[ 224 ]
وجوب العشر فيه فلا زكاة على صاحبه فيه، ووقت وجوب الزكاة فهو أن يصير فيه حبه ويؤمن فساده ويبين صلاحه، مثل حب العنب ونوى التمر فإذا صار فيه حبه وجب أن يخرص، فإذا حصد أو جذ أو قطف، أخذ منه عشر ما كان خرص فيه. قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: ولو أن أرضا أو نخلا سقيت بالسيح نصف سنتها (74) وبالسواني النصف الاخر لوجب فيها أن يؤخذ على قدر ذلك بحسابه، مما سقي سيحا العشر، ومما سقي بالسواني نصف العشر، وقال: تؤخذ أعشار الزرع من قبل أن يرفع منها شئ، أو يعزل في مؤنة من مؤناتها لا في حفر ولا دلو ولا نفقة عمال، ولا في شئ من الاشياء التي تحتاج إليها الارض، يبدأ قبل كل شئ بالعشر. حدثني أبي عن أبيه في الرجل يكون له أرض فيزرعها ثم يحصدها هل يجوز له أن يعزل نفقة عمالها؟ أو بعض مصالحها، ثم يخرج العشر من الباقي؟ فقال: لا، حتى يخرج العشر قبل ذلك كله. قال يحيى بن الحسين رحمة الله عليه لا يجوز للرجل أن يعطي من زكوته أباه ولا أمه ولا ولده لان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: " أنت ومالك لابيك " فنفقة هؤلاء واجبة على الاب والابن على كل حال فلذلك لم يجز أن يعطي الوالد من زكاته ولده، ولا الولد من زكاته والده، ويجوز له أن يعطي أخاه، وغيره من أقاربه وذوي أرحامه، إذا لم يكونوا في حد تلزمه النفقة عليهم، ولم يكن منه ذلك فرار عن حق لازم له، أو تكفيا عن واجب لهم عليه. وكذلك لا يجوز له أن يدفع من زكاته شيئا
---
ص 224 (74) في نسخة سقيت بالسيح نصف سقيها.
---(1/224)


[ 225 ]
إلى مملوكه ولا مدبره ولا أم ولده إلا أن يكون قد بت عتقهم، فإن بت عتقهم فهم في زكاته كغيرهم من سائر المسلمين، وهم أولى من غيرهم لانهم مواليه، وهو ولي نعمتهم.
(تم كتاب الزكاة والحمد لله على نعمته وتوالي منته وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم. يتلوه أبواب الصيام)
---(1/225)


[ 227 ]
كتاب الصيام
---(1/227)


[ 229 ]
بسم الله الرحمن الرحيم
مبتدأ أبواب الصيام
باب القول في فروض (1) الصيام وشرائطه في الكتاب وشرح ما أمر الله به منه
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: إن الله تبارك وتعالى افترض على عباده الصيام من غير حاجة منه إلى صيامهم، ولا منفعة تناله بشئ من أعمالهم، بل خلقهم عبيدا مأمورين ومنهيين، وجعلهم في ذلك سبحانه مخيرين، ثم أمرهم ونهاهم، وبصرهم غيهم وهداهم، ومكنهم من العملين، وهداهم النجدين، وجعلهم لكل ذلك مستطيعين، ولما أمروا به من العمل مطيقين، ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حيي عن بينة، وإن الله لسميع عليم. فكان مما أمرهم بعمله وافترض عليهم ما افترض من فعله، ما افترض على من كان قبلهم من بني اسرائيل من الصيام وذلك قول الله سبحانه: (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) (2) يقول سبحانه: (لعلكم تتقون مخالفتي، وتتبعون أمري وطاعتي، فتتبعون حكمي، ولا تبدلون فرضي كما بدله من كان قبلكم من بني اسرائيل، الذين أنزلت عليهم وفيهم ما أنزلت من الانجيل)، وذلك أن الله كتب في الانجيل على بني اسرائيل أن يصوموا شهر رمضان، وأن لا ينكحوا فيه ما أحل لهم نكاحة في غيره من النسوان، فبدلوا ذلك وغيره، وخالفوا ما أمروا به فيه ورفضوه، جزعا من دورانه عليهم في اشتداد حرهم
---
ص 229 (1) في نسخة باب القول في فرض الصيام.
(2) البقرة 183.
---(1/229)


[ 230 ]
وسبرات بردهم، فنقلوا الصيام إلى غير رمضان من الايام، وزادوا فيها عشرين يوما كفارة بزعمهم لما غيروا، فلعنهم الله وأخزاهم وأهلكهم بذلك وأرادهم، وذلك قوله سبحانه: (كما كتب على الذين من قبلكم) (3) يعني النصارى ثم قال: (أياما معدودات فمن شهد منكم الشهر) (4) يعني شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن، فجعل الله عدد شهر رمضان ثلاثين يوما، وتسعة وعشرين يوما، يكون ثلاثين يوما إذا وفي وتسعة وعشرين يوما إذا نقص، فإن كانت في السماء علة من سحاب أو غبار أو ضباب أو غير ذلك من سبب من الاسباب أوفيت أيام الصيام ثلاثين يوما، وكذلك يروى عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين يوما) يريد صلى الله عليه وآله (5) من يوم رأيتموه وصح عندكم أنه قد أهل فيه. وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: (الشهر هكذا وهكذا وهكذا، ثم قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: وهكذا قد يكون وهكذا وهكذا ونقص من أصابعه واحدة، وأشار في الاولى بكفيه جميعا ثلاث مرات، وأشار بكفيه في الثانية ثلاث مرات، ونقص في الثالثة أصبعا، فدل ذلك منه صلى الله عليه وآله على أن الشهر قد يكون مرة ثلاثين يوما سواء، ومرة تسعة وعشرين يوما سواء، وقال الله سبحانه: (يسألونك عن الاهلة قل هي مواقيت للناس) (6) يقول جل جلاله عن أن يحويه قول أو يناله: مواقيت لاحكامهم. وما جعل الله عليهم من فرائضهم، من صومهم وزكاتهم وحجهم، وغير ذلك من أسبابهم فافترض الله سبحانه الصوم على أمة محمد صلى الله عليه وآله في أول مرة على ما كان افترضه على من
---
ص 230 (3) البقرة 183.
(4) البقرة 184.
(5) في نسخة عدوا من يوم رأيتموه.
(6) البقرة 189.
---(1/230)

40 / 198
ع
En
A+
A-