[ 307 ]
الذي يهل بها فيه دون الشهر الذي يحل فيه منها، وفي أقل ما ذكرنا ما كفى أهل الانصاف وأغنى.
باب القول في المعتمر متى يكون متمتعا بالعمرة إلى الحج؟
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: لا يكون المعتمر متمتعا حتى يهل بالعمرة في أشهر الحج فإذا أهل بها في أشهر الحج فهو متمتع إن حج في تلك السنة، ووجب عليه دم لانه من الذين قال الله تبارك وتعالى: (فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي) (32) ولو أن رجلا اعتمر وأهل بالعمرة في شهر رمضان وطاف لها وسعى في شوال ثم أقام بمكة حتى يهل بالحج ويحج لم يكن عندنا متمتعا لان عمرته كانت لشهر رمضان إذ عقدها فيه ولم تكن لشوال، ولو أهل بها في شوال كان متمتعا ورأينا عليه في ذلك دما. قال: ولو أن رجلا من أهل الشام أو اليمن دخل بعمرة في غير أشهر الحج فقضاها، ثم أقام بمكة حتى دخلت عليه شهور الحج فاعتمر وهو بمكة عمرة أخرى أو عمرتين ثم أقام حتى يحج تلك الحجة في تلك السنة كان حكمه حكم أهل مكة وليس هو من المتمتعين إلى الحج بالعمرة وليس يجب عليه في ذلك دم الفدية، الذي يجب على المتمتعين. قال يحيى بن الحسين رضي الله عنه: وإن خرج هذا الرجل إلى ميقات بلده فجاوزه بميل (33) ثم عاودها محرما بعمرة أو عاود فأحرم بها
---
ص 307 " (32) البقرة 196.
(33) يستفاد من كلام الهادي عليه السلام أن من خرج من بلد حتى تعدى ميلها صار حكمه غير حكم أهلها فليتأمل الناظر والله الهادي.
---(1/307)


[ 308 ]
بمكة أو فيما بين ذلك بعد أن يكون قد جاوز ميقاته فهو من المتمتعين وعليه ما عليهم من الدم أو الصيام.
باب القول متى يجوز لمن رفض عمرة أن يقضيها ومتى لا يجوز له
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: لا يجوز لمن كانت عليه عمرة قد رفضها أن يقضيها حتى تنسلخ عنه أيام التشريق، وكذلك من أراد التطوع بعمرة فلا يتطوع حتى تخرج عنه هذه الايام. قال: ومن جهل وأهل بعمرة بمكة أو بمنى أو بعرفة وهو مفرد بالحج فليرفض تلك العمرة التي أهل بها، ويمضي فيما كان فيه من الحج لان العمرة لا تدخل على الحج، فإذا قضى ماكان عليه من حجه، قضى من بعد خروج أيام التشريق ما رفض من عمرته التي كان قد أهل بها وأوجبها على نفسه، وكذلك ذكر عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فيمن فعل مثل ذلك أنه أمره برفض العمرة، وأن يقضيها إذا انقضت أيام التشريق ويهريق دما لرفضه إياها.
باب القول (34) فيما يجب من الكفارات فيما يلبس المحرم في الاوقات المفترقات
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: إذا لبس المحرم لباس بدنه مثل القميص والجبة والسراويل والقباء والدرع والجوشن وغير ذلك مما يقع على البدن ففيه كفارة واحدة، لبس ذلك كله معا أو متفرقا، لانه إنما عليه كشف بدنه وطرح اللباس عن بدنه، فإذا غطاه لعله نازلة فسواء عليه غطاه بواحد أو بثلاثة، سواء كان ذلك في وقت أو وقتين، في يوم أو
---
ص 308 " (34) في نسخة باب القول كيف تجب الكفارة فيما يلبس المحرم في الاوقات المتفرقات
---(1/308)


[ 309 ]
يومين. فإذا احتاج إلى تغطية رأسه لعلة نازلة فلس قلنسوة أو عمامة أو بيضة أو مغفرا فعليه في ذلك كفارة واحدة، سواء لبسه كله معا أو لبسه متفرقا لانه كله لباس الرأس وإنما أوجب الله عليه كشفه في إحرامه فإذا غطاه بشي واحد فسواء عليه غطاه بأكثر منه أو لم يغطه إلا به وحده، وسواء غطاه بذلك كله في وقت واحد أو أوقات، ما لم يكن خرج من تلك العلة التي غطاه لها، وعاد إلى ما كان عليه من احرامه أولا، وكذلك الخف والجورب إذا لبس أحدهما فسواء عليه لبس الآخر معه أو لم يلبسه، لانه إنما عليه كشف رجليه فإذا غطاهما لعلة نازلة فسواء غطاهما بشئ أو بشيئين وكلما أدخلهما فيه من ذلك فسواء كان في وقت أو وقتين ما دام في علته التي لبسه لها وكذلك إن لبس قميصا وعمامة وسراويل وخفا فجمع اللباس في ذلك كله في وقت واحد فعليه كفارة واحدة، وله أن يلبس ذلك كله أبدا حتى يخرج من علته التي لبسه لها. قال يحيى بن الحسين عليه السلام: وإن لبس لباس الرأس كله أو بعضه في وقت، ثم لبس في وقت آخر لباس البدن كله أو بعضه كان عليه كفارتان لا اختلاف الوقتين، وكذلك إن لبس في يوم ثالث أو وقت ثالث لباس الرجلين، كانت عليه كفارة ثالثة ثم له لبس ذلك أبدا حتى يخرج من العلة التي لبسه لها.
باب القول في الظلال للمحرم
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: لا بأس أن يظلل المحرمون على أنفسهم بما يسترون به بين الشمس وبينهم، وليس ظلال المحامل والعماريات إلا دون ظلال المظال والمنازل والمسقفات، ولو حرم عليه استظلاله في محرمه لحرم عليه استظلاله في منزله لان الاستظلال كله سواء بسقف كان أو خباء.
---(1/309)


[ 310 ]
حدثني أبي عن أبيه أنه سئل عن المظلة للمحرم فوق المحمل؟ فقال: ما رأيت أحدا من أهل بيت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يختلفون في المظلل للمحرم، وأنه جايز إذا لم يصب رأسه، وقد يستحب له إذا استغنى عنه ولم يكن فيه ما يدفع به عنه أذى أن يضحي ولا يظلل وليس ظل المظلة على المحمل بأكثر من ظل الاخبية وسقوف البيوت التي قد أجمعوا أنه لا بأس به.
باب القول في التمييز بين القارن والمفرد والمتمتع
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: أفضل ذلك لمن لم يحج الافراد ولمن حج فان أحب حاج أن يدخل متمتعا فذلك له وكل حسن ولولا أن التمتع فيه النقصان لما أوجب الله فيه على فاعله كفارة، ومن أطاق أن يقرن ويسوق معه بدنة فذلك فضل كبير وهو أفضلها للحج. حدثني أبي عن أبيه أنه سئل عن الاقران والتمتع والافراد في الحج أيها أحب اليك؟ فقال: لولا أن التمتع فيه النقصان لما أمر الله فيه بالكفارة لقوله: (فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي) (35) فأمر الله فيه بالكفارة، وكان يرى الافراد. حدثني أبي عن أبيه في التمتع والاقران والافراد فقال: الافراد أحب الي لمن لم يحج، ومن تمتع فذلك له ومن قرن فعليه بدنة يسوقها من الموضع الذي أهل منه وهو أفضلها.
---
ص 310 " (35) البقرة 196.
---(1/310)


[ 311 ]
باب القول في الحجامة للمحرم
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: لا بأس بأن يحجم المحرم رقبته وساقيه وقمحدوته وذراعيه وحيث شاء من بدنه وليس عليه في ذلك كفارة إلا أن يحلق شيئا من الشعر أو يقطعه فإن حلق منه ما يبين أثره في الرأس أو القفاء فعليه دم لحلقه ما حلق من شعره فأما ما لم يبن أثره ففيه صدقة على قدره وأما الحجامة فلا بأس بها، وقد بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (أنه احتجم وهو محرم بلحي جمل (36)، حجمه خراش بن أمية الخزاعي بقرن مضبب بفضة فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حين فرغ: (عظمت أمانة رجل قام على أوداج رسول الله بحديدة). حدثني أبي عن أبيه في الحجامة للمحرم أنه قال: لا بأس بها.
باب القول في المحرم إذا قبل أو ضم فأمنى
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: إذا قبل المحرم لشهوة فأمنى فعليه بدنة، وإن أمذى فعليه بقرة، وإن لم يكن من ذلك شئ وكانت مع القبلة حركة وشهوة ومنازعة طباع لذة كان عليه أن يذبح شاة، وإن قبل لغير شهوة ولا حركة أو ضم لم يكن عليه في ذلك شئ، ولا يعودن لشئ من ذلك. حدثني أبي عن أبيه في محرم قبل أو باشر فأمنى قال: عليه دم بدنة وإن أمذى فعليه بقرة فإن كانت شهوة بلا إمناء ولا إمذاء فعليه شاة.
---
ص 311 " (36) هو موضع بين مكة والمدينة.
---(1/311)

56 / 198
ع
En
A+
A-