[ 266 ]
قال: ولو إن إمرأة جعلت على نفسها أن تعتكف شهرين أو أقل أو أكثر وجب عليها ما أوجبت على نفسها، وكانت في اعتكافها وفيما يجب عليها من صيامها كالرجل، يفسد عليها من الامر ما يفسد عليه ويصلح لها ما يصلح له فيه، فإن (59) حاضت في معتكفها فلتخرج من مسجدها، فإذا طهرت فلتطهر ولترجع إلى معتكفها، ولتقض من بعد فراغها ما أوجبت لله على نفسها، مما أفطرت من أيام حيضها من الاعتكاف والصيام حتى يتم ما جعلت لله على نفسها من الايام. قال: وأي معتكف أو معتكفة خاف على نفسه في مسجد معتكفه، فله أن يخرج منه إلى مسجد غيره، فان كان على انسان اعتكاف قد أوجبه على نفسه، فحضره ما لابد له منه من وفاته فأوصى أن يعتكف عنه تلك الايام، فليخرج من ثلثه ما يستأجر له به رجل من أهل الاسلام فيعتكف عنه، فيؤدي ما أوصى به الميت منه، وواجب على الاولياء أن ينفذوا عن الميت ما به أوصى. قال يحيى بن الحسين عليه السلام: ولا بأس أن يتزوج المعتكف ولكن لا يدخل بأهله حتى يخرج من اعتكافه ولا بأس أن يزوج غيره من المسلمين، وأن يشهد على تزويج المتزوجين في مسجده، وأن يمنع الظالمين من المظلومين، ويعين الضعيف على ظالمه، ويمنعه منه بلسانه، وان لم يمتنع الا بيده فبيده. قال: ولو أن رجلا قال: لله علي أن أعتكف يوما فاعتكف ذلك اليوم فنسي وأكل أو شرب بطل اعتكافه وكان عليه أن يقضي يوما مكان ذلك اليوم.
---
ص 266 " (59) في نسخة حاضت.
---(1/266)


[ 267 ]
باب القول فيمن حلف بالاعتكاف
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: لو أن رجلا قال: لله علي إعتكاف شهرين إن كلمت فلانا، فليس يجب عليه الاعتكاف حتى يكلمه، فان كلمه وجب عليه الاعتكاف لانه قد حنث في يمينه، فوجب عليه ما أوجب في ذلك على نفسه، وكذلك لو قال: علي اعتكاف يوم الفطر إن كلمت فلانا شهر رمضان كله، فكلمه قبل أن ينقضي شهر رمضان كان حانثا، وليس له أن يصوم يوم الفطر لان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قد نهى عن صيامه ويفطر ذلك اليوم، ويعتكف بعد العيد بيوم. فال يحيى بن الحسين عليه السلام: وإذا جعل المملوك على نفسه اعتكاف أيام مفهومة فعليه أن يؤدي ذلك عن نفسه إلا أن يمنعه سيده وللسيد أن يمنع عبده إن أراد من ذلك، ويستحب للسيد أن لا يمنعه من ذلك إذا كان إنما أراد به التقرب إلى ربه وكذلك حال المدبر وأم الوالد كحال المملوك، فأما إن كان الموجب للاعتكاف على نفسه مكاتبا فليس لسيده أن يمنعه وعليه أداء ما أوجب على نفسه لانه في حال مكاتبته كالحر في منزلته. قال يحيى بن الحسين عليه السلام: ولا ينبغي لاحد أن يواصل بين يومين في الصيام ولا أن يصمت يوما إلى الليل في اعتكاف ولا غيره، وفي ذلك ما بلغنا عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قال: " لا وصال في صيام ولا صمت يوم إلى الليل " وبلغنا عنه عليه السلام أنه قال: " صيام ثلاثة أيام في كل شهر صيام الدهر وهن يذهبن وحر الصدر فقيل له وما وحر الصدر؟ فقال: " إثمه وغله " وكان عليه السلام يقول: من كان متطوعا صائما يوما من الشهر فليصم يوم الخميس
---(1/267)


[ 268 ]
ولا يصم يوم الجمعة فانه يوم عيد فيجمع الله له يومين صالحين، يوم صيامه ويوم عيد يشهده مع المسلمين. وبلغنا عنه عليه السلام أنه قال: (لا تتعمدن صيام يوم الجمعة الا أن يوافق ذلك صومك) وبلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم (أن سلمان دخل عليه يوما فدعاه إلى الطعام فقال يا رسول الله: إني صائم، فقال: يا سلمان يوما مكان يوم ولك بذلك حسنة بادخالك السرور على أخيك).
باب القول في الصيام في قتل الخطأ
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: قال الله سبحانه: (وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليما حكيما) (60) فمن قتل مؤمنا خطأ فعليه العتق، فان لم يجد العتق فصيام شهرين متتابعين إلا أن يكون صاحبه من العلة فيما أطلقنا لصاحب الظهار، فيسعه فيه الافطار فإذا كان كذلك جاز له أن يفطر، وكان حاله في ذلك كحال المظاهر، وليس له ولا للمظاهر أن يتعرضا لسفر، ولا أن يفطرا من علة يسيرة يطيقان الصيام معها بحيلة من الحيل، وهما مؤتمنان على أديانهما وعليهما أن ينظرا لانفسهما فإنه لا يغبا على ربهما شئ من أمرهما، ولا يغيب عنه خفي من سرهما (تم جزء أبواب الصيام والحمد لله ذي الانعام وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم يتلوه كتاب الحج مبتدأ أبواب الحج).
---
ص 268 " (60) النساء 92.
---(1/268)


[ 269 ]
كتاب الحج
---(1/269)


[ 271 ]
بسم الله الرحمن الرحيم (مبتدأ أبواب الحج) قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: إن الله تبارك وتعالى افترض على خلقه ما افترض عليهم من حجهم، وأمرهم فيه بأداء مناسكهم، فوجب عليهم ما أوجب ربهم، وكان ذلك فرضا على جميع العالمين، واجبا على جميع المؤمنين ليميز الله به المطيعين من العاصين، ويفرق به بين الكافرين والمؤمنين، وفي ذلك ما يقول: رب العالمين: * (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين) * (1) وقال سبحانه: * (وأتموا الحج والعمرة لله) * (2) يقول تبارك وتعالى: قوموا بما افترض عليكم منه، وأدوا ما دخلتم فيه منهما، وقوموا بما افترض الله على من دخل فيهما من جميع مناسكهما وفي ذلك ما قال الله تبارك وتعالى لنبيه ابراهيم الاواه الحليم، صلى الله عليه وسلم، * (وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا على كل ضامر يأتين من كل فج عميق) * (3) فأمره صلى الله عليه ربه جل ذكره بالحج له إلى بيته الحرام، فحج كما أمره الله كما حج أبوه آدم صلى الله عليه،
---
ص 271 " (1) آل عمران 97.
(2) البقرة 196.
(3) الحج 47.
---(1/271)

48 / 198
ع
En
A+
A-