[ 122 ]
حدثني أبي عن أبيه في المريض كيف يسجد: أيومئ إيماء أم يسجد على وسادة إذا لم يقدر على السجود على الارض؟ فقال: إن أطاق السجود على الارض سجد عليها وإن لم يمكنه ذلك لضعفه أومأ برأسه فكان إيماؤه لسجوده أخفض من إيمائه لركوعه.
باب القول في صلوة السفينة وصلاة العريان وصلوة من كان واقفا في الماء لا يجد أرضا يبسا
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: يصلي صاحب السفينة على قدر ما يمكنه ويجد السبيل إليه ويطيقه سائرة جارية في بحرها أو واقفة كافة عن سيرها، غير أنه يتتبع القبلة ويدور لها بدوران السفينة في مائها، وأما العريان فإنه يتربع ويضع على عورته ما قدر عليه من حشيش الارض ثم يومئ إيماء كإيماء المريض إيماء لا يستقل معه من الارض، لان في إستقلاله ما يبدي عورته في صلوته، وإن لم يجد من الحشيش شيئا ستر عورته بيده اليسرى، ثم فعل كما ذكرنا أولا، فإن كان معه جماعة عراة فأمهم جلسوا كلهم جلوسا، وستروا عوراتهم بأيديهم، واصطفوا صفا واحدا، كما يصطف في الصلوة مع المرأة الآمة بالنساء ويجلس أمام العراة في وسط صفهم ولا يتقدمهم ويصلون عن يمينه وعن يساره صفا واحدا، وأما الواقف في الماء فيومي إيماء، إن كان يمكنه الجلوس فيه لقلته جلس وصلى يومئ إيماء، وإن لم يمكنه الجلوس صلى على حاله قائما وان كانوا جماعة فأمهم أحدهم فإن كان الماء لا يستر عورة المتقدم المصلي بهم لصفائه وقلة كدره صلى بهم وهو قائم في وسطهم كما يصلي العريان بالعراة وإن كان الماء ساترا
---(1/122)
[ 123 ]
غامرا كدرا تقدم إمامهم فصلى بهم وصلوا وأومأ في الركوع والسجود وأومأوا.
باب القول في صلوة الجمعة وفضلها
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: " أكثروا علي من الصلوة يوم الجمعة فإن الاعمال تضاعف فيه ". قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: يستحب للمصلين أن يصلوا ليلة الجمعة في المغرب بسورة الضحى وسورة إنا أنزلناه، وفي العتمة بسورة الجمعة وسورة المنافقين، وفي الصبح بسبح اسم ربك الاعلى وهل أتاك حديث الغاشية. فإذا زالت الشمس في أول وقت زوالها أتى الامام والمسلمون معه المسجد، فإذا رقى الامام المنبر سكت كل من كان في المسجد فإذا قال: المؤذن في آخر أذانه الله أكبر، الله أكبر قام الامام، فإذا قال: المؤذن في آخر أذانه لا إله إلا ألله تكلم الامام، وانقطعت صلاة من كان يصلي من الناس، ووجب عليهم الاستماع والانصات، فإذا خطب خطبته الاولى جلس جلسة خفيفة، ثم قام فخطب بالخطبة الاخرى التي يذكر الله فيها ويصلي على النبي صلى الله عليه وأهل بيته ويدعو للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤ منات فإذا فرغ نزل وأقام المؤذن الصلاة فإذا قال: حي على الصلاة وقف الامام في مصلاه، واصطف المسلمون من ورائه فإذا قال: المؤذن قد قامت الصلاة كبر الامام ثم قرأ سورة الحمد وسورة الجمعة يجهر بقراءتهما ثم يقرأ في الركعة الثانية بالحمد وسورة المنافقين أو سورة سبح اسم ربك الاعلى وسورة الغاشية أي ذلك فعل فله فيه كفاية وقدوة وأثر،
---(1/123)
[ 124 ]
فإذا سلم تنحى من مكانه يمينا أو يسارا فتطوع إن أحب التطوع وإلا فانتشر في الارض وانتشر معه المسلمون. قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: ويستحب لمن حضر الجمعة أن يغتسل قبل حضورها، ويستحب للامام أن يأتيها راجلا وإن أمكنه كان حافيا المرة بعد المرة لان ذلك قد روي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رحمة الله عليه أنه كان يفعله المرة بعد المرة ولا ينبغي أن يبطأ بصلاة الجمعة جدا ولا أن يعجل بها قبل زوال الشمس في أفق السماء. قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: صلوة الجمعة هي عندنا الصلاة الوسطى التي ذكر الله العلي الاعلى، وهي في سائر الايام الظهر، وكذلك بلغنا عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رحمة الله عليه ورضوانه. حدثني أبي عن أبيه أنه قال: حدثني أبو بكر ابن أبي أويس عن حسين بن عبد الله بن ضميرة عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب رحمة الله عليه أنه قال: الصلوة الوسطى هي صلوة الجمعة، وهي في سائر الايام الظهر. قال يحيى بن الحسين رضي الله عنه: ينبغي للمسلمين أن يظهروا الزينة في يوم الجمعة، فيلبسوا خيار لباسهم، ويرتاشوا بأحسن رياشهم، ويتطيبوا بأحسن طيبهم، ويأكلوا أطيب طعامهم، ويريحوا أنفسهم من أعمالهم وكذلك فليرفهوا على أرقائهم فإنه يوم عظيم البركة اختاره الله عزوجل لهذه الامة وفضله على سائر الايام وجعله عيد الاهل الاسلام ويجب عليهم أن يفرقوا بينه وبين غيره من أيام دهرهم لان الله عزوجل قد فرق بينه وبين غيره من أيامهم نعمة أنعم بها عليهم، وفضيلة بينها لهم وفيهم.
---(1/124)
[ 125 ]
باب القول في قصر الصلاة وفي كم تقصر
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه إذا عزم المسافر على سفر بريد وهو اثنا عشر ميلا قصر حين يخرج من منزله، وتتوار ى عنه بيوت أهله، فإذا نوى المسافر المقام في بعض ما مر به من البلاد عشرا أتم الصلاة، وإن لم ينو مقام عشر وأقام في بلد، يقول اليوم أخرج أو غدا أخرج قصر الصلاة حتى يستتم شهرا في شكه ذلك، فإن دام شكه من بعد قصر شهر أتم، ولو أقام بعد الشهر يوما واحدا، والقصر فهو يقع فيما كان أربعا من الصلوات ولا يقع فيما دون الاربع من الثلاث، لان القصر هو تنصيف الصلاة وتنصيفها فهو أن يصلي في السفر نصف ما كان يصلي في الحضر منها، والثلاث فلا نصف لها يوقف عليه، ولا يؤدي فرض الله منها فيه فلذلك لم تقصر، وكذلك الصبح لم تقصر لا نها اثنتان وليس فيما دون الاثنتين من الصلاة صلاة يفهم لها عدد في فريضة ولا نافلة، وفي ذلك ما أجمع عليه آل الرسول صلى الله عليه وآله من أن صلاة نوافل الليل والنهار مثنى مثنى وليس فيما دون المثنى صلاة تصلى، فلذلك لم يقع القصر في الصبح فأما قول من يقول إنه لا قصر إلا في خوف فلا يلتفت إليه ولا يعمل أحد عليه، بل القصر فرض من الله على كل مسافر سافر في بر أو بحر، في بر أو فجور، لان أول ما افترض الله من الصلاة على المؤمنين افترضها سبحانه ركعتين عليهم ثم زاد فيها ركعتين آخرتين فجعلها أربعا في الحضر، وأقرها على فرضها الاول ركعتين في السفر، فصار للسفر فرض يجب اداؤه على المسافر، وصار للحضر فرض يجب إتمامه على الحاضر، فالمتم في سفره كالقاصر في حضره لان المتم في السفر لم يأت بما افترض الله عليه من فرضه،
---(1/125)
[ 126 ]
كذلك الناقص في الحضر لم يأت بما جعل الله عليه من الصلاة في حضره. حدثني أبي عن أبيه أنه قال: أحسن ما سمعنا في القصر من القول قول الاكثر من آل رسول الله صلى الله عليه وعلى أهل بيته أنهم قالوا: في بريد والبريد أربعة فراسخ بالميل الاول وكذلك يقصر أهل مكة في خرو جهم للحج إلى غرفة قال: ويتم المسافر إذا أتى إلى بلد فعزم على المقام فيه عشرا وإن لم يعزم على المقام قصر شهرا ثم أتم بعد الشهر صلاته، ثم يقال لمن قال: إنه لا تقصر الصلاة إلا في الخوف والحروب وما صلاة الخوف عندكم؟ وما سبيلها في قولكم؟ فلا يجد بدا من أن يأتي بها على وجهها وأن يصفها بما جعلها الله عليه من صفتها، فإذا قال: صلاة الخوف أن يقتسم (52) المسلمون قسمين فيصلي مع الامام نصف المسلمين ويقف قسم منهم في وجوه المحاربين يدفعون عن اخوانهم المصلين، ويحرسونهم من الكافرين حتى يصلوا ركعة مع الامام، ثم يقوم الامام فيقرأ ويطول القراءة، ويتم الذين صلوا معه ركعة - ركعة أخرى وحدهم ثم يسلمون ويذهبون فيقفون مواقف إخوانهم مع العدو ويأتي الآخرون فيصلون مع الامام ركعته الباقية ثم يسلم الامام ويقومون هم فيتمون الركعة الباقية وحدهم ثم ينصرفون إلى حرب عدوهم فيكون كلهم قد صلى مع الامام ركعة وعلى حدته ركعة فإذا قال: ذلك وكانت الصلاة عنده في الخوف كذلك قيل له، فإذا كانت عندك صلاة الخوف على ما ذكرت من اقتسام المسلمين لها، وقصرهم مع الامام إياها فقد قصرت الصلاة إذا قصرين ونصفت مرتين مرة من الاربع إلى الاثنتين ومرة
---
ص 126 (52) أن ينقسم.
---(1/126)