[ 142 ]
والنعمة لك والملك، لا شريك لك لبيك ذا المعارج لبيك، ثم يعود إلى موضعه من خطبته ثم يوشك أن يلبي ثم يعود إلى الخطبة ثم يلبي ثم يعود إلى الخطبة ثم يلبي حتى يلبي ثلاثا أو خمسا أو سبعا على قدر الخطبة طولها وقصرها.
باب القول في اجتماع العيد والجمعة
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: إذا اجتمع العيد والجمعة فمن شاء حضر الجمعة ومن شاء اجتزى عن حضورها بصلوة العيد وخطبته، كذلك بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه اجتمع على عهده عيدان فصلى بالناس صلوة العيد، وخطبهم ثم قال: (من شاء فليأت الجمعة ومن شاء فلا يأتي) قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: ومن اغتسل لصلوة العيد الذي اجتمعت معه الجمعة ونوى أنه اغتسل للعيد والجمعة، أجزاه ذلك عن الغسل يوم الجمعة، والغسل في يوم الجمعة فليس بفرض واجب، وإنما أمر به رسول الله صلى الله عليه وآله اصحابه، لانهمم كانوا يكونون في مكاسبهم وأعمالهم فيصيبهم الغبار والتراب، ويتراكم عليهم العرق، ثم يأتي وقت الصلوة يوم الجمعة فيحضرون للصلوة وهم على تلك الحال، فيزدحمون فتثور منهم رائحة ذلك الغبار مع العرق، فيتأذى بعضهم من بعض، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وآله بالغسل يوم الجمعة ففعلوا، فذهبت تلك الرائحة وأما طوا بالماء ما كان يعلوهم منها. قال يحيى بن الحسين رحمة الله عليه: الجمعة واجبة على كل مسلم إلا على الصبي والمرأة، والعبد المملوك، والمريض ومن أطاق إتيانها من هؤلاء كلهم فأتاها فذلك حسن وليس هو عليه بواجب والتستر
---(1/142)


[ 143 ]
للنساء أصلح الامور. ولزوم البيوت أعظم لاجرهن، (حدثني أبي عن أبيه يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وآله) أنه قال: (النساء عي وعورات فاستروا عيهن بالسكوت وعوراتهن بالبيوت).
باب القول فيمن لم يجد ماء هل يجوز له أن يتيمم ويؤم المتوضين أم لا؟
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: لا يجوز أن يؤم المتيمم المتطهرين بالماء، وكذلك بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: (لا يؤم المتيمم المتوضي بالماء) وبلغنا عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رحمة الله عليه أنه قال: لا يؤم متيمم متوضين.
باب القول في صلوة العريان بذوي اللباس وصلوة القاعد بالقيام من الناس
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: لا يؤمن عريان لابسا ولا قاعد قايما وذلك لما جعل الله من الفضل في ستر العورة للمستترين وما جعل من الفضل للمصلي قائما على المصلى قاعدا، وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال لاصحابه: وقد خرج عليهم يوما وبهم وهن المرض وهم يصلون قعدوا فقال: (صلوة القاعد نصف صلوة القائم).
باب القول في الترغيب في صلوة الليل تطوعا
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: أحب لمن قدر وقوي وصح جسمه وشفي أن لا يدع أن يصلي في آخر الليل ثماني ركعات مثنى مثنى يقرأ في كل ركعة بما تيسر له من القرآن فإن في ذلك فضلا
---(1/143)


[ 144 ]
عظيما، وخيرا كثيرا في الدنيا والآخرة، وفي ذلك ما بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: (من صلى ثماني ركعات في الليل سوى الوتر يداوم عليهن حتى يلقى الله بهن فتح الله عليه اثنى عشر بابا من الجنة)، وبلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: (ركعتان في نصف الليل الآخر أفضل من الدنيا وما فيها ولولا أن أشق على أمتي لفرضتهما عليهم). قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: ما: أحب لمن قوي على ذلك أن يدعه ولو على ظهر راحلته يؤمئ إيماء يكون سجوده أخفض من ركوعه، إن كان في محمل حول وجهه نحو القبلة وإن كان على راحلته صلى حيث توجهت راحلته، فأما إذا جاءت الفريضة فالارض الارض إلا من بلاء عظيم. وخوف مانع جسيم فإذا كان ذلك فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها كما قال تبارك وتعالى: (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) وقال: (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) (77) يريد تبارك وتعالى بقوله وسعها طاقتها وما تستطيعه من أمورها وقد بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه كان يتطوع على ظهر راحلته حيثما توجهت به.
باب القول في صلوة الامام صلوة العيد والجمعة في السفر وتكبير العيدين
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: إذا سافر الامام والمسلون معه فأدركتهم الجمعة أو أحد العيدين الفطر أو الاضحى في قرية من قرى المسلمين فليجمع وليصل وليخطب بالمسلمين، يصلي
---
ص 144 (77) البقرة 286.
---(1/144)


[ 145 ]
الجمعة ركعتين وكذلك أقول: أنه يجب على أهل القرى والمناهل إذا كان في القرية منهم جماعة ومسجد يجمع فيه، إن الجمعة تجب عليهم وإنه ينبغي لهم أن يختاروا لانفسهم إماما يخطب بهم ويصلي بهم، وإنما أرى ذلك لهم وأوجبه عليهم إذا كان إمامهم الذي يدعون له في خطبتهم ويذكروه إماما عادلا محقا ممن تجوز له الامامة، لان الله عزوجل قد أمر الناس جميعا ولم يستثن منهم أحدا بالسعي إلى صلوة الجمعة فقال: (يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون) (78) فأما تكبير عيد الفطر فهو من حين يخرج الامام إلى أن يبتدي الخطبة، وأما التكبير في عيد الاضحى فمن صلوة الصبح يوم عرفة إلى صلوة العصر من آخر أيام التشريق، وهو يوم النفر الاكبر، كذلك بلغنا عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رحمة الله عليه أنه كان يفعل ذلك. حدثني أبي عن أبيه أنه سئل عن التكبير فقال: من صلوة الصبح يوم عرفة إلى صلوة العصر من آخر أيام التشريق. قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: والتكبير؟ فهو في دبر كل صلوة فريضة أو نافلة وهو أن يقول المكبر: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا.
باب القول في الرجلين ينوي كل واحد منهما أن يؤم بصاحبه وصاحبه لا يعلم
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: إذا أصطف رجلان جاهلان بمقام الامام فصلى كل واحد منهما وهو ينوي أنه إمام لصاحبه
---
ص 145 (78) الجمعة 19.
---(1/145)


[ 146 ]
فصلوتهما تامة وإن كان كل واحد منهما لم ينو أن يأتم بصاحبه فصلوتهما تامة أيضا وإنما قلنا ذلك لانا وجدنا كل واحد منهما مصليا لنفسه غير مؤتم بصاحبه فلذلك قلنا إن صلاتهما تامة، فإن كان كل واحد منهما مؤتما بصاحبه معتقدا لصلاة صاحبه فقد جعله في نفسه له إماما، ونوى الاقتداء به في القعود والركوع والسجود والقيام، وكلاهما لا يعلم أن صاحبه به مؤتم فصلاتهما باطلة لانهما لم يصليا لانفسهما ولم يصل واحد منهما بصاحبه، وكانت نية كل واحد منهما أنه تابع متكل على أخيه وأخوه لا يعلم فلذلك قلنا إن صلاتهما لم تتم ولو أن رجلا كان قد صلى الظهر فدخل الامام فصلى في جماعة فقام الرجل الذي قد صلى فوقف معهم يصلي تطوعا فحدث بالامام حدث نقض طهوره فاجتذب ذلك الرجل الذي قد صلى من ورائه فأوقفه مكانه، وهو لا يعلم بأن صلوة ذلك كانت تطوعا فأتم بهم صلوتهم كانت صلوتهم باطلة، لانهم ائتموا في فريضتهم بمن يصلي تطوعا، ولا يؤم في الفريضة إلا من يصليها فأما من صلى غيرها فلا يؤمن غيره فيها، فيجب عليهم أن يقدموا غيره إذا علموا ويعيدوها ولا يعتدوا بما صلوا منها.
---(1/146)

24 / 198
ع
En
A+
A-