[ 251 ]
أياما في رمضان وهو يرى أنه قد تسحر، في وقت ثم علم بعد ذلك أنه تسحر عند طلوع الفجر فانه يجب عليه أن يقضي تلك الايام، ولا كفارة عليه، لانه لم يعلم في وقت ما تسحر بطلوع الفجر.
باب القول فيمن أفطر يوما أو أياما متعمدا من شهر رمضان
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: لو أن فاسقا أفطر متعمدا يوما أو أياما من شهر رمضان وجب عليه قضاء تلك الايام، والتوبة النصوح إلى الله من سوء ما صنع، فإن كان الامام ظاهرا أدبه في فعله، وأستتابه فإن تاب والا قتل لانه قد خالف حكم الله، وضاد أمره، وترك فرضه، ومن فعل ذلك فقد كفر، ويجب عليه ما يجب على المرتد، يستتاب فإن تاب والا قتل، وقد قيل في ذلك عتق رقبة، والتوبة له عندنا مجزية ومن أحب أن يتطوع ويفعل خيرا فهو خير له.
باب القول في الذرور للصائم والحقنة وصب الدهن في الاحليل وفي الاذن من علة
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: قد كره ذلك غيرنا ولسنا نرى به بأسا، والحجة لنا في ذلك أن الله تبارك وتعالى لم يرد بعباده شقا (44) ولا تلفا، ولم ينههم عن التداوى في حال البلاء، وانما تعبد الخلق بالصيام، لما فيه من الصبر له على الجوع والظمأ وليس فيما دخل من غير الفم وجرى في غير الحلق عندنا قضاء، ولا يلزم صاحبه فساد صومه، وقد يكره السعوط للصائم لانه لا يسلم أن يدخل في حلقه بعضه
---
ص 251 (44) الشق بالكسر المشقة ومن قوله عزوجل فلم فلم تكونوا بالغية إلا بشق الانفس.
---(1/251)
[ 252 ]
ويعاود إلى وفيه صبابته وطعمه، فأما ما لم يصل إلى الحلق منه شئ يرطب الحلق ويصل مع الريق إلى الجوف فلا بأس به، مثل الكحل وغيره مما يتداوى به الصائم في جميع الاعضاء، وأماكن بدنه.
باب القول فيمن قبل أو لمس فأمنى
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: لا ينبغي لاحد أن يتعرض لذلك، وأن فعله مخطئ فعليه قضاء يوم مكان يومه الذي أخطأ فيه وكذلك إن ضمها إليه لشهوة فأمنى وجب عليه التوبة من ذلك والقضاء ومن جامع امرأته فعليه قضاء يوم مكان يومه والتوبة إلى الله تعالى من فعله وجرأته فإن أقلع والا استتيب فان تاب والا قتل لما كان من جرأته على خالقه، وقد قيل إن عليه في ذلك كفارة، فجعلوا في المني إذا جاء لجماع أو غيره بدنة، أو عتق رقبة، وفي المذى بقرة، وفي الودى شاة، وقيل في ذلك صيام شهرين متتابعين، والتوبة عندنا مجزية له عن ذلك لانا لم نجد عليه في كتاب الله ولا في السنة عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كفارة، ولو كان ذلك لذكره الله كما ذكر كفارة الظهار، وكفارة الحج وكفارة اليمين، ومن أحب أن يتطوع ويكفر فذلك إليه وهو أجر له كما قال الله سبحانه: (فمن تطوع خيرا فهو خير له) (45) وهذه الكفارات عندنا فانما تلزم في الحج والعتق والصيام يلزمان في الظهار وفي قتل المؤمن خطأ.
---
ص 252 (45) البقرة 184.
---(1/252)
[ 253 ]
باب القول في تقيؤ الصائم وما يفطره مما يدخل حلقه
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: يقطع الوضوء ما يخرج، ويقطع الصوم ما يدخل، فان أيقن هذا المتقيئ أنه رجع (46) إلى حلقه من فيه شئ فعليه القضاء وإن لم يرجع في حلقه ولا في جوفه منه شئ مضى على صومه ولم يكن عليه قضاء ليومه. حدثني أبي عن أبيه في الذي يتقيأ وهو صائم أو يبدره القئ قال: ليس للصائم أن يتقيأ ومن قاء أو بدره القئ فأيقن أنه لم يعد منه شئ في جوفه مضى على صومه ولا قصاء عليه. قال يحيى بن الحسين رضي الله عنه: كل من ابتلع دينارا أو درهما أو فلسا أو زجاجا أو حصاة أو غير ذلك مما على وجه الارض متعمدا فعليه القضاء والتوبة مما أتى وقد قال: بالترخيص في ذلك غيرنا وليس ذلك مما يلتفت إليه عندنا لانه قددخل في جوفه، وجرى ذلك في حلقه، وقد حرم الله تعالى على الصائمين إدخال مثل ذلك في حلوقهم إلى أجوافهم، ولو جاز ذلك لهم لجاز ابتلاع الطين والمدر وغير ذلك مما يدخل الاجواف ويتلذذ بادخاله وان يكن طعاما، وكذلك إن تمضمض واستنشق لصلاة فدخل في جوفه من مضمضته أو استنشاقه شئ من الماء فعليه في ذلك القضاء. وقال: في الذباب والغبار والدخان وغير ذلك مما لا يضبط ولا يمتنع منه أنه لاقضاء عليه فيه ويتحرز من ذلك كله.
---
ص 253 (46) في نسخة (انه رجع في حلقة من قيئه شئ).
---(1/253)
[ 254 ]
حدثني أبي عن أبيه أنه سئل عن الذباب يدخل في حلق الصائم فقال: لا يفسد ذلك عليه ما هو فيه من الصيام. قال يحيى بن الحسين رضي الله عنه: ولا يفسد الصوم ذوق الشئ بطرف اللسان لان الله سبحانه إنما حرم على الصائم إدخال الشئ إلى جوفه من الطريق التي جعلها الله مسلكا لغذائه، فأما الفم فلا يفسد ما دخله الصيام ولو أفسد ما دخله الصيام، وان لم يصل إلى جوفه لافسدته المضمضة بالماء، ولو أفسدت المضمضة الصيام لم يكن يجتمع صيام وصلاة، وكان الصيام يبطل الصلاة، وكانت الصلاة تبطل الصيام، لانه لا صلاة إلا بوضوء ولا وضوء الا بمضمضة والصلاة واجبة على المسلمين كما الصيام واجب عليهم، فلذلك قلنا إن كان ما دخل الفم ولم يصل إلى الجوف من عسل أو خل أو ماء غير مفسد للصيام.
باب القول فيمن جعل على نفسه لله صوما مسمى
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: يعمل من ذلك على نيته، إن قال: عشرين يوما ونواها مجتمعة صامها مجتمعة كما نوى، وإن كان أوجب على نفسه عددا، ولم يوجب على نفسه أن يكون ذلك معا فلا بأس بتفريقها عند ما يكون من صيامه لها، وكذلك لو جعل على نفسه صيام سنة لكان ينبغي له أن يفطر العيدين، وأيام التشريق، ويقضي ذلك وكذلك أرى عليه أن يقضي شهر رمضان، لانه ليس من نذره، لان النذر إنما هو إيجاب ما لا يجب، وشهر رمضان فواجب صومه لله عزوجل على كل إنسان، فلذلك قلنا إن عليه أن يأتي بشهر غيره حتى يتم به نذره، وما ألزم لله على نفسه، فإن نوى أنه فيها فليس يلزمه قضاؤه
---(1/254)
[ 255 ]
وهو فانما نذر حين نذر صيام أحد عشر شهرا، لان صيام شهر رمضان كان لله عليه فرضا لازما إلا أن يكون نوى أن يصوم سنة بعينها شهر رمضان فيها.
باب القول في الحايض تطهر في وسط النهار وقد أكلت في أوله والمسافر يقدم على أهله في آخر النهار وقد أكل في أوله
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: يستحب لهما أن يقفا عن الاكل باقي بومهما، لانهما قد خرجا من الحد الذي كان يجوز لهما الاكل فيه.
باب القول فيمن يجوز له الافطار في شهر رمضان
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: يجوز ذلك من النساء للحامل إذا خافت من الصوم على ما في بطنها تلفا، وللمرضع التي تخاف أن ينقطع لبنها إن صامت فيهلك ولدها، وللحائض والنفساء وللمسافرة وللمريضة بأي أنواع المرض كان، وللمستعطشة التي لا تصبر عن الماء وللكبيرة التي لا تطيق الصوم فلها أن تفطر وتطعم على كل يوم مسكينا، ويجوز الافطار من الرجال الاربعة: المستعطش الذي لا يصبر عن الماء، والشيخ الكبير الذي لا يطيق الصوم فله أن يفطر ويطعم عن كل يوم مسكيتا، والمريض، والمسافر. قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: ويجب على صاحب العطش وصاحبة العطش أن يطعما عن كل يوم أفطراه كل واحد منهما مسكينا، ويجب عليهما أن يتداويا لذلك إن كان لسبب علة فإن ذهب
---(1/255)