[ 261 ]
باب القول متى يجب الصوم على الصبي والصبية
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: يجب الصيام عليهما إذا بلغا خمسة عشرة سنة، وإن أطاقا الصيام فيما دون ذلك وجب عليهما أن يصوما، وقد روي عن النبي صلى الله غليه وعلى آله وسلم أنه قال: (إذا أطاق الغلام صيام ثلاثة أيام وجب عليه الصيام). قال يحيى بن الحسين عليه السلام: وانما قلنا خمس عشرة سنة لمن لم يدرك من الرجال والنساء فأما إن أدرك أحدهما لعشر أو تسع أو لا حدى عشرة وجب عليه الصيام، وقد قيل في ذلك بأقاويل مختلفة، وأحسن ما فيه عندنا الاطاقة للصوم أو البلوغ فيما دون الخمس عشرة سنة والا فبلوغ الخمس عشرة سنة أكثر ما يكون من حده.
باب القول في الشهادات على رؤية الهلال
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: إذا شهد شاهدان على رؤية الهلال في الصوم والافطار جازت شهادتهما وقبل قولهما، إذا كانا عدلين ثقتين ورعين تقيين، وكذلك بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم (أن أهل المدينة أصبحو ا صياما في آخر يوم من شهر رمضان، فشهد بعضهم عند رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنهم رأوا الهلال بالامس، فأمر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم الناس أن يفطروا، وأن يعودوا إلى صلاتهم)، وبلغنا عن أمير المؤمنين
---
ص 261 * وفي نسخة في الشهادة. تمت.
---(1/261)


[ 262 ]
علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قال: " إذا شهد رجلان ذوا عدل (56) أنهما رأيا الهلال فصوموا وأفطرو ا ". قال يحيى بن الحسين عليه السلام: وان رأى الهلال رجل واحد، جاز له فيما بينه وبين الله تعالى أن يصوم إن كان رأى هلال شهر رمضان، وأن يفطر إن كان رأى هلال شوال، ولا ينبيغي له أن يبدي ذلك للناس لما فيه من الشنعة واختلاف القالة فيه.
باب القول فيما ينبغي أن يدعو به الانسان عند رؤية الهلال
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: ينبغي لمن رأى الهلال أن يستقبله بوجهه ويقول: ربي وربك الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم الذي خلق السموات والارض، وجعل الظلمات والنور، ثم الذين كفروا بربهم يعدلون، لا نشرك بالله شيئا ولا نتخذ من دونه إلها ولا وليا، الحمد لله الذي جعل في السماء بروجا، وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا، والحمد لله الذي جعلك آية الليل، وقدرك منازل اللهم إني أسألك خير هذا الشهر، وأعوذ بك من شره، اللهم أجعلنا لك فيه من العابدين، فان كان الهلال هلال شهر رمضان ألحقت في هذا الدعاء اللهم إن هذا شهر عظمته وفرضت صومه، فأعنا على أداء فرضك، وتقبل منا ما نعمله لك، ولا تسلخه عنا إلا برضاك وعفوك ورحمتك إنك سميع الدعاء. ويروى عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام أنه كان يقول إذا رأى الهلال اللهم إني أسألك خير هذا الشهر فتحه ونصره ونوره ورزقه، وأعوذ بك من شره وشر ما بعده. وبلغنا عنه عليه السلام أنه كان
---
ص 262 (56) في نسخة (عدلان).
---(1/262)


[ 263 ]
يقول: إذا رأى هلال شهر رمضان اللهم رب هلال شهر رمضان أدخله علينا بسلام، وأمن وأيمان، وصحة من السقم، وسلامة من الشغل، عن الصلاة والصيام.
باب القول في فنون الصيام والاعتكاف
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: إذا نوى الرجل أن يصوم يوما تطوعا فصامه إلى نصفه، فهو فيه بالخيار وإن شاء أفطر واستحب له إن كان جعله لله أن يقضيه، ولا ينبغي له أن يفطره إلا من علة أو لسرور أخيه المسلم، وكذلك روي عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (أنه أمر بذلك للاخ المسلم). قال والمعتكف يخرج لحاجته التي لابد له منها ويحضر الجنازة ويعود المريض. قال يحيى بن الحسين رضي الله عنه: ومن جعل على نفسه أن لا يكلم أحدا في اعتكافه فينبغي له أن لا يفعل، ويطعم عشرة مساكين، ويتكلم لان في الكلام رد السلام، وهو فرض من ذي الجلال والاكرام ولا ينبغي لاحد أن يوجب على نفسه ترك فرض هو لازم له، قال: ولو أن رجلا أوجب لله على نفسه صيام شهر كامل، أو شهرين متتابعين، أو ثلاثة أشهر متتابعة، فانه يجب عليه أن يصومها كما أوجبها، وان قطع بين ذلك بافطار يوم وجب عليه أن يستأنف الصيام، الا أن يكون رجلا لا يفارقه السقم، ولا يطمع من نفسه بمواصلة ذلك أبدا، لضعف بدنه ودوام سقمه، ويخاف إن فعل ذلك على نفسه، فان كان ذلك كذلك جاز له أن يفطر في العلة الشديدة التي لا يطيق الصيام معها، ويبني عند افاقته على ما مضى من صومه. قال يحيى بن الحسين رضي الله عنه: والاعتكاف أن ينوي الرجل
---(1/263)


[ 264 ]
ويعتقد اعتكاف أيام بعينها أو يلفظ بذلك فيقول: لله علي أن اعتكف كذا وكذا يوما، فإذا أوجب ذلك على نفسه، بعقد نيته أو بلفظ تلفظ به، فليدخل المسجد في أول ذلك الوقت الذي عقد على نفسه، ثم يصوم تلك الايام التي نوى فانه لا اعتكاف الا بصيام، ثم ليحترز من كل رفث أو كذب أو خصومة أو جدال، أو غير ذلك من فاحش الافعال والمقال، وليكثر في اعتكافه من قراءة القرآن والذكر والاستغفار والتسبيح للرحمن، ولا يخرج من مسجده الا ما ذكرنا من قضاء حاجته، أو عيادة أحد من المسلمين أو اتباع جنايز المؤمنين وان احتاج أن يأمر أهله وينهاهم وقف عليهم وأمرهم ونهاهم قائما ولم يجلس وعاد إلى مسجده. قال يحيى بن الحسين رضي الله عنه: ولا يجوز للمعتكف غشيان النساء في ليل ولا نهار ويفسد الاعتكاف ما يفسد الصوم، ويجوز فيه ما يجوز في الصوم، وان أفسد المعتكف على نفسه صيامه، في اعتكافه فقد فسد عليه ما كان فيه من اعتكافه. قال: وان أوجب رجل على نفسه اعتكاف جمعة ولم يسم أي جمعة هي ولا في أي شهر هي فمتى شاء من الشهور والاوقات إعتكفها، وإن سمى جمعة بعينها لزمه اعتكافها الا أن يمنعه منها مانع لا حيلة له فيه فيعتكف جمعة مكانها إذا خرج مما كان منعه من اعتكاف الجمعة التي سمى. قال: ومن أوجب على نفسه اعتكاف أياما مسماة، فاعتكف ثم جامع في اعتكافه فقد أفسد اعتكافه، وعليه أن يبتدي ما أوجب على نفسه من الاعتكاف ابتداء ويتوقى فيه ما كان له مفسدا حتى يؤديه اعتكافا صحيحا. قال: ومن قال علي أن أعتكف لله عشرين يوما ونوى أن يعتكف نهار تلك الايام ولا يكون ليلها معتكفا فله نيته من ذلك وعليه أن يعتكفها
---(1/264)


[ 265 ]
كذلك ويجب عليه أن يدخل في كل يوم المسجد قبل طلوع الفجر ولا يخرج منه حتى يكون وقت الافطار إلا لما ذكرنا من عيادة مريض أو حضور جنازة أو خروج لحاجة لابد له منها. قال: ولو أن رجلا أوجب على نفسه أن يعتكف لله شهرا إن تخلص من مرض هو فيه، فأوجب على نفسه أن يصومه ساعة يخرج من مرضه، ويطيق ما فرض من اعتكافه على نفسه، فخرج من علته وقد دهمه شهر رمضان، واطاق الاعتكاف في آخر شعبان، فليبدأ بفرض الله الذي افترض عليه فإذا قضى شهر رمضان فليفطر يوم العيد لانه يوم نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن صومه (57) ثم ليبتدى، بعد ذلك فيما أوجب على نفسه فيعتكف ثلاثين يوما، وانما قلنا: إن عليه أن يعتكف عليه من بعد شهر رمضان، ولم نر أن اعتكافه في شهر رمضان يقضي عنه ما أوجب على نفسه، لانه أوجب على نفسه اعتكاف شهر، ولا يكون اعتكاف الا بصيا م، فكأنه أوجب على نفسه صوم شهر بما أوجب من اعتكافه، فلم يجزه صيام شهر مفروض عليه صومه عما الزمه نفسه وأوجب عليها من صيام شهر لربه وكان الفرض أولى من التطوع لان ما ألزمه الله عبيده، وافترضه عليهم أولى بالتقدمة مما أوجبوه (58) هم على نفوسهم والتقرب إلى الله بأداء ما افترض من فرائضه أقرب إليه مما أوجبه له العبد على نفسه من نوافله. قال: ولا بأس بأن يكتحل ويدهن ويتطيب بأي طيب شاء من مسك أو غيره، ويستحب له أن لا يبيع ولا يشتري، وإن فعل لم يفسد ذلك عليه.
---
ص 265 " (57) في نسخة عن صيامه.
(58) في نسخة فما أوجبوه على أنفسهم.
---(1/265)

47 / 198
ع
En
A+
A-