[ 189 ]
باب القول في زكاة الحلي
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: في كل حلي كان لمرأة أو على سرج أو سيف أو مصحف، أو غير ذلك من المنطقة واللجام، وما كان من الحلي عند أهل الاسلام ففيه ربع عشره على ما ذكرنا من التحديد، في العشرين مثقالا نصف مثقال، وفي المائتي درهم خمسة دراهم، فإن كان الحلي من الصنفين جميعا، وكان كل واحد منهما على جهت لا يبلغ ما يجب فيه الزكاة، ضم أحدهما إلى الآخر يضم الذي تجب بضمه الزكاة إلى صاحبه. ثم يخرج زكاة ذلك كله وهو ربع عشر جميعه.
باب القول في المعدن (28) من الذهب والفضة وما يجب فيها
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: كلما أخذ من المعادن من مثقال أو ألف مثقال فهي غنيمة غنمها الله إياها وأوجدها. وفيه ما حكم الله به في الغنيمة وهو الخمس، وذلك قوله تبارك وتعالى: (واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن الله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل) (29) فيجب على صاحبه عند وقت وجوده إياه إن كان يعلم إماما ما يصلح له أن يدفعه إليه، لم يجز له إلا دفعه إليه، وتصييره في يديه، وإن لم يعلم موضعه فرقه هو فيمن جعله الله لهم، وكان أحق الناس بذلك آل رسول الله صلى الله عليه وآله
---
ص 189 (28) في نسخة: في المعادن.
(29) الانفال: 41.
---(1/189)
[ 190 ]
ليتاماهم ومساكينهم وابن سبيلهم لان غيرهم يأخذ من الصدقات، وهم لا يأخذون ويأكل منها وهم لا يأكلون فإذا أخرج الخمس من ذلك الذي أصابه في المعدن، لم يجب عليه من بعد ذلك فيه شئ حتى يحول عليه الحول فيجب عليه فيه ما يجب عليه في ساير أمواله ربع عشره إذا حال الحول عليه وهو عشرون مثقالا، أو مائتا درهم فصاعدا.
باب القول فيما يجب في العنبر والدر واللؤلؤ والمسك وما غنم من ذلك في بر أو بحر
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: معنى ذلك كله، ما غنم منه في بر أو بحر قليلا كان ذلك أو كثيرا كمعنى المعدن يجب فيه الخمس، يصرف حيث يصرف خمس المعدن.
باب القول في زكاة العسل
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: أحسن ما أرى في زكاة العسل أن يؤخذ منه العشر إذا خرج منه في كل سنة قيمة مائتي درهم، وفي ذلك ما بلغنا عن أبي سيارة المتعي أنه قال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم يارسول الله إن لي نحلا قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: (فأد العشر من كل عشر قرب قربة) حدثني أبي عن أبيه أنه سئل عن العسل هل فيه زكاة؟ فقال: ذكر عن النبي صلى الله عليه وآله أنه كان يأخذ منه العشر، وذكر عن أبي سيارة أنه ذكر للنبي صلى الله عليه وآله أن له نحلا فأمره أن يؤدي العشر منه، وما هو عندي إلا كغيره مما ملكه الله عباده من أموالهم وأرزاقهم.
---(1/190)
[ 191 ]
باب القول فيما يجب في الركاز والركاز (30) فهو كنوز الجاهلية
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: هي غنيمة لمن رزقه الله اياها، وفيها ما في المعدن من الخمس، يصرف حيث يصرف خمس المعدن للذين سمى الله سبحانه، وجعل الخمس لهم.
باب القول في تزكية مال اليتيم، وتزكية الدين يكون للرجل على الرجل
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: يزكى مال اليتيم، وفي ذلك ما روى عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رحمة الله عليه أنه كان يزكي مال بني أبي رافع. قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: ويستحب للوصي أن يقلبه لهم ليرجع بعض الربح في الزكاة، وإلا أفنته الزكاة. ومن كان له دين تجب في مثله الزكاة زكاة إذا (31) قبضه لما مضى من السنين. الا أن ينقص في بعض ما يزكي عن ما تجب فيه الزكاة.
باب القول في أخذ السلطان الجائر زكاة الاموال والقول فيما أخذ
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: لا أرى أنما أخذ السلطان الجاير يجزي من يأخذه منه بل أرى أن عليه أن يخرج الزكاة ويضعها حيث أمره الله تعالى، ولا يعتد بما أخذ السلطان الجاير منه.
---
ص 191 (30) في نسخة فهي الكنوز الجاهلية.
(31) في نسخة: إذا اقتضاه لما مضى من السنين.
---(1/191)
[ 192 ]
حدثني أبي عن أبيه أنه سئل هل يجزى ما يأخذ السلطان الجاير؟ فقال: لا يجزى وعلى رب المال الاعادة. قال يحيى بن الحسين عليه السلام: السلطان الجاير الذي لا يرد الزكاة في أبوابها لا يجوز أن يدفع إليه منها شئ، ومن دفع إليه منها شيئا فليس يخلو من أن يكون مختارا لذلك أو مضطرا، فإن كان مختارا وهو يقدر أن لا يدفع إليه ذلك فدفعه إليه فقد أتلف ما كان لله تعالى عنده، ولم يؤده إلى من أمره الله أن يدفعه إليه، وحكم به له من الثمانية الاصناف، فعلى من أتلف ذلك ولم يؤده إلى أصحابه الغرم له، وهو له ضامن حتى يخرجه إلى أهله ويؤده إلى أربابه. وإن كان دفع ذلك إليه مغلوبا مضطرا اضطره إليه وأخذه قسرا من يديه فماله هو أولى بأن يكون ظلم السلطان الداخل عليه من مال الله الذي جعله لعباده، فعليه من الجهتين أن لا يعتد بأخذ الظالم من ماله على ربه في زكاته.
باب القول في أخذ الزكاة من أربابها
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: للامام أن يجبر الرعية على دفع الزكاة إليه من كل ما يجب فيه الزكاة لان الله سبحانه قال: (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلواتك سكن لهم) (32) فأمر بأخذها ولن تؤخذ إلا طوعا أو كرها، فمن أبى الطوع فلابد أن تؤخذ منه كرها وقد قال غيرنا إن الناس مؤتمنون على الذهب والفضة وأنهم هم يضعون زكاته حيث شاؤا، إن شاؤا دفعوها إلى الامام، وإن شاؤا فرقوها هم على أيديهم، وهذا عندي فاسد من القول لا تصح به رواية إن رويت ولا أثر إن ذكر، لانه مخالف لكتاب الله،
---
ص 192 (32) التوبة 103.
---(1/192)
[ 193 ]
وما خالف الكتاب فليس من الحق، ولا ما قبل به فيه من الصدق، وما أحسب أن من قال: بذلك قاله إلا ليستر النعم والاموال على أهل الناض خوفا منه على أموالهم، من جورة ملوكهم فتأول بالقول به هذا المعنى وانما فسد بذلك عندي من أن هذه الزكاة زكاة هذه الاموال الناضة لا تخلو من أن يكون لله فيها فرض عليهم أن يخرجوه (33) لمن سمى الله، أولا يكون عليهم فيها فرض إخراج شئ، فإن يكن عليهم في ذلك فرض إخراج زكاتها فعليهم أن يؤدوها إلى ولي المسلمين الذي أمره الله بأخذها منهم وشدد الله عليهم وعليه في قبضها من أيديهم ليصرفها حيث أمر ويوديها إلى من جعلها الله له على يديه، وأمر بتسليمها إليه، وفي أمر الله له بأخذها منهم ما يقول سبحانه: (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلواتك سكن لهم والله سميع عليم) (34) وهذه الدنانير والدراهم فلا تخلو (35) إما أن تكون أموالا أوغير أموال فان كانت أموالا فعلى الامام أن يأخذ منها ما يجب فيها، وليس يقول خلق إنها ليست بأموال، بل هي خيار الاموال ووجوهها، وإن لم يكن عليهم لله في هذه الاموال فرض زكاة فما يجب عليهم أن يدفعوا شيئا منها إلى أهل الصدقات من الفقراء والمساكين سرا ولا علانية على أيديهم ولا على يدي إمامهم ثم يقال لمن قال: إنهم مؤتمنون عليها وإنهم يخرجونها دون الامام، ما حجتك في ذلك؟ أوجدنا فيه بذلك حجة من الكتاب المبين؟ أو أثرا مجمعا عليه لا اختلاف فيه عن رسول رب العالمين؟ أو حجة في ذلك من المعقول يرضى بها ويفهمها ذووا العقول؟ كما أوجدناك في قبض ذلك منهم آية
---
ص 193 (33) في نسخة أن يؤدوه.
(34) التوبة 103.
(35) في نسخة فلا تخلومن أن تكون. في نسخة ولن يقول.
---(1/193)