[ 287 ]
ويقول حين يضع الشفرة عليه: بسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا إله إلا الله والله أكبر. ثم يذبح ويقول: اللهم منك وإليك فتقبل من عبدك ابن عبديك. ثم يأمر به فيصنع له منه. فيأكل هو وأخوانه، ويأمر ببعضه فيتصدق به على المساكين، وأولى المساكين بصدقته من قرب من منزله ومن رحله. من أهل الفاقة والحاجة ثم يحلق رأسه أو يقصر، ويلبس ما أحب من الثياب، ويتطيب بما شاء من الطيب، وقد حل له كل شئ، إلا النساء، فإذا كان في آخر يومه أو أي يوم من أيام منى شاء، أتى الكعبة فإن كان مفردا وكان لم يطف لحجه، ولم يسع، طاف لحجه سبعة أشواط وسعا بين الصفا والمروة سبعة أشواط، يفعل في كل طوافه وسعيه ما شرحت لك في أول كتابي هذا، ثم يرجع إلى الكعبة فيطوف بها طواف النساء سبعة أشواط أيضا لا يرمل في شئ منها ثم يصلى ركعتين لطوافه خلف مقام ابراهيم صلى الله عليه. قال يحيى بن الحسين رضي الله عنه: وإن كان فد طاف لحجه سبعة أشواط وسعى قبل خروجه إلى عرفة، طاف حين يرجع إلى الكعبة من منى، في أي أيام منى شاء أو بعد، نفره من منى طواف النساء، وهو الذي يسميه الناس طواف الزيارة، وهو طواف الحج اللازم الذي قال الله فيه: (ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق) (18) ثم قد حل له النساء. وإن كانت زيارته في أيام منى فدخل مكة ليلا في أول الليل فليخرج منها في ليلته وإن دخلها نهارا فليخرج منها في يومه، فإنه إن دخلها في أول الليل فأدركه الصباح بها، أو دخلها نهارا فأدركه الليل بها - وجب عليه دم، فإذا كان اليوم الثاني رمى الجمار.
---
ص 287 " (18) الحج 29.
---(1/287)


[ 288 ]
باب القول في رمي الجمار والعمل في ذلك
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: فإذا كان يوم الثاني من يوم النحر وهو اليوم الذي يسمى يوم الرؤوس فلينهض طاهرا متطهرا بعد زوال الشمس، ويحمل معه من رحله أحدى وعشرين حصاة من الحصى الذي أخذه من مزدلفة وليكن مغسولا، فإن ذلك يروى عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حتى يأتي الجمرة التي في وسط منى وهي أقربهن إلى مسجد الخيف فيرميها بسبع حصيات من بطن الوادي يقول: مع كل حصاة لا إله إلا الله والله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا، ثم يستقبل القبلة ويجعل الجمرة التي رماها من وراء ظهره ثم يقول: اللهم إيمانا بك، وتصديقا بكتابك، واتباعا لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم اللهم إني عبدك وإبن عبديك، طالب منك، ضارع إليك، فأعطني بفضلك إقالة عثرتي، وغفران خطيئتي، وستر عورتي، والكفاية لكل ما أهمني، منك طلبت، وإليك قصدت فلا تخيبني، إنك أنت إلهي لا إله لي غيرك، بيدك ناصيتي وإليك رجعتي، فأحسن مثواي في آخرتي (19)، وأمن يوم ألقاك روعتي، وأعذني من عذابك، وأنلني ما أنت أهله من ثوابك، إنك لطيف كريم رؤوف رحيم. ثم ليمض حتى ينتهي إلى الجمرة الوسطى جمرة علي عليه السلام فيرميها بسبع حصيات يقول مع كل حصاة: لا إله إلا الله والله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا ثم يستقبل القبلة ويجعل الجمرة من ورائه ثم يقول: اللهم أغفر لي الذنوب التي تهتك العصم،
---
ص 288 " (19) في نسخة في آخرتي ودنياي.
---(1/288)


[ 289 ]
وأغفر لي الذنوب التي تورث الندم، وأغفر لي الذنوب التي تغير النعم، وأغفر لي الذنوب التي تحبس القسم، وأغفر لي الذنوب التي تكشف الغطاء، وأغفر لي الذنوب التي ترد الدعاء، وأغفر لي الذنوب التي تحبس غيث السماء، وأغفر لي الذنوب التي تدخل في الهوى، اللهم وفقني لما تحب وترضى واعصمني من الزلل والخطاء إتك أنت الواحد العلي الاعلى، ثم يأتي جمرة العقبة فيرميها بسبع حصيات يقول مع كل حصاة منهن: لا إله إلا الله والله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا. ثم ينصرف ولا يقف عندها ويقول في طريقه: اللهم تولني فيمن توليت، وعافني فيمن عافيت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت إنك تقضي ولا يقضي عليك، تباركت ربنا وتعاليت لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت سبحانك لا إله إلا أنت عز من نصرت وذل من خذلت وأصاب من وفقت، وحار عن رشده من رفضت واهتدى من هديت وسلم من الآفات من صحبت ورعيت، أسألك أن ترعاني، وتصحبني في سفري ومقامي، وفي كل أسبابي يا إله الاولين ويا إله الآخرين. ثم ينصرف إلى منزله، فإذا كان من الغد وزالت الشمس فعل من رمي الجمار ما فعل بالامس، ثم إن أحب التعجيل إلى أهله نفر في هذا اليوم من بعد زوال الشمس ورميه للجمار ولا يجوز لاحد أن ينفر ولا أن يرمي في هذا اليوم وهو يوم النفر الاول إلا من بعد زوال الشمس.
باب القول في النفر الاول والعمل فيه
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: قال الله تبارك وتعالى: (فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى
---(1/289)


[ 290 ]
واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون) (20) فإذا عزم على النفر نفر من منى فأتى الكعبة فطاف بها سبعة أشواط وصلى ركعتين ثم أستقبل القبلة ثم قال: اللهم البيت بيتك، والحرم حرمك، والعبد عبدك، وهذا مقام العائذ بك من النار، اللهم أجعله سعيا مشكورا، وحجا مبرورا، وذنبا مغفورا، وعملا متقبلا، اللهم لا تجعله آخر العهد من بيتك الحرام الذي جعلته قبلة لاهل الاسلام، وفرضت حجه على جميع الانام، اللهم اصحبنا في سفرنا، وكن لنا وليا وحافظا، اللهم إنا نعوذ بك من كآبة السفر وسوء المنقلب وفاحش النظر، في أهلنا وأولادنا ومالنا ومن أتصل بنا من ذوي أرحامنا وأهل عنايتنا، اللهم لك الحمد على ما مننت به علينا من أداء فرضك العظيم، ولك الحمد على حسن الصحابة والبلاغ الجميل، اللهم فلا تشمت بنا الاعداء، ولا تسوء فينا الاصدقاء، ولا تكلنا إلى أنفسنا، ربنا وهب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما، ربنا أصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما إنها ساءت مستقرا ومقاما، ثم يدخل زمزم فيشرب من مائها، ويطلع فيها، ويقول: اللهم أنت أخرجتها وجعلت الماء فيها، وأقررته وأسكنته في أرضها، تفضلا منك على خلقك، بما سقيتهم منها، ومننت عليهم بما جعلت من البركة فيها، فأسقنا بكأس محمد نبيك صلى الله عليه وعلى آله وسلم يوم الظمأ واجعلنا من حزبك وحزبه وأدخلنا في زمرته وأمنن علينا بشفاعته وأسكنا في جواره وأمنن علينا في الآخرة بقربه، واحشرنا يوم الدين على ملته، إياك وحدنا، وإليك العدل في كل أفعالك نسبنا، وبجميع وعدك ووعيدك صدقنا، وسنة نبيك أتبعنا، وإياك على أداء جميع فرضك استعنا فأعنا بعونك وافتح لنا أبواب رحمتك ووسع علينا
---
ص 290 " (20) البقرة 203.
---(1/290)


[ 291 ]
پفي الارزاق، وارفق علينا بأعظم الارفاق. ثم يسير إلى بلده إن شاء الله تعالى فإن عزم على المقام إلى النفر الثاني أقام إن شاء الله تعالى.
باب القول في النفر الثاني والعمل فيه
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: فإذا كان ذلك اليوم وهو اليوم الرابع من يوم النحر وهو آخر يوم من أيام التشريق فلينفر إذا ارتفع الضحى ويرمي الجمار في ذلك الوقت إن أحب التعجيل إلى مكة، وإن أحب رمى الجمار ونفر من بعد الزوال، فإذا رمى الجمار فليفعل في رميها كما فعل أولا، وليدع بما دعا في الايام الخالية من الدعاء، ثم يسير إلى مكة حتى يطوف طواف الوداع ثم يصلي ركعتين، ثم يقف مستقبل القبلة فيدعو بما ذكرنا من الدعاء، في النفر الاول، ثم يدخل زمزم فيشرب من مائها، سبع جرع ويدعو بما فسرت له من الدعاء، في دخوله إياها، في النفر الاول وإن كان له بمكة مقام، أخر الوداع إلى يوم خروجه، ثم ودع ودعا بما فسرت له إن شاء الله تعالى فإن الوداع لا يكون إلا في يوم الرحيل، ويستحب للحاج عند وقت نفره من منى أن يتصدق بما حضره فيما بين مكة ومنى وأن يتصدق بما أمكنه وحضره في يوم خروجه من مكة، وتوجهه إلى بلده.
باب القول في الهلال بالعمرة والحج معا إذا أراد صاحبهما أن يقرنهما
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: إذا أراد الحاج ذلك فليهئ، بدنة يسوقها معه ولا نرى أن يقرن قارن إلا بسوق بدنة من الموضع الذي يحرم منه، فإن لم يجد بدنة فلا يقرن وذلك قول جميع
---(1/291)

52 / 198
ع
En
A+
A-