[ 153 ]
معه، ولا يغسل إذا مات في المعركة وإن حول من المعركة التي أصيب فيها وفيه شئ من الحياة فعل به كما يفعل بالموتى وغسل وكفن وصلي عليه ودفن، وكذلك يصلى عليه إذا مات في المعركة لان الشهيد أحق بالصلاة والتزكية، وأهل بالاستغفار والبركة. حدثني أبي عن أبيه أنه سئل عن الشهيد هل يغسل؟ فقال: الشهيد إذا مات في المعركة لم يغسل وأن نقل وفيه حياة ثم مات غسل وعمل به كما يعمل بالاموات، حدثني أبي عن أبيه أنه سئل عن الشهيد هل يصلى عليه أم لا يصلى عليه؟ فقال: الشهيد يصلى عليه لان النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلى على عمه حمزة رضي الله عنه وكبر عليه سبعين تكبيرة يرفع قوم ويوضع آخرون وحمزة موضوع مكانه يكبر عليه وعلى من استشهد يوم أحد. ومن لم ير الصلاة على الشهيد كان مبتدعا ضالا، ومن أحق بالصلاة والترحم عليه من الشهيد.
باب القول في الصلاة على المولود والمحترق بالنار والغريق والمرجوم
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: إذا استهل المولود صلي عليه وفعل به كما يفعل بالموتى وورث وورث وسمي، فإن لم يستهل لم يجب له من ذلك شئ، واستهلاله صياحه فإذا شهد على ذلك أربع نسوة أو امرأتان تقيتان مؤمنتان كان أمره وحكمه حكم المستهل. قال يحيى بن الحسين رضي الله عنه: إذا احترق المحترق بالنار صب عليه الماء صبا ولم يدلك جلده دلكا لما يخشى عليه من تزلعه وتقطعه، وأما الغرقى فيغسلون كما يغسل الموتى ويصلى عليهم ويحنطون ويفعل بهم كما يفعل المسلون بموتاهم، وأما المرجوم فان كان معترفا وعلى نفسه مقرا فلا اختلاف عند الامة في غسله وتكفينه
---(1/153)
[ 154 ]
والصلاة عليه، وأما المرجوم بالبينة فان سمع منه استغفارا وتوبة أستغفر له إذا صلى على جنازته وإلا فصلى عليه على طريق المداراة إن احتيج إلى ذلك فيه، وإن لم يحتج إلى مداراة في أمره لم يصل عليه ويجتنب الاستغفار له إذا كان قد مات على خطيته ولم يتب منها إلى ربه. حدثني أبي عن أبيه أنه سئل عن المرجوم هل يصلى عليه؟ فقال: أما المقر التايب فلا اختلاف في الصلاة عليه ويكفن ويفعل به كما يفعل بموتى المسلمين كذلك روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه أمر بما عزبن مالك الاسلمي لما رجم، وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في مرجومة رجمت من همذان فأمر بها أن تكفن وتغسل ويصلى عليها وأما المرجوم بالبينة فمنهم من قال: يصلى عليه ومنهم من قال: لا يصلى عليه لان الصلاة ترحم واستغفار ومن أتي كبيرة مما يوجب له بها النار لم يصلى عليه لانه ملعون إذا كان غير تايب يلعن كما ذكر عن الحسين بن علي عليه السلام ودعائه على سعيد بن العاص حين مات، وقد قال: الله تبارك وتعالى في المخلفين: (ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره) (1). حدثني أبي عن أبيه في الغريق يغسل؟ قال يغسل الغريق كما يغسل غيره، حدثني أبي عن أبيه في السقط يصلى عليه؟ قال: لا يصلى عليه ألا أن يكون قد استهل فيصلى عليه.
باب القول في الصلاة على ولد الزنا والاغلف
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: يصلى على ولد الزنا كما يصلى على غيره ويستغفر له إذا علم صلاحه لانه لا يضر فسق والديه إذا
---
ص 154 (1) التوبة 84.
---(1/154)
[ 155 ]
كان مؤمنا، وأما الاغلف فان كان ترك الاختتان استخفافا بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله واطراحا لما أوجب الله عليه من ذلك لم يصل عليه وإن كان ترك ذلك لعلة من خوف على نفسه، أو ما يعذر به عند ربه صلى عليه كما يصلى على غيره، وفي ذلك ما بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن رجلا من أهل الكتاب أسلم وهو شاب وكان أغلف، فقال له: صلى الله عليه وآله أختتن فقال: أخاف على نفسي فقال له: إن خفت على نفسك فكف ثم أهدى إليه فأكل من هديته ومات فصلى عليه. حدثني أبي عن أبيه أنه سئل عن الصلاة على ولد الزنا؟ فقال: يصلى على ولد الزنا كما يصلى على غيره لانه ليس من فعل أبويه في شئ.
باب القول في حمل الجنازة وتشييعها
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: يبدأ بميامن السرير فيحمله بها حامله، ثم بمؤخر ميامنه فيحمله بها حامله، ثم يدور فيحمل بمقدم مياسره، ثم يحمله بمؤخر مياسره. وينبغي لمن صحب الجنازة أن يمشي خلفها ولا يمشي أمامها لانه تابع غير متبوع. حدثني أبي عن أبيه أنه سئل عن حمل الجنازة بأي جوانب السرير يبدأ؟ فقال: بميامنها ثم يدور بها إن شاء في كل جانب فأي ذلك فعل لم يضيق عليه. حدثني أبي عن أبيه أنه سئل عن المشي أمام الجنازة فقال: ذكر عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام المشي خلفها وأنه قال إنما أنت تابع ولست بمتبوع، وهو أحب ما في ذلك إلى آل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إلا من تقدمها لحملها.
---(1/155)
[ 156 ]
قال يحيى بن الحسين رضي الله عنه: أكره للنساء اتباع الجنازة فان كان لابد فليتنحين وليكن بمعزل عن الرجال، ولا يرفعن بالبكاء صوتا، ولا يبدين لهن وجها، فإذا دفن انصرفن إلى منازلهن، ولا أحب لهن زيارة القبور. حدثني أبي عن أبيه في خروج النساء مع الجنازة وهل تزور المرأة القبور. فقال: قد جاء عن النبي صلى الله عليه وآله الكراهية لذلك، وأرجوا أن لا يكون باتباع المرأة للجنازة بأس إذا تنحت عن الرجال ومخالطتهم، واستترت بما يسترها من الثياب، وأكره للمرأة أن تزور القبور. قال يحيى بن الحسين رضي الله عنه: لا أرى أنه يجوز هذا الذي يفعل الناس من الصياح على الجنازة في موت الميت والنعي له في الاسواق والطرق ولكنن يؤذنون به من أرادوا الايذان بالرسل من أولياء الميت. وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم الكراهية فيه. حدثني أبي عن أبيه أنه سئل عن الايذان في الجنازة، فقال: ما أحب أن يصرخ به وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وآله: أنه نهى عن النعي وقال: (إنه من فعل أهل الجاهلية) ولا بأس بالايذان بل ذلك حسن أن يؤذن به أصحابه واخوانه ومعارفه وأقاربه.
باب القول في جعل المسك في الحنوط وكم يكون كفن الميت من ثوب
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: لا بأس أن يكون حنوط الميت شئ من المسك، ولقد كرهه قوم ولسنا نكرهه لما جاء فيه من الاثر أنه كان في حنوط رسول الله صلى الله عليه وآله وفي حنوط أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام. وأما الكفن فعل قدر
---(1/156)
[ 157 ]
ما يحب أصحابه ويمكن، إن كان سبعة فحسن، وإن كان خمسة فحسن وإن كان ثلاثة فحسن. وقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وآله كفن في ثلاثة أثواب، فإن لم يكن غير واحد أجزأ، وقد كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم عمه الحمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه في بردة خيبرية إذا غطى بها رأسه انكشف رجلاه، وإذا غطى بها رجليه أنكشف رأسه، فغطى بها رأسه وجعل على رجليه شيئا من نبات الارض. ومن كفن في ثلاثة أزر بواحد ولف في أثنين لفا، ومن كفن في خمسة أثواب ألبس قميصا وعمم بعمامة وأدرج في ثلاثة، ومن كفن في سبعة أثواب ألبس قميصا وعمم بعمامة وأزر بميزر وأدرج في أربعة. وإن كانت أمرأة جعل بدل العمامة خمار يعصب به رأسها عصبا. حدثني أبي عن أبيه أنه سئل عن المسك في الحنوط، فقال: رأيت آل محمد عليهم السلام منهم من يكرهه ومنهم من لا يرى به بأسا وقد ذكر عن النبي صلى الله عليه وآله أنه جعل في حنوطه مسك وذكر عن علي عليه السلام أنه أمر أن يجعل في حنوطه مسك كان فضل من حنوط النبي صلى الله عليه وآله. حدثني أبي عن أبيه أنه سئل في كم يكفن الرجل والمرأة والصبي؟ فقال: يكفن الرجل في ثوب واحد إذا لم يوجد غيره وفي ثلاثة أثواب إذا وجدت، وقد كفن رسول الله صلى الله عليه وآله في ثلاثة أثواب وقد كفن رسول الله صلى الله عليه وآله عمه حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه في بردة خيبرية وهي الشملة. وتكفن المرأة على قدر ما يمكن من السعة والجدة، من ثوب أو ثوبين أو ثلاثة، وتخمر المرأة بخمار يعصب على رأسها عصبا. وسئل عن شعر المرأة الميتة هل يمشط أو يفتل؟ فقال: يضم بعضه ألى بعض ولا يضم برباط من غيره.
---(1/157)