[ 312 ]
قال يحيى بن الحسين عليه السلام: وإن حمل المحرم إمرأته من مكان إلى مكان فكان منه لحملها حركة واهتشاش فسبيله سبيل القبلة في الامناء والامذاء وغير ذلك، إذا كان في حملها طالبا لحركة وتلذذ بضمها إليه، فإن لم يكن في حمله أياها تلذذ ولا طلب لشهوة فأمذى فأكثر ما يجب عليه دم، وإن تركه لم يلزمه إذا كان على ما ذكرنا، ولم يكن له بد من رفعها ووضعها، فأفضل له وأجزل لاجره الكفارة لان ذلك أحوط في الدين، وأسلم عند رب العالمين، فإن وجد عن ذلك مبعدا، فحملها ووضعها وهو مستغن عن رفعها فأمذى فعليه دم. حدثني أبي عن أبيه في المحرم يحمل إمرأته فيمذي قال: أكثر ما يلزمه إهراق دم ولا ينبغى له أن يدنو منها إذا خشي ذلك وإذا كان ذلك منه فيها وهو مضطر إلى حملها كان عليه ما ذكرنا من الكفارة عند الضرورة، وإذا كان ذلك منه عبثا لزمته الكفارة في فعله إن أمنى فبدنة وإن أمذى فبقرة.
باب القول في الحج عن الميت وفيمن ترك الحج وهو مؤسر
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: الحج على الميت سبيل من سبل الخير يلحقه أجر ذلك إن كان أوصى به، وإن كان لم يوص به فللحاج عنه أجر ما قصد (* *) من بره. قال يحيى بن الحسين عليه السلام: ومن ترك الحج هو مؤسر لعلة تمنعه منه وكان مجمعا على الحج إن تخلص مما يصده عنه فهو غير ماثوم، وإن كان الذي خلقه عن ذلك إشتغال بأمر نفسه في دنياه، عما فرض عليه من حجه إلهه ومولاه كان آثما في فعله، غير مقبول عند ربه.
---
ص 312 " في نسخة (حركة شهوة).
(* *) في نسخة (ما قصد له).
---(1/312)


[ 313 ]
حدثني أبي عن أبيه أنه سئل عمن ترك الحج وهو مؤسر؟ فقال: ما كان مجمعا على الحج فليس كالتارك له، قال: واستطاعة الحج التي يجب بها الحج فهو الزاد والراحلة وصحة البدن وأمان السبيل. حدثني أبي عن أبيه أنه سئل عن الشيخ الكبير والعجوز لا يثبتان على الدابة ولا على الراحلة ولا يقدران أن يسافر بهما في محمل هل يجوز أن يحج عنهما في حياتهما؟ فقال: فرض الحج زايل عن هذين لانهما للحج غير مستطيعين، وإنما فرض الله الحج على من استطاعه لانه يقول سبحانه: (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا) (37) فإن حجا عن أنفسهما أو حج عنهما أحد فحسن جميل لما جاء من حديث الخثعمية التي استفتت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن تحج عن أبيها فأمرها بذلك.
باب القول في الحاج يجامع بعد أن يرمي جمرة العقبة، ويحلق، وفي المتمتع يجامع قبل أن يقصر
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: إذا رمى الحاج الجمار وحلق ثم جامع قبل أن يطوف طواف النساء فعليه دم، ولا يفسد ذلك حجه، بعد أن قد رمى وحلق رأسه، وكذلك المتمتع إذا جامع أهله قبل أن يقصر، وقد طاف وسعى فأكثر ما يجب عليه دم. حدثني أبي عن أبيه في المتمتع يواقع أهله قبل أن يقصر وقد طاف وسعى قال: أكثر ما عليه في ذلك أن يهريق دما، وإن لم يهرق دما فأرجو أن لا يكون عليه بأس، وإهراقه الدم أحب إلينا وأسلم له عند ربه سبحانه.
---
ص 313 " (37) آل عمران 97.
---(1/313)


[ 314 ]
باب القول في حصى الجمار ومن أين تؤخذ ومتى ترمى الجمار وفي الجمار راكبا وفي الرمي بالحصى جملة
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه يستحب أن تحمل حصى الجمار من مزدلفة، فإن أخذه آخذ من بعض جبال منى أو أوديتها أجزأه ذلك، ويستحب له أن يغسله إن رأى فيه دنسا أو أثرا، وإن رمى راكبا أجزأه ولا يرمي بالحصى إلا متفرقا واحدة واحدة، يكبر مع كل حصاة، فإن غلط فرمى بهن معا عاد فرمى بسبع حصيات متفرقات واحدة واحدة، ويرمي جمرة العقبة أول يوم بكرة، واليوم الثاني مع الزوال، واليوم الثالث مع الزوال، ويوم النفر الاكبر فأذا انتفخ (38) النهار وأضحى فالرمي له جايز إلى الليل. حدثني أبي عن أبيه أنه سئل عن الرجل يرمي بسبع حصيات جميعا فقال: أحب إلي أن يفرقها. حدثني أبي عن أبيه أنه سئل عن حصى الجمار من أين تحمل وهل تغسل؟ فقال: يستحب حملها من المزدلفة، وإن أخذها من غيرها فلا بأس، إذا لم يكن فيها قذر يستبين. حدثني أبي عن أبيه أنه سئل عن الرجل يرمي بسبع حصيات معا فقال: أحب إلينا أن يفرقها واحدة بعد واحدة وذلك الفرض عليه الواجب من حكم الله تعالى. حدثني أبي عن أبيه أنه سئل عن المريض هل ترمى عنه الجمار؟ قال: إذا غلب ولم يقدر على أن يرمى في حال المرض فيرمى عنه، وأكثر
---
ص 314 " (38) قال في الصحاح: ربما قالوا انتفخ النهار أو أعلا، وهو بالخاء المعجمة.
---(1/314)


[ 315 ]
ما يجب عليه في ذلك إذا لم يقدر أن يرمي أن يرمى عنه أو يهرق دما (39). حدثني أبي عن أبيه أنه سئل عمن رمى الجمار راكبا؟ فقال: يجريه، ورميه على رجليه أفضل وأشبه بأعمال الصالحين قبله. حدثني أبي عن أبيه أنه سئل أي وقت أفضل لرمي الجمار؟ فقال: زوال الشمس إلا يوم النحر فإنها ترمى من قبل الزوال. حدثني أبي عن أبيه فيما يقول: الرجل إذا رمى الجمار فقال: يقول مع كل حصاة يرمي بها الله أكبر ثم يتقدم أمام الجمرتين الاوليتين إذا رماهما ويدعو بما حضره من الدعاء ويذكر الله، فأما جمرة العقبة فيرميها ويكبر مع كل حصاة ولا يقف عندها.
باب القول في رمي الجمار على غير وضوء وقبل طلوع الفجر
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: لا ينبغي أن ترمى الجمار إلا على طهور، لانها مواقف كريمة شريفة، ومن رماها جاهلا على غير طهور، لم يفسد ذلك عليه شيئا من مناسكه، وأما رميهن قبل طلوع الفجر فلا يجوز إلا للنساء لضعفهن، ولم يرخص في ذلك لغيرهن فأما ما يروى من إرسال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عبد الله بن عباس مع الحرم فقد قيل إنه كان صبيا، وقد يحتمل أن يكن هن رمين قبل الفجر ثم انصرف بهن عبد الله بن عباس إلى منزلهن ثم عاود فرمى في وقت ما يجوز له الرمي من بعد طلوع الشمس. حدثني أبي عن أبيه فيمن رمى الجمار على غير وضوء فقال: يستحب لمن رمى الجمار أن لا يرمي إلا على طهور، لانه موقف من
---
ص 315 " (39) في نسخة إذا لم يقدر أن يرمي أو يرمى عنه يهرق دما.
---(1/315)


[ 316 ]
مواقف التعبد والتذلل لله، ومنسك العابدين، ومن رمى أجزأه رميه. حدثني أبي عن أبيه أنه سئل عن رمي الجمار قبل طلوع الفجر؟ فقال: رخص في ذلك للنساء، ولا يرمي الجمار الرجال إلا بعد طلوع الشمس. حدثني أبي عن أبيه أنه سئل عمن نفر عي النفر الاول كيف يصنع بما بقي من الحصى لليوم الثالث فقال: لا يصنع بها شيئا ويتركها وينفر لان الله تبارك وتعالى يقول: (فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى) (40) فإذا حل له النفر حل له ترك رمى الجمار لليوم الثالث. حدثني أبي عن أبيه أنه سئل عن الحايض ما تقضي من مناسكها فقال: تقضيها كلها إلا الطواف بالبيت. حدثني أبي عن أبيه أنه سئل عن امرأة حاضت يوم النحر وقد طاقت قبل أن تصلي؟ فقال: إذا أتمت طوافها صلت بعد طهرها.
باب القول فيما يجزي أن يضحى به من الاضاحي وما لا يجوز أن يضحى به والقول في الحلق والتقصير
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: يجزى في الضحايا الجذع من الضأن، ولا يجزي جذع من غير الضأن من سائر الانعام كلها، ويجزي من الابل الثني ومن البقر الثني، ومن المعز الثني أيضا، وإذا سلمت العين والاذن أجزأت الاضحية ولا يجزي عرجاء، ولا جذعاء ولاذات عوار، فإدا اشتريت سليمة مما سمينا من العيوب كلها من العرج
---
ص 316 " (40) البقرة 203. في نسخة (فيما يستحب).
---(1/316)

57 / 198
ع
En
A+
A-