[ 327 ]
أكلها مثل حمار الوحش والنعامة والظبي وما أشبه من الصيود فهو مردود في الحكم إلى أصله لا يجوز للمحرم التعرض لشئ من أمره.
باب القول في المحرم يشتري الصيد في الحرم
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: من اشترى صيدا في الحرم فعليه إرساله ولا يجوز له أسره ولا أخذه، وكذلك لو اشتراه في الحل لرأيت له أن يرسله، لان المحرم لا ينبغي له أن يأسر شيئا من الصيد ولا يحبسه، وكذلك لو أو محرما أخذ صيدا فنتفه أو قصه، فالواجب عليه أن يعلفه ويقوم حتى ينبت جناحاه ثم يرسله فإن تلف في يده كانت عليه الكفارة، وإن نتف بعض ريشه أو جرحه أطعم عما نتف من ريشه على قدر ما نقص من طيرانه، وكذلك يخرج قدر ما نقصه الجرح على قدر ما كان منه فيه من الاثر.
باب القول فيمن طاف جنبا أو على غير طهور
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: إن طاف طواف النساء وهو جنب ناسيا، أو طافت إمرأة حايض ناسية فعليها الاعادة إن كانا بمكة وإن كانا قد لحقا بأهلهما وصارا إلى بلدهما ثم ذكرا ذلك، فعلى كل واحد منهما بدنة، ومتى رجعا قضيا ذلك الطواف. قال: وإن نسي ناس طواف النساء فلم يطفه فعليه الرجوع له من حيث كان إلا أن يخاف على نفسه تلفا فينتظر أن يخرج مع كل الناس ويكون حاله في ذلك حال المحصر، وكذلك روي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قال: يرجع من نسي طواف النساء ولو من خراسان. قال يحيى بن الحسين رضي الله عنه: وإن جامع النساء قبل أن
---(1/327)


[ 328 ]
يرجع فيطوف ذلك الطواف كانت عليه في ذلك بدنة. قال: ومن طاف الطواف الواجب ثم ذكر أنه لم يغسل ذراعه اليمنى فأنه يعود فيغسلها ثم يغسل يده اليسرى ويمسح رأسه، ويغسل رجليه، ثم يعيد ما طاف.
باب القول فيمن نسي السعي بين الصفا والمروة
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: إن أمكنه الرجوع للسعي فليرجع وإن لم يمكنه أجزأه أن يهريق دما، ومتى عاود الحج قضي السعي بينهما، ومن طاف بينهما على غير وضوء ثم ذكر ذلك بعد خروجه لم يكن عليه في ذلك شئ، لان السعي ليس فيه صلاة، ولا ينبغي له أن يفرط في التطهر للسعي بينهما، لانهما موقفان عظيمان، والساعي بينهما في عبادة لربه فينبغي له أن يتطهر لما هو فيه من عبادته وإن عرض له عارض فقطع سعيه، فلا بأس إذا عاد أن يبني على ما مضى من سعيه.
باب القول فيمن نسي رمي الجمار
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: من نسي رمي الجمار ثم ذكرها في آخر أيام التشريق، فليرمها لما ترك من الايام وليهرق دما لتأخيره رميها، وإن لم يذكر رميها حتى يصدر الناس من منى فليهرق دما، وليس عليه رمي، لان وقت الرمي وأيامه قد خرجت. قال: وإن نسي ناس أن يرمي بحصاة أو حصاتين أو ثلاث ثم ذكر ذلك من الغد فإنه يرمي ويطعم عن كل حصاة مسكينا، وإن نسي أن يرمي بأربع حصيات جمرة من الجمرات رمى بهن من الغد وتصدق عنهن بصاعين من طعام وإن نسي من حصى كل جمرة أربع حصيات ورمى كل واحدة بثلاث فليهرق لذلك دما ويعود فيرمي بما نسي من الحصا إن كان في
---(1/328)


[ 329 ]
أيام الرمي، وإن كان قد خرج وقت الرمي أجزاه ما أهراق من الدم.
باب القول فيما تنتجه البدنة وفي لبنها ووقت النحر في البلدان
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: لو أن رجلا ساق بدنة فنتجت في الطريق فهي وما نتجت هدي، ولا يجوز لسايقها أن يشرب من لبنها شيئا، ولا يسقيه أحدا من خدمه وأعوانه، ولكن ما فضل عن ولدها فليتركه في ضرعها، فإن خشي عليه من تركه فيه حلبه، وتصدق به على المساكين، لانها ولبنها لله رب العالمين. قال وإن شرب هو من لبنها أو سقاه أحدا من خدمه فليتصدق بقيمة ما شرب منه أو سقاه، وكذلك البقرة والشاة يذبح أولادهما معهما. قال: ولا ينبغي لاهل الامصار أن يذبحوا أضاحيهم إلا بعد طلوع الشمس وارتفاعها، وهو أفضل وهو الواجب، وإن ذبحوا قبل طلوع الشمس لم يجزهم ذلك، ووجب عليهم أن يعيدوا فيذبحوا بعد طلوع الشمس وارتفاعها، وبعد الانصراف ورجوع الامام من الصلاة، فأما أهل القرى والبوادي وحيث لا جمعة تجمع فلا بأس أن يذبحوا قبل طلوع الشمس وبعد طلوع الفجر، وإنما قلنا بذلك لان أهل الامصار يجب عليهم الاجتماع والخروج لصلاة الامام والخطبة، فإذا وجب عليهم ذلك، لم يجز لهم أن ينحروا حتى يصلوا، والصلاة فإنما تجب بعد طلوع الشمس فكيف بما لا يجوز إلا بعدها من الذبح وفي ذلك ما يقول الله سبحانه: (فصل لربك وانحر) (55) فأمره بالصلاة قبل النحر، والذبح بعد الصلاة أفضل وأحب إلينا.
---
ص 329 " (55) الكوثر 3.
---(1/329)


[ 330 ]
باب القول في الحاج يؤخر الذبح حتى تخرج أيام النحر
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: وإذا أخر المتمتع ذبح هديه حتى تخرج أيام النحر فعليه أن يذبح هديه الذي كان عليه، وعليه أن يهرق دما لتأخيره ذبح هديه حتى خرج ما خرج من وقته، وله أن يأكل من الاول هدي التمتع (56) وليس له أن يأكل من الآخر لانه كفارة. قال: ولو أن قارنا آخر نحر هديه، وجب عليه ما وجب على المتمتع من الفدية، وله أن يأكل من الهدي، وليس له أن يأكل من الفدية.
باب القول فيمن خاف على هديه عطبا وفي الاستبدال به غيره
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: ولو أن رجلا ساق هديا فمرض عليه الهدي في الطريق فخاف من تلفه، فلا بأس أن يبيعه ويستبدل بثمنه هديا غيره من ذلك المكان فأن كان ثمنه أقل من ثمن ما يستأنف زاد عليه حتى يتم ثمنه، وإن كان ثمن المريض أكثر من ثمن ما اشترى، اشترى بما يقى هديا آخر بالغا ما بلغ من بقرة أو شاة، وإن لم تبلغ الفضلة ثمن شاة إشترى بها طعاما فتصدق به على المساكين بمنى، وبعد نحره لهديه. قال: وكل هدي لعمرة إذا بلغ الحرم ثم عطب فنحر في الحرم فقد بلغ محله، ولا غرم على صاحبه وكل هدي كان للحج فهو مضمون إلى يوم النحر وعلى صاحبه غرمه إن تلف قبل ذلك اليوم.
---
ص 330 " (56) في نسخة هدي المتعة.
---(1/330)


[ 331 ]
باب القول فيمن نذر أن يذبح ولده بمكة أو منى أو غيره وأن يهديه أو يهدي غيره
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: ومن قال: علي لله أن أذبح ولدي عند مقام إبراهيم صلى الله عليه فهذا لا يجوز له، ولا يحل له فعله، وعليه في ذلك أن يذبح كبشا بمكة، فيتصدق بلحمه على المساكين، وإن كان قال: أذبحه بمنى ذبح يوم النحر كبشا وليس له أن يأكل من ذلك شيئا كان بمكة أو منى. وكذلك لو قال: أذبح أخي أو أذبح نفسي وجب عليه ذبح كبش، وقد فدى الله إسمعيل الذبيح صلى الله عليه بذبح عظيم وهو الكبش الذي فداه به تبارك وتعالى. قال: ومن قال: علي لله إن كان كذا وكذا أن أذبح عبدي أو أمتي بمكة أو بمنى فإنا نرى له أن يبيعه ويذبح بثمنه ذبائح في الموضع الذي ذكر من مكة أو منى، لان العبد مال من أمواله وليس يحل له ذبحه وقد أوجبه لله على نفسه فعليه أن يخرج ثمنه فيوفي به نذره. وكذلك من قال: لله علي أن أذبح فرسي بمنى قلنا له لحم الفرس لا يجوز أكله للمسلمين، فبعه واشتر بثمنه بدنا وانحرها للمساكين، فإن ذلك أقرب إلى رب العالمين، وأشبه بفعال المؤمنين، وأبعد من الفساد والردى وأقرب إلى الخير والتقوى. قال: ومن قال: لله علي أن أذبح أم ولدي أو مكاتبي أن كان كذا وكذا فيجب عليه ما يجب في ذبح أخيه أو ولده وذلك كبش يذبحه لان هولاء لا يجوز له بيعهم من أو ولده مكاتبه وليسوا له بمال ينفذ فيه أمره ونهيه وهبته بيعه، فلذلك لم نأمره بما أمرناه في المملوك.
---(1/331)

60 / 198
ع
En
A+
A-