[ 302 ]
وتلبس ثيابا نظيفة ثم تهل بالحج وتحرم وتفعل كما يفعل الحاج فان طهرت قبل دخول مكة اغتسلت لطهرها ولبست ثياب احرامها ودخلت فقضت ما تقضيه من النساء مثلها من الطواف والسعي، وإن دخلت مكة وهي في طمثها لم تدخل المسجد حتى تطهر من حيضها، فإذا طهرت قضت مناسكها وسواء عليها إن كانت مفردة بالحج طافت قبل خروجها إلى عرفة أو بعد رجوعها منها، ولا يضيق من ذلك شئ عليها ولا على غيرها.
باب القول في المرأة تدخل بعمرة حائضا ولا تطهر حتى تخرج إلى الحج
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: إذا دخلت المعتمرة بعمرة فلم تطهر حتى جاء وقت الخروج إلى الحج فانها ترفض تلك العمرة، ورفضها لها أن تنوي أنها قد رفضتها، وتفرغت منها لغيرها ثم تغتسل وتلبس ثوبا نظيفا من الاقذار، نقيا من دنس الآثار، ثم تهل بالحج من مكة، وتمضي إلى منى وعرفة، فتؤدي ما يؤدي الحاج من فروض حجه، وتقوم بما يقوم به من جميع أمره، من الوقوف بعرفات والرمي للجمرات، فإذا طهرت بمكة دخلت فطافت طوافا لحجها وسعت بين الصفا والمروة ثم عادت فطافت طواف النساء، وهو الذي يدعا طواف الزيارة، ثم قد أحلت ويحل لها كل شئ كان عليها حراما، وعليها دم تريقه بمنى لما كان من رفضها لعمرتها، وعليها أن تقضي تلك العمرة التي رفضتها، تحرم لها من أقرب المواقيت إلى مكة، ان شاءت من مسجد عايشة، وإن شاءت من الشجرة، وان شاءت من الجعرانة، ثم تطوف لها وتسعى، وتقصر من شعرها من بعد ما كان من تقصيرها منه
---(1/302)


[ 303 ]
لحجها تقصيرا ثانيا لعمرتها، تقصر منه في كل مرة. مقياس أنملة وهي طرف الاصبع.
باب القول في لباس المرأة في الاحرام
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: تلبس المرأة القميص والقمص والجبة والسراويل والمقنعة والبرد والرداء، وما أحبت من سوى ذلك من الاشياء، ولا يكون في لباسها ثوب مصبوغ بزعفران ولا ورس ولا غيره مما كان مشبعا في صبغه ظاهر الزينة في لونه ولا تتنقب ولا تتبرقع، لان إحرام المرأة في وجهها، ولا بأس أن ترخي الثوب على وجهها، إرخاء لتستتر به فتسد له عليها إسدالا، ولا تلبس الحلي للزينة، وتتجنب ما يتجنبه المحرم كله ولا ينبغي لها أن تزاحم الرجال في طوافها وسعيها، ولا تطلب إستلام الحجر في الزحام بيدها، والاشارة من بعيد تجزيها وليس عليها في طوافها وسعيها هرولة، ولا أن ترتفع فوق الصفا والمروة والوقوف في أسفلهما في الزحام آجر لها والتوقي لملاكزة الرجال أزكا لحجها.
باب القول في الصبي يبلغ والمملوك يعتق في أيام الحج والذمي يسلم
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: ولو أن صبيا بلغ ليلة عرفة أو عبدا أعتق أو ذميا أسلم، فان أمكنه أن يرجع تلك الليلة إلى مكة فيغتسل بها ويبتدئ بالاحرام من مسجدها ثم يلحق بأصحابه وكذلك الذمي عند اسلامه فيقف بعرفة مع الناس فيمضي في مناسكها حجه وقد
---
ص 303 في نسخة (من المسجد الحرام).
---(1/303)


[ 304 ]
لحق ما لحق غيره من المسلمين وأدى ما وجب عليه من فرض رب العالسين. قال يحيى بن الحسين رضي الله عنه: وكذا لو كان منهم ما ذكرنا بعرفة مع زوال الشمس أو بعد زوالها فليحرموا منها وليمضوا فليقفوا مع الناس بموقفها ثم ليفيضوا إذا أفاض الناس منها وليؤدوا ما يؤديه الحاج من مناسكه كلها وقد تم حجهم وأدوا في ذلك فرضهم. قال يحيى بن الحسين رضي الله عنه: ولو أنهم كان ذلك منهم ليلة النحر بجمع في وقت من الليل يمكنهم فيه أن يرجعوا إلى عرفة فيقفوا بها قبل طلوع الفجر وقفة فلا بأس أن يحرموا بمزدلفة ثم ينهضوا من ساعتهم حتى يقفوا بعرفة، فان وقفوا بها قبل طلوع الفجر من ليلة النحر فقد لحقوا حجهم وكمل لهم منه ما كمل لغيرهم وعليهم أن يتموا ما بقي من مناسكهم.
باب القول في وقت الاهلال بالحج
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: لا ينبغي لمسلم أن يخالف تأديب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في أن يهل بالحج في غيره أشهره، ولا أن يعقد الاحرام في غير وقته، ووقت الاحرام بالحج فهو أشهر الحج وذلك قول الله تبارك وتعالى: (الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج) (30) وأشهر الحج فهي شوال وذي القعدة وعشر من ذي الحجة، وهو الوقت الذي جعله الله وقتا لحج عباده إلى بيته الحرام، ولا ينبغي لهم أن يتقدموه بل يجب عليهم أن ينتظروه، فمن
---
ص 304 " (30) البقرة 197.
---(1/304)


[ 305 ]
أحرم من قبلة فقد أخطأ على نفسه وأساء وخالف ما أمر به وتعدى، ويجب عليه ما أوجب على نفسه، وان كان قد خالف في ذلك تأديب ربه. قال يحيى بن الحسين عليه السلام: وإنما وقت الله تبارك وتعالى لهم هذا الوقت نظرا منه لهم وعايدة بالفضل عليهم لان لا يطول احرامهم، فيسمج الحسن من حالهم، وتتفاقم الامور عليهم في أسبابهم، من طول شعرهم وأظفارهم، وتمادي تركهم للذاتهم مما أحل الله لهم من أزواجهم ولذيذ مأكلهم وسني ما يلبسون، ولذيذ ما به يتطيبون فسهل الله عليهم بقصر المدة ما يشدده المتعدي على نفسه من المحنة، فتبارك الله أرحم الراحمين المتفضل على العالمين.
باب القول في الخطأ باللفظ بغير النية عند التلبية في الاحرام
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: ولو أن رجلا أراد الحج مفردا فغلط فلفظ فلبى بعمرة، ونسي أن يلبي بحجه لم يلزمه ما لفظ به من عمرته، ووجب عليه أن يعود فيلبي بما نوى من حجته، وكذلك لو أراد التمتمع بالعمرة إلى الحج فغلط فلبى بالحج لم يلزمه ما لفظ به مخطئا من الحج ولزمه الذي عقد عليه نيته من العمرة لان الله سبحانه يقول: (وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفورا رحيما) (31) قال: ولو أن رجلا أحرم بحجتين معا، كان عليه أن يمضي في حجته هذه فيقضيها ويرفض الثانية إلى السنة المقبلة ويكون عليه لرفضها دم، وعليه أن يؤدي ما كان رفض منها في السنة المقبلة،
---
ص 305 " (31) الاحزاب 5.
---(1/305)


[ 306 ]
قال: وانما يجب ذلك عندنا على من تعمد ذلك ونواه ولفظ به وشاء ه فعقدهما معا ذاكرا غير ناس، وأما من أخطأ فيما بين اللفظ والمعنى فكانت نيته ومعناه حجة واحدة فذكر معها حجة ثانية لم يرد ذكرها ولم يعقد على نفسه إيجابا لها فلا يلزمه غير ما نوى ولا يؤاخذ بما أخطأ، وقال: لو أن رجلا أهل بعمرتين معا وكان رافضا لاحداهما، وعليه أن يمضي حتى يقضي الاولى التي لزمه عقدها، ثم يقضي الاخرى التي كان منه رفضها وعليه دم لما رفض منها، فإن كان ذلك في وقت الحج فسواء عليه قضاء التي رفض من عمرتيه قبل الحج أو بعده إذا كان في فسحة من أمره، ويذبح الهدي الذي وجب عليه في العمرة بالجزارين من مكة لانه محل المعتمرين كما منى محل الحاجين.
باب القول في العمرة لاي شهر هي أللشهر الذي أهل بها فيه أم الذي أحل منها فيه
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: المجمع عليه عند آل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن العمرة للشهر الذي عقدت فيه وأهل بها، دون الشهر الذي يحل منها فيه. قال يحيى بن الحسين عليه السلام: الواجب في ذلك أن تكون للشهر الذي يهل بها ويعقدها المعتمر فيه على نفسه ألا ترى أنه ساعة أهل بها لزمته حدودها، ووجب عليه إحرامها، ودعي معتمرا ووجب عليه التلبية باسمها وثبت عليه جميع حكمها، فلما ان وجدناها لزمته، ووجبت عليه في الشهر الذي عقدها على نفسه فيه، إنها لهذا الشهر دون غيره من الشهور مع ما في ذلك لنا من شواهد الخبر المذكور أنها للشهر
---(1/306)

55 / 198
ع
En
A+
A-