لها فإن أنكحها ولم يؤآمرها فالامر أمرها في نفسها. حدثني أبي عن أبيه: أنه سئل عن وليين لامرأة روج أحدهما من رجل، وزوج الآخر من رجل آخر، فقال: العقد للاول منهما فإن لم يعرف الاول منهمما أبتدئ النكاح فأنكح أحدهما نكاحا مستقبلا، وإن
---
ص 348 " في نسخة (إذا عقد عقد إنكاحه اياها وليها).
---(1/348)