[ 158 ]
باب القول في التكبير على الجنايز وكم هو وما يقال في كل تكبيرة
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: أجمع آل رسول الله صلى الله عليه وآله على أن التكبير على الجنايز خمس تكبيرات وذكر عن النبي صلى الله عليه وآله أنه كان يكبر خمسا. قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: ليس يضيق على المصلي ما قال في صلاته ولا ما دعا به في تكبيره، بعد أن يصلي على الانبياء والمرسلين، ويدعو للميت ويستغفر له، وقد يستحب له أن يقول في الاولة بعد أن يكبر: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو على كل شئ قدير. ثم يقرأ الحمد، ثم يكبر ثم يقول: اللهم صل على محمد عبدك ورسولك وخيرتك من خلقك وعلى أهل بيته الطيبين الاخيار الصادقين الابرار الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا كما صليت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، ثم يقرأ قل هو الله أحد، ثم يكبر ثم يقول: اللهم صل على ملائكتك المقربين، اللهم شرف بنيائهم وعظم أمرهم، اللهم صل على أنبيائك المرسلين، اللهم أحسن جزائهم، وأكرم عندك مثواهم، وارفع عندك درجاتهم، اللهم شفع محمدا في أمته واجعلنا ممن تشفعه فيه برحمتك، اللهم اجعلنا في زمرته وأدخلنا في شفاعته، واجعل موئلنا إلى جنته ثم يقرأ قل أعوذ برب الفلق ثم يكبر ثم يقول: سبحان من سبحت له السموات والارضون سبحان ربنا الاعلى سبحانه وتعالى، اللهم إن هذا عبدك وإبن عبديك وقد صار إليك وقد أتينا معه متشفعين له سائلين له المغفرة، فاغفر له ذنوبه وتجاوز عن سيئاته، وألحقه بنبيه محمد صلى الله عليه وآله أللهم وسع عليه قبره وأفسح
---(1/158)
[ 159 ]
له أمره وأذقه رحمتك وعفوك يا أكرم الاكرمين، اللهم أرزقنا حسن الاستعداد لمثل يومه ولا تفتننا بعده واجعل خير أعمالنا أخرها، وخير أيامنا يوم نلقاك، ثم يكبر ثم يسلم تسليمتين عن يمينه وعن يساره. قال يحيى بن الحسين رضي الله عنه: وهذا الدعاء فإنما يجب أن يدعى به للمؤمنين الصالحين المتقين، فأما الفسقة الخاينون الظلمة المخالفون فلا يجوز ذلك فيهم، ولا نحب لهم بل يبرأ إلى الله تعالى منهم ويسأله الاخزاء لهم وتجديد العذاب عليهم. حدثني أبي عن أبيه أنه سئل عن التكبير على الجنايز كم هو؟ وبماذا يدعا في كل تكبيرة وهل يرفع يديه في كل تكبيرة أم لا؟ فقال: أما التكبير على الجنايز عن آل رسول الله صلى الله عليه وآله فخمس تكبيرات، وقد ذكر عن النبي صلى الله عليه وآله أنه كبر على النجاشي خمسا ورفع يديه في أول تكبيرة. وبعد ذلك يسكن أطرافه كتسكينها في الصلاة ويقرأ في التكبيرة الاولى بفاتحة الكتاب ويصلى على النبي صلى الله عليه وآله وفي الثانية يدعوا للمرسلين والمسلمين، ثم يدعوا فيما بقي للميت بما تيسر وحضر من الدعاء ولا يترك الدعاء للميت إن كان من الاولياء. قال يحيى بن الحسين رضي الله عنه: ومن فاته شئ من التكبير على الجنازة أتم تكبيره عند إنصراف الناس وقبل أن يرفع الميت، قال: ومن خشي أن تفوته الصلاة على الجنازة تيمم وصلى. حدثني أبي عن أبيه في رجل خشي أن تفوته الصلاة على الجنازة وهو على غير وضوء قال: يتيمم إذا خاف فوات الصلاة عليها.
---(1/159)
[ 160 ]
باب القول في ذمية تموت وفي بطنها ولد مسلم، وفي تعزية أهل الذمة
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: لا بأس بتعزيتهم إذا لم يدع لهم ولم يثن على ميتهم وقيل لهم في ذلك قول حسن، ولا ينبغي أن تشهد جنائزهم لان الله سبحانه قد نهى عن الصلاة والقيام على قبور إخوانهم المنافقين فقال: لنبيه صلى الله عليه وآله: (ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره) (2) وأما الذمية التي في بطنها ولد لمسلم فإذا ماتت كذلك دفنت في مقابر أهل ملتها، ولم ينظر إلى ما في بطنها من ولدها، لانه لم ينفصل ولم يخرج من بطنها فيكون أحكامه أحكام غيرها. قال: ولو أن كافرا شهد بشهادة الحق مرة واحدة قبل خروج نفسه لكان حكمه في التكفين والدفن والصلاة والغسل حكم المسلمين لانه قد خرج بما شهد به من حد المشركين وصار بإذن الله بإقراره. من المؤمنين. حدثني أبي عن أبيه في اليهودية والنصرانية تموت وفي بطنها ولد من مسلم قال: يدفن في مقابر أهل دينها إذا لم ينفصل الولد من بطنها. وحدثني أبي عن أبيه في الكافر يشهد شهادة الحق عند ما يحضره الموت مرة واحدة من يدفنه وأين يدفن؟ قال: حاله في الصلاة عليه والتكفين حال المسلمين.
باب القول في اللحد والضرح
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: الواجب على أمة محمد صلى الله عليه وآله أن تلحد لموتاها لحدا في جوانب القبور، إلا
---
ص 160 (2) التوبة 84.
---(1/160)
[ 161 ]
أن تكون القبور في موضع منهار لا يطاق فيه اللحد ولا يتهيأ ولا يمكن فيضرح له من بعد إبلاء العذر والجهد، مثل أهل مكة وما شابهها من البلاد وفي ذلك ما بلغنا أنه لما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله قال القول ما ترون أين يدفن النبي صلى الله عليه وآله؟ فقال علي عليه السلام: إن شئتم حدثتكم قالوا: حدثنا قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: " لعن الله اليهود والنصارى كما اتخذوا قبور أنبيائكم مساجد إنه لم يقبض نبي إلا دفن في مكانه الذي قبض فيه ". فلما خرجت من فيه نحوا فراشه ثم حفروا موضع الفراش فلما فرغوا قالوا: ما ترى أنلحد أم نضرح؟ قال على عليه السلام: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: (اللحد لنا والضرح لغيرنا فلحدوا لرسول الله صلى الله عليه وآله). حدثني أبي عن أبيه أنه سئل عن اللحد والضرح؟ فقال: لحد للنبي صلى الله عليه وآله لحدا واللحد أحب إلينا لان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (اللحد لنا والضرح لغيرنا). أي لاهل الجاهلية من قريش ومن تابعهم من مشركي العرب.
باب القول في الفرش للميت في قبره وتجصيص القبور وتزويقها
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: لا أحب أن يبسط للميت شئ في قبره ولا يدخل معه سوى أكفانه غيرها، فأما تزويق القبور فلا نحبه لان الميت أذا مات فقد ذهبت عنه الزينة وغيرها، ومن ذهبت عنه الزينة في نفسه فالزينة أبعد من بيته وقبره، فأما تحديدها بنصب الحجارة من حولها وطرح الرضراض فوقها لتعرف من غيرها فلا بأس بذلك فيها،
---(1/161)
[ 162 ]
وكذلك التطيين فلا بأس بتطيينها لتبقى معالمها لمن أحب بقائها في أهلها. حدثني أبي عن أبيه أنه سئل هل يبسط للميت ثوب أو لبد فقال: لا يوضع الميت بعد تكفينه في قبره إلا على حضيض الارض في لحده. وحدثني أبي عن أبيه أنه سئل عن تطيين القبور وتجصيصها وإدخال الآجر فيها فقال أما الآجر فيكره إدخاله فيها وكذلك التجصيص إيضا يكره ولا بأس بالتطيين.
باب القول في دفن الجماعة في القبر الواحد عند الضرورة
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: إذا وضع الميت على شفير قبره أستل من نحو رأسه أستلالا، ويحرف إلى القبلة تحريفا حسنا، ويوسد بعد قبره إما ترابا وإما نشزا من اللحد يعمل له، ولا يوسد في قبره شيئا سوى بعض لحده. قال: وأن أضطر الناس في دفن جماعة في قبر واحد حجز بينهم بحواجزه من تراب أو حجارة أو لبن. حدثني أبي عن أبيه أنه سئل عن الميت من أين يدخل قبره فقال: يؤخذ الميت إذا أدخل قبره من منكبيه وصدره ويوجه القبلة ويدخل من قبل رجليه يسل سلا. حدثني أبي عن أبيه في الرجلين والثلاثه إذا دفنوا في قبر واحد كيف يدفنون فقال: لا يدفنون في قبر واحد ما وجد من ذلك بد وأن دفنوا ضرورة حجز بينهم بحاجز من الارض والتراب، وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم أحد أن يدفنوا أثنين أثنين وثلاثة ثلاثة في قبر واحد، وذلك أن أصحابه كثرت فيهم الجراحات.
---(1/162)