[ 179 ]
واجبة على المسلمين وإذا لم يزرعها الذميون زرعها المسلمون فرجعت منافعها على فقرائهم وفي مصالحهم، وكذلك لا أرى أن تباع الارضون منهم التي في أيدي المسلمين لئلا تبطل الاعشار التي (7) تجب فيها إذا كانت في أيدي المسلمين، فأما ما كان لهم وفي أيديهم قديما فلا يمنعون من تبايعهم إياه فيما بينهم لانه شئ لم يكن للمسلمين فيه منفعة قديما (8) أو حديثا.
باب القول فيما يؤخذ من تجار أهل الذمة
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: يؤخذ من تجار أهل الذمة نصف عشر ما يأتون به من أموالهم ويتجرون فيه على المسلمين في أرض الاسلام، وانما يؤخذ ذلك ممن أتى من بلد شاسع إلى بلد مثل تجار أهل الذمة الذين بالشام إذا أتوا بتجارتهم إلى الحجاز أو إلى العراق أو إلى اليمن أو غير تجار أهل الشام إذا اتجروا من بلد بعيد إلى بلد من بلاد المسلمين، وأما من كان في الامصار منهم فلا يؤخذ منهم في الامصار التي هم فيها متسكنون شئ، وإنما يؤخذ ممن انتجع بتجارته من بلد هو فيه متسكن إلى بلد بعيد، فأما تجار في بلد فلا يؤخذ منهم فيه شئ. وان خرجوا إلى غيره أخذ منهم فيه كما يؤخذ من غيرهم. باب (9) القول في زكاة ما أخرجت الارض قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: تجب الزكاة عندي
---
ص 179 (7) في نسخة اللاتي.
(8) في نسخة ولا حديثا.
(9) في نسخة: باب زكاة ما أخرجت الارض والقول في ذلك.
---(1/179)


[ 180 ]
ويلزم في قولي على كل ما أخرجت الارض وفي كل ما أخذ منها مما يكال أو لا يكال، لان الله سبحانه يقول لنبيه صلى الله عليه وآله: (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلواتك سكن لهم والله سميع عليم) (10) والاموال فهي كل ما أغلته العباد وتمولوا به وفيه واتكلوا في معايشهم عليه مما يكال أولا يكال، لاننا نجد كثيرا مما يسقطه غيرنا يصاب منه، ويكتسب فيه الاموال كل من يملكه من النساء والرجال، حتى ربما كان ما لا يكال أكثر فضلا وأعظم أمرا مما يكال، فلذلك أوجبنا فيه كله الزكاة ولقد أوجب الله تبارك - وتعالى في جميع الاموال بابين البيان (11)، عند من عقل وفهم واقتدى بكتابه فعلم بقوله سبحانه: (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها) (12) فلا تخلوا هذه الاشياء الخطيرة من أن تكون لمالكيها أموالا أو لا تكون لهم أموالا، فان كانت لهم أموالا وجب فيها ما أوجب الله على الاموال، وان لم تكن تسمى في اللغة والبيان أموالا فلا شئ فيها عند كل انسان فلن توجد إن شاء الله تعالى أبدا في اللسان ولا عند أهل الفصاحة والبيان الا مسماة أموالا لا تعرف إلا بهذا الاسم من بين الاسماء وتدعى به كما يدعى غيرها من الاشياء وسنفسر إن شاء الله تعالى ما يجب فيما يكال منها بالمكيال، وما لا يكال من ساير الاموال. فأصل ما يجب في جميع ذلك كله قليله أو كثيره فانه ما سقي منه سيحا يفيح (13) الماء في أرضه فيحا، أو ما شرب بما السماء، أو ما كان من الشجر (14) بعلا، فواكه كان
---
ص 180 (10) التوبة 103.
(11) في نسخة: التبيان.
(12) التوبة 103.
(13) في نسخة تفتح للماء أرضه فتحا.
(14) لبعل ما يشرب من النخل بعروقه غير سقي سماء ولا غيرها.
---(1/180)


[ 181 ]
ذلك أم نخلا ففيه العشر، وما سقي بالسواني (15) والخطارات (16) والدوالي (17) من الزرانيق (18)، وغيرها مما ينشط ماؤه نشطا، ويسقى به ففيه نصف العشر إذا بلغ كل ما يكال من ذلك خمسة أوسق والوسق فهو ستون صاعا بصاع النبي صلى الله عليه وآله وذلك ما وقته رسول الله صلى الله عليه وآله وجعله له مدا، فوقت له خمسة أوسق سواء، فان نقص كل صنف مما يكال عن خمسة أوسق فلا زكاة فيه ولا يجب شئ عليه. حدثني أبي عن أبيه أنه قال: كلما أخرجت الارض من نباتها من شئ ففيه الزكاة وهذا أحب الاقوال الي لقول الله عزو جل: (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها) (19). وحدثني أبي عن أبيه أنه قال: لا تجب الزكاة فيما دون خمسة أوسق مما يكال، والوسق ستون صاعا وما زاد على الخمسة الاوسق أخذ منه بحساب ذلك. وسئل عن وزن الصاع فقال: لا يكون إلا بالكيل لان رسول الله صلى الله عليه وآله قال: (الوسق ستون صاعا) فدل بذلك على الكيل فلا يصح بالوزن.
باب القول في أخذ زكاة العنب
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: أما ما كان من العنب يزبب أخذ فيه عشره أو نصف عشرة عند كمال تزبيبه كما قال سبحانه:
---
ص 181 (15) السواني: جمع سانية وهي الناقة التي يسقى عليها.
(16) والخطارات: يقال خطر البعير بذنبه إذا رفعه مرة بعد مرة.
(17) والدوالي: المنجتون الذين تديره البقر.
(18) في الضياء الزروق: الناقة الطويلة الرجلين الواسعة. الخطا. وفي قاموس الزرنقان منارتان بينتان على رأس البير.
(19) التوبة 123.
---(1/181)


[ 182 ]
(وآتوا حقه يوم حصاده) (20) وما لم يكن يزبب أدخل فيه من ينظر خرصه ويعرف قدره فيخرصه، فأي كرم أو كروم في ملك رجل واحد كان جملة ما يأتي فيه بعد يبوسه خمسة أوسق زبيبا أخذ منه نصف عشره عنبا أو عشره عنبا، والعمل فيه أن يرسل إليه من ينظر قسمته فيقسمه أجزاء عشرة غير حايف ولا جاير يحضره صاحبه، ثم يقول له: اختر خمسة أجزاء من هذه الاجزاء العشرة، وقد علم كل جزء منها بعلامة تفهم وتعرف فإذا اختار صاحب الكرم من العشرة الاجزاء خمسة أخذ القاسم الذي مع المصدق من الخمسة الباقية جزءا وهو عشر ذلك كله إن كان كرمه مما يجب فيه العشر، وإن كان مما يجب فيه نصف العشر قسم ذلك الجزء بينه وبين صاحب الكرم ثم عرضه لبيع، فإن أحب صاحب الكرم شراؤه من بعد الاستقصاء فيه للبيع، فهو أولى به أخذ منه ثمنه نقدا ودفع إليه، وإلا فيبيع من غيره. حدثني أبي عن أبيه أنه سئل عن بلاد بها الاعناب كثيرة لا تزبب هل عليهم العشر في عصيرها أو في أثمانها؟ فقال: يزكى ذلك على قدر خرصه ويؤخذ منه على مقياس قدره.
باب القول في أخذ صدقة مالا يكال من الاموال
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: أما الرمان والتفاح والفرسك والسفرجل والمشمش والخرنوب والتين والاجاص وقصب السكر والموز والكمثرى، وما كان غير ذلك من الفاكهة وغيرها مما تخرج
---
ص 182 (20) الانعام 141.
---(1/182)


[ 183 ]
الارض مما لا يكال فإن العمل فيه أن يرسل (21) إليه من ينظر كل صنف منه، فإذا لم يشك المرسل وصاحب المال أن كل صنف من ذلك الثمر يبلغ إذا بيع مائتي درهم قفلة أخذ منه عشرة أو نصف عشره على قدر شرب أرضه، فيؤخذ من كل ثمرة زكاتها، ولا يؤخذ فيها ذهب ولا فضة، وإن قصر مبلغ كل صنف من ذلك عن مائتي درهم لم يؤخذ من صاحب ذلك الصنف المقصر في ذلك الصنف شئ، فهذا أحسن ما أرى من العمل في مثل هذه الاشياء التي لا تكال.
باب القول في زكاة البطيخ والقثاء وغير ذلك مما يأتي ثمره شيئا بعد شئ لا يوقف على كل شئ منها ولا يحصى
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: أحسن ما أرى من العمل في تزكية ما لم يكن خروجه كله معا، مما ذكرنا من هذه الاصناف التي يأتي بعضها بعد ذهاب بعض ولا يمكن حبس أولها على آخرها، أن يوكل بما يخرج منها وكيل يعرف ذلك، ويحصيه أو يستأمن على ذلك صاحبه إن كان أمينا، (22) ويترك عنده إذا علم منه الاداء لما يجب عليه والاحتياط على نفسه لله فيه، فإن اتهم أستحلف على ما يتهم عليه حتى إذا استقصى بيع ثمره نظر إلى ما حصل من ثمنه، فإن كان مائتي درهم أخذ منه في ذلك العشر أو نصف العشر، وإن كان ثمن ذلك أكثر من المائتين فعلى حساب ذلك، وإن كان أقل من المائتين لم يؤخذ منه زكاة.
---
ص 183 (21) في نسخة: ان يبعث.
(22) ورجي عنده الاداء.
---(1/183)

31 / 198
ع
En
A+
A-