[ 132 ]
وما ينبت فيها من الكرسف والكتان وغير ذلك مما فيها من نبات الالوان. حدثني أبي عن أبيه أنه سئل عن المسوح واللبود وأشباههما فقال: أحب لكل مصل أن يضع جبهته على التراب وحضيض الارض فإن كان لابد مما يتوقى به كان مما تنبت الارض من الحلافي ومثلها من نابته الارض إلا أن يخشى ضرر الحر والبرد فيتوقى بما يوقيه، ويسجد من ذلك على ما أحب. قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: في ثياب القطن والكتان ما وقا وكفا كل إنسان وإلى ذلك ذهب جدي القسم بن ابراهيم رحمة الله عليه في قوله يسجد من ذلك على ما أحب. قال يحيى بن الحسين رضي الله عنه: ولا أحب السجود على كور العمامة وقد جاء في ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله النهي فإن خشي الساجد حرا أو بردا، ثنى طرفها ثم سجد على ماثنى منها. حدثني أبي عن أبيه أنه سئل عن السجود على كور العمامة (61) قال: ما أحب أن يسجد على كور العمامة إلا أن يخشى ضررا من حر أو برد على نفسه، ويستحب له أن يلصق جبهته بالارض ويعفر وجهه في التراب فإنه من التذلل لله والاكبار له ويلصق أنفه إذا سجد إلصاقا خفيفا وإن لم يفعل ذلك بأنفه لم يدخل عليه نقص في صلوته ولا بأس أن يتقي بثوبه حر الارض وبردها وقد روى ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. قال يحيى بن الحسين رضي الله عنه: إذا فرغ المصلي من صلوته وأراد التسليم فليسلم عن يمينه تسليمة وعن يساره تسليمة ينوي بذلك إن كان وحده السلام على الملكين الذين ذكر الله أنهما عن يمينه وعن
---
ص 132 (61) في السجود على كور العمامة. وفي نسخة من نبات الارض.
---(1/132)


[ 133 ]
شماله وذلك ما يقول الله سبحانه: (إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) (62) وإن كان إماما نوى أن يسلم على الملكين وعلى من عن يمينه وعن شماله من المؤمنين، فأما ما يقول به غيرنا: من تسليمه واحدة عن يمينه أو التسليم أمامه فلسنا نعرف ذلك ولا نراه ولا نقول به ولا نشاؤه. حدثني أبي عن أبيه أنه سئل كيف التسليم من الصلوة فقال: يسلم تسليمتين تسليمه عن يمينه وتسليمة عن يساره، إماما كان أو غير إمام، ينوى بذلك الملكين إن كان وحده، وإذا كان في جماعة كان التسليم على الملكين وعلى من معه من المصلين يقول: السلام عليكم ورحمة الله السلام عليكم ورحمة الله. قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: لا يصلي من بيوت الحمامات فيما يدلك فيه، واغتسل من الجنابات، وأميط فيه أدران الابدان، وما أمر بإماطته عنه كل إنسان، من الوسخ والشعر والعذرة والبول والقذر فأما ما كان من بيوتها ولا يدخله من ذلك داخل ولا يميط فيه عالم ولا جاهل، فلا بأس أن يصلي فيه المسلمون، ويتخذه مجلسا المتطهرون، وأما المقابر فلا نرى الصلوة عليها ولا بينها ولا في شئ دارس أو عامر منها وأنما كرهنا ذلك وكرهه من أسلافنا غيرنا لان حشوها لا يخلو من أن يكون ذا بر وإيمان وطاعة لله وإحسان، أو يكون ذا فجور و عصيان وفسوق في دين الله وجحود وكفران، فمن كان لله منهم مطيعا وفي أمره سبحانه ماضيا سريعا، فهو أهل للتوقير عن الصلوة عليه والوقوف بينه وفيه ومن كان منهم لله غير خائف وكان عن الحق عادلا متجانفا وكان عليه سبحانه مجتريا وله جل جلاله غير متق فلا يجوز
---
ص 133 (62) ق. 17.
---(1/133)


[ 134 ]
الصلوة عنده ولا قربة، كما لا يجوز الترحم عليه ولا له، لانه نجس عظيم وخلق عند الله غير كريم، فلذلك كرهت الصلوة بين المقابر للمسلمين، وتجنبها من تجنبها من المؤمنين، ولا نرى الصلوة على قارعة الطريق السابل الذي لا ينقطع ما روه، ولا يزال فيه أبدا سالكوه، لما في الصلوة عليه من الضرر بالمار فيه، ولا يجوز الضرر لمسلم باهل (63) الاسلام، لما في ذلك من نهي الله ورسوله، وفي ذلك ما يقول الله سبحانه عز وجل: (لا تضار والدة بولدها ولا مولد له بولده) (64)، ويقول عزوجل: (ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا) (65) ويقول عزوجل: (أو دين غير مضار) (66) وفي ذلك ما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا ضرر ولا ضرار في الاسلام). حدثني أبي عن أبيه أنه سئل عن الصلوة على قارعة الطريق، وفي الحمام وبين المقابر فقال: أما بيوت الحمام الخارجة النقية التي ليس فيها قذر فلم ينه عن الصلوة فيها، وإنما كرهت الصلوة في البيوت الداخلة لقذرها، وأما المقابر فكرهت الصلوة عليها لاكرام أهلها إن كانوا مؤمنين، ولقذرهم ونجاستهم إن كانوا كافرين، وأما الصلوة على قارعة الطريق فإنما نهي عنها لمعنى الاقذار والمضرة بالمار، وليست المضرة من أخلاق المؤمنين (67)، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (لا ضرر ولا ضرار في الاسلام).
---
ص 134 (63) في نسخة: على أهل.
(64) البقرة 233.
(65) البقرة 31.
(66) النساء 12.
(67) وفي نسخة المسلمين.
---(1/134)


[ 135 ]
باب القول في الصلوة في الخف والنعل
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: لا بأس بالصلوة في الخف والنعل إذا لم يعلم أن ذابح دوابهما كافر ولم ير فيهما نجس ولا قذر فإن كان ذابحهما. كافرا حربيا أو يهوديا أو مجوسيا أو من لا يعرف الرحمن أو من لا يدين له بما افترض من الاديان فلا تجوز الصلوة في أدم ذبيحته ولا نرى أنه يحل أكلها للمسلمين ولا يجوز الانتفاع بشئ منها للمنتفعين وكذلك ما كان من الثياب قد أصابه شئ من الدم بمامثله لو كان على رأس جرح لقطر، أو أصابه شئ كثير من الخمر أو حقير أو أصابه من البول شئ يسير فلا يجوز الصلوة فيه ولا يحل للمصلي أن يصلي عليه ولا يجوز للمصلي أن يصلي في بيعة ولا كنسية لنجاسة من فيهما وأنهم ينجسونهما بوطيهم وعرقهم وأبدانهم وكفرهم لانهم لا يجوز أن يدخلوا المساجد التي يصلى فيها لقول الله عزوجل: (إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا) (68) فمنعهم الله من دخول المساجد لعلمه بتنجيسهم لها، وتقذيرهم اياها، فإذا قد وضح دفع الله لهم عن مواضع صلوات المسلمين، فلا يجوز أن يصلي في مواضع مجالس المشركين، لانهم نجس حيث كانوا وكل مكان دخلوه فقد تنجس لقربهم، فلذلك قلنا: لا تجوز الصلوة في آثارهم ومواطنهم ولا يجوز أن يجعل المسلم ما كان من الجدر فيه صورة له قبلة يصلي إليه إلا أن يجعل من دونه ما يستره منه بين عينيه أو يحكها أو يقلعها من الجدار من بين يديه.
---
ص 135 (68) التوبة 28.
---(1/135)


[ 136 ]
باب القول في المصلي يحصي صلوته بالحصى أو الخطوط وفي الرجل يعتمد على الارض أو يحصي الآي في الصلوة
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: لا بأس أن يخط الرجل عدد ما يركع في الارض أو يحصي ذلك بالحصى أو يعد الآي إذا كان يفعل ذلك تحفظا منه واستقصاء في دينه وخوف الشك والنسيان في صلوته ولا بأس بأن يعتمد الرجل على الارض أو على الجدار إذا نهض لصلوته إذا أحتاج إلى ذلك لعلة أو كبر وفي ذلك ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله من الاثر أنه كان يعتمد على عود كان في قبلته حين ينهض في صلوته وذلك العود اليوم فهو في قبلة مسجده بالمدينة.
باب القول في الفتح على الامام في الصلوة وفي صلوة المسافر مع المقيم والمقيم مع المسافر
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: إذا حار الامام وشك في القراءة حتى يطول شكه ويكثر تردده في طلب ما ظل من القران عن فهمه فلا بأس أن يفتح عليه بعض المؤتمين به وقد روي ذلك عن أمير المؤمنين رحمة الله عليه ورضوانه. حدثني أبي عن أبيه أنه سئل عن الامام يتحير في القراءة فيقف هل بفتح عليه من خلفه فقال: إذا طال تحيره فلا بأس أن يفتح عليه من خلفه، وما من فتح عليه بمخطئ، وقد روي ذلك عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رحمة الله عليه أنه كان يأمر بذلك. قال يحيى بن الحسين رضي الله عنه: لا ينبغي للمسافر أن يدخل في صلوة الحاضر ولا بأس بأن يدخل الحاضر في صلوة المسافر، وإنما
---(1/136)

22 / 198
ع
En
A+
A-